لاجئون سورّيون يبرعون في ممارسة الحرف اليدوية في تركيا

متجر علي حنكه للنحاسيات في غازي عينتاب («الشرق الأوسط»)
متجر علي حنكه للنحاسيات في غازي عينتاب («الشرق الأوسط»)
TT

لاجئون سورّيون يبرعون في ممارسة الحرف اليدوية في تركيا

متجر علي حنكه للنحاسيات في غازي عينتاب («الشرق الأوسط»)
متجر علي حنكه للنحاسيات في غازي عينتاب («الشرق الأوسط»)

هاجر بعض السوريين وهاجرت معهم مهنهم وحرفهم التي تعلموها وورثوها من آبائهم وأجدادهم لتكون لهم سندا وعونا في بلاد اللجوء، متكئين على هذه الحرفة أو تلك في ظل حياة قاسية أجبروا عليها في واقع جديد سبّبته الحرب.
يقول علي حنكه - 60 عاماً – الذي يعمل في حرفة النقش على النحاس في غازي عينتاب التركية لـ"الشرق الأوسط": "عندما وصلنا إلى تركيا قبل خمس سنوات لم يكن لدينا شيء نملكه سوى هذه المهنة التي ورثتها عن أبي وعلمتها لأولادي على مر السنين. وبعدما استطعت أن أوفر السكن لأسرتي بدأت رحلة البحث عن عمل، فكانت مهنتي وسيلتي لتحقيق نوع من الاستقرار في مدينة غازي عينتاب حيث شغلت أحد المحلات الصغيرة في سوق النحاس. والفشل هنا لم يكن خياراً لأنه ليس وارداً في سني أن أجد عملاً آخر".
يضيف علي: "معظم اللاجئين السوريين اتّكلوا على مهنهم وحرفهم في بلاد اللجوء لتكون باباً للرزق ووسيلة للاستمرار. ففي مجال حرفتي مثلا يعمل حوالى 20 سورياً في غازي عينتاب حيث يتميزون ويثبتون وجودهم بشهادة الاتراك أنفسهم. وتنشط سوق النقش على النحاس في موسم السياحة أكثر من الأوقات الأخرى، ويُقبل الأتراك على المشغولات النحاسية اليدوية لأن هذه الصناعة في تركيا تطغى عليها الآلة كونها أسرع وأغزر إنتاجاً، لكن القطعة المصنوعة يدوياً أكثر جودة".
ويكمل: "أستطيع القول إني وزملائي اكتسبنا احترام الاتراك في فترة قصيرة جدا بعدما شاهدوا أعمالنا والقطع الفنية التي ننقشها لهم، واعترفوا بأننا أضفنا أشياء جديدة إلى هذا القطاع. ونحن بدورنا اكتسبنا خبرة مضافة من تجارب الأتراك في هذا المجال. واللافت في تركيا أن هذه الحرفة لا تقتصر على الرجال، بل تشارك فيها النساء على عكس ما هو الحال في سوريا".

صناعة الأحذية
أحمد الأحمد هو صاحب إحدى ورشات الأحذية في غازي عينتاب. يقول لـ "الشرق الأوسط": "أنشأ سوريون عدداً من ورشات الأحذية في تركيا، وفي الواقع سدّوا النقص الحاصل في عدد العمال في صناعة الأحذية النسائية، وشاركوا في زيادة إنتاجها عقب قدومهم إلى مناطق تركية مختلفة. صحيح أن البداية كانت صعبة وهذا طبيعي لأننا لم نكن نعرف شيئاً عن البلد وأهله، ولكن بعد فترة قصيرة اندمجنا في المحيط وحققنا نجاحات مقبولة في فترة وجيزة. والحقيقة أن الحرفة تكون أفضل من الشهادة الجامعية في مثل وضعنا، وقد شاهدنا الكثير من أصحاب الشهادات يعملون في المعامل والورشات، ومنهم من لا يزالون يبحثون عن عمل بعد مضي سنوات على قدومهم".
ويختم الأحمد: "نصيحتي للآباء أن يعلموا أولادهم مهنة أو حرفة تساعدهم في موازاة مواصلة الدراسة، لتكون سندا وعونا لهم في المستقبل، وتقيهم شرّ الحاجة المادية".

