الكرملين يخترق المجتمع الفرنسي بالقوة الناعمة

سيسيل فيسيه تكشف النقاب عن التغلل الروسي في كتابها الجديد

الكرملين يخترق المجتمع الفرنسي بالقوة الناعمة
TT

الكرملين يخترق المجتمع الفرنسي بالقوة الناعمة

الكرملين يخترق المجتمع الفرنسي بالقوة الناعمة

يكشف كتاب «شبكات الكرملين في فرنسا» لمؤلفته سيسيل فيسيه، الصادر حديثاً في باريس، عن سعي الكرملين ومنذ عدة سنوات لشن حملات من شأنها زعزعة الاتحاد الأوروبي والتأثير على الشؤون الداخلية لعدد من الدول الأعضاء به، خالطاً في هذا الإطار بين مفهومه للقوة الناعمة من جانب وبين الطرق التقليدية لجهاز الاستخبارات في الاتحاد السوفياتي السابق KGB))
ويوضح الكتاب أنه في الوقت الذي يشهد الاقتصاد الروسي أزمة خطيرة للغاية، وانتشاراً كبيراً للفساد، نجد القيادة الروسية تسعى جاهدة نحو تمويل جمعيات ومراكز أبحاث ودعاية إعلامية وشبكات ضغط تتنوع بين أحزاب سياسية مثل الجبهة الوطنية التي تلقت ملايين اليوروهات من الكرملين وبين دوائر إعلامية وشخصيات سياسية واقتصادية، هذا بالإضافة إلى الدور الكبير الذي تقوم به الجالية الروسية في فرنسا.
في ظل هذا الوضع، تطرح مؤلفة الكتاب، وهي متخصصة في الدراسات الروسية بجامعة رين 2 الفرنسية، سؤالاً هاماً: هل تمثل هذه السياسة التطفلية خطراً حقيقياً على كل من الأمن القومي الفرنسي والتكامل الأوروبي؟ وهنا تبدو الإجابة بسيطة وسهلة وتكمن في أن هذه السياسة تمثل فعلاً خطورة حقيقية ليس فقط على فرنسا، ولكن أيضاً على المجتمع الأوروبي ومدى تكامله ووحدته، ولا سيما أن الكرملين يستخدم كل ما أوتي من أدوات من أجل بلوغه هدفه، وهي أدوات تتنوع بين رجال سابقين في KGB)) ومليارديرات وشخصيات روسية هامة ونافذة تحن للمجد الروسي القديم وتسعى نحو استعادة هذا المجد بأي ثمن وتنفق في سبيل ذلك الغالي والنفيس.
وعبر صفحات الكتاب البالغة 392 صفحة من القطع المتوسط، تسعى المؤلفة إلى كشف النقاب عن كثير من الأمور التي لا شك أنها تدهش المواطن الفرنسي إلى حد كبير، وتثير لديه أسئلة كثيرة عن اللوبي الروسي النشط على الأراضي الفرنسية والممول من الكرملين. وهو يتألف من مجموعات من خبراء في الاقتصاد والسياسة وبعض المعجبين بنظام بوتين وسياسته، وأيضاً بعض الخبراء المدافعين عن المواقف الروسية في أوكرانيا، أو عن الدعم الروسي لبشار الأسد، الأمر الذي يفسر بدوره حالة الصمت التي تتحلى بها بعض المنابر الإعلامية الفرنسية تجاه سياسة الكرملين الخارجية.
شبكة عنكبوتية
يذكر الكتاب أنه من المؤكد أن الكرملين لا يترك أي سبيل من أجل اختراق المجتمع الفرنسي إيماناً منه بأهمية التحرك والتعاطي مع كل دولة أوروبية على حدة بعيداً عن الاتحاد الأوروبي الذي يمثل معضلة حقيقية أمامه، وبالتالي يسعى الكرملين نحو تعزيز وجوده واختراقه للمجتمع الفرنسي من خلال العديد من الأدوات من أبرزها: مؤسسة «الحوار الروسي الفرنسي» التي أنشئت عام 2004 تحت رعاية الرئيسين شيراك وبوتين، وتضم شركات تجارية فرنسية وروسية لتطوير التعاون الاقتصادي والتجاري بين باريس وموسكو، و» معهد الديمقراطية والتعاون في باريس» الذي أنشيء عام 2008 بهدف إقامة جسر للتعاون بين الأوروبيين والفرنسيين والروس، وأيضا منتدى الإبطال الذي اجتمع للمرة الأولى بمقر السفارة الروسية بباريس في 2011. ويضم مجموعات من الروس الناطقين بالفرنسية وأعضاء من الجالية الروسية بفرنسا لتحقيق هدف بوتين «العالم الروسي «من خلال حشد الجاليات الروسية الناطقة بالفرنسية وتجميعها على قلب رجل واحد لتمثل قوة تحرك لمبادرات لغوية وثقافية واقتصادية روسية بدعم من الكرملين فيما يتعلق بالمسائل الجيو سياسية مثل «الصراع الروسي الأوكراني».
