الحوثيون يجددون قصف المخازن الأممية للقمح في الحديدة

اعتراف بريطاني بتضاؤل فرص السلام قبيل اجتماع الرباعية

كبير المراقبين الأمميين الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد خلال اجتماعاته في صنعاء أمس (رويترز)
كبير المراقبين الأمميين الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد خلال اجتماعاته في صنعاء أمس (رويترز)
TT

الحوثيون يجددون قصف المخازن الأممية للقمح في الحديدة

كبير المراقبين الأمميين الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد خلال اجتماعاته في صنعاء أمس (رويترز)
كبير المراقبين الأمميين الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد خلال اجتماعاته في صنعاء أمس (رويترز)

استبق وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، لقاء اللجنة الرباعية بشأن اليمن، التي تضم إلى جانبه وزراء خارجية السعودية والإمارات والولايات المتحدة الأميركية، باعترافه بأن فرص السلام في اليمن تتضاءل لجهة عدم تنفيذ اتفاق السويد. جاء ذلك في وقت جددت الميليشيات الحوثية أمس قصف مخازن القمح في صوامع مطاحن البحر الأحمر، في تحد جديد للمجتمع الدولي، على الرغم من التحذيرات الأممية من تلف الكميات التي تكفي لنحو 3.7 مليون نسمة.
وقال هانت في بيان أمس قبيل اجتماع اللجنة الرباعية، إن فرصة تحويل وقف إطلاق النار في اليمن إلى خطة للسلام تتضاءل. وأضاف: «أمامنا الآن فرصة آخذة في التضاؤل لتحويل وقف إطلاق النار إلى مسار دائم للسلام ووقف أسوأ أزمة إنسانية في العالم». وفي تناقض واضح في تصريح الوزير البريطاني عاد للقول إن «هناك تقدما حقيقيا تحقق بالنسبة للتوصل إلى حل سياسي لكن هناك أيضاً مشكلات حقيقية تتعلق بالثقة بين الطرفين مما يعني أن اتفاق استوكهولم لا ينفذ بالكامل». وعلى الرغم من المساعي البريطانية التي تؤازر جهود المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث في التوصل إلى سلام بين الحكومة الشرعية والجماعة الحوثية الموالية لإيران، فإن مسارات الحل لاتزال عالقة بسبب تعنت الجماعة وعدم جديتها في تنفيذ بنود اتفاق السويد، كما تقول الحكومة المعترف بها دوليا.
في السياق نفسه، أفادت مصادر ميدانية في الجيش اليمني بأن الجماعة الحوثية عاودت أمس قصف صوامع مطاحن البحر الأحمر التي تتخذ منها الأمم المتحدة مخازن للقمح. وذكرت المصادر أن قذيفة هاون واحدة على الأقل سقطت جوار إحدى صوامع القمح، ما يشير إلى عدم مبالاة الجماعة الحوثية بالتحذيرات الأممية من إتلاف الكميات المخزنة التي عجزت الفرق عن الوصول إليها منذ خمسة أشهر بسبب إغلاق الجماعة لطرق الإمداد ومنع الوصول إلى المخازن.
وأكدت المصادر أن القصف الحوثي الجديد تزامن مع استمرار التحركات الميدانية للجماعة على امتداد الساحل الغربي في الحديدة، ومحاولات التقدم نحو مناطق سيطرة القوات الحكومية الملتزمة وقف إطلاق النار منذ 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وكان المبعوث الأممي غريفيث وصل الاثنين إلى صنعاء لزحزحة العراقيل الحوثية أمام الخطة المقترحة من الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد لإعادة الانتشار وفي الحديدة والبدء في تطبيق اتفاق السويد بين الجماعة والحكومة.
وخلال لقائه في الرياض الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، شدد الأخير على ضرورة وضع تواريخ محددة لتنفيذ خطوات اتفاق السويد الخاص بالانسحاب من الحديدة وموانئها، كما أبلغ المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث عدم الذهاب إلى جولة جديدة من المشاورات مع الحوثيين قبل تنفيذ اتفاق السويد كاملا.
وبحسب مصادر حكومية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» فإن قيادة الشرعية منفتحة على كل مقترحات الجنرال الدنماركي، لكنها تعارض تجزئة تنفيذ الاتفاق وتصر على جداول زمنية شاملة لإعادة الانتشار وانسحاب الجماعة الحوثية من الحديدة وموانئها الثلاثة وإحلال القوات الأمن الموالية لها والسلطة المحلية القائمة قبل الانقلاب الحوثي في المؤسسات.
