«المالية» العراقية تعلن تطبيق التعريفة الجمركية من البصرة وسط قلق المستوردين

خبراء اقتصاد: القانون سيلحق الضرر بالمواطن البسيط وقد يستغل كدعاية انتخابية

ميناء البصرة
ميناء البصرة
TT

«المالية» العراقية تعلن تطبيق التعريفة الجمركية من البصرة وسط قلق المستوردين

ميناء البصرة
ميناء البصرة

أعلنت وزارة المالية العراقية عن البدء بتطبيق قانون التعريفة الجمركية في جميع منافذها الحدودية بما فيها إقليم كردستان، مع توقعات بارتفاع أسعار عدد كبير من المواد المستوردة.

وفي الوقت الذي أكدت فيه وزارة المالية، أن قائمة المواد التي يشملها القانون لن تؤثر كثيرا على المواطن العراقي، كشف خبراء اقتصاد عن أن التعريفة الجمركية الجديدة ستلحق ضررا بالمواطن البسيط دون التجار مع فقدان الاقتصاد العراقي لأبسط مقومات النجاح، الأمر الذي قد تستغله حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي كدعاية انتخابية في حال إلغاء تطبيق القانون لاحقا. وقال وزير المالية العراقي بالوكالة، صفاء الدين الصافي، في مؤتمر صحافي عقد في ميناء أم قصر، شمال البصرة، إن: «الحكومة العراقية باشرت اليوم (أمس) بتطبيق قانون التعريفة الجمركية في جميع المنافذ الحدودية العراقية، بما فيها التي تقع ضمن حدود إقليم كردستان، وإذا خالفت إدارة أي منفذ، تنفيذ القانون، فسوف تواجه عقوبات قانونية». وأضاف أن «القانون طبق بعد تلقي الحكومة مناشدات من قبل مزارعين وصناعيين لحماية المنتج الوطني، وذلك بعد أن شرع القانون في عام 2010 ولم يطبق لأسباب عدة». وأشار إلى أن «وزارة المالية ستتابع وتقيم آثار القانون السلبية بعد مرور ثلاثة أشهر على تطبيقه»، مبينا أن «الزيادة على السلع المستوردة طفيفة تتراوح بين 5 و20 في المائة باستثناء المواد المحرمة التي تصل إلى 80 في المائة».

من جهتهم، حذر خبراء اقتصاد من انهيار السوق العراقية بسبب تطبيق القانون، وذلك لعدم توفير مناخ جيد في الاقتصاد العراقي الذي يعتمد بالأساس على دخل أحادي من خلال بيع النفط وتدهور واضح في القطاعين الزراعي والصناعي والاعتماد على دول الجوار في سد حاجة المواطن من المواد الاستهلاكية اليومية. وقال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد فيصل لـ«الشرق الأوسط» إن: «هذا القانون الذي أقر ولم يطبق سيؤثر كثيرا على السوق العراقية، ولن تستفيد منه خزانة الدولة ولن ترفد الموازنة الاتحادية سوى بأقل من واحد في المائة».

وأضاف أن «اقتصاد العراق يعتمد بالأساس على عنصر واحد وهو عائدات النفط بميزانية تقدر بـ150 مليار دولار أميركي، وعائدات القانون لا تساوي أكثر من واحد إلى ملياري دولار وهذا الرقم لا يضيف الشيء الكبير للدولة، وإنما يضر بالمواطن البسيط». وتابع أن «تطبيق القانون قد تكون غايته أهدافا انتخابية يراد منها الحصول على مكاسب سياسية لا أكثر».

إلى ذلك، قال الخبير الاقتصادي الدكتور فلاح حسن، إن «السوق العراقية تفقد لمقومات تنفيذ هكذا قانون، فالعراق اليوم بلا زراعة وبلا صناعة وقد ينهار السوق بأي لحظة».

وأضاف أن «القانون الذي أقر في عام 2010 لم ير النور من حيث التطبيق وذلك بسبب عدم القدرة على تنفيذه في بلد لا يوجد فيه إنتاج محلي، وتجاره لا يهمهم المواطن، فضلا عن انتشار الفساد، وارتفاع الأسعار الذي أثر على القدرة الشرائية للمواطن»، مستدركا «لكن وزير المالية حين قال سيراجع خلال ثلاث أشهر أي تماما مع قرب الانتخابات البرلمانية المقبلة وهذا قد يفعل فكرة أن الهدف من التطبيق دعاية انتخابية إذا ما جرى إلغاؤه في وقت لاحق كما نتوقع».

وكان مجلس النواب العراقي السابق، أقر قانون التعريفة الجمركية عام 2010، وكانت أبرز مبررات إصداره وضع تعريفة تتماشى مع إصلاح الاقتصاد العراقي والتعديلات الكثيرة التي طرأت على القانون.



مصر موقنة بـ«حتمية» عودة الملاحة لطبيعتها في قناة السويس

سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
TT

مصر موقنة بـ«حتمية» عودة الملاحة لطبيعتها في قناة السويس

سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)

توقن مصر بـ«حتمية» عودة حركة الملاحة في قناة السويس إلى طبيعتها، بصفتها «الخيار الأول» لشركات الشحن العالمية، في حال استقرار الأوضاع في المنطقة.

وأقر رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، في كلمته خلال الاحتفال بذكرى «اليوم البحري العالمي»، مساء السبت، تحت شعار «الملاحة في بحار المستقبل: السلامة أولاً»، بأن «الأوضاع الراهنة والتحديات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة البحر الأحمر تُلقي بظلالها على معدلات الملاحة بقناة السويس».

