الركود يتوسع في تركيا... وانهيار الليرة يخلف آثاراً عميقة غير مرئية

أنقرة تسعى إلى جذب «المستثمرين الملائكة» لمواجهة أزمتها الاقتصادية

تؤكد التقارير الأخيرة أن الانهيار الذي أصاب الليرة التركية خلال عام 2018 خلّف آثاراً أعمق مما هو شائع (أ.ب)
تؤكد التقارير الأخيرة أن الانهيار الذي أصاب الليرة التركية خلال عام 2018 خلّف آثاراً أعمق مما هو شائع (أ.ب)
TT

الركود يتوسع في تركيا... وانهيار الليرة يخلف آثاراً عميقة غير مرئية

تؤكد التقارير الأخيرة أن الانهيار الذي أصاب الليرة التركية خلال عام 2018 خلّف آثاراً أعمق مما هو شائع (أ.ب)
تؤكد التقارير الأخيرة أن الانهيار الذي أصاب الليرة التركية خلال عام 2018 خلّف آثاراً أعمق مما هو شائع (أ.ب)

يعقد في مدينة إسطنبول حالياً «المنتدى العالمي للمستثمرين الملائكة» بمشاركة أكثر من ألف مستثمر؛ بينهم رؤساء شركات من 80 دولة، في مسعى لإيجاد مصادر جديدة في ظل الأزمة التي يعانيها اقتصاد تركيا حالياً.
ويعرف «المستثمرون الملائكة» بأنهم أثرياء يقدمون رؤوس الأموال للشركات الناشئة غالباً، مقابل سندات قابلة للتحويل أو حصص في المشروع. وقال رئيس المنتدى بيبرس ألتنطاش، إن تركيا كانت تحتل المرتبة الـ32 بالقارة الأوروبية من حيث عدد الشركات الناشئة منذ 8 أعوام، وإنها ارتقت إلى سوق «المستثمرين الملائكة»، بما يتجاوز 500 مليون يورو.
وأضاف ألتنطاش أن سبب هذا التطور يعود إلى أن تركيا أقرت هذا النوع من الاستثمار بشكل قانوني، وهناك 471 «مستثمرا ملاكا»، جرى اعتمادهم من وزارة الخزانة والمالية نهاية عام 2018، وهو ما يتيح لهم إعفاء ضريبيا بنسبة 75 في المائة. وأوضح أن هذا الأمر ساعد تركيا على قطع أشواط كبيرة في مجال الاقتصاد الناشئ خلال السنوات الأخيرة.
ويعاني الاقتصاد التركي أزمة بسبب انهيار سعر صرف الليرة التركية التي فقدت 30 في المائة من قيمتها في عام 2018 مما أدى إلى رفع أسعار الفائدة إلى 24 في المائة وارتفاع التضخم إلى ما فوق 20 في المائة.
وأظهرت بيانات لوكالة «بلومبرغ» الأميركية أن الانهيار الذي أصاب الليرة التركية خلال عام 2018 خلّف آثاراً أعمق مما هو شائع، وهو ما يحاول البنك المركزي التركي معالجته عن طريق تعديل لوائح الاحتياطي الإلزامي، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تحريك معدلات الائتمان، والتحوط للركود المتعمق في الاقتصاد.
وأشارت البيانات إلى أن الركود الاقتصادي خلال الربعين الأخيرين من 2018، مستمر خلال 2019 تحت ضغط تداعيات انهيار العملة وارتفاع تكلفة الاقتراض.
وتضمنت تعليمات للبنك المركزي التركي، صدرت يوم الجمعة الماضي، تخفيض نسبة الاحتياطي الإلزامي بنحو 100 نقطة أساس بالنسبة للودائع وتوسيع هوامش مدد الاستحقاق؛ الأمر الذي يصبح معه بمقدور البنوك رفع الاحتياطي الإلزامي من الذهب من 5 في المائة إلى 10 في المائة.
وجاء قرار تخفيض الاحتياطي الإلزام بعد يومين من إعلان البنك المركزي عن تعديلات مرتقبة في لوائح السيولة النقدية، وهي الإجراءات التي أظهرت أن القلق التركي يذهب أساسا باتجاه تكلفة الائتمان التي ارتفعت بعد انهيار الليرة وأدخلت الاقتصاد في دورة تراجع تدخل الآن ربعاً سنوياً ثالثاً مرشحاً للاستمرار، كما ذكرت «بلومبرغ».
على صعيد آخر، ارتفعت نسبة مبيعات العقارات للأجانب في تركيا 81.9 في المائة، خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2018.
