الحريري يطالب أطراف الحكومة بوقف السجالات السياسية

ملفا النازحين والتنسيق مع سوريا يجددان خلافات «القوات» و«الحر»

TT

الحريري يطالب أطراف الحكومة بوقف السجالات السياسية

لم ينجح التعميم الذي أصدره «التيار الوطني الحر»، أول من أمس، في إيقاف السجال مع «القوات اللبنانية» طالما أن الاتهامات بلغت مستويات سياسية، بما يتخطى القاعدة الشعبية، وهو ما دفع «القوات» للرد أمس على تصريحات وزير الخارجية جبران باسيل.
وفيما يحتدم السجال بين الطرفين، أكد مستشار رئيس الحكومة الدكتور نديم منلا «أن رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري يلتزم في مواقفه وممارسة مهامه انطلاقاً من البيان الوزاري للحكومة، لا سيما فيما يتعلق بسياسة النأي بالنفس وقرارات الجامعة العربية، وكل ما ينسب من استنتاجات وتحليلات مغايرة للواقع ولا تمت إلى الحقيقة بصلة». وأكد أن توجيهات الرئيس الحريري لجميع المعنيين «تقضي بالامتناع عن الخوض بأي سجالات سياسية يمكن أن تحرف العمل الحكومي عن مساره المطلوب في هذه المرحلة، وهو على تواصل مع جميع الوزراء في هذا الشأن تجنباً لأية تفسيرات خاطئة».
وأشعل ملف التنسيق مع سوريا وإعادة النازحين، سجالاً جديداً بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية». ورأى باسيل مساء أول من أمس في عشاء حزبي أن «التفكير الصغير هو أن نفكر أن لا بأس إذا بقي النازحون بضع سنوات إضافية طالما أن بعض السفراء راضون، أما التفكير الاستراتيجي فهو أن نواجه مهما تحملنا، لأن هويتنا مهددة، وليس فقط اقتصادنا». وقال: «قالوا إننا عنصريون، واليوم يقولون إننا مع التطبيع مع سوريا، لكن نحن (التيار الوطني الحر)، ونرد عليهم بأن المرحلة كانت عندما كان السوري هنا، وليس عندما عاد إلى سوريا».
واعتبر نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني «أن التطبيع مع نظام الأسد يعني أن لبنان بدأ الدخول في لعبة المحاور في المنطقة، ويجعل منه طرفاً في النزاعات، وهذا ضد مبدأ سياسة النأي بالنفس التي اتفقنا عليها»، مشدداً على «أن الجميع مع عودة النازحين»، ومشيراً إلى «أن الحكومة تتضمن تناقضات سياسية، لكن الحلول العملية تحتم على الجميع العمل، وإذا كان هناك اختلاف سياسي على الموضوعات الجوهرية، فذلك لا يمنع عمل الأفرقاء داخل الحكومة».
وأكد حاصباني، في حديث إذاعي، أن «مجلس الوزراء يعتمد سياسة النأي بالنفس، ولا يجوز التواصل مع أطراف الصراع وزيارة دمشق خارج إطار الحكومة، ومن دون نقاش وسياسة عامة، وكان يجب أن يبحث ذلك داخل مجلس الوزراء، فالسياسات العليا تناقش داخل الحكومة». وأشار حاصباني إلى أن «رئيس وزرائنا مطلوب من قبل نظام الأسد، وهناك من يذهب نحو التطبيع مع سوريا». وشدد على أننا «نتفق مع الرئيس عون بمجالات عدة، لكن موضوع النازحين موضع نقاش، وطالما هناك علاقات غير سليمة بين النظام السوري والدول العربية علينا أن نعمل من أجل مصلحة لبنان».
ودعا عضو تكتل «الجمهورية القوية» (القوات) النائب وهبه قاطيشا، إلى «عودة النازحين إلى بلادهم اليوم قبل الغد». واعتبر أن «من يركض لعلاقات مع النظام السوري يبحث عن شعبوية لا توصله إلى مكان على حساب الوضع اللبناني».
ورداً على مواقف الوزير باسيل، قال قاطيشا: «التفكير الصغير هو لمن يبيع مصالح شعبه ويعمل شعبويات على حساب المصلحة الوطنية العليا. نحن نظرتنا شمولية أكثر من أي فريق، خصوصاً من يتهمنا بهذا الشكل. ولم نبع أو نشترِ من أجل مناصب سياسية وموقفنا من النظام السوري لا يزال كما هو منذ 40 عاماً، فهذا نظام يدمر شعبه ويحاول من جديد تفجير لبنان».
إلى ذلك، أكد عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبد الله، «أن كل لبنان يريد الانتهاء من عبء النازحين، إنما المطلوب أن ننتهي منه بأجندة وطنية لبنانية، وهنا السؤال الجوهري: هل نريد الانتهاء بأجندة لبنانية لمصلحة البلد أو بأجندة النظام السوري». وشدد عبد الله على «أنه على لبنان أن يتبع خط المجتمع الدولي والمبادرة الروسية ونقطة على السطر».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.