رئيس الوزراء المنتهية ولايته تسلم السلطة بمساعدة أميركية لكنه سبب صداعا لبوش ومن بعده أوباما

تظاهر بالتوقيع على اتفاقية مع واشنطن.. ورفض نصيحتها بعدم مهاجمة تكريت

رئيس الوزراء المنتهية ولايته تسلم السلطة بمساعدة أميركية لكنه سبب صداعا لبوش ومن بعده أوباما
TT

رئيس الوزراء المنتهية ولايته تسلم السلطة بمساعدة أميركية لكنه سبب صداعا لبوش ومن بعده أوباما

رئيس الوزراء المنتهية ولايته تسلم السلطة بمساعدة أميركية لكنه سبب صداعا لبوش ومن بعده أوباما

ذات يوم في خريف عام 2007. ظهر الرئيس جورج بوش الابن مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في مؤتمر للتوقيع على «إعلان مبادئ» حول مستقبل العلاقات العراقية - الأميركية. وفي الوقت الذي وقع فيه الرئيس الأميركي باسمه، مرر المالكي قلمه على نسخته من الإعلان، متظاهرا بالتوقيع.
في الدقيقة الأخيرة، قرر المالكي عدم التوقيع بدعوى أنه لم يتمكن من قراءة الصياغة النهائية للإعلان، لكنه لم يذكر ذلك للرئيس بوش، الذي لم تكن لديه فكرة أن قلم المالكي لم يلمس وجه الصحيفة. لاحظ الأمر أحد المسؤولين الأميركيين في الغرفة، ومع ذلك، وبمجرد خروج بوش من محيط كاميرا التصوير، بادر إلى أحد مساعدي المالكي قائلا: «لا تعبث مع رئيس الولايات المتحدة الأميركية».
تلك الحادثة قبل نحو سبع سنوات جسدت العلاقة الشائكة والمتقلبة بين المالكي والرعاة الأميركيين. فالأحداث في كثير من الأحيان لم تكن في حقيقتها كما بدت للعيان، ولم تأخذ مسارها المفترض لها أن تأخذه كذلك. صعود المالكي إلى السلطة، بعدما كان مغمورا، كان في جزء منه بمساعدة أميركا، غير أن بوش ومن بعده الرئيس باراك أوباما وجداه متقلبا وحليفا غير بناء سبب من المشاكل أكثر مما حلها.
قال جيمس جيفري، الذي كان شاهدا على تعامل الرئيسين بوش وأوباما مع المالكي، حيث كان نائب مستشار الأمن القومي للرئيس بوش، ثم سفير الرئيس أوباما إلى بغداد: «إنه رجل عنيد وإنه مقاتل ولسوف يقاوم. لقد شد جميع من حوله شعر رؤوسهم منه». في نهاية الأمر، قال جيفري، سوف يكون على الأميركيين أو أي شخص آخر مهمة إقناع المالكي بالرحيل. وتابع: «أعتقد أنه سيتنحى إذا لم يكن يخطط لانقلاب. سيحاول فعل كل شيء تحت الشمس للحيلولة دون ذلك، بما في ذلك اعتقال الناس، ولكن عند نقطة ما يجب على أحدهم التحدث إليه».
المالكي، كان غير معروف نسبيا وقضى معظم فترة حكم صدام حسين خارج العراق، وكان اختيارا مفاجئا لتولي منصب رئيس الوزراء في عام 2006 عقب شهور من الجمود. كان الرئيس بوش حريصا على أن يختار العراقيون رئيسا للوزراء ذا شخصية أكثر حزما من إبراهيم الجعفري، وأوصى سفير بوش في العراق، زلماي خليل زاد، بترشيح المالكي لرئاسة الوزراء.
لم يكن الأميركيون يعرفون الكثير عنه. وفي بداية الأمر، ظلوا يستخدمون الاسم الأول له بصورة خاطئة – حيث كانوا يدعونه باسم «جواد»، اسمه الحركي، إلى أن صحح المالكي بنفسه الأمر.
الرئيس بوش طار إلى بغداد لمقابلة المالكي ولمس فيه «صلابة داخلية» وهو ما كان يصبو إليه. يقول جيفري «يجب عليك تفهم الجعفري حتى تستطيع تفهم المالكي. فمع الجعفري، لم نكمن نتمكن من دفعه لاتخاذ قرار على الإطلاق. لكن مع المالكي، وجدنا زعيما جيدا، في بداية ولايته على الأقل».
لكن بحلول خريف ذلك العام، أصيب الأميركيون بالإحباط من المالكي، الذي قاوم كبح جماح الميليشيات الشيعية. وأبلغ ستيفن هادلي، مستشار الرئيس للأمن القومي، الرئيس بوش في مذكرة سرية، تم تسريبها، بأن المالكي كان إما «جاهلا بما يجري من حوله، ويسيء التعبير عن نواياه» أو «غير قادر على اتخاذ أي إجراء».
