ربما تكون لكل واحد منا وردته المفضلة. نعشق لونها وشكلها ونذوب في رائحتها. لكن في عالم الموضة فإن الورود تأخذ بُعدا أكبر من الشكل والرائحة. فهي إن لم تعكس جنون المصمم وتلعب دور الملهم، فإنها تكون تعويذة يتفاءل بها ثم يحولها مع الوقت إلى ملكية خاصة يلعب بها وعليها كما يحلو له خياله. الراحل ألكسندر ماكوين، مثلا كان يعشق الورود الشائكة ويرى فيها جمالا لا يراه غيره، وكريستيان ديور كان يتفاءل بزنبقة الماء التي تذكره بحديقة بيته في غرانفيل، بينما كانت غابرييل شانيل تعشق وتتفاءل بزهرة الكاميليا. لم يقتصر اهتمامهم بها على اقتنائها وتزيين بيوتهم أو عروضهم بها، بل كانت تتكرر في أعمالهم بنسب ودرجات مختلفة، حسب الحاجة والمزاج ودرجة التفاؤل. مع الوقت وفي حالة البعض تحولت إلى رمز من رموز لصيقة بأسمائهم، مثلما هو الحال بالنسبة للكاميليا ودار «شانيل». بشكلها المستدير ولونها الأبيض، فإن هذه الزهرة البسيطة تظهر دائما في إكسسوارات تزين الصدر أو الشعر، أو تفوح من عطور ساحرة أو تطبع قطع أزياء أو مجوهرات رفيعة. وليس أدل على هذا من مجموعة مجوهراتها التي كشفت عنها الستار خلال أسبوع الـ«هوت كوتير» الأخير بباريس، وأطلقت عليها عنوان: «كاميليا واحدة..5 أشكال».
تكونت هذه المجموعة من 50 قطعة، من بينها 22 يمكن إعادة تشكيلها لاستعمالها بطرق مختلفة، تماشيا مع فلسفة الآنسة غابرييل في منح المرأة الأناقة والحرية على حد سواء. فريق التصميم بقسم المجوهرات الرفيعة أخذ بعين الاعتبار مقولتها بأنها تريد أن تتسم مجوهراتها «بالمرونة «حتى تتيح لصاحبتها الحرية في أن تُفصلها حسب أسلوبها وتُنسقها بالشكل الذي يريحها ويعكس شخصيتها. والنتيجة كانت إخراجها، أي المجوهرات، من جمودها. فكل ما فيها جاء ينبض بالحياة والبريق بفضل انعكاسات الماس مع الياقوت والذهب الوردي أو الأبيض.
ورغم أنها ليست المرة الأولى التي يعود فيها فريق قسم المجوهرات إلى شكل الكاميليا يستقي منه مجوهرات ساحرة، بحيث ظهرت في العام الماضي من خلال سوار عريض، كما ظهرت في مجموعة «جاردان دي كاميليا» أي حديقة الكاميليا في عام 2013، إلا أن الفرق بينها الآن وبينها في الأعوام الماضي، تصاميمها التي أخذت بُعدا، وربما حجما، أكبر هذا العام. فإلى جانب إدخال ألوانا جديدة مثل الذهب الوردي والياقوت عليها زادت جرعة مرونتها باعتماد تقنيات جديدة وفي غاية التطور. هناك مثلا قلادة «روج إنكايدسانت» من الذهب الأبيض تزينها حجرة ياقوت بزنة 7.1 قيراط وترصعها 9 ماسات بزنة 73.2 قيراط في تصميم متداخل يتيح ارتداءها بخمس طرق تقريبا. وبما أن اللؤلؤ رمز آخر من رموز الدار، كانت هناك قلادة «بيرل أنتومبوريل» تم الدمج فيها بين اللؤلؤ والماس لترصيع زهرتي كاميليا يمكن التلاعب بهما أيضا للحصول على قطع مختلفة وطول متباين للقلادة.
الطريف أن علاقة الدار بهذه الزهرة لها تفسيرات وتأويلات كثيرة، لا نعرف مدى صحتها، لكنها تدغدغ الخيال وتدعو للمزيد من الإعجاب بالمؤسسة. من بين القصص المتباينة حول بداية الحب التي ربطت الآنسة غابرييل شانيل بزهرة الكاميليا، أنها في عام 1912، تلقت باقة من «بوي كابيل، الرجل الوحيد الذي أحبته. كانت باقة جميلة لكن غريبة لأن الكاميليا لم تكن من الأزهار التي يمكن أن تحبها من النظرة الأولى، كما أنها لا تتمتع برائحة. لكن ارتباطها بالحبيب الأول ترك أثره على نفسها. أما عدم تمتعها بأي رائحة فكان ميزة مطلوبة بالنسبة للآنسة غابرييل التي لم تكن تريد أن تُضارب أي رائحة أخرى على رائحة عطرها المفضل «شانيل نمبر 5».
القصة الثانية تقول بأن غرامها بالزهرة بدأ بعد حضورها مسرحية «سيدة الكاميليا» للكاتب ألكسندر ديماس وبطولة سارة برنار، وكانت تدور حول قصة حب تراجيدية تنتهي بموت البطلة. بياض الوردة وأحداث القصة تركا أثرا عميقا في نفس الصبية الصغيرة، ما جعلها تربطها دائما بالحب والإخلاص وجمال المشاعر.
القصة الثالثة تقول بأن الوردة كانت إكسسوارا رجاليا خاصا بالطبقة الداندية في القرن الـ19. كان مارسيل بروست واحدا ممن دعموا هذه الحركة باستعمالها كبروش صغير على بطانة السترات. ولأن غابرييل شانيل كانت تعشق الاستقاء من خزانة الرجل، فقد أثارت الوردة انتباهها، وكانت من ضمن ما سرقته من الرجل لتقدمه للمرأة.
- اشتق اسمها من الأب جورج جوزيف كميل، من آسيا، وتُعرف أيضا في اللغة الصينية باسم وردة الشتاء، لأنها تزهر في هذا الفصل فقط. وترمز في الثقافة الآسيوية إلى الإخلاص لمدى العمر، الأمر الذي يجعلها المفضلة في باقات العروس.
- تأتي بألوان متنوعة لكن الأبيض هو الرائج، وهو ما يتكرر في دار «شانيل» منذ عشرينيات القرن الماضي.
الكاميليا... عشق شانيل الفواح... بالجمال
زهرة واحدة وطرق مختلفة لارتدائها
الكاميليا... عشق شانيل الفواح... بالجمال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة