الاشتباكات العنصرية في ميسوري تعرض أوباما لعاصفة من الانتقادات

«واشنطن بوست»: العالم يحترق والرئيس يلعب الغولف

شرطيان أميركيان يعتقلان أحد المتظاهرين في أحداث العنف التي شهدتها مدينة فيرغسون (أ ف ب)
شرطيان أميركيان يعتقلان أحد المتظاهرين في أحداث العنف التي شهدتها مدينة فيرغسون (أ ف ب)
TT

الاشتباكات العنصرية في ميسوري تعرض أوباما لعاصفة من الانتقادات

شرطيان أميركيان يعتقلان أحد المتظاهرين في أحداث العنف التي شهدتها مدينة فيرغسون (أ ف ب)
شرطيان أميركيان يعتقلان أحد المتظاهرين في أحداث العنف التي شهدتها مدينة فيرغسون (أ ف ب)

بينما يواجه الرئيس باراك أوباما انتقادات لأنه يلعب الغولف في مصيف «مارثا فاينيارد» شبه الأرستقراطي في ولاية ماساتشوستس، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» نقدا تحت عنوان: «العالم يحترق والرئيس يلعب الغولف»، كما يواجه أوباما انتقادات أخرى بسبب الاشتباكات شبه العنصرية في ولاية ميسوري، بين سود وشرطة أغلبيتها بيضاء. غير أن أكثر نقد تلقاه أوباما جاء من قادة سود في واشنطن وفي ميسوري، وغيرهما من الولايات الأميركية.
وفي مظاهرة في فيرغسون (ولاية ميسوري)، حيث وقعت المواجهة الأولى، رفع سود لافتات تقول: «فيرغسون تحترق والأخ أوباما يلعب الغولف في مارثا فاينيارد». وزاد غضب السود، وغير السود، عندما انتشرت في المواقع الاجتماعية تغريدة كتبها ريك شولتز، مساعد المتحدث باسم البيت الأبيض، من «مارثا فاينيارد»، قال فيها «سننشر خبرا عن وقت طيب قضاه الجميع هنا»، وكان ذلك بمثابة إشارة إلى خبر اجتماع أوباما مع هيلاري كلينتون، وزيرة خارجيته السابقة، والتي يتوقع أن تترشح لرئاسة الجمهورية لتدخل البيت الأبيض مكان أوباما.
وكانت كلينتون شنت هجوما عنيفا، وأحيانا شخصيا، على أوباما الاثنين الماضي، في مقابلة مع مجلة «اتلانتيك». واستعملت كلمات مثل «غباء»، فيما فهم أنه عودة لتوترات ومواجهات شخصية بين أوباما في جانب، وكلينتون وزوجها، في الجانب الآخر.
وانتقدت تغريدة «وقت طيب قضاه الجميع»، بسبب تزامنها مع صور مظاهرات، واشتباكات، ومواجهات، وحرائق، وإطلاق الرصاص في ولاية ميسوري. وكانت شبكات تلفزيونية كبرى قطعت إرسالها، ونقلت هذه المناظر مباشرة.
وأمس، أصدر مارتن بارون، رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة «واشنطن بوست»، بيانا انتقد فيه شرطة ميسوري، على وجه الخصوص لأنها اعتقلت ويلسلي لاوري، مراسل الصحيفة الذي كان يغطي الاشتباكات. وجاء في البيان أن الشرطة حبست المراسل «بصورة غير قانونية، بعد أن أساءت معاملته، ولكمته، وقيدته... نحن سعداء لأن لاوري خرج من المعتقل، ولم يصب بأذى. لكننا نطالب بالتحقيق في هذه المعاملة لصحافي كان يؤدي واجبه».
وفي ولاية ميسوري، وبعد صمت أربعة أيام، تحدث في التلفزيون جاي نيكسون، حاكم الولاية، قائلا إنه سيغير برنامجه ليزور مدينة فيرغسون. ووصف ما حدث هناك بأنه «شيء يدعو لقلق كبير». وأضاف: «لا يمثلنا ما حدث، نحن كميسوريين، وكأميركيين».
ويواجه الحاكم نيكسون انتقادات لأنه لم يظهر في لتلفزيون منذ أن بدأت الاشتباكات، رغم أنه أصدر بيانات، قال في واحد منها إنه طلب من الحكومة الفيدرالية التحقيق في قتل مايكل براون، الشاب الأسود غير المسلح الذي تسبب قتله في المظاهرات والاشتباكات.
ورغم أنه ديمقراطي، فقد اتهمه متظاهرون سود بأنه «وايت تراش» (قاذورات بيضاء، إشارة إلى عبارة يستعملها سود في شتم البيض).
غير أن الاشتباكات الأخيرة ليست إلا حلقة جديدة في سلسلة اشتباكات ومشاكل عنصرية في ميسوري، تعود إلى سنوات الحرب الأهلية، قبل مائة وخمسين سنة تقريبا، وذلك عندما كانت ميسوري من ولايات الجنوب التي حاربت الحكومة الفيدرالية للمحافظة على تجارة الرقيق. وحتى بعد مظاهرات الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، قبل خمسين سنة تقريبا، استمرت ممارسات عنصرية كثيرة في الولاية، خاصة في مدينتي سنت لويس وكانساس سيتي، حيث توجد تجمعات كبيرة للسود في قلب المدينة، مثل الحال في واشنطن العاصمة.
ولم يدخل طلاب سود جامعة ميسوري إلا بعد قرار من المحكمة العليا. وكانت التفرقة في مدارس ميسوري من دوافع صدور قرار المحكمة العليا عام 1954. المعروف باسم «براون ضد مجلس التعليم»، والذي سمح، لأول مرة، بدمج البيض والسود في كل مدارس الولايات المتحدة.
وفي ولاية ميسوري، أصدر «إن إيه إي سي بي» (الاتحاد الوطني لتطور الزنوج)، أمس، بيانا أعاد فيه إلى الأذهان ماضي الولاية، وفي نفس الوقت، رفع دعوى قضائية ضد شرطة المدينة والمقاطعة والولاية. ومنذ إطلاق النار على براون الأسود، ترك بعض البيض في المدينة منازلهم، وسافروا إلى أماكن أخرى. وتعد فيرغسون مدينة صغيرة، وهي من ضواحي مدينة سانت لويس. وأغلبية السكان فيها من الأفارقة السود الذين يحفل تاريخهم بشكوك تجاه الشرطة التي ليس فيها إلا عدد قليل جدا من السود. وكان مكتب المدعي العام في الولاية خلص، في تقريره السنوي في العام الماضي، إلى أن شرطة فيرغسون اعتقلت سودا بنسبة ضعف عدد البيض خلال إيقافهم لمخالفات مرورية.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.