مسؤول عسكري أميركي لـ {الشرق الأوسط}: طلبات تل أبيب العسكرية تجري بشكل روتيني وكل المبيعات تخضع للمراجعة

غضب وانتقادات إسرائيلية وهجوم على إدارة أوباما

مسؤول عسكري أميركي لـ {الشرق الأوسط}: طلبات تل أبيب العسكرية تجري بشكل روتيني وكل المبيعات تخضع للمراجعة
TT

مسؤول عسكري أميركي لـ {الشرق الأوسط}: طلبات تل أبيب العسكرية تجري بشكل روتيني وكل المبيعات تخضع للمراجعة

مسؤول عسكري أميركي لـ {الشرق الأوسط}: طلبات تل أبيب العسكرية تجري بشكل روتيني وكل المبيعات تخضع للمراجعة

أكد الجنرال ويليام سبيكس بمكتب وزير الدفاع الأميركي متانة العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وأن طلبات إسرائيل من الأنظمة العسكرية الأميركية تجري بشكل روتيني، وشدد على أن كل المبيعات العسكرية الخارجية تخضع لعمليات مراجعة موحدة. وقال الجنرال سبيكس في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» حول إمدادات الذخيرة التي حصلت عليها إسرائيل أخيرا بصفتها مسألة سياسية: «نحن لا نعلق على تفاصيل المبيعات العسكرية المحتملة حتى يجري الانتهاء من عملية البيع، إلا أنني أؤكد أن الولايات المتحدة وإسرائيل تتمتعان بعلاقات دفاعية طويلة الأمد، وتتضمن تلك العلاقة الطلبات الروتينية لشراء الأنظمة العسكرية الأميركية من قبل قوات الدفاع الإسرائيلي»،
وأضاف الجنرال سبيكس: «أؤكد أن جميع المبيعات العسكرية الخارجية تجري من خلال عمليات مراجعة موحدة ووفقا لسياسات ومراجعات قانونية لما ينص عليه القانون».
من جانبها، حاولت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، ماري هارف، التقليل من الإجراء الذي اتخذه البيت الأبيض بتشديد الرقابة على شحنات الأسلحة إلى إسرائيل وتجميد عمليات نقل صواريخ هليفاير الأميركية إلى إسرائيل، وحاولت هارف التهوين مما ذكره تقرير صحيفة «وول ستريت» أول من أمس (الخميس) من مفاجأة البيت الأبيض والخارجية الأميركية بشحنات أسلحة من البنتاغون، ونفت أي تراجع في الدعم الأميركي لإسرائيل أو تعرض العلاقات الأميركية الإسرائيلية للتوتر بسبب هذا الإجراء. كانت صحيفة «وول ستريت» قد نشرت تقريرا أول من أمس (الخميس) أشارت فيه إلى حصول الجيش الإسرائيلي على إمدادات للذخيرة دون علم البيت الأبيض والخارجية الأميركية، وأشارت الصحيفة إلى أن «البيت الأبيض كان غاضبا من سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين خلال هجوم الجيش الإسرائيلي على غزة»، وقالت الصحيفة إن «إسرائيل قد تقدمت بطلب للحصول على صواريخ هليفاير في 20 يوليو (تموز) الماضي، وأدانت الولايات المتحدة في 30 يوليو الماضي قيام إسرائيل بقصف مدرسة تديرها الأمم المتحدة في غزة، التي أودت بحياة الكثير من المدنيين الفلسطينيين».
وأصدر البيت الأبيض أمرا لوزارة الدفاع الأميركية لتجميد علمية نقل صواريخ هليفاير للطائرات الهجومية الإسرائيلية من طراز الآباتشي التي طلبتها إسرائيل لعملياتها في قطاع غزة، وكلف البيت الأبيض وكالة التعاون الأمني الدفاعي التابعة للبنتاغون ووكالات أميركية أخرى بالتشاور مع البيت الأبيض والخارجية الأميركية قبل الموافقة على طلبات المسؤولين الإسرائيليين من مخزن الأسلحة والذخائر.
وأكدت هارف خلال المؤتمر الصحافي للخارجية على التزام الولايات المتحدة – الذي لا يتزعزع - بأمن إسرائيل، وأشارت إلى توقيع الرئيس أوباما على مشروع قانون لتوفير 225 مليون دولار إضافية لتمويل منظومة القبة الحديدية خلال أزمة غزة، وقالت: «سنمضي قدما في تقديم المساعدات الأمنية الإضافية لإسرائيل، ولا يوجد أي تغيير في هذه السياسة».