* من «مبادرة المراسل العربي»



مصر تدرس تطبيق نظام «البكالوريا» بدلاً من الثانوية العامة

وزير التعليم المصري في جولة تفقدية بإحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم المصرية)
وزير التعليم المصري في جولة تفقدية بإحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم المصرية)
TT

مصر تدرس تطبيق نظام «البكالوريا» بدلاً من الثانوية العامة

وزير التعليم المصري في جولة تفقدية بإحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم المصرية)
وزير التعليم المصري في جولة تفقدية بإحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم المصرية)

طرح وزير التربية والتعليم والتعليم الفني بمصر، محمد عبد اللطيف، مقترَحاً جديداً لتغيير نظام الثانوية العامة، واعتماد «شهادة البكالوريا المصرية» بدلاً منه، مقترِحاً تطبيق النظام الجديد بداية من العام المقبل على الطلاب الملتحقين بالصف الأول الثانوي.

وأوضح الوزير خلال اجتماع لمجلس الوزراء، الأربعاء، أبعاد النظام الجديد وتفاصيله، ووصفه بأنه «يعتمد على تنمية المهارات الفكرية والنقدية، بدلاً من الحفظ والتلقين»، كما يعتمد على التعلم متعدد التخصصات بدمج المواد العلمية والأدبية والفنية، والتقييم المستمر وتقسيم المواد على عامين، وفق بيان لمجلس الوزراء.

ووجَّه رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي بمناقشة آليات تنفيذ هذا النظام في المجموعة الوزارية للتنمية البشرية، والتوافق على صيغة نهائية تطرحها الحكومة للحوار المجتمعي قبل بدء التطبيق.

ويتكون هيكل «شهادة البكالوريا المصرية» المقترحة من مرحلتين، هما المرحلة التمهيدية (الصف الأول الثانوي)، والمرحلة الرئيسية (الصفان الثاني والثالث الثانوي)، وفق عبد اللطيف الذي يؤكد أنه يحظى بـ«اعتراف دولي» ويتيح فرصاً متعددة.

الوزير المصري قدَّم مقترحاً لتغيير نظام الثانوية العامة (وزارة التربية والتعليم المصرية)

وتتضمن المرحلة الأولى، ممثلة في الصف الأول الثانوي، عدداً من المواد الأساسية تدخل في المجموع الكلي، وتشمل مواد التربية الدينية، واللغة العربية، والتاريخ المصري، والرياضيات، والعلوم المتكاملة، والفلسفة والمنطق واللغة الأجنبية الأولى، بالإضافة إلى مواد خارج المجموع تشمل اللغة الأجنبية الثانية والبرمجة وعلوم الحاسب، وفق البيان.

وأضاف الوزير أن المرحلة الرئيسية (الصف الثاني الثانوي) ستتضمن المواد الأساسية في جميع التخصصات، وهي مواد اللغة العربية، والتاريخ المصري واللغة الأجنبية الأولى، بالإضافة إلى المواد التخصصية ويختار منها الطالب مادة واحدة، وهي الطب وعلوم الحياة تشمل «الرياضيات/ الفيزياء»، والهندسة وعلوم الحساب تشمل «الرياضيات (مستوى رفيع)» و«الفيزياء (مستوى رفيع)»، والأعمال تشمل «الاقتصاد (مستوى رفيع)» و«الرياضيات»، والآداب والفنون تشمل «الجغرافيا (مستوى رفيع)» و«الإحصاء».

