محمد بن سلمان: سنعمل والهند معاً لمجابهة التحديات وبناء مستقبل جيد وأكثر أماناً

التقى الرئيس الهندي... ويُجري مباحثات موسعة مع رئيس الوزراء ناريندرا مودي

الرئيس الهندي رام نات كوفيند لدى استقباله الأمير محمد بن سلمان قبل حفل العشاء الذي اقامه على شرفه في القصر الرئاسي أمس ( واس)
الرئيس الهندي رام نات كوفيند لدى استقباله الأمير محمد بن سلمان قبل حفل العشاء الذي اقامه على شرفه في القصر الرئاسي أمس ( واس)
TT

محمد بن سلمان: سنعمل والهند معاً لمجابهة التحديات وبناء مستقبل جيد وأكثر أماناً

الرئيس الهندي رام نات كوفيند لدى استقباله الأمير محمد بن سلمان قبل حفل العشاء الذي اقامه على شرفه في القصر الرئاسي أمس ( واس)
الرئيس الهندي رام نات كوفيند لدى استقباله الأمير محمد بن سلمان قبل حفل العشاء الذي اقامه على شرفه في القصر الرئاسي أمس ( واس)

رفع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد السعودي، سقف العلاقات الثنائية والتعاون بين بلاده والهند، في كل المجالات السياسية والاستخباراتية والاقتصادية، مؤكداً جاهزية الرياض ونيودلهي للعمل معاً في المجالات كافة، «لتوافق جهود جميع دولنا وجميع الدول المحيطة بنا، وجميع الدول المحيطة بالهند للتقارب ولعب دور أفضل لبناء مستقبل جيد ومميز وأكثر أماناً للمساهمة في نهوض دولنا».
وأضاف ولي العهد السعودي، مخاطباً مضيفه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، حيث عقد الجانبان في قصر حيدر آباد بالعاصمة نيودلهي أمس، جلسة مباحثات رسمية: «اليوم نحن نبني على علاقة قديمة جداً ساهمت في بناء المملكة العربية السعودية في الخمسين سنة الماضية من خلال الأيادي العاملة الهندية والشركات الهندية والعقول الهندية».
وأكد أن «الفرص بين بلدينا اليوم كبيرة جداً، وهناك كثير من المصالح التي تتقاطع، وأيضاً كثير من التحديات التي نجابهها معاً، المصالح تقع في نقاط كثيرة جداً سواءً في الطاقة أو في الزراعة أو في مجال التقنية أو في المجال الثقافي أو في المجال الاجتماعي، ونريد أن نتأكد كحكومتي المملكة العربية السعودية والهند بأن نضع كل الاستراتيجيات والخطط اللازمة لتحقيق هذه المصالح».
وقال ولي العهد: «المملكة العربية السعودية ليست دولة فقط تبيع النفط، نحن نبيع النفط، ونستثمر في الدولة التي نبيع لها النفط في صناعة البتروكيماويات وصناعات متعددة في هذا الجانب، وقد اتفقنا لتعميق هذا الجانب أيضاً في التخزين، ونقاط أخرى تجعل من الهند مركزاً إقليمياً مهماً جداً في توزيع النفط والمواد الناتجة منه. أيضاً في العامين الماضيين تم استثمار 10 مليارات دولار في مجال التقنية والشركات الصغيرة في الهند وحققنا عوائد رائعة جداً في السنتين الماضيتين، تحفزنا لاستثمار المزيد في الأعوام المقبلة».
وأضاف الأمير محمد بن سلمان: «نتوقع اليوم أن الفرصة التي نستحدثها في الهند في مجالات متعددة تفوق المائة مليار دولار في السنتين القادمتين، نريد أن نعمل كحكومتين لكي نضمن تحقيق هذه الاستثمارات وتحقيق عوائد نافعة لكلا البلدين. أيضاً نتمنى أن العلاقة بين المملكة العربية السعودية والهند، تسهم في توفير فرص لمزيد من العمالة والأيادي العاملة الهندية للمساهمة أيضاً في مستقبل المملكة العربية السعودية والمساهمة في بناء (رؤية 2030)، كما أن كلا البلدين يجابه تحديات متشابهة أولها التطرف والإرهاب وأمن المحيط الهندي».
