تقارير أميركية: دمشق تواصل تهريب أسلحة متطورة لحزب الله بينها صواريخ مضادة للسفن

خبراء قالوا إن منظومات الصواريخ تنقل قطعة فقطعة خشية استهدافها

(ارشيفية)
(ارشيفية)
TT

تقارير أميركية: دمشق تواصل تهريب أسلحة متطورة لحزب الله بينها صواريخ مضادة للسفن

(ارشيفية)
(ارشيفية)

عادت قضية تهريب حزب الله لنظم صاروخية من سوريا إلى مستودعاته في لبنان، إلى دائرة الضوء، إثر كشف معلومات استخبارية عن أن بعض مكونات نظام صاروخي قوي مضاد للسفن، «نُقلت بالفعل» إلى لبنان. ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، أمس، عن مسؤولين أميركيين اعتقادهم أن حزب الله اللبناني الذي تدعمه إيران «يهرّب نظما صاروخية موجهة متقدمة من سوريا إلى لبنان، قطعة بقطعة لتفادي الغارات الجوية السرية لإسرائيل التي تهدف إلى وقف نقل الصواريخ».

وتأتي هذه التقارير الأميركية، بعد 7 أشهر من إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أن سوريا سترد على الغارات الإسرائيلية، التي استهدفت دمشق، بتزويد جماعته بسلاح «نوعي لم تحصل عليه المقاومة حتى الآن»، مشيرا إلى أن هذه الأسلحة يمكن أن تغير ميزان القوى بين إسرائيل وحزب الله.

وكانت إسرائيل شنت 5 هجمات داخل سوريا، على الأقل، في عام 2013 لاستهداف النظم المقبلة لحزب الله، من دون استفزاز مواجهة مباشرة. وذكرت تقارير غربية أن الغارات الإسرائيلية، وآخرها في نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على اللاذقية، منعت شحنات من صواريخ أرض - جو المضادة للطائرات طراز «سام - 17» وصواريخ أرض - أرض «فتح 110» إلى مواقع تابعة لحزب الله في لبنان، وقد جاء بعضها من إيران والبعض الآخر من سوريا نفسها.

وقال مسؤولون أميركيون، حاليون وسابقون، إن بعض مكونات نظام صاروخي قوي مضاد للسفن، وصلت بالفعل إلى لبنان وفقا لمعلومات استخباراتية كُشف عنها مؤخرا، في حين «يجري تخزين نظم أخرى يمكنها استهداف الطائرات أو السفن والقواعد الإسرائيلية، في مستودعات كبيرة للأسلحة تقع تحت سيطرة حزب الله في سوريا»، حسبما ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال». وأضاف المسؤولون أن مثل هذه الأسلحة الموجهة «ستكون أكثر تقدما من الصواريخ التي يمتلكها حزب الله الآن ويمكن أن تعزز بشكل كبير قدرة الحزب على ردع إسرائيل في أي معركة جديدة، ومحتملة». ولطالما اتهمت إسرائيل دمشق، بتهريب السلاح إلى حزب الله، من غير الكشف عن نوعه، أو تحديد المواقع التي تُهرّب منها الأسلحة، أو مساراتها.

وفي سياق متصل، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عن المحلل الإسرائيلي المتخصص في الشؤون الأمنية رونين بيرغمان قوله، إن حزب الله بدأ، في نقل أنظمة صواريخ بعيدة المدى إلى لبنان من قواعد تخزينها في الأراضي السورية، بما في ذلك صواريخ «سكود - دي» التي يمكنها إصابة عمق إسرائيل، قائلا إن معظم الصواريخ البعيدة المدى من طراز «أرض - أرض» التي قدمتها إيران وسوريا إلى حليفهما، «فُككت ونقلت إلى لبنان».

ويستبعد الخبير العسكري اللبناني وهبي قاطيشا، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، نقل أسلحة متطورة، قائلا «إذا صحّت هذه المعلومات فإن ذلك يهدف لتعزيز وضع الدفاع لحزب الله»، معتبرا «أنّ هذا الأمر يدل على أنّ (الرئيس السوري بشار) الأسد يدرك أنّ نهايته باتت قريبة». ويعرب قاطيشا عن اعتقاده أن تكون هذه الصواريخ «قديمة ومحدودة الفاعلية مخصصة للتصدي للطائرات بعلو منخفض، وإلا كانت استهدفتها إسرائيل على غرار ما حصل بترسانة الصواريخ في اللاذقية في شهري يونيو (حزيران) ونوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين».

ويستبعد قاطيشا صحة المعلومات التي أشار إليها المسؤولون الأميركيون لجهة أن نقل الصواريخ يهدف إلى دفع حزب الله إلى الالتزام بحماية الرئيس السوري بشار الأسد وخطوط الإمدادات التي يستخدمها الجانبان، قائلا «لدى الأسد ما يكفي من وحدات خاصة لحمايته ولا يعتمد في هذا الأمر على حزب الله».

ويرى محللون أميركيون أن هذه الخطوات توضح كيف أن كلا من حزب الله وإسرائيل يستخدم الحرب الدائرة في سوريا، لما ينظر إليه على نحو متزايد على أنه سباق معقد للإعداد لنزاع آخر محتمل بينهما على نحو يمكن أن يغير التوازن العسكري في المنطقة.

ونقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤول أميركي قوله إن الحزب يمتلك داخل سوريا «ما يقارب 12 منظومة صواريخ بعيدة المدى مضادة للسفن»، وإنه «تمكن من نقل بعض مكوناتها إلى لبنان خلال العام الفائت، لكنه لم يستطع حتى الآن استكمال تهريب باقي المكونات».

ولم توضح المعلومات كيفية نقل الصواريخ، في حين يقول معارضون سوريون في الجبهة الجنوبية، إن منطقة القلمون، التي تعد «الخزان العسكري» للجيش النظامي السوري، والمتاخمة للحدود اللبنانية، «يجري منها تهريب السلاح إلى لبنان». ويقول مصدر معارض لـ«الشرق الأوسط» إن السوريين في تلك المناطق «شاهدوا خلال حرب يوليو (تموز) التي شنتها إسرائيل على لبنان في عام 2006، شاحنات تنقل معدات ثقيلة لحزب الله سلكت طريق القلمون باتجاه ريف القصير بريف حمص، ودخلت الأراضي اللبنانية عبر قرية القصر اللبنانية الحدودية مع سوريا».

وكانت تقارير غريبة أشارت إلى أن المناطق الشرقية من لبنان، الممتدة إلى الزبداني «هي الأكثر ترجيحا كممر للصواريخ»، حيث تقع المنطقة المقابلة لبلدة سرغايا في ريف الزبداني على السفح الشرقي لسلسلة جبال لبنان الشرقية، ويحظى حزب الله بتأييد أهالي معظم القرى المحيطة بالمنطقة.

وكان مصدر أمني إسرائيل اتهم الأسد، في أواخر أكتوبر الماضي، بمواصلة نقل الأسلحة إلى حزب الله في لبنان، بهدف تقوية الطرفين والتكاتف لمواجهة المعارضة السورية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.