علاوي يعلن تشكيل «المنبر العراقي»... ويحذر من مخاطر مقبلة

TT

علاوي يعلن تشكيل «المنبر العراقي»... ويحذر من مخاطر مقبلة

أعلن زعيم ائتلاف الوطنية ورئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاي عن تشكيل ائتلاف سياسي جديد باسم «المنبر العراقي». وقال علاوي خلال مؤتمر صحافي عقده في بغداد أمس بحضور عدد من الشخصيات السياسية، بعضهم أعضاء سابقون في مجلس الحكم، إن الهدف هو ليس «تشكيل حزب بل هو كيان نأمل أن يكون فاعلا مع جمعيات واتحادات لها قاعدة شعبية واسعة»، مؤكدا سعي الائتلاف إلى «ضم النقابات والاتحادات الشبابية لتوسيع رقعة هذا التشكيل وضم شخصيات مهمة لعبت دورا في العملية السياسية شريطة أن تأتي متخلية عن أي انتماء كون هذا النهج سيؤدي إلى نتائج طيبة للعراق».
وأشار علاوي إلى أن «العراق يتجه لاتجاهات خطيرة وهو يعيش في حالة فوضى وكذلك المنطقة والعالم اليوم منقسم وهناك بوادر لعالم جديد سيظهر»، متوقعا أن «المنطقة مقبلة على خراب ودمار أكثر» مبينا أن «80 في المائة من الشعب العراقي قاطع الانتخابات النيابية الأخيرة وأن النخب السياسية الحالية لا تشكل 5 في المائة»، معتبرا أن «الانتخابات لا تغني ولا تشبع ونحن بهذا التشكيل لسنا إضافة جديدة على الأحزاب». وأشار إلى أن «الهدف هو بناء دولة تكون مؤثرة في المنطقة كما عاشها العراق في عشرينات القرن الماضي». ولفت إلى أن «العراق كان قد لعب دورا في استقرار المنطقة في السابق وعليه أن يعود لهذا الدور». وتابع أن «جميعنا تركنا أحزابنا وقدمنا إلى هنا كلنا منتمون وكلنا الآن تركنا الانتماءات الحزبية».
في الوقت نفسه، حذر علاوي مما أسماه «مواجهة جيل ثالث للإرهاب يكون أخطر من (القاعدة) و(داعش)»، لافتا إلى أن «(داعش) الجديدة بدأت ملامحها وبشكل واضح».
ويضم التشكيل السياسي الجديد الذي أعلنه علاوي الذي يتزعم حزب الوفاق وائتلاف الوطنية (21 نائبا في البرلمان) عددا من السياسيين العراقيين البارزين من بينهم وائل عبد اللطيف، عضو مجلس الحكم ووزير المحافظات السابق، وسمير الصميدعي عضو مجلس الحكم السابق والسفير السابق لدى الولايات المتحدة، وقاسم داود، وزير الدولة للأمن الوطني السابق، وميسون الدملوجي، عضو رئيسة لجنة الثقافة والإعلام السابق في البرلمان العراقي، وحسن العلوي، عضو البرلمان العراقي السابق.
وفي هذا السياق، أكد العلوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الهدف من هذا التشكيل الجديد هو الخروج باتجاه نظرية عمل أوسع في مفهوم بناء الدولة وهو السعي لبناء الدولة الاجتماعية والتخلص من إرث الدولة السياسية المؤدلجة التي حكمت العراق عقودا طويلة من الزمن». وأضاف العلوي أن «الدولة الاجتماعية هي التي ليس لديها غطاء أيديولوجي بل هي تترك الناس أحرارا في انتماءاتهم بينما الدولة السياسية هي الدولة الأيديولوجية البحتة التي تتحكم في خيارات الناس لأنها تعلن هيمنة أيديولوجية محددة مثل الدولة الشيوعية أو الدولة البعثية»، مبينا أن «الدولة الاجتماعية ظهرت في العراق خلال العهد الجمهوري مرة واحدة وذلك على عهد عبد الرحمن عارف (1966 - 1968) وذلك بفضل رئيس وزرائه المفكر والدستوري الكبير عبد الرحمن البزاز الذي ألغى المحاكم العسكرية كما ألغى الأحكام العرفية وسواها من الإجراءات الهامة على صعيد مدنية الدولة واجتماعيتها». وتابع العلوي أن «حزب البعث انقض على الدولة الاجتماعية طوال حكمه وبنى دولة أيديولوجية على الطريقة الستالينية وبعد عام 2003 بقيت الدولة الأيديولوجية قائمة لكن دون أن يتسيد الحكم حزب واحد على مقادير الدولة». وبين أن «هناك أحزابا حاولت أن تتحكم وحدها بالمشهد لكنها فشلت دون أن تقام الدولة الاجتماعية التي يشعر فيها المواطن بأنه مواطن بعيدا عن أي انتماء أيديولوجي مسبق».
من جهته، أكد كاظم الشمري، عضو التجمع الجديد ورئيس كتلة ائتلاف الوطنية في البرلمان العراقي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا المنبر تشكل لأن الأحزاب السياسية وبعد الفشل الكبير في الانتخابات في الحصول على أغلبية مريحة لم تعد هذه الأحزاب تحظى بقبول الشارع العراقي ومما يعزز هذا الرأي هو نسبة المشاركة المتدنية في الانتخابات ناهيك عن التدخلات الأجنبية والفساد المستشري وسوء الإدارة الأمر الذي دعانا إلى أن نعمل على تشكيل هذا المنبر». وأضاف الشمري أن «أي قوة سياسية لم تسطع أن تملأ وحدها أو أي حزب أو كتلة سياسية المشهد السياسي لكن أن يتم التنسيق بين مجموعة من القوى والشخصيات التي ليس عليها شوائب فساد أو إرهاب ويعملوا لوحدهم بعيدا عن توجهاتهم السياسية والطائفية والمكوناتية بهدف إصلاح الوضع السياسي في العراق». وبشأن آليات عمل هذا التشكيل الجديد، قال الشمري إن «اللجنة التحضيرية وبعد أن أعلنت قيام هذا التشكيل فإن من المتوقع أن يعقد المؤتمر الأول له خلال شهر مارس (آذار) المقبل بحضور نحو 500 شخص من كل أنحاء العراق ومن خارجه»، مبينا أن «التجمع الجديد يعتمد على المنظمات والاتحادات والتجمعات التي نجد أنها تعد من أهم أسباب تفعيل هذا المنبر». وحول ما أشار له علاوي بشأن المخاطر التي حذر منها خلال المرحلة المقبلة، يقول الشمري إن «هناك العديد من المعطيات التي تؤكد أن هناك مخاطر في نينوى والأنبار وهناك على الأرض عمليات يقوم بها (داعش)»، كاشفا عن قيام «داعش» بقتل «ما يقرب من 97 مواطنا عراقيا من جامعي الكمأ في عمق الصحراء بينما الحكومة العراقية تتكتم على مثل هذه الأرقام لأنه يبين وجود خلل أمني في المناطق الصحراوية فضلا عن وجود نقمة شعبية لدى مواطني تلك المناطق بسبب الإهمال الذي يعانونه».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.