رئيس وزراء فرنسا: حربنا على الإرهاب في الساحل الأفريقي تحقق نتائج

زار مالي بالتزامن مع مقتل زعيم بارز في «القاعدة ببلاد المغرب»

TT

رئيس وزراء فرنسا: حربنا على الإرهاب في الساحل الأفريقي تحقق نتائج

احتفى رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب، أمس (السبت)، بإعلان الجيش الفرنسي مقتل الجزائري جمال عكاشة، المعروف بلقب «يحيى أبو الهمام»، وهو قيادي بارز في تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب»، وذلك بالتزامن مع زيارة قام بها فيليب لمالي خلال اليومين الماضيين.
وقال فيليب في تصريحات صحافية بعد لقاء جمعه مع نظيره المالي في باماكو، إن محاربة الجماعات الإرهابية ومواجهة غياب الأمن في منطقة الساحل الأفريقي «تحققان نتائج» وإن كانت «المهمة طويلة»، مشيراً إلى أن «مكافحة الإرهاب في الساحل تتطلب التصميم والصبر والتواضع. نحن في مواجهة معركة شرسة».
وأجرى رئيس الوزراء الفرنسي الذي وصل مساء الجمعة إلى باماكو، محادثات يوم السبت مع نظيره المالي سوميلو بوبيي مايغا والرئيس أبو بكر كيتا، كما وقَّع اتفاقية للتنمية مع حكومة مالي بقيمة 85 مليون يورو، من ضمنها 50 مليون يورو على شكل قرض، و35 مليوناً كدعم مالي، عن طريق وكالة التنمية الفرنسية.
وأكد فيليب استمرار الوجود العسكري الفرنسي في إطار عملية «برخان» التي تتألف من 4500 جندي من ضمنهم 2700 ينتشرون في مالي، حسب الأرقام الأخيرة التي نشرتها باريس.
وقال فيليب: «نرى أننا نحقق نتائج ونفكك شبكات وليس لديّ أي شك في أن لوجودنا تأثيراً»، مؤكداً أن الجيش الفرنسي «سيبقى ما دام احتاج الأمر إلى ذلك»، وأضاف أن «أعمال إحلال الاستقرار تؤتي ثمارها» مع أن مالي تواجه، رغم الضغط العسكري الفرنسي، انتشار أعمال العنف التي تشنها الجماعات الإسلامية المسلحة والتي امتدت أيضاً إلى الدول المجاورة؛ بوركينافاسو والنيجر.
وقال فيليب إنه «من المهم مواصلة تفعيل دور شركائنا لأن المعارك التي نخوضها في الساحل تخدم مصلحة الجميع»، في إشارة إلى دعم القوة العسكرية المشتركة التي أسستها دول الساحل الخمس (موريتانيا، ومالي، والنيجر، وتشاد، وبوركينافاسو)، ولكنها لا تزال تعاني من مشكلات في التمويل والتجهيز والتدريب.
من جهة أخرى تحدثت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي، التي رافقت الوزير الأول في زيارته لمالي، عن مقتل يحيى أبو الهمام، الرجل الثاني في «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» التي هي عبارة عن تحالف بين عدد من الجماعات المسلحة تأسس قبل أكثر من عامين ووجه ضربات قوية إلى الجيش المالي والقوات الأممية والفرنسية، فقالت الوزيرة الفرنسة إن مقتل الرجل الثاني في هذه الجماعة «ضربة قاسية للجماعات الإرهابية في منطقة الساحل»، خصوصاً زعيم الجماعة إياد آغ غالي، الذي فقد خلال أقل من عام ثلاثة من أبرز نوابه. وأضافت وزيرة الدفاع الفرنسية في بيان نشرته أمس (السبت)، أن العملية العسكرية التي قُتل فيها أبو الهمام هي «عملية نوعية، تعد ثمرة سنوات من البحث والتعقب»، مشيرةً إلى أن «اغتيال زعماء التنظيمات الإرهابية يضعف البنية الهيكلية والقدرات العملياتية للإرهابيين».
من جهة أخرى لم يصدر أي بيان عن «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب» أو «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» بخصوص مقتل أبو الهمام (40 عاماً)، والذي بدأ نشاطه في الجماعات الإرهابية عضواً وقائداً في «الجماعة الجزائرية للدعوة والقتال»، قبل أن ينتقل إلى شمال مالي رفقة مختار بلمختار الملقب «بلعور» القيادي السابق في «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» والزعيم الحالي لجماعة «المرابطون».
وأسس أبو الهمام في 2017 «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» مع إياد آغ غالي، وهو تحالف يضم بالإضافة إلى تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب»، كلاً من «أنصار الدين» و«جبهة تحرير ماسينا» و«جماعة المرابطون».
وشن أبو الهمام خلال مساره في تنظيم القاعدة عدة عمليات إرهابية في شمال موريتانيا ضد الجيش أودت بحياة عشرات الجنود الموريتانيين منها مذبحة «تورين» و«الغلاوية» و«لمغيطي»، كما يقف وراء مقتل مواطن أميركي في نواكشوط ومهاجمة السفارة الإسرائيلية، وفي عام 2011 دخل في مواجهات مباشرة مع الجيش الموريتاني على الحدود مع مالي تكبدت فيها كتيبته خسائر كبيرة.
وخلال سيطرة تنظيم القاعدة على شمال مالي، كان أبو الهمام يتولى الحكم في منطقة تمبكتو، قبل أن يتدخل الفرنسيون في عملية عسكرية انتهت بطرد مقاتلي «القاعدة» من المدن الكبيرة، لتبدأ مرحلة حرب عصابات بين الفرنسيين ومقاتلي «القاعدة».
ويوجد في مالي حالياً نحو 4500 جندي في منطقة الساحل يشاركون في عملية «برخان» التي تستهدف الجماعات الإسلامية المتطرفة في تشاد وموريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر.


