مقترح تعديل الدستور المصري يحظى بتأييد واسع داخل البرلمان

رئيس مجلس النواب: نستهدف إصلاح النظام السياسي

جلسة للبرلمان المصري أمس لمناقشة مقترح تعديل الدستور (أ.ب)
جلسة للبرلمان المصري أمس لمناقشة مقترح تعديل الدستور (أ.ب)
TT

مقترح تعديل الدستور المصري يحظى بتأييد واسع داخل البرلمان

جلسة للبرلمان المصري أمس لمناقشة مقترح تعديل الدستور (أ.ب)
جلسة للبرلمان المصري أمس لمناقشة مقترح تعديل الدستور (أ.ب)

أظهرت مناقشة مقترح تعديل الدستور المصري تأييداً واسعاً داخل مجلس النواب (البرلمان)، بعد أن أبدى غالبية النواب ورؤساء الكتل البرلمانية، أمس، موافقتهم المبدئية على التعديلات، التي تمنح رئيس البلاد الحالي عبد الفتاح السيسي حق الترشح مجدداً، بعد انتهاء فترة ولايته الثانية والأخيرة، وفقاً للدستور المعمول به، كما تزيد مدة فترة الرئاسة لـ6 سنوات، بدلاً من 4.
ومن المنتظر أن يصوت أعضاء مجلس النواب، اليوم (الخميس)، «نداء بالاسم» على التعديلات، المُقدمة من 155 عضواً (أكثر من خُمس أعضاء المجلس)، قبل أن تحال للجنة التشريعية والدستورية لصياغتها بشكل نهائي.
وخلال جلسة أمس استعرض مجلس النواب تقرير اللجنة العامة، عن مبدأ تعديل بعض مواد الدستور، الذي أكد أن طلب تعديل الدستور هو «استجابة لأسباب واقعية وقانونية... بهدف تبني عدد من الإصلاحات في تنظيم سلطات الحكم».
وأُقرّ الدستور الحالي عام 2014، بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، إثر احتجاجات حاشدة على حكمه. ووفقاً لمواده، فإن حكم السيسي ينتهي عام 2022. ولا يحق له الترشح لفترة رئاسة جديدة بعدها.
ويتضمن المقترح المقدم تعديل 12 مادة من مواد الدستور، واستحداث 8 مواد جديدة، وإضافة مادة وحيدة انتقالية. وتنص التعديلات على زيادة مدة تولي منصب رئاسة الجمهورية لتصبح 6 سنوات، بدلاً من 4. مع استحداث مادة انتقالية بسريان هذا الحكم على الرئيس الحالي، وتعيين نائب أو أكثر للرئيس. كما تشمل استحداث غرفة ثانية للبرلمان باسم «مجلس الشيوخ»، بعد إلغاء مجلس مماثل عام 2013.
وبينما تحظر المادة «226» من الدستور الحالي «تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية، أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات»، أكد تقرير اللجنة العامة لمجلس النواب، أمس، أن «الحظر المشار إليه ينصب على زيادة عدد مدد الرئاسة لأكثر من مدتين اثنتين، ولا يتطرق لزيادة أمد المدة الواحدة، من حيث عدد السنوات».
ونوهت اللجنة العامة إلى أن هذا «رأي بعض الفقهاء في القانون الدستوري، فضلاً عن أن التجربة والواقع أثبتا أن فترة الرئاسة لأربع سنوات مدة غير واقعية، وغير كافية إطلاقاً لتحقيق أبعاد التنمية الشاملة».
وإلى الآن لم يعلق الرئيس السيسي على طلب تعديل الدستور. لكنه سبق أن ذكر في سبتمبر (أيلول) 2015 أن الدستور المصري «كُتب بنيات حسنة، والدول لا تُحكم بحسن النيات فقط».
وتتضمن التعديلات إنشاء مجلس أعلى للهيئات القضائية يرأسه رئيس الجمهورية. كما تمنح رئيس الجمهورية اختيار النائب العام من بين 3 يرشحهم مجلس القضاء الأعلى، وكذلك رئيس المحكمة الدستورية العليا من بين أقدم 5 نواب رئيس المحكمة.
وتنص التعديلات المقترحة أيضاً على دور للقوات المسلحة في «حماية وصيانة الدستور ومبادئ الديمقراطية، والحفاظ على مدنية الدولة»، كما تمنح القضاء العسكري صلاحية نظر الجرائم المترتبة حال قيام القوات المسلحة بحماية بعض المنشآت، التي تقتضي الضرورة حمايتها.
