الصحافة الكردية تلجأ للإنترنت لاستقطاب القراء

«دواروز – المستقبل» من أبرز المواقع الإخبارية الناطقة بالعربية والكردية يزوره المئات يومياً
«دواروز – المستقبل» من أبرز المواقع الإخبارية الناطقة بالعربية والكردية يزوره المئات يومياً
TT

الصحافة الكردية تلجأ للإنترنت لاستقطاب القراء

«دواروز – المستقبل» من أبرز المواقع الإخبارية الناطقة بالعربية والكردية يزوره المئات يومياً
«دواروز – المستقبل» من أبرز المواقع الإخبارية الناطقة بالعربية والكردية يزوره المئات يومياً

مع تنامي استخدامات شبكة الإنترنت، أمست الصحافة الإلكترونية أو الصحافة الرقمية، إذا صحت التسمية، إحدى أبرز وأهم وأسرع وسائل نقل المعلومة، تفوق في سرعتها وأهميتها قنوات التلفزة الفضائية، كونها توصل المعلومة إلى المتلقي أينما كان على هاتفه الذكي خلال لحظات. ويجمع كثير من المختصين على أن الصحافة المكتوبة بمختلف أشكالها أمام تحدي الحفاظ على مكانتها اليوم.
قد يكون ذلك التحول الهائل في عالم الصحافة، أمراً مقبولاً لدى بعض الأوساط ومراكز الصحافة ذات التاريخ والباع الطويلين، لكنه يشكل بالنسبة للصحافة الكردية صدمة، يصعب استيعابها أو تقبلها بسهولة، لا سيما أن الصحافة الكردية التي يمتد تاريخها، إلى أكثر من 12 عقداً، لم تشهد ازدهاراً حقيقياً عبر مشوارها الطويل ذاك، إلا خلال العقدين الماضيين، خصوصاً في إقليم كردستان العراق، وذلك بفعل المناخ السياسي الملائم نسبياً وأجواء التعددية الحزبية السائدة التي ساعدت في انبثاق أكثر من 200 صحيفة ومجلة ونشرة سياسية، وثقافية، واقتصادية وغيرها، إلى جانب العشرات من القنوات الفضائية والإذاعية التي اصطبغت غالبيتها العظمى، بطابع حزبي بحت خلال السنوات العشر الماضية، قبل أن تعصف بها موجة الصحافة الإلكترونية، التي لم تبقَ منها سوى صحيفتين حزبيتين يوميتين، وأخريين أسبوعيتين، مع بعض المجلات والنشرات الثقافية الفصلية.
وبذلك، انتقلت المنافسة الصحافية، لاجتذاب القراء في إقليم كردستان، إلى ميادين المواقع الإلكترونية التي تعددت سريعاً وعلى نحو لافت، وصارت تستقطب ملايين القراء، خصوصاً أنها توفر المعلومة والخبر بأكثر من لغة واحدة؛ كالعربية والتركية والفارسية والإنجليزية، إضافة إلى الكردية.
ومن بين هذا العدد الكبير من المواقع، برز موقع «دواروز - المستقبل» التابع لمؤسسة «دواروز» الإعلامية التي يملكها رجل الأعمال المعروف فاروق الملا مصطفى، صاحب شركة آسيا العملاقة للاتصالات ومجموعة شركات الفاروق الاقتصادية، التي تتخذ من مدينة السليمانية مقراً لها.
وبحسب شيركو عبد الله، المشرف العام على المؤسسة المنبثقة عام 2015، فإنها تضم إضافة إلى الموقع الإلكتروني، إذاعة محلية ودار للترجمة والنشر، تمكنت حتى الآن من ترجمة وطبع 26 كتاباً من اللغات العربية والأجنبية إلى الكردية. ويوضح عبد الله لـ«الشرق الأوسط» أن الغاية الأساسية من إنشاء ذلك الموقع، هي الاهتمام بجوانب التنمية البشرية للإنسان الكردي، وصقل قدراته وإمكاناته الثقافية والفكرية، وخلق رأي عام فاعل في الإقليم، وتعزيز دور القطاع الخاص في الحياة العامة، وتطوير المجتمع الكردي بأسلوب عصري، ورفد المتلقي بالمعلومة الصحيحة والخبر اليقين، دون رتوش أو صياغة مغرضة، فضلاً عن توفير خدمات واستشارات طبية تحت إشراف لفيف من الأطباء المتخصصين في مجمع الفاروق الطبي.
وأكد أن قنوات هذه المؤسسة الإعلامية المتعددة، وتحديداً موقع «دواروز» نجح في غضون السنوات الخمس الماضية، في اجتذاب قطاع واسع من القراء من مختلف الفئات العمرية والثقافية، لا سيما أنه يوفر خدماته باللغتين الكردية والعربية، ما يدل على مدى الثقة التي يحظى بها لدى متصفحي الموقع الذي يركز على المواضيع العلمية والأدبية والثقافية، وقلما الإخبارية ونادراً السياسية، لذلك حقق المرتبة الثانية من بين جميع المواقع الكردية، بحسب بيانات أجهزة البث والمتابعة، التي تؤكد زيارة مئات المتصفحين للموقع يومياً، مضيفاً أن المؤسسة كانت تخطط لإطلاق قناة فضائية هادفة، لكن الأزمة الاقتصادية التي مر بها الإقليم، والمناخ السياسي المتشنج حالا دون ذلك، بيد أن المشروع لا يزال قائماً، في انتظار الأجواء الملائمة، ولكن ينبغي لنا أن نرسم ملامح الخطاب الذي سيوجه إلى المتلقي الكردي، بحيث يختلف تماماً عن الخطاب السائد حالياً في وسائل الإعلام الكردية، التي هي مسيسة وموجهة بآيديولوجيا حزبية ذات أفق ضيق، ويكون متناغماً مع طموحات أكبر قطاع من المشاهدين، وإلا فلن تكون قناة مجدية ولا تضيف جديداً إلى ما هو قائم حالياً، مشدداً على أن معايير قبول الصحافيين العاملين في قنوات هذه المؤسسة، هي الكفاءة والخبرة والإخلاص وحسب، وأن إدارتها تمكنت من تأهيل جيل من الصحافيين المثقلين بالكفاءة العلمية وسيكون لهم شأن كبير في هذا الميدان.


