الشرعية تفتح ممرات إنسانية وتقترح مسارات بديلة لتوصيل المساعدات

TT

الشرعية تفتح ممرات إنسانية وتقترح مسارات بديلة لتوصيل المساعدات

أكدت مصادر حكومية يمنية أن الفريق الحكومي في لجنة إعادة تنسيق الانتشار بمحافظة الحديدة أبلغ رئيس المراقبين الدوليين الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد بأن القوات الحكومية فتحت الممرات كافة الواقعة تحت سيطرتها لمرور المساعدات الإنسانية، كما اقترح الفريق مساراً آخر لمرورها في حال رفضت الميليشيات الحوثية فتح الطرق الخاضعة لها في مدينة الحديدة.
جاء ذلك في وقت واصلت فيه الجماعة الحوثية رفض خطة إعادة الانتشار وفتح الممرات الإنسانية التي اقترحها الجنرال الدنماركي لوليسغارد، بالتزامن مع تصعيد ميداني وخروق متواصلة لوقف إطلاق النار ترتكبها الجماعة الموالية لإيران.
واطلعت «الشرق الأوسط» أمس على رسالة وجهها رئيس الفريق الحكومي في لجنة إعادة تنسيق الانتشار اللواء الركن صغير بن عزيز إلى الجنرال الدنماركي أبلغه فيها استعداد القوات الحكومية لتسهيل الوصول إلى الإغاثة الإنسانية في مطاحن البحر الأحمر وإخراجها عبر الخط الساحلي الواقع تحت سيطرتها.
وورد في الرسالة تأكيد الفريق الحكومي بشأن تسهيل الوصول إلى مطاحن البحر الأحمر وفتح الطرق للأعمال الإنسانية، وأنه «تم فتح الممرات: من كيلو 8 باتجاه كيلو 16، وكذا من كيلو 8 باتجاه خط 60 والخط الساحلي». وهي الممرات الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية جنوب وشرق مدينة الحديدة.
وترفض الميليشيات الحوثية منذ 5 أشهر فتح الطرق والممرات الإنسانية المؤدية إلى مستودعات القمح الأممية في مطاحن البحر الأحمر الموجودة في مناطق سيطرة القوات الحكومية، وهو ما يهدد، بحسب تحذيرات الأمم المتحدة، بتلف الكميات التي تكفي لإطعام 3.7 مليون شخص لمدة شهر.
وأدى القصف المتكرر للميليشيات الحوثية على مواقع تخزين القمح الأممي إلى احتراق كميات كبيرة تكفي لإطعام عشرات آلاف الأشخاص؛ بحسب ما جاء في تصريحات سابقة لمسؤولين في الأمم المتحدة.
واقترح رئيس الفريق الحكومي في رسالته إلى لوليسغارد، فتح مسارات أخرى لنقل المساعدات الأممية الإنسانية من مناطق سيطرة القوات الحكومية، وقال: «في حال استمرار الميليشيات الحوثية في رفض فتح الممرات الإنسانية التي تقع تحت سيطرتها، فإن القوات الحكومية مستعدة لتسهيل الوصول وإخراج المواد الغذائية من أماكن سيطرتها باتجاه الخط الساحلي».
واستهدفت الجماعة الحوثية أول من أمس مجددا مخازن القمح الأممي بقذائف الهاون، حيث سقطت قذيفة على الأقل بجوار واحدة من صوامع القمح في «مطاحن البحر الأحمر».
وقال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، في تعليقه على المقترح الحكومي، إنه «جاء بعد الرفض المتكرر من قبل الميليشيات الحوثية فتح ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة وإزالة الألغام والعبوات الناسفة في (كيلو 16)».
وأشار الإرياني في تغريدات على «تويتر» إلى أن هذا الرفض من قبل الجماعة الحوثية «يكشف عن نواياها الانقلاب على اتفاق السويد وزيادة معاناة المواطنين، والمتاجرة بالمأساة الإنسانية التي يعيشها اليمن جراء الانقلاب».
وحمل وكيل الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك، في بيان شديد اللهجة، الجماعة الحوثية المسؤولية عن منع الأطقم الأممية من الوصول إلى مستودعات القمح منذ 5 أشهر، مشيرا إلى القصف الحوثي الذي أدى إلى تلف كميات كبيرة من المخزون.
وكان المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث واصل مساعيه لدى الجماعة لفتح الممرات والطرق الرئيسية من ميناء الحديدة وباتجاه مخازن الغذاء الأممي إلى المناطق كافة، غير أن الجماعة رفضت مساعيه، وقال القيادي البارز فيها محمد علي الحوثي إن جماعته أبلغت غريفيث بأنه «سيتم فتح الطرق أمام المساعدات حين تتهيأ الظروف المناسبة».
