ظريف يحذّر من «خطر هائل» في حال اندلاع حرب مع إسرائيل وأميركا

اتهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إسرائيل بالسعي للحرب، وحذر من أن تصرفاتها هي والولايات المتحدة تزيد من فرص اندلاع حرب في المنطقة، ووجه انتقادات للآلية الأوروبية التي اقترحتها الدول الأوروبية الثلاث للإبقاء على الاتفاق النووي.
وقال ظريف في مؤتمر ميونيخ للأمن، أمس: «بالتأكيد، بعض الناس يسعون للحرب... إسرائيل»، مشيرا إلى أن «خطر (الحرب) هائل، وسيكون أفدح إذا واصلتم التغاضي عن الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي».
واتهم ظريف إسرائيل بانتهاك القانون الدولي بعد حملات القصف التي شنتها على سوريا، كما انتقد القوى الأوروبية لعدم انتقادها إسرائيل والولايات المتحدة جراء تصرفاتهما في المنطقة. وقال: «التصرفات الإسرائيلية والتصرفات الأميركية تتجاهل القانون الدولي».
وفي المقابل، نقلت «رويترز» عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قوله لمجلس وزرائه، أمس، إن السلوك العدائي الذي تنتهجه إيران هو العنصر الرئيسي المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط بأكمله.
وأضاف في تصريحات بثها الإعلام الإسرائيلي: «يجب أن نمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، ونحول دون قدرتها على ترسيخ وجودها عسكريا في سوريا. سنستمر في مسار ثابت لضمان أمن إسرائيل».
وانتقد ظريف الإدارة الأميركية بعدما دعا مايك بنس نائب الرئيس الأميركي القوى الأوروبية الأسبوع الماضي للانسحاب من الاتفاق النووي المبرم مع إيران. ورد في كلمته على بنس الذي وصف إيران في كلمته أمام المؤتمر قبل يوم بأنها الراعي الأكبر للإرهاب في المنطقة واتهمها بدعم جماعات إرهابية والتدخل في شؤون الدول الأخرى.
وتحدث وزير الخارجية الإيراني التي بات ضيفا سنويا في مؤتمر ميونيخ، بلهجة تراوحت بين التهكم والتوتر في رده على بنس، ووصف تصريحاته بـ«الجاهلة والخطيرة»، وقال إن الولايات المتحدة لديها «هوس مرضي» تجاه إيران، واتهم بنس بمحاولة تخويف حلفائه. وصرح: «تحت شعار احتواء إيران، تزعم الولايات المتحدة، والبعض يردد وراءها دون تفكير، أن إيران تتدخل في المنطقة، ولكن هل تساءلت منطقة من؟». وأضاف: «انظروا للخريطة؛ الجيش الأميركي سافر 10 آلاف كيلومتر لينشر قواعده على كل حدودنا. هناك مزحة بأن إيران تضع نفسها في وسط القواعد الأميركية».
ورفض ظريف الانتقادات الغربية لبلاده فيما يتعلق بتجارب الصواريخ الباليستية، واتهم الأوروبيين بتكرار كلام الأميركيين. ونفى أن تكون طهران تخرق قرار مجلس الأمن «2231» الذي يدعوها لوقف تجاربها للصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية، وبدا كأنه يلعب على الكلمات بين السطور عندما قال: «لا نملك رؤوساً نووية» لذلك فالاتهامات باطلة برأيه.
وتحجج ظريف بحاجة إيران إلى تطوير الصواريخ للدفاع عن نفسها، وبأنه لا أحد يقبل ببيعها أسلحة. وكرر مثال الحرب التي شنها صدام حسين على إيران، بوصفها ضرورة تدفع بالإيرانيين لتطوير أسلحة.
ورغم محاولة الأوروبيين إنقاذ الاتفاق النووي، فإنهم يقرون بأنهم قلقون من استمرار التجارب الصاروخية لإيران، وقد حذروا من فرض عقوبات على النظام الإيراني في حل استمر بتجاربه تلك.