وأردف قائلاً: «نؤكد للهند أننا جاهزون للعمل سواء في المجال الاستخباراتي أو السياسي لتوافق جهود جميع دولنا وجميع الدول المحيطة بنا، وجميع الدول المحيطة بالهند للتقارب ولعب دور أفضل لبناء مستقبل جيد ومستقبل مميز وأكثر أماناً للمساهمة في نهوض دولنا».
وأوضح أن رئيس وزراء الهند «ذكر أن هذه أول زيارة لي للهند، وهي في الواقع أول زيارة كرئيس للوفد لكن سبق لي أن زرت الهند في زيارات عديدة سواء كجزء من وفود حكومية أو زيارات خاصة، وذكرنا اليوم الصباح أن الهند علاقاتها مع الجزيرة العربية التي تمثل المملكة العربية السعودية المساحة الأكبر منها تمتد إلى آلاف السنين حتى قبل أن يُكتب التاريخ، وهذه العلاقة متجذرة في عقولنا وفي دمائنا».
وأوضح أن رئيس الوزراء الهندي زار السعودية عام 2016 «ونتج عن ذلك في عام 2017 و2018 كثير من النجاحات التي حققت أهمها الاستثمار في مجال التكرير والبتروكيماويات بحجم 44 مليار دولار».
وقدم شكره لرئيس وزراء الهند «على الحفاوة والعمل الرائع وعلى الدور الإيجابي الذي لو لم يكن موجوداً أستطيع أن أجزم بأننا لن نستطيع أن نحقق أي شيء في التعاون السعودي الهندي، وأشكر أيضاً الهند شعباً وحكومةً على الجهد الرائع والحفاوة الرائعة، متمنياً أن يكون المستقبل إن شاء الله مزدهراً وقوياً جداً بين البلدين».
واستعرض الاجتماع الموسّع بين ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء الهندي، العلاقات المتميزة وآفاق التعاون الثنائي بين البلدين وبحث فرص تطويرها، بالإضافة إلى بحث تطورات الأحداث الإقليمية والدولية، والجهود المبذولة تجاهها.
وتوَّج لقاء الجانبين، بحضور ولي العهد السعودي ورئيس وزراء الهند، التوقيع على 5 اتفاقيات ومذكرات تفاهم ثنائية، شملت: برنامج عمل إطاري للتعاون بين الهيئة العامة للاستثمار بالمملكة واستثمار الهند، ومذكرة تفاهم في مجال الإسكان بين البلدين، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال السياحة بين الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ووزارة السياحة الهندية، ومذكرة تفاهم في مجال الاستثمار في الصندوق الوطني للاستثمار والبنية التحتية الهندي بين حكومتي البلدين، ومذكرة تفاهم بين البلدين للتعاون في مجال البث بين هيئة الإذاعة والتلفزيون بالسعودية و«براسار بهاراتي نيودلهي» الهند، بينما تم الإعلان عن انضمام المملكة للتحالف الدولي للطاقة الشمسية.
من جهته رحب رئيس الوزراء الهندي بزيارة الأمير محمد بن سلمان لبلاده، منوهاً بالعلاقات التي تربط الهند بالمملكة العربية السعودية ووصفها بـ«الوثيقة والقديمة التي تتميز بالود والمحبة».
وقال: «إن المملكة تمثل أهم شريك للهند وهي جار لنا وتؤمِّن الطاقة للهند، وقمنا بتعزيز علاقاتنا، حيث قامت بيننا شراكة استراتيجية»، مؤكداً أن المباحثات بين البلدين مثمرة، ومرحباً بالاستثمار في بلاده.
وأضاف: «نحن متفقون على أن نمارس الضغوط على الدول التي تدعم الإرهاب، ويجب تقويض البنية التحتية له، وتجب معاقبة الإرهابيين والمؤيدين له»، مؤكداً أن «القضاء على دعم الإرهاب، ومعاقبة الإرهابيين والمؤيدين له ضروري جداً ويجب علينا وضع استراتيجية في تحدي الإرهاب».