وبحسب بيانات هيئة الإحصاء التركية، التي نشرت أمس (الاثنين)، تصدرت إسطنبول المدن التركية الأكثر مبيعاً للعقارات بواقع 1361 عقارا، تلتها أنطاليا بـ601 عقار، ثم العاصمة أنقرة بـ182 عقارا، وبعدها بورصة بـ177 عقارا، ويالوفا بـ162 عقارا. وأظهرت البيانات، شراء الأجانب 3 آلاف و168 عقارا في تركيا.
وجاء العراقيون على رأس قائمة الأكثر شراءً للعقارات في تركيا بواقع 605 عقارات، ثم الإيرانيون 305 عقارات، والروس 195 عقارا، والأفغان 191 عقارا، والأردنيون 151 عقارا.
وكانت الهيئة أظهرت ارتفاع مبيعات العقارات للأجانب في تركيا خلال العام الماضي، بنسبة 78.30 في المائة، مقارنة مع عام 2017، مسجلة بيع 39 ألفا و663 وحدة سكنية. بينما انخفضت مبيعات العقارات للأتراك بنسبة 25 في المائة بسبب تأثرهم بتراجع الليرة التركية أمام الدولار.
وبلغ عدد العقارات التي بيعت في تركيا خلال العام الماضي مليوناً و375 ألفاً و398 وحدة سكنية، بزيادة وصلت إلى 2.4 في المائة مقارنة مع مبيعات القطاع خلال 2017.
وتراجع مؤشر الثقة بالبناء بحسب بيانات هيئة الإحصاء بنسبة 2.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مسجلا 55.4 نقطة مقابل 56.6 نقطة في الشهر الذي سبقه، علما بأن أي رقم دون المائة نقطة يشير إلى آفاق متشائمة.
من ناحية أخرى، بلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا وإيران خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية الحالية في إيران (21 مارس (آذار) إلى 21 يناير (كانون الأول) 2018) 6.93 مليون طن من السلع غير النفطية بقيمة 3.69 مليار دولار، مسجلا نموا بنسبة 29.91 بالمائة في الحمولة، وانخفاضا في القيمة المالية بنسبة 6.63 في المائة على أساس سنوي. وبحسب بيانات رسمية؛ جاءت تركيا في مرتبة الشريك التجاري العاشر لإيران في العالم خلال الفترة المذكورة. وبلغت صادراتها إلى إيران 901.135 طن من البضائع بقيمة 1.78 مليار دولار، بانخفاض 36.85 في المائة عن العام الماضي. وشملت الصادرات التركية الموز والتبغ والألياف والقطن وقطع غيار السيارات.
وفي المقابل، بلغت الصادرات الإيرانية 6.03 مليون طن بقيمة 1.91 مليار دولار، بزيادة 54.25 و22.32 في المائة في الحمولة والقيمة على التوالي عن الفترة نفسها من العام الماضي. وشملت الصادرات الإيرانية الغاز الطبيعي المسال، والزنك غير المعدني، والألمنيوم والبيتومين.
وقال السفير التركي في طهران، دريا أوراس، إن بلاده تسعى لتخفيف الحظر الأميركي من خلال التعاون مع إيران.



هل يؤكد «الفيدرالي» توقف خفض الفائدة في محضر اجتماع ديسمبر؟

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

هل يؤكد «الفيدرالي» توقف خفض الفائدة في محضر اجتماع ديسمبر؟

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

أشار مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» إلى أن تخفيضات أسعار الفائدة الإضافية مؤجلة حالياً بسبب تباطؤ التقدم في محاربة التضخم والاقتصاد الأميركي القوي، لكن محضر اجتماع البنك المركزي في ديسمبر (كانون الأول) قد يظهر مدى توافق هذه الرؤية بين صانعي السياسات الذين يواجهون بيئة اقتصادية غير مؤكدة مع قدوم إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وبعد خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع 17-18 ديسمبر، قال رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، إن صانعي السياسات قد يكونون الآن «حذرين» بشأن تخفيضات إضافية، وأشار إلى أن بعض المسؤولين بدأوا في اتخاذ قراراتهم المقبلة، كما لو كانوا «يقدون في ليلة ضبابية أو يدخلون غرفة مظلمة مليئة بالأثاث» بسبب الغموض بشأن تأثير مقترحات التعريفات والضرائب والسياسات الأخرى لترمب.

