هل عادت الفرق الأوروبية للاهتمام بالدفاع بعد سنوات من الهجوم الكاسح؟

لا اهداف في مباراتي ليفربول أمام بايرن ميونيخ وبرشلونة ضد ليون في دوري الأبطال

محمد صلاح فشل في اختراق دفاع بايرن ميونيخ المتكتل
محمد صلاح فشل في اختراق دفاع بايرن ميونيخ المتكتل
TT

هل عادت الفرق الأوروبية للاهتمام بالدفاع بعد سنوات من الهجوم الكاسح؟

محمد صلاح فشل في اختراق دفاع بايرن ميونيخ المتكتل
محمد صلاح فشل في اختراق دفاع بايرن ميونيخ المتكتل

من المبكر للغاية أن نتحدث عن الفرق الأوفر حظاً للذهاب بعيداً في النسخة الحالية من دوري أبطال أوروبا، لكن الشيء الواضح للغاية هذه الأيام هو اتجاه الكثير من الأندية الأوروبية للعب بحذر دفاعي شديد، وعدم المغامرة بالاندفاع الهجومي، بالشكل الذي لم يكن موجوداً خلال السنوات الماضية.
ولعل أبرز دليل على ذلك يتمثل في أن المباراتين اللتين أقيمتا يوم الثلاثاء الماضي بين ليفربول وبايرن ميونيخ، وبرشلونة وليون لم تشهدا إحراز أي هدف. ووصل معدل إحراز الأهداف في المباراة الواحدة في دور الستة عشر لدوري أبطال أوروبا هذا الموسم إلى أقل من هدفين في المباراة الواحدة، مقابل خمسة أهداف خلال المرحلة نفسها من الموسم الماضي. ويبدو أن جميع الأندية قد توصلت إلى نتيجة مفادها أنه يتعين عليها في المقام الأول تحسين الجوانب الدفاعية إذا كانت تسعى للذهاب بعيداً في هذا المسابقة، وبخاصة بعدما رأت ما حدث العام الماضي من قدرة بعض الفرق على العودة بعد تأخرها بثلاثة أهداف.
ولم يقتصر هذا الأمر على دوري أبطال أوروبا فحسب، حيث بدا من الواضح أن ليفربول أصبح يتسم بحذر شديد خلال الموسم الحالي، سواء على المستوى المحلي أو القاري. كما أن نادي مانشستر سيتي أصبح أكثر حذراً فيما يتعلق بالسماح لظهيري الجنب بالتقدم للأمام معاً في الوقت نفسه، وهو الأمر الذي كان واضحاً للغاية خلال المباراة التي انتهت بالتعادل السلبي بين مانشستر سيتي وليفربول على ملعب «آنفيلد».
وخلال الموسم الماضي، كان يبدو أن الفرق الكبرى التي لا تواجه منافسة قوية على المستوى المحلي قد نسيت كيف تدافع في بطولة دوري أبطال أوروبا، لكن الوضع أصبح يختلف كثيراً خلال الموسم الحالي بعدما عادت تلك الفرق للاهتمام بالنواحي الدفاعية بشكل ملحوظ. لكن كان من الواضح أيضاً أن هذه الفرق لم تعد للنواحي الدفاعية بالشكل الذي كان عليه الأمر في السابق؛ نظراً لأن اللاعبين الذين كانوا يعتادون على الانطلاق للأمام مع كل هجمة سيكونون بالطبع في حاجة إلى بعض الوقت من أجل التكيف على الالتزام بواجباتهم الدفاعية.
وخلال مباراة ليفربول أمام بايرن ميونيخ على ملعب «آنفيلد»، كانت هناك رغبة واضحة من جانب جوشوا كيميتش وديفيد ألابا في عدم التقدم كثيراً للأمام، والاهتمام بالواجبات الدفاعية. وحتى عندما تقدم كيميتش للأمام في إحدى المناسبات في وقت متأخر من نهاية الشوط الأول، وجد رقابة لصيقة قرب خط منتصف الملعب من جانب ساديو ماني، وبالتالي كان رد فعله عصبياً للغاية، وهو الأمر الذي كلفه الحصول على بطاقة صفراء، التي سيغيب بسببها عن مباراة العودة. لقد كان كيميتش يعلم جيداً أن مهمته الأولى والأساسية هي أن يمنع لاعبي ليفربول من الانطلاق في المساحة الموجودة خلفه.
علاوة على ذلك، يجب الاعتراف بأن عالم كرة القدم قد تغير كثيراً خلال الفترة الأخيرة، كما أن معرفة التطورات التي حدثت في أماكن أخرى تساهم بشكل كبير في تغيير نظرة المديرين الفنيين لطريقة تعاملهم مع المباريات. قد يعني ذلك العودة إلى الخطط التكتيكية التقليدية، لكن هذا لا يعني بالضرورة اللعب بالطريقة التي كان يعتمد عليها المدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو خلال السنوات الأخيرة!
وكان من الواضح أيضاً أن لاعبي بايرن ميونيخ كانوا يتعمدون إهدار الوقت أمام ليفربول ويستغرقون وقتاً طويلاً للغاية في تنفيذ الركلات الحرة، والحصول على العلاج بعد أي سقوط بسيط داخل الملعب. لكن محاولات لعب الكرة إلى الخلف دائماً كانت أقل نجاحاً. وبالعودة إلى فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، عندما كان بايرن ميونيخ وليفربول يقدمان أفضل مستوياتهما في البطولات الأوروبية، كانت أسهل طريقة لقتل أي مباراة تتمثل في قيام المدافعين بنقل الكرة للخلف كثيراً؛ لأنهم كانوا يعرفون أنه باستطاعتهم إعادة الكرة إلى حارس المرمى في حال تعرضهم لضغط من قبل الفريق المنافس.
لكن تغيير قواعد وقوانين كرة القدم التي منعت حراس المرمى من الإمساك بالكرات العائدة إليهم من زملائهم قد غير هذا الأمر بكل تأكيد، وبالتالي أصبح الاعتماد على نقل الكرات من الخلف للأمام هو الوسيلة الأفضل لأي فريق يسعى للاستحواذ على الكرة. لكن المشكلة التي تواجه أي فريق يلعب بهذا الشكل تتمثل في أن معظم الفرق حالياً تعتمد على الضغط المتواصل بطول الملعب وصولاً إلى حارس المرمى نفسه.
ومع بداية الشوط الثاني من مباراة ليفربول أمام بايرن ميونيخ، تحولت المباراة إلى نمط تقليدي للغاية، حيث شكل اللاعبون الثلاثة الذين كان يعتمد عليهم بايرن ميونيخ في خط الوسط ما يمكن وصفه بـ«جدار عميق» أمام رباعي خط الدفاع، لكن خلال معظم فترات الشوط الأول كان وسط الملعب يشهد تحركات غريبة بعض الشيء، وربما يكون السبب في ذلك هو أن الفريقين كانا يعتمدان على لعب الكرات الطويلة من الخلف للأمام.
من الواضح أيضاً أن مانويل نوير وأليسون يجيدان اللعب بالقدمين؛ ولذا تمكنا من تمرير الكرات للمدافعين بشكل مريح خلال المباراة. ويمكن القول إن نوير على وجه التحديد كان له دور كبير في إعادة تعريف المهام التي يتعين على حارس المرمى القيام بها، فيما يتعلق باللعب بالقدمين. ورغم كل ذلك، واجه الحارسان بعض المواقف الصعبة خلال شوط المباراة الأول، بسبب الضغط الكبير من جانب الفريق المنافس وعدم ظهور لاعبي خط الوسط وعودتهم للخلف لتسلم الكرة، بالشكل الذي يجعل من الصعب على حارس المرمى إيجاد زاوية للتمرير. وجاءت معظم الفرص في الشوط الأول نتيجة تحرك اللاعبين وتبديل المراكز فيما بينهم في الثلث الأخير من الملعب.
ورغم أن هناك إجماعاً على أن بايرن ميونيخ قد حقق نتيجة إيجابية بخروجه بالتعادل في هذه المباراة، فيجب الإشارة أيضاً إلى أن هذه النتيجة ليست سيئة بالنسبة لليفربول، الذي خاض تلك المباراة من دون أبرز مدافعيه فيرجيل فان دايك، وفي ظل عدم شفاء نجم خط الهجوم روبرتو فيرمينيو، فضلاً عن أن ليفربول لم يستقبل أي هدف على ملعبه، وهذا شيء جيد في حد ذاته، رغم شعور البعض بالقلق نتيجة النتائج السيئة التي حققها ليفربول خارج ملعبه في دوري أبطال أوروبا في الآونة الأخيرة.
في النهاية، يجب التأكيد مرة أخرى على أن الفرق كافة باتت تلعب بقدر أكبر من الحذر ولم تعد تغامر كثيراً في النواحي الهجومية كما كان الأمر في السابق، وهو ما ظهر واضحاً خلال مباريات دور الستة عشر لدوري أبطال أوروبا هذا الموسم.


