تركيا: حملة اعتقالات جديدة لعسكريين ومدنيين بتهمة الاتصال بغولن

هجوم حاد على إردوغان لوصفه ناخبي المعارضة بـ«الخونة» و«الإرهابيين»

TT

تركيا: حملة اعتقالات جديدة لعسكريين ومدنيين بتهمة الاتصال بغولن

أطلقت قوات الأمن التركية، أمس، حملة جديدة لاعتقال 110 أشخاص، بينهم 101 ضابط بالجيش للاشتباه بارتباطهم بحركة الخدمة التابعة لفتح الله غولن التي تتهمها أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب العسكري الفاشل في 15 يوليو (تموز) 2016، بينما وجّهت معارضة تركية انتقادات حادة إلى الرئيس رجب طيب إردوغان لوصفه المعارضين له بـ«الخونة» و«الإرهابيين».
وأُلقي القبض على 101 من العسكريين برتب مختلفة، بموجب مذكرات اعتقال صادرة من مكتب المدعي العام الجمهوري للعاصمة أنقرة، شملت أيضاً اعتقال 9 موظفين بوزارة الصحة. ووجّه الادّعاء العام إلى المتهمين تهماً بإجراء اتصالات عبر هواتف عمومية مع منتسبين إلى حركة غولن، الذي ظل حتى عام 2013 من أقرب حلفاء إردوغان وحزبه العدالة والتنمية الحاكم.
ومنذ محاولة الانقلاب، طُرد أكثر من 15 ألفاً من ضباط الجيش، إضافةً إلى نحو 10 آلاف من قوات الأمن، فضلاً عن أكثر من 175 ألفاً من مختلف الهيئات الحكومية، وسُجن نحو 100 ألف آخرين للاشتباه في علاقتهم بغولن.
في الوقت ذاته، شنّت المرشحة الرئاسية السابقة رئيس حزب «الجيد» المعارض ميرال أكشينار، هجوماً حاداً على إردوغان لاتهامه الناخبين من أنصار أحزاب المعارضة بـ«الخونة» و«الإرهابيين». وقالت أكشينار، خلال فعالية للتعريف بعدد من مرشحي حزبها وحزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة المتحالف مع حزبها في إطار «تحالف الأمة» لخوض الانتخابات المحلية نهاية مارس (آذار) المقبل، مخاطبةً إردوغان: «كيف لك أن تصف 17 مليوناً من ناخبي الجمهورية التركية بالخونة والإرهابيين؟»، في إشارة إلى تصويت ما يقرب من 12 مليون ناخب لحزب الشعب الجمهوري في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في يونيو (حزيران) الماضي، و5 ملايين لحزبها (الجيد) بالانتخابات ذاتها.
وأضافت: «كيف لك أن تصف التعاون بين حزبين (الجيد والشعب الجمهوري) الذي باركه 17 مليون ناخب، بـ«الذلة والعلة»؟ أناخبوك هم محبّو الوطن، ومَن دونهم خونة وإرهابيون؟ ماذا حدث لفراستك يا رئيس الدولة؟ هل يليق برئيس الجمهورية التركية أن يكون رئيساً للحزب الحاكم في الوقت ذاته؟». وتابعت: «أنا أعرف هؤلاء الأصدقاء (في إشارة إلى حزب إردوغان) جيداً، يمكنهم فعل أي شيء من أجل الإبقاء على مناصبهم، لكن أقول لهم لو افترضنا أنكم خسرتم إسطنبول وأنقرة وإزمير في الانتخابات المقبلة، فقد خسرتم كل شيء».
ووصفت أكشينار «تحالف الشعب» القائم بين حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية، لخوض الانتخابات المحلية المقبلة، بأنه «تحالف هش الأركان». ولفتت إلى أنه سبق للطرفين سبّ أحدهما الآخر في عدة مناسبات، وأن رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي، كان يرى إردوغان وحزبه، في فترة من الفترات، أكثر خطورة من حزب العمال الكردستاني (المحظور).
ويشارك في الانتخابات 13 حزباً يتقدمها «العدالة والتنمية»، الذي يخوض تلك الانتخابات بالتحالف مع حزب الحركة القومية، وتجري في ظل أزمة اقتصادية كبيرة تشهدها تركيا.
في غضون ذلك، قالت مجلة «دير شبيغل» الألمانية، إن نظام الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بدأ الموجة الثانية من قمع المعارضة بالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية. وأضافت أن «مضايقات إردوغان للمعارضة تتصاعد، حيث بدأ النظام التركي الموجة الثانية من القمع، وسبب هذه الموجة هو اقتراب موعد الانتخابات المحلية في 31 مارس (آذار) المقبل، حيث ستنتخب المدن والبلديات حكامها وممثليها في مجالس الإدارة المحلية».
وتابعت أنه «بات واضحاً انتشار الإعلانات المؤيدة للحزب الحاكم في القنوات التلفزيونية. في المقابل، فإنه من المتوقع زيادة معدل قمع الأصوات المعارضة كلما اقتربت الانتخابات». وأشارت المجلة الألمانية الأوسع انتشاراً إلى أن «هذا ما حدث أيضاً قبل الاستفتاء على التعديلات الدستورية في 2017، والانتخابات التشريعية والرئاسية في 2018، حيث مثّل ذلك الجولة الأولى من القمع»، مؤكدةً أن الجولة الثانية لقمع المعارضة بدأت «بتأكيد محكمة في إسطنبول يوم الثلاثاء الماضي، أحكاماً بالسجن بحق صحافيين وموظفين في صحيفة (جمهوريت)». وأضافت: «وبعدها بيوم، طالب الادعاء العام محكمة أخرى بتوقيع عقوبة السجن ضد رجل الأعمال الناشط الحقوقي عثمان كافلا، المتهم بتنظيم مظاهرات حديقة جيزي في إسطنبول عام 2013».
واعتبرت «دير شبيغل» أن «إردوغان يقوّض الديمقراطية في تركيا، والدول الأوروبية شريكة له في ذلك بتطبيعها العلاقات مع نظامه والصمت على ما يحدث في المشهد السياسي التركي».
إلى ذلك، أشارت تقارير صحافية تركية إلى العديد من الدعاوى القضائية تمّ رفعها ضد السلطات التركية من جانب معتقلين في السجون، معظمهم في قضايا سياسية أو من دون تهم معينة. وقال بعضها إنه رغم أن السجون التركية تكفي سعتها 202 ألف سجين فقط ولا تحتمل عدداً أكبر من ذلك، فإن إجمالي عدد القابعين فيها وصل إلى 224 ألف سجين.
وأوضحت أن الحياة داخل السجن مهينة بشكل كبير، وأن هناك العديد من التقارير التي وصلت مؤخراً إلى جهات حقوقية ومؤسسات تدافع عن حقوق الإنسان. وتقدم معتقل سياسي بسجن «تكيرداغ» بدعوى قضائية أشار محاميه فيها إلى أنه تعرض للتعذيب «حتى تم كسر ذراعه، وتم اقتياده إلى المستشفى لتركيب شرائح ودعامات ليديه»، كما تمّ تفتيشه بشكل مهين؛ حيث جُرّد من ملابسه أمام زملائه القابعين في السجن. وذكرت تقارير أنه تم نشر تسريب صوتي لمعتقلين يروون ما يحدث معهم من انتهاكات جسدية وتعذيب داخل السجون، وأن الشرطة تتعامل معهم بشكل مهين وغير إنساني.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».