وقال مودي: «إن الهند والمملكة تحملان رؤية مشتركة وأن منطقة الشرق الأوسط ودول الخليج تعمل على استقرار وتأمين الأمن في هاتين المنطقتين، ولدينا مصالح مشتركة واتفقنا على إيجاد التعاون بيننا، واتفقنا أيضاً على تعميق التعاون بين البلدين في مجالات الأمن البحري والسيبراني».
وأعرب عن شكره لولي العهد على قبوله الدعوة، فيما شرف الأمير محمد بن سلمان ولي العهد مأدبة الغداء التي أقامها رئيس وزراء الهند تكريماً له، ثم سجل كلمة في سجل الزيارات في قصر حيدر آباد.
وكان الرئيس الهندي رام نات كوفيند، قد استقبل، أمس، بالقصر الرئاسي، في نيودلهي ضيف بلاده الكبير الأمير محمد بن سلمان، بحضور رئيس الوزراء ناريندرا مودي، فيما رافق موكب ولي العهد إلى القصر الرئاسي كوكبة من الخيّالة، بينما كانت المدفعية الهندية تطلق 21 طلقة ترحيباً بمقدمه، وأُجريت لضيف الهند مراسم استقبال رسمية، حيث عُزف السلامان الوطنيان للسعودية والهند، كما تفقد ولي العهد السعودي حرس الشرف، وصافح كبار مستقبليه من الوزراء وكبار المسؤولين في الحكومة الهندية، فيما صافح الرئيس الهندي ورئيس الوزراء الهندي الوفد الرسمي الرفيع المرافق لولي العهد.
وقد أدلى الأمير محمد بن سلمان، بتصريح صحافي بحضور الرئيس الهندي ورئيس الوزراء، أكد فيه أن العلاقات بين شبه الجزيرة العربية التي تمثل السعودية 80% من مساحتها، تعود إلى أكثر من 2000 سنة، منوهاً بمشاركة الشعبين في نهضة البلدين، وأوضح أن زيارته للهند تأتي لبحث تطوير التعاون بين البلدين وإدخالها مرحلة جديدة، مؤكداً عمق العلاقات الثنائية التي تربط بين البلدين.
وفي وقت لاحق من مساء أمس، أقام الرئيس الهندي رام نات كوفيند، في القصر الرئاسي بنيودلهي، حفل عشاء للأمير محمد بن سلمان، بحضور رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، سبقه اجتماع عقده ولي العهد ورئيس جمهورية الهند، نقل خلاله الأمير محمد بن سلمان، تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، للرئيس الهندي. كما تناول اللقاء استعراض العلاقات التاريخية السعودية - الهندية.
وفي حفل العشاء، ألقى الرئيس الهندي كلمة رحب فيها بولي العهد السعودي والوفد المرافق، مستذكراً الزيارات التاريخية التي قام بها الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله، في عام 2006، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لنيودلهي في عام 2014، وزيارة رئيس وزراء الهند السعودية عام 2016، «التي أسفرت عن توسيع شراكتنا الاستراتيجية».
وأوضح الرئيس الهندي أن البلدين تربطهما روابط تاريخية غنية تعتمد على الروابط الحضارية المشتركة، تدل على التبادلات الاقتصادية المتنامية باستمرار، «وبناءً على أواصر الروابط القوية منذ زمن قديم، عاش شعبنا من الخلفيات المتنوعة بأمن وسلام، وخبرات ثقافاتنا المشتركة والتعاون الاقتصادي والمطلب المشترك للعالم الأمن المستدام، تجعلنا شركاء طبيعيين»، معبراً عن تقديره لمساعي ولي العهد من أجل جلب التغيير الاجتماعي والتقدم.
