مشروع «قناة السويس الجديدة» يتحول لمقصد سياحي ويعيد المصريين لزمن طلعت حرب

الحكومة أطلقت شهادة استثمار باسم المشروع بفائدة مرتفعة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يجلس على متن قارب أثناء احتفالات تدشين مشروع قناة السويس الجديدة قبالة شواطئ ميناء مدينة الإسماعيلية شرقي القاهرة (أ.ف.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يجلس على متن قارب أثناء احتفالات تدشين مشروع قناة السويس الجديدة قبالة شواطئ ميناء مدينة الإسماعيلية شرقي القاهرة (أ.ف.ب)
TT

مشروع «قناة السويس الجديدة» يتحول لمقصد سياحي ويعيد المصريين لزمن طلعت حرب

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يجلس على متن قارب أثناء احتفالات تدشين مشروع قناة السويس الجديدة قبالة شواطئ ميناء مدينة الإسماعيلية شرقي القاهرة (أ.ف.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يجلس على متن قارب أثناء احتفالات تدشين مشروع قناة السويس الجديدة قبالة شواطئ ميناء مدينة الإسماعيلية شرقي القاهرة (أ.ف.ب)

تحولت منطقة قناة السويس إلى مقصد سياحي وطني للمصريين، وأصبحت محط اهتمامهم خاصة بعد أن أطلق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أوائل الشهر الحالي مشروعا لتنمية محور قناة السويس يتضمن شق قناة جديدة موازية. ويهدف المشروع لتحويل المنطقة إلى مركز صناعي عالمي للإمداد والتموين في منطقة القناة، مشددا على أن المشروعات الخاصة بالقناة وحفرها وملكيتها ستكون للمصريين فقط من خلال نظام مقترح للاكتتاب على السندات والأسهم.
وعقد السيسي مساء أول من أمس اجتماعا مع إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، ومحافظ البنك المركزي، ووزير المالية، ووزيرة التعاون الدولي، ووزير الاستثمار، لمناقشة خطة تمويل مشروع قناة السويس الجديدة.
وقال محلب، عقب الاجتماع، إنه تقرر طرح شهادات استثمار باسم «شهادة استثمار قناة السويس»، للشعب 5 سنوات وبحيث يصرف العائد كل ثلاثة أشهر بفائدة 12 في المائة لتمويل المشروع.
المشروع الجديد أعاد المصريين إلى زمن طلعت حرب، رائد الاقتصاد المصري، الذي سعى إلى إنشاء بنك مصري للتحرر من التبعية للاقتصاد الأجنبي، وتحقق حلمه في عام 1920بصدور مرسوم رسمي من الدولة بتأسيس شركة مساهمة مصريه تحت اسم «بنك مصر».
اللافت في الأمر أن طلعت حرب الذي مرت ذكرى وفاته أول من أمس (25 نوفمبر/ تشرين الثاني 1867 - 13 أغسطس/ آب 1941) أطلق مشروعه عن طريق الاكتتاب الشعبي بين المصريين، وافتتحه هو بنفسه، وبلغ ما اكتتبوا به 80 ألف جنيه، وكان ثمن السهم الواحد آنذاك 4 جنيهات فقط.
ومن باب ليس ببعيد، يعود طلعت حرب إلى مشروع تطوير محور القناة الراهن، ويطل عليه أيضا من خلال كتابه الشهير «قناة السويس» والذي فند فيه دعاوى إنجلترا وفرنسا لتمديد عقد احتكار القناة لمدة 40 سنة أخرى بعد الـ99 سنة التي كانت سوف تنتهي في عام 1968، وقد نجحت حملة طلعت في القضاء على هذا المخطط الاستعماري في مهده.
صورة طلعت حرب، الاقتصادي الأمهر في تاريخ مصر، والذي كان ميالا بشكل واع للفلاحين والفقراء ومدافعا عنهم، ويسعى إلى أن يكونوا أصحاب الأرض التي يزرعونها، وفعل ذلك بتوزيع أرض «المخصصات السنية» عليهم، لم تغب كثيرا عن المشاهد المتتالية لمشروع تطوير محور القناة.
فأول من أمس أعلن المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء أنه تقرر طرح شهادات استثمار باسم «شهادة استثمار قناة السويس» وذلك لتمويل مشروع قناة السويس الجديدة من خلال المصريين أنفسهم بوصف المشروع مشروعا قوميا لمصر سيعمل على تغيير وجه المنطقة ويكون عنصرا أساسيا في التنمية وزيادة دخل قناة السويس إلى أكثر من 13 مليار دولار.
وقال محلب في مؤتمر صحافي بمقر مجلس الوزراء إن ذلك تقرر خلال اجتماع الرئيس عبد الفتاح السيسي معه ومجموعة من الوزراء، مشيرا إلى أنه سيجري طرح شهادات الاستثمار تلك من البنوك القومية للشعب وبحيث يصرف العائد كل ثلاثة أشهر بفائدة 12 في المائة.
وأوضح أنه سيجري دعم غير القادرين ممن يحصلون على معاش الضمان الاجتماعي بشهادة بقيمة مائة جنيه، مشيرا إلى أن الحكومة تدرس طرح شهادات استثمار في مشروع القناة للمصريين بالخارج باليورو والدولار، وأنه لا يوجد حد أقصى لعدد الشهادات.
