ظاهرتا الحسد والغيرة ليستا محصورتين بنا فقط، نحن الناس البسطاء، كما أنهما ليستا مقصورتين على وسط أو بيئة معينين، بل هما منتشرتان عالمياً، وفي كل مكان وزمان. ويكشف تاريخ الفلسفة والأدب عن بغضاء وحقد وصراعات دامية تنحدر أحياناً إلى أدنى مستوى بين مفكرين وكتاب ساهموا في صناعة التاريخ الإنساني بإنجازاتهم الكبيرة، غير أنهم سقطوا صرعى، مثل أغلب البشر، أمام هاتين الظاهرتين الإنسانيتين.
فها هو الفيلسوف الألماني الشهير آرتور شوبنهاور يصف فريدريك هيغل، أرسطو العصور الحديثة باعتراف الجميع، بأنه «شخص تافه ودجال». ويقول عن فلسفته، التي غيرت التاريخ الإنساني، إنها «عبارة عن خديعة هائلة أو أكذوبة كبرى».
ولم يكن السبب فلسفياً أو فكرياً، بل الغيرة والحسد. فقد كان هيغل مشهوراً جداً، ويجذب مئات الطلاب إلى درسه، في حين أن شوبنهاور كان مغموراً، ولم يكن يحظى بأكثر من أربعة أو خمسة طلاب. وكان كلاهما يقدمان دروسهما في جامعة برلين نفسها، وفي الساعة نفسها!
وينقل تاريخ الأدب أيضاً معارك ترتدي لبوس الفكر والثقافة، لكن دافعها الحقيقي هو ذاته: الحسد والغيرة، كما كان يحصل، على سبيل المثال، بين كاتبين روسيين عملاقين هما فيدور دوستويفسكي وإيفان تورغينيف، اللذين تبادلاً تهماً وشتائم لا تليق بمكانتهما الكبيرة. فقد وصف تورغينيف مرة دوستويفسكي بأنه «إنسان مريض لا يستحق الرد عليه». وكان دوستويفسكي قد شتم تورغينيف وهو في بيته ببرلين، متهماً إياه بأنه عميل لألمانيا.
صراعات عمالقة الفكر والأدب... ظاهرة عالمية
يختلط فيها الحقد والكراهية
صراعات عمالقة الفكر والأدب... ظاهرة عالمية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة