«حزب الله» يعتذر عن الإساءة للرئيسين الجميل وعون

تداعيات كلام النائب الموسوي تطغى على جلسات مناقشة البيان الوزاري

TT

«حزب الله» يعتذر عن الإساءة للرئيسين الجميل وعون

استكمل مجلس النواب اللبناني جلسات مناقشة البيان الوزاري، فيما استحوذ كلام النائب في «حزب الله» نواف الموسوي في جلسة الأربعاء وتداعياته، على حيز أساسي من الاهتمام، وصولاً إلى اعتذار الحزب على لسان رئيس كتلته النيابية، النائب محمد رعد، فيما كان لافتاً مطالبة زميله في الكتلة نفسها علي عمار «باستراتيجية دفاعية سريعة».
ومع انطلاق جلسة المناقشة بعد الظهر، سجل اجتماع بين نواب من «الكتائب» و«القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» ليعود بعده النائب رعد ويطلب الإذن بالكلام من رئيس البرلمان نبيه بري، قارئاً كلمة مكتوبة جاء فيها: «في جلسة أول من أمس حصل للأسف سجال غير مرغوب به بين بعض الزملاء، وانطوى على كلام مرفوض صدر عن انفعال شخصي من أحد إخواننا في الكتلة، وتجاوز الحدود المرسومة للغتنا المعهودة في التخاطب والتعبير عن الموقف، أستميحكم عذراً في بداية هذه الجلسة، وأطلب باسم كتلة الوفاء للمقاومة شطب هذا الكلام، وشكراً»، ليعلو بعدها التصفيق في القاعة.
ولاحقاً أعلن نائب رئيس «حزب القوات» جورج عدوان، أنه هو من قام بمبادرة التهدئة عبر اتصاله يوم الأربعاء بوزير الخارجية جبران باسيل والنائب سامي الجميل، داعياً إياهما إلى اللقاء، ومن ثم أبلغه النائب رعد بأنه سيكون لهم موقف باسم الكتلة، وأطلعهم عليه مسبقاً.
وفي جلسة المناقشة يوم الأربعاء، كان الموسوي قد علَّق على كلمة رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، معتبراً أن الرئيس ميشال عون «وصل إلى قصر بعبدا ببندقية المقاومة التي تشرف كل لبنان، ولم يصل عبر الدبابة الإسرائيلية»، ما استدعى تدخلاً ورداً من النائب نديم الجميل.
ولاقى اعتذار رعد أمس ردود فعل إيجابية من الحلفاء والخصوم، وسُجِّل رد لافت من النائب آلان عون في الجلسة، بشكل غير مباشر على كلام حليفه، بالتأكيد على أن «الرئيس ميشال عون وصل من خلال عملية سياسية صرف، لم يكن لأي سلاح أو بندقية دور فيه»، ومعتبراً أن «أي تعرّض لمقدّسات بعضنا البعض هو مسّ بالوحدة الوطنية، ويتجاوز قضية حزب سياسي إلى قضية مجتمع بكامله».
كذلك كتب النائب نديم الجميل عبر حسابه على «تويتر» قائلاً: «إذا كان الاعتذار عن الخطأ فضيلة، فالاعتراف بشهداء بعضنا البعض وطنية».
وفي جلسة مناقشة البيان الوزاري بعد ظهر أمس، تناوب على الكلام عدد من النواب، وبدأ به أعضاء كتلة «التيار الوطني الحر»: فريد البستاني وماريو عون وأنطوان بانو، ونائب «المستقبل» نزيه نجم، الذين منحوا جميعهم الثقة للحكومة، كما تحدث أيضاً النائب في كتلة «التنمية والتحرير» غازي زعيتر، والنائب في «حزب الله» علي عمار.
ونوه عمار برئيس الحكومة سعد الحريري «لأنه اجتهد كثيراً في استطلاع آراء كل الكتل الوازنة، والبيان الوزاري يرتقي إلى مصاف المسؤولية الوطنيّة».
وقال في كلمته إن «الوطن بحاجة إلينا جميعاً، وكل من يتصوّر أنه يُمكنه أن يُقصي الآخر في هذا البلد فهو واهم حتى الثمالة»، ولفت إلى أن «لا أحد ضدّ العلاقات مع الدول الصديقة والشقيقة، بغض النظر عن موقف هذه الدول من أي قضية، وهناك عدوّ يتربّص بنا كلنا»، قائلاً: «نحن لسنا هواة قتل وسلاح، ونطالبكم باستراتيجية دفاعية سريعة».
وصباحاً، كان رئيس «الكتائب» النائب سامي الجميل قد انتقد كلام الموسوي، معتبراً أن سلاح «حزب الله» يضرب استقلال لبنان، ويمنع العدالة وقيام الاقتصاد.
وفي كلمة له في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العام الـ31 للحزب، قال الجميل: «نمر بمرحلة مفصلية في تاريخ لبنان»، مضيفاً أن «السلاح يجر عداوات لبنان مع دول أخرى، ولبنان محاصر دولياً من قبل أصدقائه التقليديين بسبب السلاح، والكلام عن أن بندقية السلاح هي التي كان لها التأثير الأكبر في انبثاق السلطة في الرئاسة والحكومة ومجلس النواب، هو بيت القصيد، الذي لطالما حذرنا منه، وأسقط الحجج والشعارات ومحاولات الهروب من المسؤولية»، مؤكداً أن «كل الشعارات سقطت أمس في مجلس النواب».
وتوجه الجميل إلى المسيحيين قائلاً: «يقال إن الطريقة الأفضل لتحقيق الشراكة هي من خلال التضامن؛ لكن ليس مع السلاح والرهان عليه. فلا شراكة عندما تكون مشروطة بالتخلي عن السيادة والاستقلال، لا شراكة عندما نجبر على التخلي عن السيادة، وعندما لا يعود السلاح راضياً نفقد الشراكة والمشاركة».
وأضاف: «لدينا رمز شهيد، هو الرئيس بشير الجميل، الذي علمنا قول الحقيقة، ولا نساوم عليها. لم يعلمنا المواربة وأن نغش الناس. مشروع بشير كان حل الميليشيات انطلاقاً من الميليشيا التابعة له، التي كان اسمها (القوات اللبنانية)».
وسأل: «لمن يقول إنه أوصل عون إلى رئاسة الجمهورية، لماذا لا تسلمونه سلاحكم؟». مؤكداً أن «موقفنا ونضالنا من أجل سيادة لبنان ليس أمراً مستجداً، وهو موجه فقط لبناء دولة، وآن الوقت لإيقاف التكاذب والنفاق، ونفكر في النموذج اللبناني الذي يجب أن نؤسسه من جديد».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».