وقال ظريف أيضا إن إيران ملتزمة في الوقت الحالي بالاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع القوى الدولية، متهما فرنسا وبريطانيا وألمانيا بعدم بذل جهد كاف لضمان حصول طهران على المزايا الاقتصادية لهذا الاتفاق. وصف نظام «اينستكس» الذي كشف عنه الأوروبيون قبل أيام ويسمح باستمرار التبادل التجاري بين الطرفين وتخطي العقوبات الأميركية، بأنه «غير كاف». ورأى أنه على الأوروبيين أن يكونوا مستعدين لتقديم المزيد إذا ما أرادوا أن ينقذوا فعلا الاتفاق النووي الإيراني بعد انسحاب واشنطن منه.
وتأتي انتقادات ظريف في حين رحبت طهران بالخطوة وعدتها «إيجابية» وذلك بعدما أعلنت تثبيتها الدول الأوروبية الثلاث.
وعندما سئل عما إذا كان يعتقد بأن الاتفاق سيصمد، وإلى متى، أجاب: «لا أعلم إلى متى سيصمد الاتفاق. فنحن نستمد سلطتنا من الشعب ولا ندري إلى متى سيبقون راضين». وأشار إلى أن استطلاعا للرأي أجري مؤخرا في إيران أظهر أن 51 في المائة يؤيدون البقاء في الاتفاق، ولكنه أضاف أن الوضع «قد يتغير». واتهم الأوروبيين بأنهم «ليسوا مستعدين لدفع الثمن» للإبقاء على الاتفاق حيا، مشيرا إلى أنهم يسمحون للولايات المتحدة بتوجيه الأوامر لهم وإنهم يقبلون بذلك. وقال: «نحن نرى أنه من مصلحتنا البقاء في الاتفاق، ولكن أيضا نعلم أنه من مصلحة الأوروبيين الحفاظ عليه كذلك».
كذلك رد ظريف على الانتقادات الأوروبية لسجل حقوق الإنسان الإيراني والتلويح بعقوبات ضد طهران. ورفض ظريف أيضا انتقادات الأوروبيين لإيران في مجال حقوق الإنسان، وقال: «الاتحاد الأوروبي لا يملك مستوى أخلاقياً أرفع منا». وأضاف: «لدينا أخطاء بحاجة لأن نصححها، ولدي بعض القلق فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وأعتقد أن تصحيحها يتعلق بالأمن القومي، ولكن ليس لأوروبا أن تعظنا في ذلك».
كما نفى ظريف أيضا أن يكون النظام مسؤولا عن التخطيط لاغتيالات وعمليات ضد معارضين في أوروبا. وكانت ألمانيا ألقت القبض على أسد الله أسدي؛ الدبلوماسي الإيراني في سفارة فيينا أثناء وجوده في ألمانيا، بناء على مذكرة توقيف أوروبية بعد اتهامه بتجنيد شخصين في بلجيكا لتنفيذ عملية إرهابية ضد مؤتمر للمعارضة الإيرانية في باريس». وقال ظريف إن الاتهامات الموجهة له غير صحيحة، مشيرا إلى أنها جاءت في اليوم نفسه الذي كان فيه الرئيس الإيراني حسن روحاني في زيارة إلى فيينا وصفها بأنها جاءت بعد طول تحضير. وقال: «هل نحن مجانين لهذه الدرجة؟ اعتقال (أسدي) هو نتيجة عملية خاطئة أو شرَك ما».
وفي الوقت الذي كان فيه ظريف يتحدث أمام مؤتمر ميونيخ، تجمع العشرات من أنصار المعارضة الإيرانية بالقرب من مكان انعقاد المؤتمر، وطالبوا بطرد ظريف ووصفوه بأنه «وزير خارجية نظام إرهابي». ودعا المتظاهرون الأوروبيين إلى فرض عقوبات على «الحرس الثوري» الإيراني لتنفيذه اغتيالات في أوروبا، وأيضا إلى إغلاق السفارات الإيرانية التي قالوا إنها تستخدم للتجسس على المعارضة.