جهود مستمرة لإجلاء مدنيين من {جيب داعش»

بلدة الباغوز
بلدة الباغوز
TT

جهود مستمرة لإجلاء مدنيين من {جيب داعش»

بلدة الباغوز
بلدة الباغوز

لا يزال عدد كبير من المدنيين محاصراً حتى أمس الخميس في البقعة الأخيرة تحت سيطرة «داعش» في شرق سوريا، في حين تسعى «قوات سوريا الديمقراطية» لإجلائهم تمهيداً لحسم معركتها ضد المتطرفين وإعلان انتهاء السيطرة على مناطق أثارت الرعب طيلة سنوات، وذلك بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية من قرب الباغوز.
وخرج الأربعاء مئات الأشخاص من البقعة المحاصرة في بلدة الباغوز، بمواكبة «قوات سوريا الديمقراطية» التي أفادت بأن «مجموعات كبيرة» من المدنيين لا تزال محاصرة مع مقاتلي التنظيم، في مساحة تقدّر بنصف كيلومتر مربع قرب الحدود العراقية.
وشوهد أكثر من 50 شاحنة لدى خروجها من البلدة خالية. وقال مصدر ميداني من «قوات سوريا الديمقراطية»: «كان يفترض أن تقلّ تلك الشاحنات دفعة جديدة من المدنيين، إلا إنها عادت أدراجها فارغة حتى قبل أن تدخل البلدة. ولا نعرف الأسباب».
وينصب اهتمام «قوات سوريا الديمقراطية» حالياً على عمليات إجلاء المدنيين. ويسيطر التنظيم على عدد من المنازل والأراضي الزراعية في الباغوز حيث يتحصن مقاتلوه في أنفاق وأقبية.
وخرج مئات الأشخاص من رجال ونساء وأطفال الأربعاء من الباغوز. وشاهدت مراسلة وكالة الصحافة الفرنسية أول من الأربعاء على متن الشاحنات رجالاً يخفي بعضهم وجوهه بكوفيات، ويحتفظ أحدهم بعكاز، بالإضافة إلى نساء يرتدين النقاب وأطفال من مختلف الأعمار؛ بينهم فتيات صغار محجبات.
وأوضح شون رايان، المتحدث باسم التحالف الدولي الذي يدعم هجوم «قوات سوريا الديمقراطية» أمس أن «قوات التحالف، بما في ذلك الولايات المتحدة، تواصل دعم (قوات سوريا الديمقراطية) بينما تتفاوض لإطلاق سراح مدنيين أبرياء وعودة مقاتليها» من الأسرى لدى التنظيم.
لكن «قوات سوريا الديمقراطية» نفت من جهتها وجود أي مفاوضات مباشرة أو عبر وسطاء مع التنظيم. وقال المتحدث باسم حملة «قوات سوريا الديمقراطية» في دير الزور إن التنظيم بات محاصرا «في جيب صغير، وليست لديه القوة الكبيرة حتى يتصدى لهجمات (قوات سوريا الديمقراطية)»، مجدداً الإشارة إلى أن «وجود المدنيين هو ما يعرقل عملية التقدم».
ودفعت العمليات العسكرية نحو 40 ألف شخص إلى النزوح تدريجياً من البلدات والقرى التي كانت تحت سيطرة التنظيم في ريف دير الزور الشرقي، غالبيتهم من عائلات المتطرفين من جنسيات عدة، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، وبينهم نحو 4 آلاف مقاتل تم توقيفهم إثر خروجهم.
وتنقل «قوات سوريا الديمقراطية» الخارجين من جيب التنظيم إلى نقطة فرز قرب الباغوز، يتم فيها جمع معلومات شخصية والتدقيق في هويات الواصلين، قبل أن يُنقل المشتبه بانتمائهم للتنظيم إلى مراكز تحقيق، بينما تقل شاحنات النساء والأطفال من عائلاتهم إلى مخيمات في شمال شرقي البلاد.
وتؤوي 3 مخيمات مخصصة للنازحين في شمال شرقي سوريا؛ أبرزها مخيم «الهول»، أكثر من 2500 طفل أجنبي من 30 بلداً؛ 1100 منهم وصلوا منذ يناير (كانون الثاني) الماضي من جيب التنظيم الأخير، وفق ما أعلنت «منظمة إنقاذ الطفل (سايف ذي تشيلدرن)» في تقرير أمس.
وقالت المنظمة إن 38 طفلاً منهم ليس معهم أحد من أفراد عائلاتهم. وطالبت المجتمع الدولي باتخاذ «الإجراءات الضرورية لضمان أمنهم»، مؤكدة أن الأطفال «معرضون لخطر الموت».
ولا تزيد أعمار بعض الأطفال في المخيمات على أيام أو أسابيع، بحسب المنظمة.
وقالت مديرة «مكتب استجابة سوريا في المنظمة» سونيا كوش: «يجب على جميع الدول التي لديها مواطنون عالقون في سوريا تحمّل مسؤولية مواطنيها».
ويشكل ملف المتطرفين الأجانب وعائلاتهم عبئاً على الإدارة الذاتية الكردية التي تطالب بلدانهم باستعادتهم ومحاكمة عناصر التنظيم على أراضيها.
ورغم الدعوات من الأكراد والولايات المتحدة، فإن غالبية الدول الغربية، لا سيما الأوروبية منها، تتردد في استعادة مواطنيها من سوريا.
وطلب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الدول الأوروبية مؤخراً استعادة 800 متطرف معتقلين في سوريا، لكن واشنطن رفضت أول من أمس عودة شابة أميركية من سوريا.
ورغم أن التنظيم يوشك على خسارة آخر جيوبه في شرق سوريا، فإنه لا يزال ينتشر في البادية السورية، وتنفذ «خلايا نائمة» تابعة له هجمات دامية في المناطق التي تم طرده منها.


مقالات ذات صلة

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من المعارضة السورية المسلحة في حمص يحتفل بدخول العاصمة دمشق (إ.ب.أ)

الأردن ومخاوف من خلط أوراق المنطقة والخشية من فوضى سوريا

يبدي أمنيون أردنيون مخاوفهم من عودة الفوضى لمناطق سورية بعد الخروج المفاجئ للأسد إلى موسكو، وان احتمالات الفوضى ربما تكون واردة جراء التنازع المحتمل على السلطة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».