هيئة النزاهة العراقية تحيل 11 وزيراً إلى القضاء

وعد بكشف ملف تهريب النفط

TT

هيئة النزاهة العراقية تحيل 11 وزيراً إلى القضاء

أعلن رئيس هيئة النزاهة في العراق القاضي عزت توفيق جعفر أنه تمت إحالة عدد من الوزراء ومنهم بدرجتهم إلى القضاء العام الماضي، فيما وعدت بفتح ملف تهريب النفط وعدد من القضايا الهامة مثل المنافذ الحدودية وعقارات الدولة.
واستعرض توفيق خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر الهيئة ببغداد أمس جهود الهيئة خلال عام 2018، والتي شملت إحالة عدد من الوزراء ومن بدرجتهم إلى القضاء خلال عام 2018 حيث بلغ عددهم 11 وزيراً ومن بدرجتهم (لم يكشف عن أسمائهم)، صدر بحقهم 22 قراراً بالإحالة و156 من ذوي الدرجات الخاصة والمديرين العامين ومن بدرجتهم، صدر بحقهم 224 قراراً بالإحالة. كما أعلن عن تنفيذ الهيئة 441 عمليَّة ضبطٍ»، مُشيرا إلى أنَّ «عدد المتهمين الذين تمَّ ضبطهم في تلك العمليَّات بلغ 464 متهماً». وأضاف أن «المبالغ التي تمَّ ضبطها في تلك العمليات بلغت 1.610.966.817 دينارا عراقيا، و133.400 ألف دولار أميركي».
كما كشفت الهيئة عن تمكُّنها من المحافظة على أكثر من تريليون ونصف التريليون دينار من الأموال العامة خلال العام الماضي. وأكَّدت أنَّ «مجموع الأموال العامة التي استرجعتها أو التي صدرت أحكام قضائية بردِّها والتي منعت وأوقفت هدرها والتي تمَّت إعادتها إلى حساب الخزينة العامة بلغ 1.669.085.047.718 دينارا عراقيا».
وبشأن أحكام الإدانة التي صدرت بحق الوزراء ومن بدرجتهم عام 2018، فإنها شملت أربعة وزراء صدرت بحقِّهم سبعة أحكام بالإدانة. بينما بلغت أحكام الإدانة بحق المديرين العامين والدرجات الخاصة 49 حكماً.
من جهته، أكد موسى فرج، رئيس هيئة النزاهة الأسبق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «العبرة هي ليست في عدد الإحالات إلى القضاء وإنما كم قضية صدرت فيها أحكام إدانة»، مبينا أن «هناك عملية تضليل إعلامي حين يشار إلى عدد الإحالات إلى القضاء وبأعداد كبيرة ومن ثم يجري تمييعها أو غلقها لعدم كفاية الأدلة وهي كثيرا ما تستخدم حين يراد إما تمييع قضية أو عدم الإحاطة بكل جوانبها لأن مجرد إحالة قضايا فساد ومهما كان عددها دون أن تكون الأدلة كافية فإن القضاء سيغلقها وبالتالي فإن القاضي هنا سيكون أمام أحد احتمالين، إما غير مقتنع بسبب نقصان الأدلة أو متواطئ من منطلق أن هذه القضية لم تستكمل جميع جوانبها، وهو ما يعني تبرئة فاسدين كبار تحت هذه الذريعة، أو حتى صدور أحكام بسيطة على قضايا قد تكون بسيطة، بينما هؤلاء أنفسهم يمكن أن يكونوا مدانين بقضايا كبيرة لكن أدلتها لم تستكمل».
وأشار فرج إلى أن «المطلوب من رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إذا أراد أن يكون لجهاز مكافحة الفساد دور مهم وليس مجرد حلقة زائدة هو استخدام صلاحياته وسلطاته الواسعة في إجبار النزاهة والقضاء على تقديم إنجاز نهائي حقيقي بخمس قضايا كبيرة، بحيث تستكمل كل الأدلة المحيطة بها وتصدر بشأنها أحكام نهائية وليس مجرد إحالة 13 ألف ملف نزاهة يمكن أن يجري تمييعها بسهولة».
وأوضح فرج إنه «يتوجب على رئيس الوزراء تحديد الأولويات في مجال محاربة الفساد وليس مجرد عمل كمي ولغة أرقام قد تحمل بين طياتها الكثير من عمليات التضليل».
في السياق نفسه، أكد سعيد ياسين موسى، الناشط في مجال مكافحة الفساد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تقرير هيئة النزاهة للعام الماضي يعد متقدما على ما تحقق خلال السنوات الماضية لجهة القضايا التي تم كشفها، غير أن المشكلة التي نواجهها هنا أن غالبية هؤلاء الذين صدرت بحقهم أحكام إدانة هم خارج البلاد مما يعني صعوبة استردادهم إلى العراق فضلا عن تقييم الأموال المنهوبة وهو ما نحتاج إلى جهد دولي في هذا المجال». وأضاف ياسين أن «هناك مشكلة في مسألة كشف الذمة المالية من بين المسؤولين سواء كانوا وزراء أو نوابا أو مجالس المحافظات وهو ما يؤشر لنا بوجود مؤشرات خطيرة لا بد من تداركها». وأوضح ياسين أن «العراق بحاجة إلى تشريع قانون بشأن حق الاطلاع على المعلومة من أجل ترسيخ مبدأ إشراك الإعلام في هذا المجال، فضلا عن مجموعة تشريعات أخرى ساندة لمسألة مكافحة الفساد».
إلى ذلك كشف وزير الكهرباء لؤي الخطيب أن «ما هُدر من أموال في العراق على الطاقة الكهربائية بسبب سوء الإدارة والفساد كان يمكن أن ننتج بها 70 ألف ميغاواط، وهو يعادل إنتاج إيران والسعودية».
وقال الخطيب في تصريح صحافي إن «مشكلة الكهرباء في العراق تتلخص في الإنتاج والتوزيع والنقل، وهناك تدخلات سياسية في عمل الوزارة والمحاصصة ولا بد من منعها». وأشار إلى أن «أكثر من 4 ملايين مستهلك عشوائي للطاقة الكهربائية مصنفون ضمن التجاوز على الشبكة»، كاشفاً عن «خطط عاجلة وسريعة لتوفير الطاقة الكهربائية للصيف المقبل وهي تشمل كل محافظة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.