وفى إطار متصل، يلتقي قادة الكيانات الثلاث سالفة الذكر بشكل دوري مع وسائل الإعلام الفرنسية وتلك الناطقة بالفرنسية التي أنشأتها موسكو مثل «روسيا اليوم» التي خرجت للنور في ثوبها الفرنسي عام 2017. هذا بالإضافة إلى كتاباتهم بالفرنسية من خلال «سبوتنيك»، وكالة الأنباء الروسية.
الجالية الروسية في فرنسا:
يتراوح قوام الجالية الروسية في فرنسا بين 300 و400 ألف روسي، وهي جالية تتسم بالقدم إلى حدٍ كبير؛ بدأت تياراتها الأولى قبل الثورة من اليهود ومعارضي نظام «تسار»، هذا بالإضافة إلى بعض الفنانين ورجال السياسة، ثم ما لبثت أن تبدلت إلى هجرات اقتصادية خلال القرن العشرين لتنتشر الآن في مدن عديدة بين باريس ونيس وكان، ووصلت إلى الجيل الثالث اليوم، الأمر الذي يدفع الكرملين نحو حُسن استخدامها والاستفادة منها.
تقول الكاتبة: «إن الكرملين يستخدم أكثر من قوة ناعمة في فرنسا لبلوغ أهدافه هناك، وهي أهداف تتجاوز في الواقع فرنسا في حد ذاتها إلى الاتحاد الأوروبي، ولذلك طورت موسكو وبنجاح أكثر من قوة ناعمة لها في فرنسا عن طريق سياسة تأثير تستهدف الدوائر السياسية والاقتصادية، هذا بالإضافة إلى أنها تستعد لافتتاح كاتدرائية لها في باريس للمساعدة على تنفيذ ما تصبو إليه».
ويذكر الكتاب أن جيورجي شبيليف رئيس الجالية الروسية في فرنسا يمثل أحد أهم أدوات اختراق روسيا للمجتمع الفرنسي ليس فقط لأنه مدعوم وممول بقوة من السفارة الروسية بفرنسا، ولكن أيضاً لما يتمتع به من نشاط ونفوذ كبيرين في الميدان الفرنسي، خاصة من خلال «المنتدى السنوي لروسيي فرنسا»، بل وصل الأمر لأن تصف بعض البرامج التلفزيونية الفرنسية شبيليف بأنه رجل الكرملين القوي في فرنسا، الذي يسعى نحو زعزعة استقرار المجتمع الفرنسي نظراً لما يتمتع به من نشاط كبير، إضافة إلى ما لديه من أدوات نافذة توفرها له سفارة بلادة لدى فرنسا التي تقدم له كل الدعم من وراء ستار.ويخلص الكتاب إلى أنه من الواضح أن الكرملين لا يترك أي مدخل لاختراق المجتمع الفرنسي بما في ذلك اللغة الفرنسية نفسها التي تحتوي على بضع كلمات من أصول روسية وحضور للثقافة والفنون الروسية، ولذلك يسعى الكرملين نحو إرسال فرق فنية «كورال شعبي» لبعض القرى الفرنسية من أجل التأثير على المجتمع الفرنسي بشكل مباشر، وهو هدف يسعى إليه الأساتذة الجامعيون الروس في الجامعات الفرنسية، فهم بدورهم يحاولون التأثير على طبقة الشباب الروسي والفرنسي في آنٍ واحد لبلوغ الهدف نفسه، وهو دور ينفذه بمهارة شبيليف الذي يعمل أيضاً أستاذاً للغة الروسية والعلوم السياسية بالمعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية INALCO -. ومن الأمثلة إلى يذكرها الكتاب عن مساعي الكرملين لبسط يده على المجتمع الفرنسي، مساندة وسائل الإعلام الروسية الناطقة بالفرنسية علانية مرشحة اليمين المتطرف «مارين لوبن»، بل وصل الأمر إلى ما هو أبعد من ذلك باتهامها بتلقي تمويل مالي يقدر بـ9 ملايين يورو من بنك «فرست زيتش» الروسي عام 2014 وهو البنك الذي كان يضم بين مسؤوليه الأساسيين أحد أركان الـKGB)) السابقين.