في نهاية الأمر، تضاعفت حملة الرئيس بوش على المالكي على أي حال مع زيادة القوات المحفوفة بالمخاطر وأثبت وجهة نظره من خلال الاجتماع معه عبر الدوائر التلفزيونية المغلقة أسبوعيا في محاولة لتعليم المالكي فن السياسات التحالفية.
غير أن حادثة التوقيع المزيف أكدت حالة الإحباط الأميركية. ورغم توقيع المالكي على الاتفاقية بعد ذلك، حينما تآمر أعداؤه من العراقيين على إسقاطه، وافق بعض الشخصيات في البيت الأبيض على لزوم تنحيه، ومن بينهم بريت ماكغورك، وهو المسؤول الذي واجه مساعد المالكي حول حادثة التوقيع المزيفة، والذي يعمل حاليا في إدارة الرئيس أوباما.
رفض بوش الفكرة، لكنه أرسل كوندوليزا رايس إلى بغداد لتخبر المالكي بوجوب العمل والتطوير. وقالت له رايس «أنت رئيس للوزراء رهيب فعلا. ومن دون التقدم ومن دون الاتفاقية، ستكون وحيدا، وستتدلى رقبتك من أحد أعمدة الإنارة».
وظل المالكي في أفعاله مدفوعا برغباته. فقد أمر بعملية عسكرية متسرعة وعشوائية ضد الميليشيات الشيعية في البصرة اقتربت من حد الكارثة لكنها نجحت في آخر لحظة إثر المساعدة الأميركية. وقال عنه السيناتور الأميركي ليندسي غراهام «لقد تحول من تابع إلى شخصية جون واين».
وعندما تولى الرئيس أوباما الحكم، تغيرت العلاقات مرة أخرى. فلقد ظن أن الرئيس بوش كان منخرطا أكثر من اللازم في الأمر بصورة مباشرة، ولم يستمر في المحادثات الأسبوعية مع المالكي. بدلا من ذلك، ترك الأمر برمته لنائبه جوزيف بايدن لإدارة الأمور مع رئيس الوزراء العراقي.
وكشف أحد كبار المسؤولين في الإدارة عن أنه في المحادثات الهاتفية بين نائب الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء العراقي «كان أكثر ما يبدو عليه أنه يعاني من نفس العلة التي يعاني منها الكثير من القادة في المنطقة: عدم القدرة على تصور كيفية تقاسم السلطة مع الجماعات الرئيسة والدوائر الانتخابية».
وتفاقم الأمر بعد إخفاق الرئيس أوباما والمالكي في التوصل إلى اتفاق يسمح بإبقاء قوة أميركية في العراق بعد انسحاب القوات في نهاية 2011. وفي غضون أيام، أصدر المالكي أمرا باعتقال نائب الرئيس السني (طارق الهاشمي) مما كان ينذر باستراتيجية ذات نزعة أكثر طائفية.
وفي غياب القوات الأميركية، انتقل المالكي إلى تعزيز سلطته. وقال ديفيد كيلكولن، الذي كان مستشارا للجنرال ديفيد بترايوس في العراق: «لقد فقدنا قوة التأثير عند ذاك ظهرت ميوله الطائفية الطبيعية إلى الواجهة».
ومع الجمود الانتخابي في عام 2010. هزم المالكي منافسه للفوز بولاية أخرى مع الدعم المتصور من الأميركيين الحريصين على المحافظة على الاستقرار. ونفى المسؤولون الأميركيون دعمهم للمالكي، قائلين بأن منافسه لم يكن يستطيع تشكيل ائتلاف ببساطة.
وفي كلتا الحالتين، ازدادت النزعة الطائفية لدى المالكي، وساءت العلاقات أكثر فأكثر. وأعاق الجهود الأميركية لإرسال المستشارين العسكريين عقب رحيل القوات، ولكن عقب اجتياح المتشددين للحدود من سوريا تصاعدت حالة الإحباط لأن واشنطن لم تلب طلباته بالمساعدة. وشعر بأنه صار وحيدا، على حد وصف المسؤولين.
حتى بعدما أرسل الرئيس أوباما المستشارين وطائرات الاستطلاع، قاوم المالكي نصائح واشنطن. وحذر مسؤولون أميركيون من محاولة استعادة تكريت من المسلحين، غير أنه تجاهلها.
يقول مسؤول كبير في الإدارة بأن بايدن معجب بحيدر العبادي (المكلف بتشكيل الحكومة) ووجده شخصية مختلفة تماما عن المالكي، إذ أن له توجها براغماتيا وهدوءا سياسيا، على حد تعبيره.
* خدمة «نيويورك تايمز»



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.