أوباما يعلن «فك حصار» جبل سنجار

مصادر كردية تتحدث عن بناء مطار عسكري في أربيل بعد التسليح المباشر للبيشمركة

نازحون إيزيديون هربوا إلى مخيم النيروز شمال شرقي سوريا رغم ظروف الحرب في هذا البلد (أ.ف.ب)
نازحون إيزيديون هربوا إلى مخيم النيروز شمال شرقي سوريا رغم ظروف الحرب في هذا البلد (أ.ف.ب)
TT

أوباما يعلن «فك حصار» جبل سنجار

نازحون إيزيديون هربوا إلى مخيم النيروز شمال شرقي سوريا رغم ظروف الحرب في هذا البلد (أ.ف.ب)
نازحون إيزيديون هربوا إلى مخيم النيروز شمال شرقي سوريا رغم ظروف الحرب في هذا البلد (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة البيشمركة في حكومة إقليم كردستان أمس أن الولايات المتحدة تنوي بناء مطار عسكري في إقليم كردستان، في تطور يلفت إلى نية واشنطن دعم حكومة إقليم كردستان العراق وتكثيف الجهود العسكرية لمواجهة مسلحي «الدولة الإسلامية في العراق والشام».
وأكد العميد هلكورد حكمت المتحدث الرسمي لوزارة البيشمركة في إقليم كردستان أن قوات البيشمركة حاليا تعطي الأولية لإنقاذ المحاصرين في جبل سنجار وإبعاد خطر داعش عن الإقليم واستعادة المناطق التي سيطر عليها داعش مؤخرا، مبينا أنه من المبكر الحديث عن مشاركة البيشمركة في عملية عسكرية مشتركة لطرد داعش من الموصل ومناطق العراق الأخرى.
وقال العميد حكمت لـ«الشرق الأوسط» إن «المستشارين الأميركيين الـ130 الذين وصلوا أربيل خلال الأيام القليلة الماضية توجهوا إلى سلسلة جبال سنجار للمساعدة في إجلاء النازحين المحاصرين في الجبل، وأعدوا في الوقت ذاته دراسة مفصلة عن المنطقة». وأضاف: «هؤلاء المستشارون سيقدمون لقوات البيشمركة المشورة والتخطيط العسكري في حربها ضد داعش، ولن يشاركوا في أي عملية عسكرية إلا عن طريق التخطيط وتقديم الاستشارة العسكرية، وبعد أن أنهوا دراستهم لجبل سنجار، قرر بناء مطار عسكري في أربيل بالتعاون بين حكومة إقليم كردستان والحكومة العراقية والولايات المتحدة». ومن المقرر أن يكون المطار العسكري تابعا للعراق ولا يعد قاعدة عسكرية أميركية. وامتنعت وزارة الدفاع الأميركية عن الرد على استفسارات «الشرق الأوسط» حول تفاصيل كيفية إقامة المطار.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم البيشمركة، أن «من أهم أولويات حكومة الإقليم وقوات البيشمركة حاليا إنقاذ المحاصرين في سلسلة جبال سنجار وإبعاد خطر داعش عن الإقليم استعادة كافة المناطق الكردستانية الأخرى التي سيطر عليها داعش في الأسبوعين الماضيين، أما بخصوص الموصل والمناطق الأخرى من العراق، فمن المبكر الحديث عن هذه الخطوة، وسيكون هذا الموضوع محل نقاش بين حكومة الإقليم والحكومة العراقية والجانب الدولي، والوصول إلى صيغة معينة حول الموضوع وكيفية مشاركتنا فيه».
وحول آلية إيصال الأسلحة إلى إقليم كردستان، قال حكمت: «الولايات المتحدة سلمت شحنة الأسلحة بشكل مباشر إلى إقليم كردستان وتم استلامها من قبل وزير البيشمركة وكانت أكثرها أسلحة خفيفة، وننتظر وصول شحنة الأسلحة الثقيلة الأميركية في أقرب وقت»، مبينا أن «بريطانيا عبرت عن استعدادها لمساعدة الإقليم عسكريا لكنها لم ترسل أي أسلحة إلى الإقليم حاليا، وهناك خمس دول أوروبية أخرى عبرت عن استعدادها مساعدة الإقليم عسكريا». ونفى حكمت وجود أي قوات خاصة بريطانية في الأراضي تحت سيطرة إقليم كردستان مبينا أن «الدول التي تزود البيشمركة بالسلاح ستتولى تدريب قوات البيشمركة على هذه الأسلحة».
وتواصلت المعارك بين قوات البيشمركة ومسلحي داعش أمس، حيث وجهت طائرات أميركية ضربات جوية لمواقع داعش في منطقة خازر شرق الموصل. وقال مصدر في قوات البيشمركة طلب من «الشرق الأوسط» عدم الكشف عن اسمه: «هاجمت قواتنا اليوم (أمس) مسلحي داعش في منطقة خازر شرق الموصل، وبعد معارك عنيفة استطعنا أن نهزم داعش وعبرنا نهر الخازر واستعدنا السيطرة على قرى قسروك وحسارك التابعة لقضاء بعشيقة»، وبين أن داعش خلف عددا من القتلى جراء المعركة ودمرت آلياته الموجودة في المنطقة بالكامل ولاذ مسلحوه بالفرار إلى داخل الموصل.
أما في جلولاء التابعة لمحافظة ديالى فبدأ المعارك بين قوات البيشمركة ومسلحي داعش، بعد أن قصفت الطائرات الأميركية مواقع التنظيم داخل ناحية جلولاء، وذكر مصدر أمني في خانقين القريبة من جلولاء أن المواجهات استؤنفت عصر أمس بعد أن شهدت الجبهات أول من أمس هدوءا نسبيا بين البيشمركة وداعش، وأضاف المصدر أن داعش فجر خلال الأيام الماضية بعد أن فرض سيطرته على جلولاء قسما كبيرا من الدوائر الحكومية فيه، مبينا أن قوات البيشمركة بدأت عصر أمس بهجوم لاستعادة الناحية ذات الغالبية الكردية.
ومن جهته، أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس أن الغارات الجوية الأميركية تمكنت من كسر الحصار المفروض على جبل سنجار شمال العراق حيث لجأ مدنيون وأنه سيتم سحب القوات التي تقوم بمهمات استطلاعية هناك. إلا أنه أضاف أن الغارات الجوية الأميركية ضد مقاتلي تنظيم «داعش» ستتواصل إذا ما هددوا الموظفين الأميركيين والمنشآت الأميركية في المنطقة بما في ذلك في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان.
وصرح للصحافيين في مارتاس فينيارد في ماساشوستس حيث يقضي إجازته الصيفية أن «الخلاصة هي أن الوضع في الجبل تحسن بشكل كبير، ويجب أن يفخر الأميركيون بشدة بجهودهم لأنه بمهارة وحرفية جيشنا، وسخاء شعبنا تمكنا من كسر حصار تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام على جبل سنجار». وأضاف: «لقد ساعدنا على إنقاذ حياة الكثير من الأبرياء. وبفضل هذه الجهود، لا نتوقع القيام بعملية إضافية لإجلاء الناس من الجبل، ومن غير المرجح أن نحتاج إلى مواصلة عمليات إسقاط المساعدات الإنسانية من الجو على الجبل».
إلا أنه أكد أن الولايات المتحدة ستواصل شن عمليات عسكرية وزيادة المساعدات العسكرية للحكومة العراقية والقوات الكردية التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية. وأضاف: «سنواصل شن الغارات الجوية لحماية شعبنا ومرافقنا في العراق»، مشيرا إلى الخطر الذي يمكن أن تواجهه القنصلية الأميركية في أربيل كسبب للتدخل العسكري الأميركي الحالي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.