مقالات ذات صلة

تركيا: لقاء بين إردوغان وبهشلي وسط جدل حول الحوار مع أوجلان

شؤون إقليمية إردوغان ملوحاً بالتحية لمواطنين في أثناء استقبال بهشلي له أمام منزله في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

تركيا: لقاء بين إردوغان وبهشلي وسط جدل حول الحوار مع أوجلان

تشهد تركيا حراكاً مكثفاً حول عملية لحل المشكلة الكردية عبر الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، وانقساماً حول مسألة العفو عنه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا محمد ديبي ورث حكم تشاد من والده وتمت ترقيته مؤخراً إلى رتبة ماريشال (صحافة محلية)

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

استبعدت تشاد أن يكون الهجوم على القصر الرئاسي ليل الأربعاء/الخميس، له أي طابع «إرهابي»، مشيرة إلى أن من نفذوه كانوا مجموعة من الأشخاص في حالة سكر ومسلحين.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أوروبا جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

الأدلة التي نشرتها لجنة تحقيق رسمية في جرائم الحرب المزعومة ترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية اعتادت ثقافة الإفلات من العقاب في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن ) «الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن )
آسيا أفراد من الجيش الباكستاني (أرشيفية)

مقتل 3 جنود و19 إرهابياً بعملية أمنية شمال غربي باكستان

قُتل 3 جنود من رجال الأمن الباكستاني، كما قُضي على 19 مسلحاً من العناصر الإرهابية خلال عمليات أمنية واشتباكات وقعت في المناطق الشمالية من باكستان.

«الشرق الأوسط» ( إسلام آباد)
أفريقيا استنفار أمني صومالي في العاصمة مقديشو (متداولة)

مقتل 10 من عناصر حركة «الشباب» بغارة أميركية في الصومال

نفّذت الولايات المتحدة ضربة جوية في جنوب الصومال أسفرت عن مقتل عشرة من عناصر حركة «الشباب»، وفق ما أفاد الجيش الأميركي، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)

وفاة زعيم محلي في مالي اختطفه تنظيم «القاعدة»

تييرنو أمادو تال اختطفه تنظيم «القاعدة» وتوفي في ظروف غامضة (صحافة محلية)
تييرنو أمادو تال اختطفه تنظيم «القاعدة» وتوفي في ظروف غامضة (صحافة محلية)
TT

وفاة زعيم محلي في مالي اختطفه تنظيم «القاعدة»

تييرنو أمادو تال اختطفه تنظيم «القاعدة» وتوفي في ظروف غامضة (صحافة محلية)
تييرنو أمادو تال اختطفه تنظيم «القاعدة» وتوفي في ظروف غامضة (صحافة محلية)

أعلن تنظيم «القاعدة» أن زعيم مجموعة محلية يتمتع بنفوذ واسع في مالي ومنطقة غرب أفريقيا توفي حين كان رهينة بحوزة مجموعة تابعة للتنظيم، في حادثة أثارت ردود فعل غاضبة، ومطالب شعبية في مالي والسنغال بالانتقام من التنظيم الإرهابي.