وبيّن الرئيس الهندي أن بلاده تقدر السعودية بالغ التقدير كشريك موثوق به لأمن طاقتها، «مرحباً بمشاركة المملكة في احتياطاتنا النفطية الاستراتيجية»، معرباً عن سعادته «بمشاركة (أرامكو) في أكبر مصفاة نفط مرتقبة على مستوى العالم»، مقدماً شكره على الانضمام إلى التحالف الدولي للطاقة الشمسية، وقال: «نحن ننظر إلى السعودية كعامل استقرار في المنطقة وما وراءها، ونقدر سياستكم الحكيمة لتنويع الاقتصاد، ونرحب ببرنامجكم رؤية 2030»، مؤكداً رغبة الهند أن تكون شريكاً قوياً وموثوقاً به لنمو المملكة وتقدمها.
وأكد الرئيس الهندي أن الإرهاب هو «أخطر تهديد للبشرية اليوم»، وقال: «يجب على الهند والسعودية، والمجتمع الدولي، أن يتحدوا لهزيمة هذه القوى الشريرة وتدميرها ومكافحة التطرف»، وأضاف: «لا مكان للمسؤولين عن مثل هذه الأفعال في مجتمعنا الذي يحب السلام، ويلزم العمل معها بكل حزم وحسم»، وقال: «إن الروابط بين شعبي بلدينا الصديقين تعود إلى عدة آلاف من السنين، ولقد احتضنت المملكة العربية السعودية بسخاء عدداً كبيراً من المغتربين الهنود وشجّعتهم على الازدهار والنمو».
وألقى الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، كلمة أكد فيها أن «العلاقة القديمة والتاريخية بالنسبة إلينا مهمة جداً، لكن اليوم نشهد حاضراً مميزاً للغاية وفيه فرص كثيرة جداً لدولتينا، واليوم أيضاً نحتفل ونحضر إنجازاً حُقق في عامين وهو إنجاز كبير جداً في عدة مجالات من الاقتصاد إلى الأمن إلى السياسة وغيرها من المجالات».
وأضاف: «في هذه الزيارة بتأسيس المجلس التنسيقي الرفيع المستوى الاستراتيجي بين السعودية والهند، سوف تشهد الاستراتيجية القادمة تسارعاً أكبر بكثير مما حدث في السنتين الماضيتين، وتتقاطع المصالح بين السعودية والهند... هنالك مصالح كثيرة جداً وأيضاً المخاطر التي تجابهنا متشابهة وكثيرة سواء في الإرهاب أو غيره من المخاطر، وهذا يؤكد أن علينا أن نعمل جميعاً لتحقيق جميع المصالح المجابهة لجميع التحديات»، وقال: «أود أن أشكر دولتكم مرة أخرى على الحفاوة الحارة التي لقيناها في الهند، ونستطيع أن نقول إن لديكم بلداً رائعاً وشعباً رائعاً وقطاعاً خاصاً مميزاً للغاية وحكومة رائعة، شكراً».
إلى ذلك، التقى الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، أمس، في مقر إقامته في نيودلهي وزيرة خارجية الهند سوشما سوراج، وبحث اللقاء استعراض العلاقات الثنائية المتميزة، وفرص تطويرها في شتى المجالات، إلى جانب بحث الأوضاع في المنطقة. حضر اللقاء عادل الجبير وزير الدولة للشؤون الخارجية، والمهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، والدكتور سعود الساطي سفير السعودية لدى الهند.
كما عقد ولي العهد السعودي لاحقاً جملة لقاءات مع عدد من الرؤساء التنفيذيين ومديري كبرى الشركات الهندية التي استثمر فيها صندوق «رؤية سوفت بنك»، تناولت البحث في المجالات الاستثمارية المشتركة في إطار صندوق «رؤية سوفت بنك»، والاستفادة منها في «روية المملكة 2030» والتنويع الاقتصادي وتشجيع ثقافة الابتكار في المملكة، بالإضافة إلى لقاء جمعه مع رئيس مجلس إدارة شركة «ريلاينس موكيش امباني»، استعرضا فيه الفرص الاستثمارية الواعدة في المجموعة بجميع فروعها، في التقنية والاتصالات وغيرها، بالإضافة إلى استعراض مجالات الاستثمار في الهند في البترول والغاز.



السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)