مقالات ذات صلة

كتب شركة ناشئة تخطط لنشر ما يصل إلى 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي (أرشيفية)

وسط اعتراض كتّاب ودور نشر… شركة ناشئة تسعى لإنتاج 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي

ينتقد كتّاب وناشرون إحدى الشركات الأميركية الناشئة التي تخطط لنشر ما يصل إلى 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

سيمون سكاما
سيمون سكاما
TT

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

سيمون سكاما
سيمون سكاما

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما» Simon Schama، في كتابه «قصة اليهود» The story of the Jews الصادر عن دار نشر «فينتغ بوكس» في لندن Vintige Books London، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين في دلتا النيل في مصر سنة 475 قبل الميلاد حتى نفيهم من إسبانيا سنة 1492 ميلادية. وهو يذكر أنهم في البداية كانوا عبيداً في مصر وطُردوا بشكل جماعي، وهم حتى اليوم يحتفلون بذكرى تحررهم من العبودية في مصر. وقد أمرهم إلههم بعدم العودة إلى مصر لكنهم عصوا أمره وعادوا مراراً وتكرارً إليها. واعتماداً على أسفار موسى الخمسة، وعلى آثار عمليات التنقيب في مصر، كانت بين يدي الكاتب مادة خصبة أعانته على جمع أدلة تفيده في نثر كتابه الذي يتناول مدة زمنية أسهمت في تكوين مصير مَن حُكم عليهم بالعيش حياة الشتات في الشرق والغرب.

ويذكر الكاتب أن اليهود عاشوا حياة الشتات، وأنهم أقلية مسحوقة دائماً بين قطبين، وبين حضارتين عظيمتين؛ بين الحضارة الأخمينية وحضارة الإغريق، بين بابل ووادي النيل، بين البطالمة والسلوقيين، ثم بين الإغريق والرومان.

وهكذا عاشوا منغلقين في قوقعة في أي مجتمع يستقرون فيه ، فمثلاً فترة انتشار الإمبراطورية الإغريقية وجدوا صعوبة في الحصول على المواطَنة الإغريقيّة لأنها كانت تعتمد على ثلاث ركائز: المسرح، والرياضة (الجيمانيزيوم) التي لا يمكن أن تتحقق من دون ملاعبَ العريُ التامُّ فيها إلزاميٌّ، الشيء الذي لا يتماشى مع تعاليم اليهودية، والدراسة الأكاديمية، التي لا يمكن أن يصلوا إليها.

صحيح أنهم عاشوا في سلام مع شعوب المنطقة (سوريين، وإغريقاً، وروماناً، وفُرساً، وآشوريين، وفراعنة، وفينيقيين) لكن دائماً كانوا يشعرون بأن الخطر على الأبواب، حسب الكاتب، وأي حدث عابر قد يتحول إلى شغب ثم تمرُّد ثم مجزرة بحقهم. ومن الطبيعي أن تتبع ذلك مجاعة وصلت أحياناً إلى تسجيل حالات أكل الأحذية وحتى لحوم البشر، ومذابح جماعية تشمل الأطفال والنساء وتدنيس المقدسات. ويضرب الكاتب هنا مثلاً بمحاولة انقلاب فاشلة قام بها القديس ياسون على الملك السلوقي أنطيوخس إبيفانيوس الرابع، فتحول هذا الأخير إلى وحش، وأمر بقتل كل يهودي في شوارع القدس وهدم المقدسات، وقدَّم الخنازير أضحية بشكل ساخر بدلاً من الخراف، وأجبر اليهود على أكل لحم الخنزير، وأخذ آلاف الأسرى لبيعهم في سوق النخاسة. وبعد فترة استقرار قصيرة في القدس، وأفول الحضارة الإغريقيّة لتحل مكانها الحضارة الرومانية، ذهب وفد من اليهود إلى الملك الروماني لمناشدته منح اليهود في القدس حكماً ذاتياً.

طبعاً هذه كانت مماطلة لا تُلغي وقوع الكارثة لكن تؤجلها. حتى إن الملك غاليكولا أمر ببناء تمثال له على هيئة إله وتنصيبه وسط معبد اليهود الذين كانوا يَعدّون ذلك من الكبائر.

