غريفيث يغادر صنعاء بعد انتزاع التزام حوثي بالانسحاب من الحديدة

لجنة الأسرى والمعتقلين تفحص الأدلة في انتظار دعوة أممية للاجتماع

غريفيث في إحدى زياراته الأخيرة إلى صنعاء (أ.ف.ب)
غريفيث في إحدى زياراته الأخيرة إلى صنعاء (أ.ف.ب)
TT

غريفيث يغادر صنعاء بعد انتزاع التزام حوثي بالانسحاب من الحديدة

غريفيث في إحدى زياراته الأخيرة إلى صنعاء (أ.ف.ب)
غريفيث في إحدى زياراته الأخيرة إلى صنعاء (أ.ف.ب)

غادر مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث صنعاء أمس بعد زيارة مفاجئة انتزع خلالها موافقة زعيم الجماعة الحوثية على الاتفاق الجزئي بشأن الانسحاب من الحديدة تنفيذاً لاتفاق السويد، وذلك قبل تقديم إحاطته لجلسة مجلس الأمن.
وكان مجلس الأمن الدولي قرر تأجيل الجلسة الخاصة باليمن أمس يوما واحدا، بناء على طلب من بعض الأعضاء، والتي من المقرر أن يدلي خلالها المبعوث الأممي إلى اليمن بإحاطة عن تطورات تنفيذ اتفاق السويد بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية. ويشمل اتفاق السويد 3 ملفات رئيسية؛ الأول بشأن الحديدة وإعادة الانتشار من المدينة والموانئ الثلاثة على مرحلتين وتطبيع الأوضاع، والثاني بشأن تبادل الأسرى والمعتقلين، والأخير بشأن تشكيل لجنة مشتركة لفك الحصار عن تعز.
وفي ما يمكن أن يعد تقدما جزئيا في شأن ملف الحديدة، أعلنت الأمم المتحدة أن اللجنة المشتركة لإعادة تنسيق الانتشار برئاسة كبير المراقبين الدوليين مايكل لوليسغارد توصلت إلى اتفاق جزئي بشأن المرحلة الأولى من إعادة الانتشار. وأورد الموقع الرسمي للأمم المتحدة أن أعضاء لجنة تنسيق إعادة الانتشار عقدوا اجتماعهم المشترك الرابع يومي 16 و17 فبراير (شباط) الحالي في مدينة الحديدة اليمنية، وأن الاجتماع أحرز تقدما مهما على مسار التخطيط لإعادة نشر القوات وفق ما ورد في اتفاق الحديدة. وأوضحت الأمم المتحدة أن ممثلي الحكومة اليمنية عبروا مرة أخرى الخطوط الأمامية لحضور الاجتماع، وهو أمر يستحق الإشادة؛ كما ذكر ذلك المتحدث باسم الأمم المتحدة في إشعار للصحافيين.
وبعد «مناقشات مطولة وبناءة عقدها رئيس اللجنة لوليسغارد» أفادت الأمم المتحدة بأن الطرفين، توصلا إلى اتفاق حول المرحلة الأولى من إعادة نشر القوات، كما اتفقا، من حيث المبدأ، على المرحلة الثانية مع انتظار إجراء مزيد من المشاورات مع قياداتهما. وتوقعت الأمم المتحدة في بيان لها أن تستأنف اللجنة المشتركة اجتماعاتها في غضون أسبوع بهدف إكمال الاتفاق على المرحلة الثانية. ويقضي اتفاق السويد الخاص بالحديدة بإعادة الانتشار المشترك للقوات من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى ومدينة الحديدة، إلى مواقع متفق عليها خارج المدينة والموانئ، ووقف إطلاق النار على الفور في هذه المدينة والموانئ.
في غضون ذلك، قال العميد صادق دويد، عضو الفريق الحكومي في اللجنة المشتركة لإعادة تنسيق الانتشار، إن الجانب الحكومي يرفض أي خطوات أحادية من قبل الميليشيات ويعدها غير ذات قيمة. وأوضح دويد في تغريدة على «تويتر» أن «الخطوات المتفق عليها لإعادة الانتشار من الحديدة سيرافقها نزع الألغام في المناطق المُنسحب منها ونزول المراقبين من جميع الأطراف للتحقق من الجدية، وأي خطوة أحادية لا قيمة لها».
