العرب والأوروبيون... تفاهمات استغرقت 75 عاماً قبل القمة الأولى

إبداء الرغبة الثنائية في الحوار بدأ في السبعينات

شرم الشيخ تستعد لاستقبال القمة، وفي الصورة اعلام الدول المشاركة ترفرف خارج مطارها الدولي
شرم الشيخ تستعد لاستقبال القمة، وفي الصورة اعلام الدول المشاركة ترفرف خارج مطارها الدولي
TT

العرب والأوروبيون... تفاهمات استغرقت 75 عاماً قبل القمة الأولى

شرم الشيخ تستعد لاستقبال القمة، وفي الصورة اعلام الدول المشاركة ترفرف خارج مطارها الدولي
شرم الشيخ تستعد لاستقبال القمة، وفي الصورة اعلام الدول المشاركة ترفرف خارج مطارها الدولي

في الطريق إلى القمة العربية - الأوروبية الأولى، المقرر انطلاقها الأحد المقبل في مدينة شرم الشيخ المصرية، قطع الجانبان مسيرة طويلة من المناقشات والتفاهمات عبر صيغ مختلفة، بدأت بإبداء الرغبة في الحوار الثنائي، الذي ظهر في سياق قمة الجزائر عام 1973، فضلاً عن آلية «الحوار العربي - الأوروبي» التي تطورت عبر سنوات، إلى أن وصلت إلى القمة الأولى بين الطرفين.
وظهرت البذور الأولى للتقارب، بعد إبداء «المجموعة الأوروبية» المعبرة عن مجموعة دول غرب القارة، تفهماً للموقف العربي في إطار الصراع مع إسرائيل، وبدا ذلك الموقف جديداً مقارنة بالمعسكر الشرقي القريب من المواقف العربية، وانعكس ذلك على القمة العربية السادسة في الجزائر عام 1973، التي قال بيانها الختامي إن الدول العربية تتطلع بمزيد من «الاهتمام والعناية لبوادر التفهم لموقفنا، التي بدأت تظهر في دول أوروبا الغربية، كما نعلن استعدادنا المخلص للتعاون في الجهود المبذولة في نطاق الأمم المتحدة، لإرساء السلام العادل في المنطقة».
وزاد البيان الختامي مذكراً بأواصر العلاقات: «إن أوروبا الغربية تتصل بالشعوب العربية عبر البحر الأبيض المتوسط، بصلات حضارية متينة ومصالح حيوية متداخلة، لا يمكن أن تنمو إلا في إطار تعاون تسوده الثقة والمصالح المتبادلة، وهي لهذا جديرة باتخاذ موقف واضح منصف إزاء قضيتنا العادلة، تثبيتاً لاستقلال إرادتها، وأداء دورها كاملاً في الشؤون الدولية (...) إن العرب حريصون على صداقة جميع الشعوب، وهم يريدون تبادل المنافع معها دون تمييز، على أساس ضمان حقوقهم المشروعة وصيانة مصالحهم الحيوية».
وفي عام 1975 افتتح الحوار العربي الأوروبي على المستوى الفني في القاهرة، وتناول بالدرجة الأولى قضية فلسطين والاعتراف بحقوق شعبها، فضلاً عن «التعاون الاقتصادي والتقني والثقافي» بين الجانبين.
وتوالت اجتماعات الخبراء بين الجانبين، في روما 1975، وأبوظبي في العام نفسه، ثم لوكسمبورغ عام 1976، وبروكسل 1977، ودمشق 1978. غير أن الموقف من منظمة التحرير الفلسطينية ظل محوراً لتعثر تعزيز نتائج المفاوضات بين الجانبين، وكذلك أسهم توقيع الرئيس المصري الراحل أنور السادات على اتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1979، في توقف تطور اللقاءات بين الطرفين، وإن تطورت بمستويات مختلفة علاقة الدول العربية بشكل فردي مع دول أوروبية أخرى.
ويرى مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية، الدكتور جمال عبد الجواد، أن العلاقات الجماعية بين الطرفين العربي والأوروبي ليست بمستوى العلاقات الثنائية نفسها لدول الجانبين.
وقال عبد الجواد لـ«الشرق الأوسط» إن من بين التحديات التي تواجه القمة الأولى، أن «أجندة المصالح العربية إزاء القضايا محل الاهتمام بين الطرفين، ليست محل توافق، إذ لكل دولة مصالحها فيما يخص شأن الهجرة التي تعني بعض أطراف دون أخرى، وكذلك ملف الاستثمار، فضلاً عن المساعدات».
ولفت عبد الجواد إلى أن العالم العربي متنوع الاهتمامات، الأمر الذي ينبغي معه أن تكون الأجندة العربية المعروضة على القمة مركزة وواضحة.
لكن عبد الجواد، ومع الإشارة إلى اعتقاده في «رغبة أوروبا الاستماع للرؤية العربية»، يشير إلى أن «الشمول في أجندة العمل العربي ربما سيكون على حساب التركيز، مما يعيق إحداث نقلة نوعية مؤسسية، إذ تحتاج إلى مزيد من الوقت حتى تكون مثمرة».
وفيما بدا محاولة مبكرة لتنسيق المواقف المشتركة بين الجانبين، عقد وزراء خارجية كل من مصر، وفلسطين، والأردن، وقبرص، وفرنسا، وبلغاريا، والسويد، وآيرلندا، وسكرتير الدولة الإسباني للشؤون الخارجية، فضلاً عن الأمين العامة لجامعة الدول العربية، اجتماعاً مشتركاً، مؤخراً، في العاصمة الآيرلندية دبلن. وأوضح المستشار أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، أول من أمس، أن الاجتماع التشاوري «شمل عقد أربع جلسات تفاعلية للوزراء المُشاركين، لمناقشة سبل دفع عملية السلام في الشرق الأوسط، على أساس حل الدولتين، وإمكانات التحرك في هذا الإطار خلال الفترة المقبلة».
وأوضح حافظ أن «وزير الخارجية استعرض خلال الاجتماع مواقف مصر الثابتة تجاه عملية السلام، والجهود المصرية المتواصلة لدعم الأشقاء الفلسطينيين، وحلحلة الجمود المستمر في المفاوضات»، مُؤكداً أنه «لا سبيل لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط إلا عبر التوصل لسلام دائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين، واستعادة كافة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، على أساس حل الدولتين، ووفقاً للمرجعيات الدولية والأممية ذات الصلة». ولفت إلى أن وزير الخارجية المصري «شدد على الحاجة إلى التعامل مع الأوضاع الاقتصادية والإنسانية الصعبة بالأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك عبر تحمل الجانب الإسرائيلي مسؤولياته ذات الصلة كقوة احتلال، بالإضافة إلى تعزيز المُساعدات الاقتصادية والتنموية الدولية الموجهة للأراضي الفلسطينية». ونوه بشكل خاص إلى «دعم مصادر تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بهدف تمكينها من الاضطلاع بمهامها، بما يُسهم في رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني الشقيق».
بدوره قال السفير محمود عفيفي، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، إن الاجتماع «شهد حديثاً صريحاً حول خطورة استمرار الموقف الحالي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعدم قابليته للاستمرار»، مشيراً إلى أن «المجتمعين خلصوا إلى ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته حيال الوضع المتدهور في الأراضي الفلسطينية، وكذلك إزاء ما يتعرض له حل الدولتين من تشكيك ومحاولات للالتفاف عليه».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.