على صعيد متصل، أفادت مصادر سياسية في محافظة الحديدة بأن كبير المراقبين الأمميين مايكل لوليسغارد عاد إلى المدينة بعد لقائه قادة الجماعة والمبعوث الأممي في صنعاء قبل أيام، ضمن مساعيه لتنفيذ اتفاق السويد الخاص بالحديدة.
وقالت المصادر التي تحدثت إلى «الشرق الأوسط» إن قيادات الجماعة في الحديدة رفضت الاستجابة لخطة لوليسغارد الخاصة بفتح الممرات الإنسانية، وواصلت إقامة التحصينات في مختلف الطرق المؤدية إلى الميناء وإلى مخازن القمح.
وبحسب المصادر نفسها، حذر الجنرال الدنماركي قيادة الجماعة من عدم الامتثال لإرادة المجتمع الدولي، ونصحهم بتنفيذ اتفاق السويد بمختلف مراحله وفقا للجداول والفترة الزمنية المحددة المقترحة من قبله.
وأوضحت المصادر أن قيادات حوثية في المدينة الساحلية اتهموا لوليسغارد بأنه يسعى إلى محاباة الفريق الحكومي، فيما أكد لهم الأخير أنه مجرد «وسيط يعمل على إنجاح الاتفاق من خلال الحصول على ثقة الطرفين دون تفضيل».
وتوعد الجنرال الدنماركي قيادات الجماعة بضغط سياسي من قبل مجلس الأمن الدولي الذي قال إنه سيعقد اجتماعا خاصا بشأن اليمن الاثنين المقبل، لمتابعة تنفيذ بنود اتفاق السويد المتمثلة في الالتزام بوقف إطلاق النار، والبدء في تنفيذ إعادة الانتشار، وإنهاء التوتر في المدينة، وفتح الطرق والوصول إلى «مطاحن البحر الأحمر» بهدف إيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى المواطنين في مديريات المحافظة والمحافظات الأخرى.
وكان الجنرال الدنماركي الذي جاء بديلا لسلفه الهولندي باتريك كومارت، أعلن توصله إلى «تسوية مبدئية» الأسبوع الماضي حول إعادة الانتشار، بين ممثلي الحكومة والحوثيين، عقب انتهاء اجتماعات الجولة الثالثة من اللقاءات التي تمت على متن سفينة أممية قبالة ميناء الحديدة، وهي التسوية التي قال الفريق الحكومي إنها مجرد خطة جزئية لا تزال قابلة للنقاش.
ووفق تقارير رسمية للحكومة الشرعية، ارتفع عدد خروقات الميليشيات لوقف إطلاق النار إلى أكثر من 1112 خرقا منذ سريان الهدنة في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي وحتى 9 فبراير (شباط) الحالي.
وأكدت التقارير أن الخروق الحوثية أودت بحياة 76 مدنيا وتسببت في إصابة 492 آخرين جراح بعضهم خطيرة، مع استمرار الخروق الحوثية بمختلف أنواع الأسلحة لاستهداف منازل المواطنين والأماكن العامة ومواقع الجيش.
وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي اتهم خلال لقائه الأخير مع المبعوث الدولي غريفيث في الرياض الجماعة الحوثية بأنها تتحدث عن السلام ظاهريا فقط، وقال إن قادتها «يستدعون السلام فقط ظاهرياً عند شعورهم بالتراجع والانكسار لكسب مزيد من الوقت لبناء المتاريس وزرع الألغام والدمار، لتحصد الأبرياء من أبناء اليمن».
ولن تكون خطة إعادة انتشار القوات هي المشكلة الوحيدة أمام الجنرال الدنماركي لوليسغارد؛ إذ إن الملف الأصعب - وفق المراقبين - حول تحديد هوية السلطة المحلية الإدارية والأمنية التي ستدير المدينة والموانئ الثلاثة.
ويريد الحوثيون أن ينفذوا انسحابا صوريا من المدينة وموانئها لمصلحة عناصرها المعينين في مفاصل المؤسسات بمزاعم أنهم هم السلطة المحلية، فيما تصر الحكومة الشرعية على نشر قوات الأمن التابعة لها وإعادة الشأن الإداري والأمني للسلطة المحلية التي كانت قائمة قبل الانقلاب الحوثي على الشرعية في 2014.
ويفترض أن يقود اتفاق السويد في شقه الخاص بالحديدة إلى الانسحاب الحوثي من المدينة والموانئ الثلاثة (الحديدة، والصليف، ورأس عيسى)، وأن يتم إنهاء المظاهر المسلحة في المدينة وفتح الطرق وإزالة الحواجز العسكرية الحوثية تحت إشراف الأمم المتحدة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية الآتية من ميناء الحديدة باتجاه مختلف المناطق.


مقالات ذات صلة

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.