شكوك «بريكست» تهدد التصنيف الائتماني لبريطانيا

قالت وكالة «فيتش ريتنغز» للتصنيفات الائتمانية إنها قد تخفض تصنيفها ديون المملكة المتحدة السيادية بسبب تنامي الشكوك التي تحيط بالمفاوضات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بشأن الانفصال المزمع الشهر المقبل، والعواقب السلبية على النمو الاقتصادي للمملكة المتحدة في حال الانفصال من دون اتفاق.
وأضافت الوكالة في بيان مساء أمس: «تعتقد (فيتش) أن خروجاً لبريطانيا من دون اتفاق سيؤدي إلى عرقلة كبيرة للآفاق الاقتصادية والتجارية للمملكة المتحدة، على الأقل في الأجل القصير». وتصنيف «فيتش» الحالي لديون المملكة المتحدة هو ‭AA‬.
وقالت «فيتش» إنها قرّرت وضع تصنيف بريطانيا تحت المراقبة «السلبية» بانتظار النتيجة النهائية للمفاوضات الجارية بين لندن و«بروكسل» حول «بريكست». ويعني وضع التصنيف تحت المراقبة «السلبية» أن خفض علامة الديون السيادية البريطانية قد يحدث خلال الأشهر المقبلة.
وقالت «فيتش» إنها ستتّخذ قرارها خلال النصف الأول من العام ما إن تنجلي معالم الطلاق الذي سيحدث في نهاية مارس (آذار) المقبل بين لندن وبروكسل. وحذّرت الوكالة من أنّ وقوع الطلاق من دون اتفاق من شأنه أن يؤدّي إلى «اضطرابات كبيرة في الاقتصاد البريطاني وأن يقوّض آفاق (الاتفاقات المستقبلية) بشأن التجارة الحرّة، على الأقل في المدى القصير».
وجاء تحذير «فيتش» في الوقت الذي أكّدت فيه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إحراز «تقدّم» في مباحثاتها مع بروكسل، لكنّ اجتماعها برئيس المفوضية الأوروبية لم يتح إبعاد شبح خروج كارثي للمملكة المتحدة من الاتّحاد الأوروبي بعد 6 أسابيع.
لكن رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، قال، أمس، إنه «ليس متفائلاً للغاية» بشأن فرص مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي باتفاق، محذراً في الوقت نفسه من أن الفشل في التوصل إلى اتفاق على خروج منظم سيكون مكلفاً اقتصادياً، وأضاف: «إذا لم يحدث اتفاق، ولا يسعني استبعاد ذلك، فستكون لذلك عواقب اقتصادية واجتماعية رهيبة في بريطانيا وعلى القارة، لذلك، فإنني أوجه جهودي في طريق يمكن أن تجنبنا الأسوأ. لكني لست متفائلاً للغاية فيما يتعلق بهذه المسألة».
وأوضحت «فيتش» أنّ «انعكاسات حدوث (بريكست) بلا اتفاق على النمو الاقتصادي ضبابية للغاية، ولكن الانكماش الذي شهدته المملكة المتّحدة في مطلع التسعينات (عندما انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة اثنين في المائة خلال 6 أرباع متتالية) يمكن أن يكون أساساً معقولاً للمقارنة من أجل قياس الصدمة المحتملة على الاقتصاد الكلي للبلاد، إذا ما وقع الطلاق المقرّر في 29 مارس 2019 بين لندن وبروكسل من دون اتفاق».
ودعا وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، أمس، دول الاتحاد الأوروبي إلى عدم الإضرار بالتعاون مع بلاده في حال خروجها من التكتل من دون اتفاق، وقال: «الآن حانت ساعة القيادة المخضرمة بعيدة النظر». وأضاف أن بلاده عازمة على مواصلة تقديم إسهام من أجل التعاون الدولي القائم على قواعد، كما أنها عازمة على الاستمرار جزءاً من «تحالف أوسع».
وفي حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، تسقط الفترة الانتقالية المتفق عليها بين الجانبين وتسقط النقاط الأساسية المتعلقة باستمرار الشراكة الوثيقة بين الجانبين في مجال التجارة والأمن. ويتخوف قطاع الاقتصاد من أن تؤدي هذه الحالة إلى اضطرابات خطيرة، منها إقامة حواجز جمركية على الحدود بين الجانبين اللذين يسعيان بالفعل إلى تجنب هذا الأمر.
وفي غضون ذلك، سجلت المملكة المتحدة أكبر فائض مالي عام على الإطلاق خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، وهو الشهر الرئيسي للاقتراض الحكومي، حيث يقدّم كثير من دافعي الضرائب عوائدهم الذاتية، وفقاً لما ذكرته هيئة رقابة الميزانية.
وبلغ فائض الحكومة البريطانية 14.9 مليار جنيه إسترليني (19 مليار دولار) خلال يناير الماضي، أي أعلى من توقعات السوق البالغة 10 مليارات جنيه إسترليني، وهو المستوى الأعلى مقارنة مع أي شهر آخر منذ بدء التسجيلات في عام 1993. وهذا يعني أن الاقتراض في السنة المالية حتى الآن بلغ 21.2 مليار جنيه إسترليني، وهو أدنى مستوى خلال 17 سنة، و47 في المائة أقل مما كان عليه في الفترة ذاتها من العام السابق، وفقاً لموقع «أرقام» الاقتصادي. بينما توقعت هيئة الرقابة على الميزانية أن يصل الاقتراض للسنة الكاملة 2018 - 2019 إلى 25.5 مليار جنيه إسترليني.
لكن في الوقت ذاته أظهرت بينات رسمية أمس ارتفاع ديون بريطانيا بين يناير 2018 ويناير الماضي بنحو 40.5 مليار جنيه إسترليني (53 مليار دولار). وأكدت البيانات التي وردت في تقرير لمكتب الإحصاء الوطني أن إجمالي الديون العامة ارتفع إلى أكثر من 1.782 تريليون جنيه (2.331 تريليون دولار)، أو ما يعادل نسبة 82.6 في المائة من إجمالي الناتج القومي.
وأوضحت البيانات أنه رغم ارتفاع القيمة الكمية للديون، فإنه بمقارنتها بإجمالي الدخل السنوي للبلاد تكون انخفضت بنسبة 0.8 في المائة.