السودان تحت الظلام... والاحتجاجات تحتدم في العاصمة

السودان تحت الظلام... والاحتجاجات تحتدم في العاصمة
TT

السودان تحت الظلام... والاحتجاجات تحتدم في العاصمة

السودان تحت الظلام... والاحتجاجات تحتدم في العاصمة

في ثاني حالة من نوعها خلال شهر واحد، انقطع التيار الكهربائي عن معظم أنحاء السودان، متزامنا باحتجاجات طافت أرجاء العاصمة، والأقاليم، في جمعة غضب عارمة، لتعيش البلاد في حالة توتر... وإظلام تام.
وقال مركز التحكم القومي في شبكة الكهرباء، في تعميم أمس إن الشبكة انطفأت بالكامل، وإن الفنيين يعملون على إعادة تشغيل محطات التوليد، وأن تغذية الشبكة بالتيار ستتم بالتدريج، دون أن يوضح الأسباب الفنية للإطفاء.
وكانت البلاد قد شهدت حالة إطفاء مثيلة في 27 يناير (كانون الثاني) الماضي، أرجعه مركز التحكم إلى عطل فني في الخط الناقل أدى لخروج بعض المحطات عن الخدمة.
وتظاهر مواطنو مدينة «خشم القربة» بشرق البلاد، مطالبين بتنحي الرئيس عمر البشير وحكومته، والاقتصاص من قتلة مدرس من أبناء المدينة لقي مصرعه جراء التعذيب داخل مقر أمني. وبعيد صلاة الجمعة خرجت مظاهرات في حي «ودنوباوي» بأم درمان غربي العاصمة، ومنطقة حي «بري» بالخرطوم إلى الشرق منها، فرقتها الأجهزة الأمنية بالغاز المدمع، في وقت هددت فيه الحكومة بملاحقة المعارضين بالقانون، وحسم مظاهر العنف التي تزعم أن المعارضين يخططون لاستخدامها في إسقاطها.
وقال شهود عيان، إن مواطنين في مدينة «خشم القربة»، سيروا مظاهرة حاشدة قصدت مباني جهاز الأمن والمخابرات، رددت خلالها هتافات «تسقط تسقط بس، وحرية سلام وعدالة والثورة خيار الشعب»، إلى جانب هتافات تطالب بالقصاص من قتلة المدرس أحمد الخير عوض الكريم، والذي اعترفت النيابة العامة بأنه لقي مصرعه جراء الضرب بآلة صلبة أثناء احتجازه والتحقيق من قبل أمن المدينة.
وفي الخرطوم، تظاهر مواطنون في مدينة أم درمان الواقعة على الضفة الغربية لنهر النيل عقب صلاة الجمعة مطالبين بتنحي الرئيس البشير وحكومته، فيما تواصلت المظاهرة الأسبوعية التي تخرج كل جمعة منذ اندلاع الاحتجاجات في البلاد، من معقل أنصار المهدي مسجد «السيد عبد الرحمن» بود نوباوي، ورافقتها مظاهرة أخرى في حي «بري» أعرق أحياء الخرطوم وأقدمها، وهو أحد الأحياء التي حافظت على «جذوة الثورة» مشتعلة منذ اندلاع الاحتجاجات قبل شهرين، وقدمت أكثر من شهيد في الاحتجاجات.
ولم تتوان الأجهزة الأمنية في إطلاق الغاز المسيل للدموع بكثافة على المحتجين في الحي بكثافة داخل البيوت والطرقات الفرعية في حي بري، وذلك لأن سكانه درجوا على وضع المتاريس لسد الطرق أمام آليات الأجهزة الأمنية، ونقل شهود أن رجال أمن تبادلوا القصف بالحجارة مع محتجين في الضاحية. كما ظلت مدينة خشم القربة التابعة لولاية كسلا بشرق البلاد، تتظاهر بشكل شبه يومي، منذ مقتل ابنها المدرس «أحمد الخير عوض الكريم»، والذي اعترفت لجنة التحقيق المكونة من النيابة العامة، بأنه لقي مصرعه نتيجة للضرب بآلة «صلبة مرنة» داخل معتقلات جهاز الأمن إثر احتجازه لمشاركته في المظاهرات، على خلاف ما أوردته أجهزة أمن الولاية وحاكمها بأن المدرس توفي نتيجة «تسمم غذائي».
ومنذ 19 ديسمبر (كانون الأول) 2018. يشهد السودان مظاهرات واحتجاجات واسعة في معظم مدنه وقراه وبلداته، تطالب بتنحي الرئيس عمر البشير وحكومته على الفور، في أكبر تحدٍ يواجه سلطته منذ توليه الحكم في يونيو (حزيران) 1989. بيد أن الرجل ما زال يصر على مواصلة الحكم، وينتظر تعديلاً دستورياً يمنحه دورة رئاسية جديدة في انتخابات 2020.
ويمنع دستور البلاد الحالي البشير من الترشح مرة أخرى، وينص على دورتين رئاسيتين مدة كل منهما خمس سنوات، تنتهي بحلول العام المقبل، لكن من المقرر أن يبحث البرلمان الموالي للرئيس البشير غداً إمكانية تعديل الدستور للسماح له بالترشح لدورة رئاسية جديدة، تضيف لسنوات حكمه الثلاثين خمس سنوات جديدة.
وبحسب تقارير صحافية، فإن «اللجنة الطارئة لدراسة التعديلات الدستورية» ستعقد اجتماعاً لرؤساء لجان البرلمان ومجلس الولايات يناقش تعديل الدستور لترشيح البشير في الانتخابات المقبلة عام 2020 عن الحزب الحاكم «المؤتمر الوطني».
من جهة أخرى، أعلن الخميس الماضي توحيد قوى المعارضة السودانية، للعمل مع «تجمع المهنيين السودانيين» الذي يقود المظاهرات، عن أسبوع جديد من المظاهرات بدأ أمس الجمعة، يتضمن مظاهرات ووقفات احتجاجية واعتصامات، تتوج بموكب اختارت له اسم «موكب الرحيل» الخميس المقبل.
وفي بيان صادر عن وزارة الإعلام السودانية في وقت متأخر من يوم أول من أمس، اتهمت الحكومة قوى المعارضة المكونة من «تجمع المهنيين، تحالف نداء السودان، قوى الإجماع الوطني، وقوى معارضة أخرى» بالعمل على إسقاط الحكومة باستخدام العنف. ووجهت تهديدات بملاحقة المعارضين قانونياً، وقال البيان الموقع باسم وزير الدولة بوزارة الإعلام المتحدث باسم الحكومة مأمون حسن إبراهيم، ونقلته وسائل إعلام محلية إن الحكومة «ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة، في الرد على الدعوات المنادية بالعنف والإرهاب السياسي والفكري والتغيير بالقوة».
وكانت قوى المعارضة قد أكدت في أول مؤتمر صحافي لها بعد توحيدها نهار الخميس، على مواصلة الاحتجاجات والمظاهرات السلمية، وشدد المتحدثون باسمها على رفض العنف، معتبرين السلمية مصدراً لقوتهم وقوة الاحتجاجات والمظاهرات، التي يراهنون عليها في إسقاط حكم الرئيس عمر البشير.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.