حتى جاء اليوم الذي وقف فيه على أبوابها الملك الروماني بومبي الكبير فارضاً حصاراً دام عامين انتهى باصطحابه الأسرى اليهود مقيدين بالسلاسل لعرضهم في شوارع روما، تلت ذلك هجرة جماعية كانت آخر هجرة لهم. وهم فسروا ذلك بوصفه عقاباً إلهياً «لأنه لا يمكن أن يكون الله قد تخلى عنهم في وقت السلم كما في وقت الحرب. لأن السلم لم يكن سلم عزٍّ بل كان ذلاً».

وفي أوروبا العصور الوسطى، كان مفروضاً عليهم ارتداء شعار خاص لتمييزهم أيضاً عن باقي الناس، ومُنعوا من العمل في الوظائف الرسمية الحكومية مثل مهن الطبيب والمحامي والقاضي، حتى المهن الحرفية تم حرمانهم من التسجيل في نقاباتها. هذا بالنسبة ليهود الأشكنازي، أما بالنسبة ليهود إسبانيا السفاردي، فقد أصدرت الملكة إيزابيلا سنة 1492 (نفس سنة خروج الإسلام من إسبانيا) قانوناً لطرد اليهود من إسبانيا، ومنع اليهود من ارتداء الملابس الفاخرة، والتجول فقط في النهار، والعيش في أحياءً منعزلة، كما لا يحق لهم العمل مع المسيحيين أو العكس أو يكون عندهم خادمة مسيحية مثلاً، ومنعهم من امتلاك عقارات أو منح القروض إلا بشروط معينة...

لكن ما سبب هذا الاضطهاد بحق اليهود؟

حسب الكاتب، هناك سببان: أولاً وشايتهم إلى الملك الروماني وتحريضه لمحاكمة يسوع وهتافهم وقت صلبه «اقتلوه... اقتلوه»، أما السبب الآخر فهو أن الملكة إيزابيلا وضعت أمام اليهود الاختيار بين ثلاثة احتمالات: اعتناق المسيحية أو القتل أو الطرد، في حملةٍ لتطهير البلد من اليهودية. القليل من اليهود اعتنق المسيحية؛ خوفاً، وكان يطلق عليهم اسم «كونفرتو»، أو «المسيحيون الجدد»، لكن في السر استمروا في ممارسة طقوسهم اليهودية، وكان يطلق عليهم اسم «Marranos».

كتاب «قصة اليهود» لم يقتصر فقط على ذلك، فإلى إلى جانب فصول عن الحملات والحروب، هناك فصول عن اليهود في شبه الجزيرة العربية فترة النبي محمد، عليه الصلاة والسلام، ويهود الأندلس، وصلاح الدين الأيوبي، ويهود مصر، وكذلك يهود بريطانيا، ويهود إسبانيا. وكذلك يفتح لنا الكتاب نوافذ على الحياة الاجتماعية والثقافية لشعوب ذاك الزمان، ويسرد تفاصيل الهندسة المعمارية بجماليّاتها خصوصاً لدى الإغريق، حيث اشتهرت عمارتهم بالأعمدة والإفريز والرواق والفسيفساء، الشيء الذي أخذه منهم اليهود.

لكنَّ هناك نقاطاً أخفق المؤلف في تسليط الضوء عليها أو طرحها في سياق المرحلة التاريخية التي يتناولها الكتاب، ومنها مرحلة حياة عيسى، عليه السلام، من لحظة ولادته حتى وقت محاكمته وصلبه، رغم أهميتها في مجريات الأحداث بتفاصيلها التي كانت انعطافاً كبيراً في تاريخ اليهود خصوصاً والعالم عموماً. ثانياً، وعلى الرغم من دقة وموضوعية المعلومات ورشاقة السرد، فإن الكاتب لم يذكر لحظات أو مراحل إيجابية عن حياة اليهود بقدر ما ذكر أهوال الحروب والحملات ضدهم وتوابعها عليهم.

وأعتمد المؤلف على المخطوطات parchments، أو رسائل على ورق البردي، وعلى قطع فخارية أثرية اكتُشفت في القرن الماضي ضمن حملات بتمويل حكومي ضخم لبعثات أثرية بريطانية وأميركية وفرنسية تسمى «Fact finding expenditures»، أي «بعثات البحث عن الحقيقة». وكذلك على وثائق تروي قصص ناس عاديين من عقود زواج أو ملفات دعاوى قضائية، بالإضافة إلى مؤلفات المؤرخ اليهودي يوسيفوس فلافيو.