معارك ضد «داعش» في سوريا والعراق

عشائر الأنبار تقاتلهم.. و«الحر» يشن هجوما عليهم في حلب وإدلب

مسلحون من أبناء عشائر الأنبار يبحثون عن جيوب «داعش» في مدينة الفلوجة بعد أن خاضوا ضدهم معارك شرسة أمس (رويترز)
مسلحون من أبناء عشائر الأنبار يبحثون عن جيوب «داعش» في مدينة الفلوجة بعد أن خاضوا ضدهم معارك شرسة أمس (رويترز)
TT

معارك ضد «داعش» في سوريا والعراق

مسلحون من أبناء عشائر الأنبار يبحثون عن جيوب «داعش» في مدينة الفلوجة بعد أن خاضوا ضدهم معارك شرسة أمس (رويترز)
مسلحون من أبناء عشائر الأنبار يبحثون عن جيوب «داعش» في مدينة الفلوجة بعد أن خاضوا ضدهم معارك شرسة أمس (رويترز)

كشف مجلس محافظة الأنبار عن أن الخلل الأمني الذي أدى إلى سيطرة مئات المسلحين من تنظيمات داعش والقاعدة على الكثير من مراكز الشرطة في مدينتي الفلوجة والرمادي، جاء بعد أن وجد المسلحون الفرصة باتت مواتية لهم لاقتحام مراكز الشرطة والمباني الحكومية تحت هذه الذريعة، مستفيدين من التراخي الذي أعقب هذه العملية. وقال عذال الفهداوي عضو مجلس محافظة الأنبار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يجري الآن في الأنبار هو قتال بين رجال العشائر وقوات الشرطة ضد تنظيم داعش والقاعدة بعد أن وجدوا ثغرة تمكنوا من التسلل من خلالها إلى المراكز الرسمية، لا سيما مراكز الشرطة». وأضاف أن «هناك تواطؤا حصل من قبل شيخ عشيرة البوجابر وقسم كبير من أفراد هذه العشيرة هم من مكن هؤلاء من الدخول بغفلة إلى مراكز الشرطة، فضلا عن بعض من كان بساحة الاعتصام استغل هذا الوضع، يضاف إلى ذلك بعض التصرفات الحكومية غير المدروسة، مثل قصة اعتقال الدكتور أحمد العلواني التي مثلت عامل استفزاز كبير لأهالي الأنبار».
وبشأن سير العمليات الجارية في عموم مدن الأنبار قال الفهداوي إن «الوضع بشكل عام مسيطر عليه، حيث إن العشائر ورجال الشرطة تسلموا زمام المبادرة وبدأوا مطاردة العناصر المسلحة من (داعش) و(القاعدة) وجرى تحرير أكثر من 80 في المائة من مناطق الأنبار»، مشيرا إلى أن «هناك جيوبا في بعض المناطق، لا سيما في منطقة البوفهد ومنطقة المعلب وشارع 60 وحي العربي لا تزال تجري معالجتها من قبل قوات الشرطة والعشائر». وأشاد الفهداوي بـ«الدور الكبير الذي بذله في هذه الأزمة قائد شرطة الأنبار اللواء هادي إرزيج حيث إنه نزل إلى الشارع بنفسه وتبعه رجاله وهو من يخوض المعارك بشراسة». وردا على سؤال بشأن الكيفية التي من المتوقع أن تتعامل بها الحكومة العراقية مع وقفة أبناء العشائر معها ثانية في دحر المجاميع المسلحة قال الفهداوي إن «المطلوب من الحكومة تحقيق المطالب التي خرج بها أبناء الأنبار وكل أبناء المناطق الغربية، وأن تفصل بين أصحاب المطالب الحقيقية وبين من هم خارجون عن القانون الذين يقاتلهم أبناء الأنبار». كما دعا الفهداوي الحكومة إلى أن «تصلح أخطاءها حيال أبناء هذه المناطق وأن تتصرف بحكمة وترد الاعتبار إليهم، وفي مقدمة ما هو مطلوب اليوم هو إطلاق سراح الدكتور أحمد العلواني لأن عملية اعتقاله استفزت أهالي الأنبار»، نافيا في الوقت نفسه «اشتراك الجيش في القتال حتى الآن».
من جانبهم دعا خطباء الجمعة في الرمادي والفلوجة أثناء صلاة الجمعة التي أقيمت في الرمادي، في جامع الدولة الكبير وفي الفلوجة في ساحة عامة، إلى عدم الانجرار وراء الفتنة الطائفية. وقال إمام وخطيب جمعة الرمادي عدنان المشعل إن «على جميع المواطنين في محافظة الأنبار وباقي محافظات العراق عدم الانجرار وراء الفتنة الطائفية». وأضاف المشعل: «لقد أصبح اليوم واجبا على الجميع مقاتلة الإرهابيين وعدم السماح لهم بالعبث في المحافظة، كما من واجبنا أيضا الحفاظ على المال العام». وكانت الأجهزة الأمنية واللجان الشعبية قامت بحماية المصلين خلال أداء الصلاة في الرمادي.
من جهتها منعت القوات الأمنية في بغداد موكب رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي من الوصول إلى جامع أبي حنيفة في الأعظمية لأداء الصلاة برفقة عدد من نواب كتلته «متحدون» في أول صلاة جمعة بعد رفع خيم الاعتصام. وقال صلاح العسكري، أحد وجهاء قضاء الأعظمية الذي كان موجودا في الجامع أمس، لـ«الشرق الأوسط»، إن «رئيس البرلمان أسامة النجيفي ومعه عدد من النواب من بينهم أحمد المساري وحميد الزوبعي وعمر الهيجل اضطروا إلى القدوم مشيا إلى جامع أبي حنيفة من منطقة (الدلال) و(قاسم أبو الكص) بعد أن فرضت القوات الأمنية طوقا حول الجامع»، مشيرا إلى أن «الحجة التي قدمتها الأجهزة الأمنية هي منع دخول أي سيارة إلى الجامع حتى لو كانت سيارة رئيس البرلمان نفسه.. الأمر الذي اضطر النجيفي ومرافقيه إلى قطع مسافة طويلة لأداء الصلاة. وأوضح العسكري أن «إمام وخطيب جامع أبي حنيفة دعا إلى الوحدة والتكاتف لتفويت الفرصة على أعداء البلاد، ناصحا المالكي بضرورة إعادة التجنيد الإلزامي في حال أريد بناء جيش وطني حقيقي، وذلك بالتزامن مع اقتراب ذكرى تأسيس الجيش العراقي في السادس من يناير (كانون الثاني) الحالي».



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.