قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية إن التدابير الجمركية التي تضمنها قانون مالية 2019، لا تهدف إلى «التضييق على التجار، بقدر ما تهدف إلى مكافحة التهريب ومختلف أوجه الغش، وحماية صحة المواطنين، وتحصين الاقتصاد الوطني من المنافسة غير المشروعة وتحقيق العدالة الضريبية، ودعم التجارة الداخلية باعتبارها رافعة أساسية للاقتصاد الوطني».
وأوضح العثماني، الذي كان يتحدث مساء أول من أمس خلال جلسة المساءلة الشهرية بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان)، ردا على اعتراض عدد من التجار على الإجراءات الجديدة، أن تلك التدابير تهدف إلى إنعاش التجارة، واعتماد أقصى درجة المرونة والتسهيلات في المراقبة، لضمان انسيابية المبادلات التجارية وفق المعايير الدولية المعتمدة، وإعفاء تجارة التصدير من الرسوم والضرائب الجمركية. كما تشمل التدابير، مواكبة المقاولات في مسارات التأهيل والتحديث من خلال اعتماد نظام تصنيف المقاولات، مشيرا إلى أن الحكومة تبنت سياسة التدرج في التدابير الجمركية، بما يتيح للتجار القدرة على التكيف ومواكبة المستجدات، مع اعتماد مقاربة شمولية في محاربة التهريب والغش الجمركي ضمانا لشروط المنافسة الشريفة بين كل التجار والمهنيين.
وكانت الحكومة المغربية قد قررت تعليق العمل بنظام الفواتير الإلكترونية، وتوسيع المراقبة الجمركية للسلع، الذي أدى إلى احتجاجات التجار في عدد من المدن، بعد أن هددوا بشن إضرابات متتالية. ووعدت الحكومة بإرجاء تنفيذ الإجراءات إلى حين التوصل إلى اتفاق بين القطاعات الحكومية المعنية، وجميع الأطراف الممثلة لهذه الفئة.
في هذا السياق، كشف العثماني أن الحكومة تعتزم تنظيم مناظرة وطنية حول التجارة خلال أبريل (نيسان) المقبل، لفتح باب النقاش والحوار حول الإجراءات الضريبية والجمركية المرتبطة بالتجارة، والوقوف عند الصعوبات التي تعترض التجار، في أفق عقد مناظرة وطنية حول الإصلاح الجبائي في مايو (أيار) المقبل.
وأوضح رئيس الحكومة أن تدبير إلزامية اعتماد برنامج معلوماتي للفوترة «لن يدخل حيز التطبيق إلا بعد إصدار نص تنظيمي خاص، لتوضيح محتوى التدبير وتفادي أي تأويل خاطئ له»، مذكرا أيضا بأن الفوترة الإلكترونية لا تهم سوى الأشخاص الملزمين بمسك المحاسبة والذين يؤدون الضريبة على الحصيلة الخاضعة للضريبة المحددة بناء على هذه المحاسبة، وأن صغار التجار والحرفيين والمهنيين الخاضعين للضريبة وفق النظام الجزافي غير معنيين بتاتا بهذا التدبير.
كما أوضح أن التعريف الموحد للمقاولة يهم فقط الشركات التي تعتمد نظاما محاسباتيا، وبالتالي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يطلب من الزبون تقديم رقم التعريف الموحد، إذا كان هذا الزبون أصلا غير معني به. وأضاف أن تقديم البيان السنوي للمبيعات عن كل زبون باعتماد رقم التعريف الموحد للمقاولة، لا يهم إلا الزبائن المعنيين أصلا بالتوفر على رقم التعريف الموحد للمقاولة.
وردا على الجدل الذي أثير بخصوص إجراءات المراقبة الجمركية للسلع، ذكر رئيس الحكومة بأن قانون المالية لسنة 2019 لم يتضمن أي تدابير جديدة تتعلق بالمراقبة الجمركية للسلع والبضائع، مشيرا إلى أن توسيع مجال تدخل أعوان الجمارك ليشمل الطرق السيارة عبر محطات الأداء ونقط الخروج، قد تم من خلال تعديل فصول من مدونة (قانون) الجمارك والضرائب غير المباشرة بموجب المادة 3 من قانون المالية لسنة 2015، وذلك لتمكينها من مباشرة عملها بمجموع التراب الجمركي، بما فيه الطرق السيارة بهدف محاربة التهريب بكافة أشكاله.
وتطرق العثماني خلال جلسة المساءلة إلى أهمية قطاع التجارة ضمن النسيج الاقتصادي الوطني، مشيرا في هذا الصدد إلى أن قطاع التجارة الداخلية يحتل الرتبة الرابعة على مستوى إحداث الثروات، إذ بلغت مساهمة القطاع في الناتج الداخلي الخام نسبة 8 في المائة، وذلك بقيمة مضافة بلغت 84 مليار درهم (8.4 مليار دولار) خلال سنة 2017، مشيرا إلى أن القطاع يحتل المرتبة الثانية من حيث عدد مناصب الشغل على الصعيد الوطني، كما يعد أول مشغل بالمجال الحضري (1.16 مليون شخص، أي 21.4 في المائة من السكان النشيطين بالمدن).
الحكومة المغربية تقر إجراءات جديدة لمحاربة التهريب والغش الجمركي
العثماني: التجارة تشغّل 21 % من سكان المدن
الحكومة المغربية تقر إجراءات جديدة لمحاربة التهريب والغش الجمركي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة