لم تنهِ زيارة وزير الدفاع الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان، للعراق ولقاؤه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، الجدل المتزايد في شأن الوجود العسكري الأميركي، منذ أعلن الرئيس دونالد ترمب استخدام القواعد في العراق لمراقبة إيران، ما استنفر حلفاء طهران خاصةً.
وكان عبد المهدي قد أبلغ الوزير الأميركي، طبقاً لبيان صادر عن رئاسة الوزراء، بأن «العراق لن يقبل أي قواعد أجنبية على أراضيه»، معتبراً أن «القرار العراقي مستقل ولا يتأثر بأي نفوذ وإملاءات من أي طرف»، فيما أكد شاناهان أن «مهمة القوات الأميركية تتمثل في محاربة تنظيم داعش وتوفير التدريب الذي تحتاج إليه القوات العراقية»، حسب البيان نفسه.
وأكد رئيس الوزراء «حرص العراق على العلاقات مع الولايات المتحدة والمساهمة في محاربة الإرهاب و(داعش)»، مشدداً على «ضرورة التقيد بالاتفاقات الأساسية وهي محاربة الإرهاب وتدريب القوات العراقية، وليس أي شيء آخر». ودعا إلى «مساندة جهود الاستقرار والإعمار وتطوير الاقتصاد»، معتبراً أن «العراق حقق نجاحات واضحة ويشهد اليوم استقراراً بعد دحر عصابة (داعش) الإرهابية بتضحيات أبنائه وبالتماسك الاجتماعي ووحدة أطياف الشعب، كما أن الحياة في المدن ومنها العاصمة أصبحت أفضل مما كانت عليه».
وتباينت ردود الفعل داخل العراق حيال التناقض بين الفهم الرسمي العراقي للوجود الأميركي وبين فهم واشنطن له. واعتبر وزير الداخلية الأسبق النائب عن «تحالف الفتح» محمد سالم الغبان، أن «ما يعبر عنه الأميركيون سواء من خلال تصريحات ترمب أو مسؤولين آخرين، إنما تمثل انتهاكاً صارخاً للسيادة العراقية، لأن مثل هذه التصريحات وفي ضوء رفضنا لأي وجود أميركي بأي شكل، تعد تصعيداً خطيراً يعرّض أمن العراق ومصالحه للخطر، فضلاً عن زعزعة استقرار المنطقة بكاملها».
وأضاف الغبان لـ«الشرق الأوسط» أن «الشعب العراقي لن يسمح باستمرار هذا الوجود تحت أي صيغة. كما نرفض استخدام الأراضي العراقية منطلقاً للعدوان على دول الجوار». وأوضح أنه «يتوجب على الحكومة العراقية والقائد العام للقوات المسلحة اتخاذ مواقف واضحة حيال مثل هذه التصريحات وعدم التهاون في مثل هذا الأمر تحت أي حجة أو ذريعة لأن من شأنه التأثير على مسار العلاقات الثنائية المستقبلية بين العراق والولايات المتحدة».
ورأى النائب عن «تحالف سائرون» برهان المعموري، أنه «مهما كانت الحجج والذرائع التي يسوقها الأميركيون لتبرير وجودهم العسكري في العراق فإنها انتهت». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التذرع بالاتفاقية الأمنية ليس مبرراً كافياً لأنه في ظل الاتفاقية التي كانت قد وقِّعت في زمن حكومة (رئيس الوزراء السابق نوري) المالكي سيطر تنظيم داعش على ثلث الأراضي العراقية»، مشيراً إلى أن «العبادي استعان بالتحالف الدولي لغرض محدد هو طرد (داعش)، وهو ما تحقق، وبالتالي لا حاجة للعراق بأي وجود أجنبي بعد الآن».
لكن القيادي في «تحالف الإصلاح والإعمار» النائب السابق حيدر الملا، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك من يخلط بين ما يتمناه أو يريده هو وبين الدولة التي تمثلها الحكومة بشخص رئيس الوزراء أو وزير الدفاع. إذا تحدثنا عن الاتفاقيات العسكرية التي توقَّع مع هذه الدولة أو تلك، فللحكومة التي هي مسؤولة عن السياسة الخارجية استراتيجيتها في هذا المجال».
ولفت إلى أن «بعض مَن يتحدثون عن ضرورة إخراج القوات الأميركية من البلاد لا يعترفون بوجود وحدة قرار لدى الحكومة، وهو ما يمثل في الواقع إهانة لها، وهي في كثير من الأحيان إهانة مقصودة من قبل البعض».
وأوضح الملا أنه «بصرف النظر عن كل ما يقال عن الوجود الأميركي في العراق، فإن هناك اتفاقية أمنية بين الجانبين لا بد من احترامها فضلاً عن أننا جميعاً نعرف أن الغطاء الجوي الأميركي كان ضرورياً جداً لهزيمة (داعش)». ورأى أن «الحاجة باتت ماسة اليوم إلى تقنين الوجود الأميركي في العراق وتنظيمه من دون الدخول في مزايدات كلامية».
تطمينات شاناهان لم تنهِ جدل الوجود الأميركي في العراق
تطمينات شاناهان لم تنهِ جدل الوجود الأميركي في العراق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة