نتنياهو يفجر {أزمات دبلوماسية} في وارسو

نتنياهو يفجر {أزمات دبلوماسية} في وارسو
TT

نتنياهو يفجر {أزمات دبلوماسية} في وارسو

نتنياهو يفجر {أزمات دبلوماسية} في وارسو

بعد أن كان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد بنى على مؤتمر وارسو، وقمة «فيسغراد» أن تعيناه على خصومه في معركته الانتخابية، يبدو أن الأمور انقلبت عليه إذ دخل في عدة أزمات دبلوماسية مع الحكومة البولندية ومع المشاركين في مؤتمر وارسو.
فقد اتضح أولا أن نتنياهو سرب شريطا مصورا لوقائع {جلسات سرية} في المؤتمر،. ثم أطلق تصريحا قال فيه إن «بولنديين شاركوا في إبادة اليهود في زمن النازية» وأضاف متبجحا: «ها أنا أقول ذلك من دون أن أخشى من محاكمتي على أقوالي»، مشيرا إلى الجهود المثمرة التي بذلها لتغيير القانون البولندي المتعلق بهذا الموضوع، في السنة الماضية.
وقد أعرب العديد من المشاركين في مؤتمر وارسو عن انزعاجهم من تصرف نتنياهو، واعتبره البعض «صبيانيا» و«استفزازيا». فيما ثارت ثائرة البولنديين على تصريحه بخصوصهم. وصدر بيان عن حكومة وارسو يقول إن رئيس الحكومة البولندية، ماتيوش مورافيسكي، يدرس إلغاء مشاركته في قمة «فيسغراد» التي من المقرر أن تعقد في إسرائيل، يوم الاثنين المقبل، بمشاركة رؤساء كل من هنغاريا والتشيك وسلوفاكيا. فيما دعا الرئيس البولندي، أندريه دودا، مباشرة إلى إلغاء هذه القمة في القدس (الغربية)، مبديا استعداده لعقدها في وارسو. كما تم استدعاء السفيرة الإسرائيلية لدى وارسو، آنا آزاري، أمس الجمعة، إلى جلسة توبيخ في وزارة الخارجية البولندية، بينما كانت في المطار في طريق عودتها إلى إسرائيل.
وحاولت السفيرة تبرير تصريح نتنياهو بالقول بأن الصحافة البولندية أخطأت في الترجمة. وأنه في حين قالوا بأنه تحدث عن «الأمة البولندية ارتكبت جرائم ضد اليهود»، فإن ما قاله نتنياهو هو: «بولنديون تعاونوا مع النازيين».
وكان نتنياهو قد أثار أزمة مع البولنديين في شهر يونيو (حزيران) السنة الماضية، عندما هاجم مشروع قانون محلي ينص على فرض عقوبة السجن على من يلمحون إلى أن بولندا كانت متواطئة في الجرائم النازية ضد اليهود. وفي حينه أثارت إسرائيل ضجة كبيرة ضد القانون وجندت إليها الولايات المتحدة. وبضغط منها تراجع اليمين الحاكم في وارسو عن موقفه وحذف بند عقوبة السجن من القانون. وقد صوت البرلمان البولندي مجبرا على القانون في جلسة طارئة له، وصادق الرئيس دودا، وسط انتقادات شديدة على ذلك.
ومنذ ذلك الوقت، عاد قادة اليمين في البلدين إلى تحسين وتعزيز العلاقات بينهما والتوقيع على عدة اتفاقيات جديدة للتعاون الاقتصادي والأمني والتكنولوجي. وتم اختيار وارسو للمؤتمر بفضل التطور الإيجابي للعلاقات. لكن التصريح أعاد الأزمة بين البلدين، خصوصا أنه سبقتها حادثة دبلوماسية أخرى في اليوم الأخير من مؤتمر وارسو. فقد تأخر نتنياهو عن اجتماع مع الرئيس البولندي لمدة ساعة كاملة، على هامش المؤتمر، مع أنه هو الذي طلب اللقاء.
ونقل صحافيون إسرائيليون من وارسو على ألسنة مسؤولين بولنديين أنهم يدركون أن تصريحات نتنياهو قيلت بروح أجواء الانتخابات في إسرائيل وأن هذا لا يعجبهم.
الجدير ذكره أن نتنياهو يبني كثيرا على لقاءاته مع زعماء العالم أن تساعده في معركته الانتخابية. ففي الوقت الذي يسعى فيه خصومه إلى محاربته بسبب ملفات الفساد المفتوحة ضده في الشرطة، وبسبب سياساته الفاشلة في عدة مجالات مثل سماحه لإدخال النقود القطرية إلى حماس في قطاع غزة، يحاول هو صدهم بإظهار نجاحاته على الساحة الخارجية. وقد رتب لقاء قمة مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ولقاء آخر مع الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، فضلا عن لقاءاته في وارسو ولقاء قمة فيسغراد في القدس الغربية، واستقبال رئيس النمسا، ألكسندر فان دير بيلين، ورئيس ليبيريا، جورج ويا.
المعروف أن مجموعة فيسغراد تضم أربع دول في وسط أوروبا تعارض مركبات كثيرة في السياسة الداخلية والخارجية للاتحاد الأوروبي. ويعمل نتنياهو على ترسيخ العلاقات مع دول هذه المجموعة، وذلك لاستغلالها كرافعة معارضة لقرارات الاتحاد الأوروبي ضد إسرائيل، وخاصة ما يتصل منها بالاحتلال والاستيطان وحقوق الشعب الفلسطيني، إضافة إلى إيران. وكانت قمة فيسغراد قد استضافت نتنياهو، قبل نحو سنة ونصف، في العاصمة الهنغارية، بودابست. وخلال الاجتماع تسربت مقاطع واسعة منه، وبضمنها أقوال لنتنياهو تتضمن أنه «إذا لم تتعاون أوروبا مع إسرائيل فسوف تنهار».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.