مقالات ذات صلة

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

شمال افريقيا مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

استقبلت الأوساط الإعلامية والصحافية المصرية، التشكيلة الجديدة للهيئات المنظمة لعملهم، آملين في أن تحمل معها تغييرات إيجابية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
المشرق العربي المسؤول الإعلامي في «حزب الله» محمد عفيف خلال مؤتمر صحافي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:40

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

باغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف تكون إسرائيل انتقلت من اغتيال القادة العسكريين في الحزب إلى المسؤولين والقياديين السياسيين والإعلاميين.

بولا أسطيح (بيروت)
يوميات الشرق «SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر مهرجان «أثر» للإبداع بـ6 جوائز مرموقة

حصدت «SRMG Labs»، ذراع الابتكار في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، 6 جوائز مرموقة عن جميع الفئات التي رُشّحت لها في مهرجان «أثر» للإبداع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم سيارة عليها كلمة «صحافة» بالإنجليزية بعد تعرض فندق يقيم فيه صحافيون في حاصبيا بجنوب لبنان لغارة إسرائيلية في 25 أكتوبر (رويترز)

اليونيسكو: مقتل 162 صحافياً خلال تأديتهم عملهم في 2022 و2023

«في العامين 2022 و2023، قُتل صحافي كل أربعة أيام لمجرد تأديته عمله الأساسي في البحث عن الحقيقة».

«الشرق الأوسط» (باريس)

كيف يؤثر «غوغل ديسكوفر» في زيادة تصفح مواقع الأخبار؟

شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
TT

كيف يؤثر «غوغل ديسكوفر» في زيادة تصفح مواقع الأخبار؟

شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)

أوردت تقارير، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أن ناشري الأخبار كثّفوا ظهورهم على «غوغل ديسكوفر» بهدف زيادة حركات المرور على مواقعهم، وهذا بعدما تراجعت وسائل التواصل الاجتماعي عن دعم ظهور الأخبار منذ مطلع العام. إذ اتجهت «غوغل» إلى نموذج الملخّصات المعزّز بالذكاء الاصطناعي بديلاً عن ترشيح روابط الأخبار من مصادرها، ما أدى إلى تراجع الزيارات تدريجياً. غير أن خبراء ناقشوا الأمر مع «الشرق الأوسط» عدُّوا هذا الاتجاه «رهاناً محفوفاً بالمخاطر، وقد لا يحقق نموذج عمل مستداماً». أبحاث أجرتها «نيوز داش»، وهي أداة متخصصة في تحسين محركات البحث (SEO) موجهة للناشرين والمواقع الإخبارية، أظهرت أن «غوغل ديسكوفر» بات يمثل في المتوسط 55 في المائة من إجمالي حركة المرور الآتية من «غوغل» للناشرين، مقارنة بـ41 في المائة، في دراسة سابقة، ما يعني أن «ديسكوفر» أضحى القناة الكبرى التي تجلب الزيارات إلى مواقع الأخبار.