وبخصوص مواد المرحلة الرئيسية (الصف الثالث الثانوي)، فإنها تتضمن في المواد الأساسية لجميع التخصصات مادة التربية الدينية، بالإضافة إلى المواد التخصصية وهي الطب وعلوم الحياة تشمل «الأحياء (مستوى رفيع)» و«الكيمياء (مستوى رفيع)»، والهندسة وعلوم الحساب تشمل «الرياضيات (مستوى رفيع)» و«الفيزياء (مستوى رفيع)»، والأعمال تشمل «الاقتصاد (مستوى رفيع)» و«الرياضيات»، والآداب والفنون تشمل «الجغرافيا (مستوى رفيع)» و«إحصاء».

وزير التربية والتعليم المصري خلال طرح النظام الجديد للثانوية العامة (رئاسة الوزراء)

وكان وزير التربية والتعليم المصري الذي تولى الحقيبة الوزارية في يوليو (تموز) الماضي، قد أعلن في أغسطس (آب) عن تغييرات في نظام الثانوية العامة بتخفيض عدد المواد للصف الأول الثانوي من 10 إلى 6 مواد، والصف الثاني الثانوي من 8 إلى 6 مواد، والصف الثالث الثانوي من 7 إلى 5 مواد؛ الأمر الذي أثار جدلاً وقتها.

وسرعان ما تعرَّض مقترح الوزير إلى انتقادات عدة عبر «السوسيال ميديا»؛ إذ اعتبر متابعون وأولياء أمور أن «التغييرات المتتالية خلال السنوات الماضية في نظام الثانوية العامة أضرت بمستقبل الطلاب ولم تفدهم، وأن تغيير استراتيجيات التعليم يتطلب سنوات طويلة».

وبخصوص نظام «البكالوريا» الجديد، أشار الوزير، إلى مجموعة من القواعد العامة التي تخصّ المرحلة الرئيسية (الصفين الثاني والثالث الثانوي)، تضمنت أن الامتحانات تتاح بفرصتين في كل عام دراسي خلال شهري مايو (أيار) ويوليو لمواد الصف الثاني الثانوي، وشهري يونيو (حزيران) وأغسطس لمواد الصف الثالث الثانوي، وأن دخول الامتحان للمرة الأولى يكون مجاناً، وبعد ذلك بمقابل 500 جنيه (الدولار يساوي 50.58 جنيه مصري) عن كل مادة، ويحتسب المجموع لكل مادة من مواد الثانوية السبع من 100 درجة.

الوزير يتابع العملية التعليمية بإحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم المصرية)

وعدّت عضو لجنة التعليم بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المصري) الدكتورة جيهان البيومي «النظام الجديد مقبولاً إذا كان يستهدف الخروج من فكرة حشو عقول الطلبة بالمعلومات والاعتماد على الحفظ والتلقين فقط، وهو أمر انتهى عصره في كل الدول»، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «أما الفكرة وآلية تطبيقها فهما ما نحتاج إلى مراجعته ومعالجة أساليب التطبيق؛ وهو ما يستدعي مناقشته مع الوزير ولجنة التعليم وأيضاً الاستماع إلى المناقشات المجتمعية للوصول إلى أفضل الحلول وأفضل تطبيق».

وتعرّض نظام الثانوية العامة في مصر لتغييرات على مدى سنوات، من بينها تغيير النظام من عام واحد رئيسي (الصف الثالث الثانوي) إلى عامين هما «الصفان الثاني والثالث الثانوي»، ثم عودة النظام القديم واحتساب المجموع لعام واحد فقط.

وخاض امتحان الثانوية العامة في العام السابق 2024 أكثر من 750 ألف طالب وطالبة في الشعبتين الأدبية والعلمية بشعبتيها (العلوم والرياضة)، وتمثل شهادة الثانوية محطة مفصلية في المسار التعليمي للطلاب، وتحظى باهتمام شديد من معظم الأسر المصرية.

ويتوقع أن يثير المقترح الجديد جدلاً وسعاً في مصر بسبب أهميته لمئات الآلاف من الأسر في جميع المحافظات.