وأضاف أنه لا توجد أسهم في قناة السويس وإنما هي شهادات للمصريين فقط، موضحا أن إرادة المصريين قادرة على إنهاء المشروع خلال عام وأن هناك اهتماما بالعاملين بالمشروع.
وأوضح رئيس الوزراء أن الإعلان عن طرح شهادات استثمار قناة السويس يعد بداية للتوجه الجديد للوطن وله مدلول مهم للمواطنين، مشيرا إلى أن تكلفة مشروع قناة السويس الجديدة تبلغ 60 مليار جنيه.
من جانبه، قال أشرف سالمان وزير الاستثمار إن شهادات استثمار قناة السويس ستكون أداة مصرفية بنكية وستكون تحت رقابة البنك المركزي وأموالها موجودة بالبنوك المصرية.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد اجتمع مساء الخميس الماضي بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة مع المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء وهشام رامز محافظ البنك المركزي وهاني قدري وزير المالية والدكتورة نجلاء الأهواني وزيرة التعاون الدولي وأشرف سالمان وزير الاستثمار لمناقشة خطة تمويل مشروع قناة السويس الجديدة. ووجه الرئيس خلال الاجتماع بإصدار مجموعة من الطوابع وعملة تذكارية لمشروع قناة السويس الجديدة.
ولقي قرار رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب بطرح شهادات استثمار قومي لتمويل مشروع قناة السويس الجديدة، باسم «شهادة استثمار قناة السويس»، قبولا في الأوساط الاقتصادية، والتي ستجري إتاحتها من خلال بنوك «مصر، الأهلي، القاهرة»، وستكون مدة الشهادة الواحدة خمس سنوات، بعائد يبلغ 12 في المائة، يصرف كل ثلاثة أشهر.
وأعرب الخبراء عن ارتياحهم تجاه تلك الخطوة التي تعد بمثابة خطوة مهمة ودراسة جيدة من قبل الحكومة لتلائم الواقع المصري، فأغلب المواطنين ليست لديهم معرفة جيدة بفكرة الأسهم والمشاركة في البورصة، كما أن رجال الأعمال يرغبون في توفير دراسات جدوى جيدة للمشروعات التي يشاركون فيها ومعرفة العائد المتوقع وتحقيق مكاسب مرتفعة منه بأقل نسبة مخاطرة.
ومن جانبهم أوضح خبراء اقتصاديون تحدثت معهم «الشرق الأوسط» أن الشهادات، التي سيصدرها بنك الاستثمار القومي لن تزيد الأعباء على الموازنة العامة للدولة لأن عائدها سيسدد من أرباح قناة السويس.
وقال الدكتور هشام إبراهيم أستاذ التمويل بكلية التجارة جامعة القاهرة إن مشروع حفر قناة السويس الجديد من المتوقع له أن يحقق عوائد كبيرة تتراوح بين 5.3 مليار دولار إلى 12 مليار دولار خلال فترة زمنية قصيرة، فضلا عن أن الوقت المخصص لإنشاء المشروع لن يتعدى العام، ولذلك فإن فكرة الأسهم غير مجدية في مشروع حفر القناة على عكس المشروع الثاني لتنمية محور قناة السويس، والذي سيجري فيه إنشاء العديد من المشروعات المختلفة والذي يحتاج إلى دخول استثمارات محلية وأجنبية بقوة للتنمية.
ولفت إلى أن فكرة شهادات الاستثمارات، والتي سيصدرها بنك الاستثمار القومي لن تزيد الأعباء على الموازنة العامة للدولة لأن عائد الشهادات سيرد من عائدات قناة السويس.. لافتا إلى أن العائد البالغ 12 في المائة يعد عائدا مرتفعا نسبيا على الشهادات، وذلك لجذب المواطنين على الشراء.
في السياق نفسه قرَر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر القيام بزيارة خاصة مطلع الأسبوع المقبل لمشروع قناة السويس الجديدة، تشجيعا للعاملين بالقناة، وفي إطار حرص الأزهر الشريف على دعم جهود الدولة في التنمية.
وأكد شيخ الأزهر - في بيان للمشيخة - على ضرورة وجود أهل العلم من علماء الأزهر الشريف دائما بين العاملين، لتشجيعهم وليشدُّوا على أيديهم «لأن هذا المشروع هو مشروع المصريين جميعا، ولا بد من التكاتف بين كل فئات الشعب لإنجازه».
كما كلف الإمام الأكبر عضو المكتب الفني لشيخ الأزهر الدكتور محمد مختار وزير الأوقاف بأداء خطبة الجمعة بالقناة مع العاملين في المشروع.
وأدى وزير الأوقاف وقيادات الجيش والشرطة صلاة الجمعة أمس بمشروع قناة السويس الجديدة، وأكد وزير الأوقاف في خطبته على أن القوات المسلحة هي الدرع الواقية لمصر، فهناك يد تبني والأخرى تحمل السلاح. بينما هناك يد ثالثة تخرب، وهدفها إشاعة الرعب في نفوس المواطنين.
وأشاد وزير الأوقاف بالشباب ودورهم في صنع المستقبل قائلا إن «هذه الأرض المباركة التي تم تحريرها في حرب أكتوبر، ويقوم أبناء مصر الآن بإنشاء أضخم مشروع اقتصادي على أرض سيناء وهؤلاء الشباب عندهم استعداد أن ينالوا الشهادة في سبيل إنجاز هذا المشروع العملاق».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.