وكانت «جبهة تحرير ماسينا» التي تتبع تنظيم «القاعدة» وتنشط في وسط دولة مالي قد اختطفت الزعيم تييرنو أمادو تال، قبل أكثر من أسبوع حين كان يتحرك في موكب من أتباعه على متن عدة سيارات، على الحدود مع موريتانيا.

ويعد تال زعيم طريقة صوفية لها امتداد واسع في مالي والسنغال وموريتانيا، وعدة دول أخرى في غرب أفريقيا، ويتحدر من قبائل «الفلاني» ذات الحضور الواسع في الدول الأفريقية.

أمادو كوفا زعيم «جبهة تحرير ماسينا» الذي خطف أمادو تال... وأعلن عن وفاته (متداول- موقع «القاعدة»)

واشتهر تال بمواقفه المعتدلة والرافضة للتطرف العنيف واستخدام القوة لتطبيق الشريعة، كما كان يركز في خطبه وأنشطته على ثني شباب قبائل «الفلاني» عن الانخراط في صفوف تنظيم «القاعدة».

تال يتحدر من عائلة عريقة سبق أن أسست إمارة حكمت مناطق من مالي والسنغال وغينيا، خلال القرن التاسع عشر، وانهارت على يد الفرنسيين، ولكن العائلة ظلت حاضرة بنفوذها التقليدي.

تشير مصادر محلية إلى أن تال ظهر مؤخراً في موقف داعم للمجلس العسكري الحاكم في مالي، وخاصة رئيسه آسيمي غويتا، وكان ذلك السبب الذي دفع تنظيم «القاعدة» إلى استهدافه.

ولكن مصادر أخرى تشير إلى أن التنظيم الإرهابي كان ينوي اختطاف تال واستجوابه من أجل الحصول على معلومات تتعلق بالحرب الدائرة ضد الجيش المالي المدعوم من «فاغنر»، ولكن الأمور سلكت مساراً آخر.

ونشر أمادو كوفا، زعيم «جبهة تحرير ماسينا»، مقطعاً صوتياً جرى تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، أعلن فيه وفاة تال بعد عملية الاختطاف «أثناء نقله إلى موقع كان من المقرر استجوابه فيه».

وأشار زعيم الجماعة الإرهابية إلى أنهم كانوا ينوون تقديم تال للمثول أمام «محكمة» بخصوص تهمة «العمالة» لصالح السلطات المالية، مؤكداً أنه أثناء نقله نحو مكان المحاكمة «فارق الحياة»، وذلك بعد أن تعرض للإصابة خلال محاولة الاختطاف، وتسببت هذه الإصابة في وفاته بعد ذلك.

وكان التنظيم ينفي بشكل ضمني أن يكون قد «أعدم» زعيم طريقة صوفية لها انتشار واسع في دول غرب أفريقيا، ولكن الظروف التي توفي فيها لا تزالُ غامضة، وتثير غضب كثير من أتباعه الذين يقدرون بالملايين.

وقال أحد أفراد عائلة تال إنهم تأكدوا من صحة خبر وفاته، دون أن يكشف أي تفاصيل بخصوص الظروف التي توفي فيها، وما إن كانوا على تواصل بتنظيم «القاعدة» من أجل الحصول على جثمانه.

وتثير وفاة تال والظروف التي اكتنفتها مخاوف كثير من المراقبين، خاصة أنه أحد أبرز الشخصيات النافذة في قبائل «الفلاني»، وتوفي حين كان بحوزة أمادو كوفا الذي يتحدر من نفس القبائل، ويعد أحد أكبر مكتتبي شباب «الفلاني» في صفوف «جبهة تحرير ماسينا»، مستغلاً إحساس هذه القبائل بالغبن والتهميش.

ويزيد البعد القبلي من تعقيد تداعيات الحادثة، وسط مخاوف من اندلاع اقتتال عرقي في منطقة تنتشر فيها العصبية القبلية.

في هذه الأثناء لم يصدر أي تعليق رسمي من الحكومة المالية حول الحادثة التي أسالت الكثير من الحبر في الصحافة المحلية، كما حظيت باهتمام واسع في السنغال المجاورة.