مقالات ذات صلة

كيف تعمل كشافة القادسية لكرة القدم؟

رياضة سعودية غوستافو مارون (حساب قناة قوت)

كيف تعمل كشافة القادسية لكرة القدم؟

قام جوستافو مارون، الكشاف البرازيلي الذي يعمل مع نادي القادسية، خلال لقاء مع قناة «قوت GOAT» البرازيلية، بشرح نظام عمل الكشافة في النادي.

نواف العقيّل (الرياض)
رياضة عالمية غاري أونيل (رويترز)

ولفرهامبتون المهدد بالهبوط يقيل مدربه أونيل

ذكرت وسائل إعلام بريطانية أن ولفرهامبتون واندرارز أقال مدربه، غاري أونيل، اليوم (الأحد)، بعد سلسلة نتائج بلا انتصارات مما جعل الفريق يقبع في منطقة الهبوط.

رياضة عالمية بو هنريكسن (أ.ب)

مدرب ماينز: الفوز على بايرن إنجاز هائل... تفوقنا على أفضل نادٍ في ألمانيا

أعرب بو هنريكسن المدير الفني لنادي ماينز عن فخره بفوز فريقه على ضيفه بايرن ميونيخ البطل القياسي لدوري الدرجة الأولى الألماني لكرة القدم (بوندسليغا).

«الشرق الأوسط» (ماينز)
رياضة عالمية أندريس إنييستا (أ.ف.ب)

إنييستا يودّع الملاعب أمام 45 ألف متفرج في طوكيو

ودَّع نجم كرة القدم الإسباني المعتزل، أندريس إنييستا، مسيرته الكروية (الأحد) في مباراة استعراضية بين أساطير برشلونة وريال مدريد في طوكيو.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
رياضة عالمية أوناي إيمري (إ.ب.أ)

إيمري: فورست منافس حقيقي في السباق على المراكز الأولى

قليلون هم الذين كانوا يتوقعون منافسة نوتنغهام فورست على المراكز الأربعة الأولى، في بداية موسم الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».