وأوضحت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية أنه نظرا للأزمة في غزة، فإن الوكالات الأميركية ستتخذ إجراءات إضافية لمراجعة عمليات تسليم شحنات الأسلحة، كجزء من العمليات المشتركة بين الوكالات المختلفة، وأكدت أن «عملية المراجعة ليست خطوة غير عادية أو استثنائية»، وقالت: «نظرا للأزمة في غزة، فمن الطبيعي أن تتخذ الوكالات المزيد من الحذر لمراجعة الشحنات العسكرية ولا ينطوي هذا الإجراء على أي شيء غير عادي، ولا يشير إلى أي تغيير في السياسة».
وأبدت هارف قلق بلادها بشأن القتلى المدنيين في غزة، وقالت: «نعتقد أن إسرائيل يمكنها أن تفعل الكثير لمنع سقوط ضحايا من المدنيين». بينما أشار البنتاغون إلى أن «عمليات التسليم العسكرية لإسرائيل هي جزء من التزام الولايات المتحدة بالتفوق العسكري النوعي لإسرائيل من خلال الحفاظ على قدراتها الدفاعية والهجومية».
وأشار مسؤول أميركي كبير إلى أن «هناك محادثات تجري بين الطرفين؛ الأميركي والإسرائيلي، عبر البيت الأبيض، والخارجية الأميركية، والبنتاغون، ومكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، ووزارة الدفاع الإسرائيلية، والسفارة الإسرائيلية في واشنطن، لاحتواء هذا الأمر».
من جانبهم، عبر مسؤولون إسرائيليون عن الغضب من قرار الولايات المتحدة وقف شحنات أسلحة مقرر إرسالها إلى إسرائيل ومراجعتها بدقة، وهو ما أدى إلى تدهور أعمق في العلاقات التي تشهد أخيرا توترا متصاعدا بين البلدين.
وعلى الرغم من أن بعض المسؤولين في إسرائيل حاولوا الحفاظ على الدبلوماسية، أقر آخرون بوجود التوتر، وهاجم البعض الرئيس الأميركي باراك أوباما شخصيا. وأقر وزير المالية يائير لابيد بوجود تدهور في العلاقات مع الولايات المتحدة، قائلا إن «ذلك مثير للقلق ويجب وقفه»، وأضاف لابيد: «هذه العلاقات هي ذخر استراتيجي لا يجوز المساس به»، وتابع: «يتعين على إسرائيل إبداء الشكر للولايات المتحدة، والعمل على استمرار العلاقات الودية الوثيقة معها بدلا من الخلاف والتوتر».
وحذرت رئيسة حزب «ميرتس»، زهافا غالؤون، من أن «نهج رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، يعرض علاقات إسرائيل مع حليفتها الاستراتيجية للخطر مرارا وتكرارا».
كما وجه النائبان العماليان نحمان شاي، وشيلي يحيموفيتش انتقادات إلى رئيس الوزراء على هذه الخلفية.
وقال رئيس المعارضة زعيم حزب العمل يتسحاق هرتصوغ: «إن الحكومة فقدت رشدها على الصعيد الدولي»، وأضاف: «أن أزمة ثقة عميقة تسود العلاقات بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما»، متهما نتنياهو بتخريب العلاقات الاستراتيجية. وهاجم مسؤولون آخرون قرار أوباما وقف إرسال الشاحنات، وقال مصدر إسرائيلي لصحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية على خلفية القرار، إن «الرئيس الأميركي ضعيف وساذج». وقبل أن تتحول التصريحات الإسرائيلية إلى أزمة جديدة، حاول مسؤولون إسرائيليون التهوين من الخلاف مع الولايات المتحدة، لكنهم أيضا انتقدوا إدارة أوباما.
وقال رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية الإسرائيلية، زئيف الكين: «لا يوجد أزمة في العلاقات مع الولايات المتحدة تهدد التعاون العسكري»، وأضاف للإذاعة الإسرائيلية العامة، أمس، «من المهم الاستماع إلى الحلفاء، ولكن ليس على حساب أمن مواطني إسرائيل».



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.