وأشار إلى «انخفاض أعداد السفن المارة بالقناة من 25887 سفينة خلال العام المالي 2022 - 2023 إلى 20148 سفينة خلال العام المالي 2023 - 2024».

ولفت ربيع إلى «تراجع إيرادات القناة من 9.4 مليار دولار خلال العام المالي 2022 - 2023 إلى 7.2 مليار دولار خلال 2023 - 2024». مضيفاً أن «إحصائيات الملاحة بالقناة منذ بداية العام الحالي حتى الآن سجلت انخفاضاً في أعداد السفن المارة بالقناة بنسبة 49 في المائة، وانخفاض الإيرادات المحققة بنسبة قدرها 60 في المائة، مقارنةً بالمعدلات المحققة خلال ذات الفترة من العام الماضي»، مرجعاً السبب إلى «اتخاذ عديد من السفن طرقاً بديلة في ظل التحديات الأمنية في المنطقة».

وأشار رئيس هيئة قناة السويس إلى «تأثير التداعيات السلبية للأوضاع الراهنة في المنطقة على استدامة واستقرار سلاسل الإمداد العالمية، وما ترتب عليها من تحديات ملاحية واقتصادية تمثلت في تجنب الإبحار في المنطقة، واتخاذ طرق ملاحية بديلة بعيداً عن قناة السويس».

وقال ربيع: «أدى ذلك إلى ارتفاع تكاليف الشحن وزيادة رسوم التأمين البحري، إضافةً إلى تحديات أمنية وبيئية ومخاوف من حدوث تسرب للنفط وللمواد الكيميائية وتهديد الحياة البحرية».

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غيَّرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة».

وسبق أن أشارت مصر مراراً إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد الماضي، إن «بلاده فقدت ما بين 50 في المائة إلى 60 في المائة، من دخل قناة السويس، بما قيمته أكثر من 6 مليارات دولار خلال الأشهر الثمانية الماضية».

ولمواجهة التحديات أوضح ربيع، في كلمته، أن «قناة السويس عكفت على فتح خطوط اتصال مباشرة مع الأطراف المعنية كافة، عبر عقد لقاءات موسعة مع كل المؤسسات البحرية الدولية والخطوط الملاحية، والتشاور مع العملاء حول تداعيات الأزمة الراهنة»، مشيراً إلى أن تلك اللقاءات «شهدت طرح الرؤى المحتملة لمواجهة التحديات المختلفة المرتبطة بالأزمة في محاولة لتقليل تأثيرها على حركة التجارة العالمية».

وقال ربيع: «خلصت نتائج المباحثات المشتركة مع العملاء إلى عدم وجود بديل مستدام للقناة على المدى المتوسط أو البعيد»، لافتاً في هذا الصدد إلى ما أكده أكبر الخطوط الملاحية بأن «قناة السويس ستظل الخيار الأول، وأن عودتهم حتمية للعبور عبر القناة فور استقرار الأوضاع في المنطقة».

وشهدت الفترة الماضية اتصالات مصرية مكثفة مع شركات الشحن أو قادة المجتمع الدولي لوضع حد لتوترات البحر الأحمر، كما أعلنت هيئة قناة السويس حوافز تسويقية وتخفيضات لتنشيط حركة الملاحة وتجاوز تداعيات تراجع الإيرادات.

وقال ربيع إن «قناة السويس بذلت جهوداً نحو تنويع مصادر الدخل، وتلبية متطلبات المرحلة الراهنة عبر تقديم حزمة متنوعة من الخدمات الملاحية الجديدة التي لم تكن متاحة من قبل؛ مثل خدمات التزود بالوقود في مدخلي القناة الشمالي والجنوبي، وخدمات مكافحة التلوث وإزالة المخلفات الصلبة والسائلة من السفن، فضلاً عن خدمات الإنقاذ البحري وصيانة وإصلاح السفن في الترسانات التابعة للهيئة وغيرها».

وتعد قناة السويس أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وسبق وتوقع «البنك الدولي»، في أبريل (نيسان) الماضي، أن «يتسبب استمرار الأزمة في خسائر بنحو 3.5 مليار دولار في العائدات الدولارية لمصر، أي ما يعادل 10 في المائة من صافي الاحتياطيات الدولية في البلاد».

ورغم اتفاقه على «حتمية» عودة الملاحة في قناة السويس لطبيعتها فور استقرار الأوضاع، أشار الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة، إلى أن «الأمر لن يكون بهذه السهولة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لو توقفت الحرب اليوم، فإن عودة الملاحة لطبيعتها في السويس قد تستغرق فترة تصل إلى عامين».

وأوضح بدرة أن «الأمر مرتبط بتقييم شركات الشحن الكبرى للمخاطر وهو أمر لا يحدث بين يوم وليلة»، مشيراً إلى أن «تداعيات حرب غزة الاقتصادية على قناة السويس كانت متوقَّعة حتى قبل بدء هجمات (الحوثي)، لا سيما مع عدم الاستقرار السياسي في المنطقة».

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن أي جهود تُبذل لمواجهة التداعيات سواء من قبيل تخفيضات الرسوم أو تقديم خدمات جديدة في قناة السويس «لن تستطيع الحد من الخسائر»، وذلك لأن «النشاط الرئيسي للقناة هو عبور سفن الشحن، أما باقي الأنشطة فيدخل في نطاق ما يستجد من أعمال»، محذراً من «استمرار نزيف الخسائر لا سيما مع اتساع نطاق الحرب في المنطقة، وعدم وجود أفق واضح لحل الصراع حتى الآن».