ومن المتوقع أن يساعد محضر الاجتماع، الذي سيتم نشره في الساعة 18:00 (بتوقيت غرينتش)، يوم الأربعاء، في توضيح كيفية تعامل صانعي السياسات مع تخفيضات الفائدة المستقبلية. وأظهرت التوقعات الصادرة بعد اجتماع ديسمبر أن المسؤولين يتوقعون خفضاً بمقدار نصف نقطة مئوية هذا العام، مقارنة مع نقطة مئوية كاملة في سبتمبر (أيلول).

وقال محللون من «سيتي بنك»: «من المرجح أن يعكس المحضر وجهة النظر المتشددة نسبياً بالكامل». وأضافوا أن هذا قد يتضمن مناقشة المخاوف من أن التضخم قد يظل مرتفعاً إذا لم تبقَ أسعار الفائدة مرتفعة بما فيه الكفاية، وربما يتناول المحضر أيضاً أن معدل الفائدة المطلوب لإعادة التضخم إلى هدف «الاحتياطي الفيدرالي» البالغ 2 في المائة قد ارتفع.

«سيكون هذا جزءاً من مبررات اللجنة التي تخطط الآن لتقليل وتيرة تخفيضات الفائدة»، كما كتب فريق «سيتي بنك».

وخفض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة في آخر ثلاثة اجتماعات له في عام 2024، ليصبح النطاق المرجعي للفائدة الآن بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة.

ومنذ ذلك الحين، بقيت البيانات الاقتصادية مستقرة عبر عدة مجالات مهمة، مع استمرار النمو فوق 2 في المائة، وبقاء معدل البطالة في نطاق منخفض يصل إلى 4 في المائة، بينما سجل مؤشر الأسعار المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي»، الذي يُعرف بمؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي، مؤخراً 2.4 في المائة.

وقال مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» الذين تحدثوا علناً منذ الاجتماع الأخير، إنه لا يوجد سبب للاستعجال في تخفيضات إضافية حتى يتضح أن هناك تغييراً في البيانات، مثل انخفاض واضح في التوظيف وارتفاع في البطالة، أو انخفاض مجدد في التضخم نحو هدف 2 في المائة.

على سبيل المثال، قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند توماس باركين، الأسبوع الماضي، إنه يعتقد أنه يجب على «الفيدرالي» الحفاظ على ظروف الائتمان مشددة حتى تكون هناك «ثقة حقيقية في أن التضخم قد انخفض بشكل مستقر إلى هدف 2 في المائة... ثانياً، سيكون هناك ضعف كبير في جانب الطلب في الاقتصاد».

وسيُظهر تقرير الوظائف الجديد يوم الجمعة كيف تغيّر التوظيف والأجور في ديسمبر. كما أظهر مسح منفصل لسوق العمل في نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي صدر يوم الثلاثاء، صورة عامة من الاستقرار -أو على الأقل التغير البطيء. وكانت هناك زيادة صغيرة في فرص العمل، وهو ما يُعد علامة على استمرار القوة الاقتصادية، لكن كان هناك انخفاض طفيف في التوظيف وعدد العمال الذين استقالوا طواعية، وهو ما يُعد علامات على بيئة توظيف أضعف.

ومن المحتمل أن يظهر محضر الاجتماع أيضاً مناقشات مفصلة بين مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» حول موعد إيقاف جهودهم الحالية لتقليص حجم ميزانية البنك المركزي. وبعد خفض نحو 2 تريليون دولار من حيازاتهم من السندات منذ صيف 2022، من المتوقع على نطاق واسع أن يُنهي المسؤولون هذه الجهود في وقت ما من عام 2025.

ويتوقع بعض مراقبي «الفيدرالي» أن يوفر المحضر معلومات جديدة حول نهاية ما يُعرف بتشديد السياسة النقدية الكمي.