جدير بالذكر أن «غوغل ديسكوفر» هو موجز للمقالات يظهر على نظامي «أندرويد» و«آبل» عند فتح «غوغل» للتصفّح. ووفق محرّك البحث، فإن المقالات المُوصى بها تُحدَّد وفقاً لاهتمامات المستخدم وعمليات البحث السابقة، ومن ثم، فإن ما يظهر لدى المستخدم من ترشيحات هو موجز شخصي جداً، لذا يحقق مزيداً من الجذب.

محمد الكبيسي، الباحث ومدرب الإعلام الرقمي العراقي المقيم في فنلندا، أرجع تكثيف بعض المواقع الإخبارية وجودها على «غوغل ديسكوفر» إلى احتدام المنافسة الرقمية بين المنصّات للوصول إلى الجمهور. وأوضح: «منطقياً، تسعى مواقع الأخبار إلى الظهور على منصات متعدّدة، مما يعزز فرص الوصول والتفاعل مع الأخبار دون الحاجة للبحث المباشر».

وحدَّد الكبيسي معايير ظهور المقالات على «غوغل ديسكوفر» بـ«جودة المحتوى، والتحديث المستمر، وتوافق SEO، والملاءمة مع اهتمامات المستخدمين وسلوكهم السابق في استخدام وسائل الإنترنت، إضافة إلى الالتزام بمعايير الإعلام والصحافة المهنية».

ومن ثم، بعدما رأى الباحث العراقي تكثيف الاهتمام بأداة «غوغل ديسكوفر» حلاًّ مؤقتاً للمرحلة الحالية، شرح أنه «يمكن القول عموماً إن (غوغل ديسكوفر) قد يُسهم في زيادة معدلات الزيارات للعديد من المواقع الإخبارية، لكن ذلك يعتمد على أهمية المحتوى وملاءمته اهتمامات الجمهور». أما عن الحلول المستدامة فاقترح الكبيسي على صُناع الأخبار تحقيق المواءمة مع تطوّرات المنصات ومواكبة التحديثات؛ لتجنب التبِعات التي قد تؤدي إلى تقليل الظهور أو انخفاض معدلات الوصول».

من جهته، يقول الحسيني موسى، الصحافي المتخصص في الإعلام الرقمي بقناة الـ«سي إن إن» العربية، إن «غوغل ديسكوفر» لا يقبل أي مقالات؛ لأن لديه معايير صارمة تتعلق بجودة المحتوى ومصداقيته. وتابع أن «الظهور على (غوغل ديسكوفر) يشترط تقديم معلومات دقيقة تلبّي اهتمامات المستخدمين وتُثري معرفتهم، مع استخدام صور عالية الجودة لا تقل عن 1200 بيكسل عرضاً، وعناوين جذابة تعكس مضمون المقال بشكل شفاف بعيداً عن التضليل». ثم أضاف: «يجب أن تكون المواقع متوافقة مع أجهزة الهواتف الذكية؛ لضمان تجربة مستخدم سلسة وسريعة، مع الالتزام الكامل بسياسات (غوغل) للمحتوى».

وعلى الرغم من أن معايير «غوغل ديسكوفر» تبدو مهنية، عَدَّ موسى أن هذا «الاتجاه لن يحقق مستقبلاً الاستقرار للناشرين... وصحيح أن (غوغل ديسكوفر) يمكن أن يحقق زيارات ضخمة، لكن الاعتماد عليه فقط قد لا يكون واقعاً مستداماً».

ورأى، من ثم، أن الحل المستدام «لن يتحقق إلا بالتنوع والتكيف»، لافتاً إلى أنه «يُنصح بالتركيز على تقديم محتوى ذي قيمة عالية وتحويله إلى فيديوهات طولية (فيرتيكال) مدعومة على منصات التواصل الاجتماعي لجذب المزيد من المتابعين وبناء قاعدة جماهيرية وفية».