وضمن التعديلات أيضاً زيادة تمثيل المرأة في مقاعد البرلمان، بحصة محجوزة دستورياً لا تقل عن الربع، واستمرار المعاملة التفضيلية لتمثيل كل من العمال والفلاحين والشباب والأقباط والمصريين بالخارج، والأشخاص ذوي الإعاقة بالمجالس النيابية، بعد أن كانت مؤقتة. كما تستهدف التعديلات إلغاء المادتين «212، 213» من الدستور الحالي، في شأن الهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام.
وقال رئيس مجلس النواب علي عبد العال، أمس، إن طلب تعديل الدستور «لا يمس عدد فترات الرئاسة، أو يخاطب شخصاً إطلاقاً، ولكن يأتي في إطار إصلاح النظام السياسي، ويجب قراءته قراءة جيدة». مضيفاً أن «طرح تعديل مدة الرئاسة يأتي تحت عنوان إصلاح النظام السياسي، الذي يتضمن كذلك إنشاء غرفة ثانية للبرلمان، في ضوء ما كشف عنه الواقع والظروف الراهنة، إلى جانب مراعاة تمثيل ذوي الإعاقة والمرأة، فضلاً عن إصلاحات لا بد من إجرائها فيما يتعلق بالقضاء والإعلام». وتابع عبد العال موضحاً: «لو كنت أشك لحظة في أن طلب تعديل الدستور يمس الحظر الموجود في المادة 226 (الخاصة بمدد الرئاسة) ما كنت لأدخله اللجنة العامة لمناقشته... الحظر الخاص بفترتي الرئاسة لم يُمس، وإنما نتحرك في مدة فترة الرئاسة فقط. والتعديل فرضته الظروف التاريخية والمرحلة التي نعيشها، ولا يمس جوهر المادة».
وأبدى أغلبية رؤساء وممثلي الهيئات البرلمانية موافقتهم على مبدأ التعديلات الدستورية، إذ قال رئيس ائتلاف الأغلبية (دعم مصر) عبد الهادي القصبي: «إننا نحتاج بعض التعديلات التي تستهدف عدداً من الإصلاحات في نظام الحكم، بما يتوافق مع الوضع الحالي للدولة المصرية»، مشيراً إلى أن «نواب الشعب استخدموا حقهم».
من جهته، قال أيمن أبو العلا، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب «المصريين الأحرار» إن «دستور 2014 كتب في مرحلة انتقالية، وبعض مواده كانت لا تتناسب مع الواقع المصري، وبعض المواد تأثرت بما يسمى بفوبيا الماضي. الأمر الذي أوجب تعديل بعض المواد، بما يتوافق مع المرحلة الحالية».
فيما قال ممثل الهيئة البرلمانية لحزب الوفد هاني أباظة إن «التعديل أصبح واجباً في هذه المرحلة، حتى يستكمل الرئيس المشروعات القومية التي لم تكتمل بعد». وأضاف متسائلاً: «بأي منطق يتحدث من يتحدث عن رحيل الرئيس السيسي في هذا التوقيت؟».
من جانبهم، أعرب ممثلو أحزاب «حماة الوطن، المؤتمر، المصري الديمقراطي، الحرية، مصر بلدي، التجمع»، عن موافقتهم على التعديلات. فيما أبدى حزب النور السلفي «موافقة جزئية» على التعديلات، وتحفظ على كلمة «الدولة المدنية»، التي وردت في نص التعديلات، وكذلك زيادة «كوتة المرأة». وهو ما ردّ عليه رئيس مجلس النواب مؤكداً أن «التعديلات المطروحة تتحدث عن مدنية الدولة، ولا تمس مبادئ الشريعة الإسلامية التي نص الدستور على أنها المصدر الأساسي للتشريع».
وجاء الرفض الوحيد والصريح للتعديلات من جانب تكتل «25 - 30»، المعارض الصغير، والمؤلف من 16 نائباً. وبهذا الخصوص قال النائب محمد عبد الغني، عضو التكتل، إن «الدستور الحالي لم يظهر أنه طبّق بشكل كامل، ولم تظهر أزمة سياسية طاحنة تدعونا لتعديله... ومن حق الشعب المصري أن يعيش مثل باقي الشعوب». مضيفاً: «أؤكد رفضي لهذه التعديلات».
ويتألف مجلس النواب، الذي يهيمن عليه مؤيدو السيسي، من 568 نائباً منتخباً، بالإضافة إلى 28 نائباً عيّنهم الرئيس.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.