وبحسب المصادر نفسها، كان لوليسغارد اقترح حلا جزئيا حول إعادة الانتشار وفتح ممرات آمنة تشرف عليها قوات دولية، وذلك في انتظار وصول فريق المراقبين الأمميين وعددهم 75 مراقبا إلى الحديدة.
وأوردت المصادر الرسمية اليمنية عن غريفيث أنه قال خلال لقائه هادي: «نعمل على إخلاء الموانئ وفتح الطريق إلى مطاحن البحر الأحمر وتنفيذ خطوات اتفاق استوكهولم كاملة ومنها ما يتصل بالجوانب الإنسانية وملف الأسرى والمعتقلين وسيتم عرض نتائج تلك الخطوات في الإحاطات القادمة لمجلس الأمن الدولي».
ولم يصدر عن الجماعة الحوثية أي تعليق على زيارة المبعوث الأممي الأخيرة إلى صنعاء التي استمرت يوما واحدا قبل أن يغادرها إلى الرياض للقاء هادي، كما لم يشر غريفيث إلى أي تقدم جديد في مشاوراته مع الجماعة.
وكان المبعوث الدولي قبل وصوله صنعاء الاثنين، أصدر بيانا مشتركا مع وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، لامتصاص غضب الجماعة بعد بيان سابق للوكوك حمل فيه الميليشيات الحوثية المسؤولية عن منع وصول الفرق الأممية إلى مخازن القمح ومطاحن البحر الأحمر حيث توجد كمية لإطعام 3.7 مليون شخص لمدة شهر. وقالت مصادر سياسية في صنعاء إن غريفيث التقى في صنعاء رئيس فريق المراقبين الدوليين، الدنماركي مايكل لوليسغارد، حيث أطلعه الأخير على نتائج جولة الاجتماعات الأخيرة مع ممثلي الحكومة الشرعية والجماعة الحوثية على متن السفينة الأممية في سياق المساعي لوضع خطة إعادة نشر القوات وتنفيذ اتفاق السويد.
وتتحدث مصادر في الحكومة الشرعية عن رغبة المبعوث الدولي البريطاني الجنسية مارتن غريفيث في إطلاق جولة من المشاورات حول قضايا الحل السياسي والأمني والعسكري الشامل، إلا أن الرئيس هادي يرفض ذلك ويصر على تنفيذ اتفاق السويد أولا بكامله.
وفيما يتهم الناشطون اليمنيون الموالون للحكومة الشرعية الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالتساهل مع الجماعة الحوثية، كان المتحدث باسم الجيش اليمني عبده مجلي لمح في وقت سابق إلى إمكانية العودة إلى المسار العسكري لتحرير الحديدة وموانئها بالقوة إذا واصلت الجماعة التنصل من اتفاق السويد بشأن الحديدة.
ووفق تقارير يمنية رسمية، ارتفع عدد خروق الميليشيات لوقف إطلاق النار إلى أكثر من 1112 خرقا منذ سريان الهدنة في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وحتى 9 فبراير (شباط) الحالي.
وأكدت التقارير أن الخروق الحوثية أودت بحياة 76 مدنيا وتسببت في إصابة 492 آخرين، جراح بعضهم خطيرة، مع استمرار الخروق الحوثية بمختلف أنواع الأسلحة لاستهداف منازل المواطنين والأماكن العامة ومواقع الجيش.
واتهم الرئيس اليمني خلال لقائه الأخير مع المبعوث الدولي غريفيث في الرياض الجماعة الحوثية بأنها تتحدث عن السلام ظاهريا فقط، وقال إن قادتها «يستدعون السلام فقط ظاهرياً عند شعورهم بالتراجع والانكسار لكسب مزيد من الوقت لبناء المتاريس وزرع الألغام والدمار لتحصد الأبرياء من أبناء اليمن».
ويفترض أن يقود اتفاق السويد في شقه الخاص بالحديدة إلى الانسحاب الحوثي من المدينة والموانئ الثلاثة (الحديدة، والصليف، ورأس عيسى)، وأن يتم إنهاء المظاهر المسلحة في المدينة وفتح الطرق وإزالة الحواجز العسكرية الحوثية تحت إشراف الأمم المتحدة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية القادمة من ميناء الحديدة باتجاه مختلف المناطق.
ولن تكون خطة إعادة انتشار القوات هي المشكلة الوحيدة أمام الجنرال الدنماركي لوليسغارد، إذ إن الملف الأصعب - وفق المراقبين - هو حول تحديد هوية السلطة المحلية الإدارية والأمنية التي ستدير المدينة والموانئ الثلاثة.
ويريد الحوثيون أن ينفذوا انسحابا صوريا من المدينة وموانئها لمصلحة عناصرها المعينين في مفاصل المؤسسات بمزاعم أنهم هم السلطة المحلية، فيما تصر الحكومة الشرعية على نشر قوات الأمن التابعة لها وإعادة الشأن الإداري والأمني للسلطة المحلية التي كانت قائمة قبل الانقلاب الحوثي على الشرعية في 2014.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.