وفي الوقت الذي أدت فيه العراقيل الحوثية في هذا الملف إلى تأجيل تنفيذ الاتفاق والانسحاب من الحديدة، لا يزال الاتفاق الخاص بتبادل الأسرى والمعتقلين يراوح في مراحله الأخيرة قبيل إقرار اللوائح النهائية بأسماء المشمولين بعملية التبادل. وأفاد عضو مجلس الشورى اليمني رئيس الجانب الحكومي في لجنة تبادل الأسرى والمعتقلين، هادي هيج، بأن اللجنة تنتظر دعوة مكتب مبعوث الأمم المتحدة لاستئناف الاجتماعات التي كانت توقفت في العاصمة الأردنية عمّان بغرض تدقيق الكشوف الأخيرة المقدمة من كل طرف. وقال هيج في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «نحن ننتظر تحديد الموعد من مكتب المبعوث الأممي لاستئناف الاجتماعات، كما أننا نعمل على استكمال تحديث الكشوف المقدمة ودراسة الأدلة وتفنيدها والرد عليها».
وتتهم الحكومة الشرعية الجماعة الحوثية بتعطيل إنجاز هذا الملف الإنساني المتفق عليه، لجهة العراقيل التي تضعها الجماعة في طريق التنفيذ ومحاولة عدم الاعتراف بالعشرات من الأسماء التي قدمها ممثلو الجانب الحكومي. ورغم أن الاتفاق بين الحكومة الشرعية والجماعة الحوثية كان على إطلاق أكثر من 15 ألف معتقل وأسير ومخطوف من الطرفين، فإن عميلة التدقيق والمراجعة والتمحيص، قد تكشف في النهاية عن عدد أقل بكثير ممن ستشملهم عملية الإفراج، حيث تقدر مصادر مطلعة على عمل اللجنة أن العملية النهائية قد تفضي إلى إطلاق نحو ألفي شخص من الطرفين.
ويسعى المبعوث الأممي إلى اليمن إلى إحراز تقدم في مهمته بعد نحو عام من توليه المنصب خلفا لإسماعيل ولد الشيخ، غير أن جهوده حتى الآن منصبة على ملفات بناء الثقة الثلاثة، التي يفترض أن يتبعها الدخول في مناقشات الحل النهائي حيث الملفات السياسية والأمنية والعسكرية.
وكان غريفيث وصل إلى صنعاء أول من أمس في زيارة مفاجئة هي الثانية خلال أسبوع من أجل انتزاع موافقة أكيدة من زعيم الجماعة الحوثية على ما تم التوصل إليه في لجنة تنسيق إعادة الانتشار قبل أن يدلي بإحاطته أمام مجلس الأمن الدولي. ويرجح سياسيون أن طهران منحت الضوء الأخضر للجماعة الحوثية للموافقة على إعادة الانتشار في الحديدة، خصوصاً بعد التصريحات التي أدلى بها وزير خارجية بريطانيا خلال مقابلة له مع «الشرق الأوسط» من أنه حصل على التزام من وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف بشأن الانسحاب الحوثي من الحديدة. وفي حين لم تعلق الجماعة الحوثية على هذه التصريحات، ذكرت وسائل إعلامها أن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي التقى غريفيث خلال هذه الزيارة وناقش ما توصلت إليه اللجنة المشتركة لإعادة تنسيق الانتشار.
وبشأن الشق الثالث من اتفاق السويد وتفاهماته بشأن مدينة تعز، فلا يزال هذا الملف على حاله دون إحراز أي تقدم عملي سواء على صعيد اجتماع اللجنة المشتركة أو على صعيد فك الحصار عن المدينة والتوقف عن قصف أحيائها السكنية بالقذائف الحوثية. وترفض الحكومة الشرعية الذهاب إلى أي جولة جديدة من المشاورات مع الجماعة الحوثية قبل تنفيذ جميع بنود اتفاق السويد الذي مضى على التوافق حوله أكثر من شهرين دون تنفيذ أي من بنوده باستثناء الهدنة الهشة في الحديدة التي دخلت حيز التنفيذ في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وتتهم الحكومة الشرعية الميليشيات الحوثية بارتكاب نحو 1500 خرق لوقف إطلاق النار في الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل وإصابة أكثر من 600 مدني، فضلا عن استمرارها في أعمال التحشيد وتعزيز التحصينات القتالية والاستمرار في حفر الخنادق والأنفاق. ويفترض أن تتركز مشاورات الجولة المقبلة في لجنة تنسيق الانتشار على عملية الانسحاب الكلي للقوات من المدينة والموانئ الثلاثة وحسم هوية القوات الأمنية والسلطة المحلية التي ستتولى تحت إشراف الأمم المتحدة إدارة المدينة والموانئ، وهو - بحسب المراقبين - الجزء الأصعب من الاتفاق.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.