مظاهرات شرق الجزائر بسبب منع لقاء مرشح رئاسي معارض

محتجون أزالوا صور بوتفليقة من واجهة مقر بلدية خنشلة

TT

مظاهرات شرق الجزائر بسبب منع لقاء مرشح رئاسي معارض

تظاهر المئات من سكان مدينة خنشلة، الواقعة شرق الجزائر؛ احتجاجاً على رئيس بلديتهم الذي قام بمنع الناشط السياسي والمرشح الرئاسي المعارض رشيد نكاز من تنظيم تجمع ولقاء أنصاره، وقاموا بإزالة صور الرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة من واجهة مقر بلدية خنشلة، في سابقة من نوعها ومشهد غير مألوف. وقال مراسلو صحف محلية بخنشلة لـ«الشرق الأوسط»: إن رئيس البلدية كمال حشوف جنّد أعوان البلدية صباح أمس لمنع نكاز من لقاء أنصاره بالساحة العامة. ونقل عنه قوله: «لن أسمح لأحد من المترشحين دخول بلديتي... ولن أسمح أن يعارض أحد فخامة الرئيس»، معلناً دعمه الكامل للرئيس بوتفليقة. لكن هذا الموقف المنحاز فجّر غضباً عارماً وسط المدينة، بعد أن صمم قطاع من سكانها على لقاء نكاز بمكان محدد، وهو ما حدث فعلاً، حيث التف حوله المئات وهم يهتفون بحياته، وينادون إلى التصويت عليه يوم الاقتراع المقرر في 18 من أبريل (نيسان) المقبل.
وبينما كان نكاز يخاطب أنصاره، توجه العشرات منهم إلى مقر البلدية، ونظموا احتجاجاً في تحدٍ واضح وعلني لرئيس البلدية. وقاموا في مشهد غير مألوف منذ وصول بوتفليقة إلى الحكم عام 1999، بإزالة صور عملاقة للرئيس، علقها رئيس البلدية بواجهتها تعبيراً عن مساندته الكبيرة له. وقد فر حشوف من الباب الخلفي للبلدية؛ خشية تعرضه لمكروه بعد أن لاحظ أن التوتر بلغ درجة عالية.
وكان سكان مدينة خراطة (300 كلم شرق)، قد نظموا مظاهرة السبت الماضي، تعبيراً عن رفضهم ترشح الرئيس لولاية خامسة، ونددوا بـ«أشخاص يحيطون بالرئيس، رشحوه من دون علمه».
يشار إلى أن نكاز رجل أعمال ولد بفرنسا وعاش فيها، وقد اشتهر بدفع الغرامات بدلاً عن المنقبات اللواتي تابعتهن السلطات الفرنسية. وترشح للرئاسة في 2014، لكنه أقصي بسبب «ضياع أوراق إمضاءات المواطنين»، بينما كان في طريقه لإيداع ملفه بـ«المجلس الدستوري». واستغرب مراقبون هذه الحادثة يومها، وقال هو إنها «مدبرة» بغرض إبعاده من المنافسة.
في سياق متصل، أعلن احميد عياشي، مسؤول الإعلام بمديرية حملة مرشح الرئاسية اللواء المتقاعد علي غديري، لـ«الشرق الأوسط»، رفض هذا الأخير المشاركة في اجتماع للمعارضة اليوم، سيخصص للاتفاق على مرشح واحد يمثلها في اقتراع 18 أبريل.
وذكر عياشي، أن غديري «قرر مقاطعة الاجتماع الذي يرعاه الشيخ عبد الله جاب الله»، رئيس الحزب الإسلامي «جبهة العدالة والتنمية». موضحاً أن غديري «سيشرح الأسباب في فيديو سنبثه غداً (اليوم الأربعاء)، وسيتضمن أيضاً مواقفنا ورأينا في الأحداث... في السلطة والجيش».
ويرجح بأن غديري سيرد على رئيس أركان الجيش الفريق قايد صالح، الذي هاجمه مرات عدة، والذي أظهر ولاءً شديداً للرئيس المترشح. علماً بأن غديري سبق أن أعطى موافقة مبدئية للمشاركة في اجتماع المعارضة، لكن تراجعه عن موقفه يعكس رفضه التنازل للمرشح المعارض عبد الرزاق مقري، رئيس «حركة مجتمع السلم» الإسلامي. فغديري، في نظر المعارضين، «وافد» عليهم وحديث عهد بالسياسة (غادر الجيش في 2015)، ومن المستحسن، حسبهم، أن يفسح المجال لمقري، الذي سيقدم اليوم في مؤتمر صحافي بالعاصمة المحاور الأساسية لبرنامجه، حسبما أعلن عنه هو بنفسه.
من جهته، ذكر أحمد بن بيتور، رئيس الوزراء ومرشح رئاسية 2014، في اتصال هاتفي أنه تلقى دعوة من جاب الله لحضور الاجتماع، وعدّ نفسه «غير معني به».
وكان بن بيتور قد أعلن الجمعة الماضية، أنه لن يترشح للاستحقاق الرئاسي على أساس أنه «يزيد من تعقيد الوضع واتساع دائرة المخاطر المحدقة بمستقبل الوطن والأمة، وانزلاقها في مسار لا تحمد عقباه».
وعرض جاب الله، أول من أمس، على وزير الخارجية والمرشح الرئاسي سابقاً، أحمد طالب الإبراهيمي، المشروع وحصل منه على دعم سياسي ومعنوي، من دون تعهد بحضور الاجتماع. ويعد الإبراهيمي، الذي قاد الدبلوماسية الجزائرية في عهد الرئيس الشاذلي بن جديد (1979 - 1992)، من أشد خصوم بوتفليقة، حيث ترشح ضده عام 1999 وانسحب رفقة 5 مرشحين آخرين، عشية التصويت، بعد أن تأكد لديهم، حسبهم، أن بوتفليقة هو مرشح الجيش.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم