عمليات حسابية.. زوايا منحنية.. موجة جديدة في عالم المجوهرات

فن العمارة يلهم جيلا جديدا من المصممين

 من أعمال المصمم والمعماري أندريه مييرهانز صاحب ماركة «ماريو أوبولدي جويلري آرت»  -  خاتم من الإيرانية ليلى عبد الله  -  برج النادي بدبي من أعمال المصمم والمعماري أندريه مييرهانز صاحب ماركة «ماريو أوبولدي جويلري آرت»
من أعمال المصمم والمعماري أندريه مييرهانز صاحب ماركة «ماريو أوبولدي جويلري آرت» - خاتم من الإيرانية ليلى عبد الله - برج النادي بدبي من أعمال المصمم والمعماري أندريه مييرهانز صاحب ماركة «ماريو أوبولدي جويلري آرت»
TT

عمليات حسابية.. زوايا منحنية.. موجة جديدة في عالم المجوهرات

 من أعمال المصمم والمعماري أندريه مييرهانز صاحب ماركة «ماريو أوبولدي جويلري آرت»  -  خاتم من الإيرانية ليلى عبد الله  -  برج النادي بدبي من أعمال المصمم والمعماري أندريه مييرهانز صاحب ماركة «ماريو أوبولدي جويلري آرت»
من أعمال المصمم والمعماري أندريه مييرهانز صاحب ماركة «ماريو أوبولدي جويلري آرت» - خاتم من الإيرانية ليلى عبد الله - برج النادي بدبي من أعمال المصمم والمعماري أندريه مييرهانز صاحب ماركة «ماريو أوبولدي جويلري آرت»

جريئة، لافتة، قوية ومبتكرة، هذا أقل ما يمكن أن يقال عن قطع المجوهرات التي تطالعنا هذه الأيام، ويبدو أغلبها مستوحى إما من فن الباروك أو من فن العمارة. المقصود هنا ليس قطعا نراها في المتاحف أو الغاليريهات أو المزادات، بل مجوهرات للاستعمال اليومي تشد العين وتغني عن قطع كلاسيكية. أبطال هذه الموجة الجديدة مصممون شباب يريدون أن يتميزوا عن باقي البيوت الكبيرة، مثل «كارتييه» أو «بياجيه» أو «فان كليف أند أربلز» وغيرهم، لسبب واضح ومهم وهو أنهم يعرفون مسبقا أن المنافسة لن تكون في صالحهم في حال قدموا تصاميم مشابهة. فالمرأة تشعر بالأمان مع هذه البيوت وتربط بينها وبينهم علاقة ولاء قديمة. الوصفة التي اعتمدوها هي طرح أشكال فريدة، ليس بالضرورة أن تكون مرصعة لكنها لا تقل قيمة. الانطباع الذي تخلفه هذه التصاميم الفنية عموما والهندسية خصوصا وكمها الهائل، أننا نعيش ولادة موجة جديدة في عالم تصميم المجوهرات، تشبه تلك التي شهدها القرن الماضي عندما ظهرت موجة الآرت ديكو، وهو أمر يدخل السعادة على النفس، لأننا نحتاج إلى المزيد من الابتكار من زاوية جديدة.
بعد خروج المصمم جون غاليانو من دار «ديور»، ودخول البلجيكي راف سيمونز إليها، شعرت الأغلبية أن وجه الموضة سيتغير. وبالفعل اختفى الأسلوب الدرامي الذي عودنا عليه الأول، وحل محله أسلوب أكثر هدوءا بخطوط أنيقة، لكنها بسيطة مقارنة بذلك التأثير السريالي الذي كانت تخلفه عروض وأزياء غاليانو، مما انعكس على باقي مجالات الإبداع من إكسسوارات ومجوهرات. لكن وقبل أن نلتقط أنفاسنا ونبدأ بالتفاعل مع الأسلوب الجديد، فاجأنا الجيل الجديد من مصممي المجوهرات بتصاميم هندسية، لو كان غاليانو مهتما بالمجوهرات لشككنا أنها من بنات أفكاره. والنتيجة أنهم أعادونا إلى زمن الأحجام الكبيرة، وأيقظوا الأحلام التي كادت تختفي بسبب واقعية الخطوط المحسوبة.
مجوهرات متوهجة بألوانها، مبتكرة في تصاميمها، إن لم تستحضر درامية غاليانو، التي كانت تتجسد في فساتينه الفخمة ذات الطيات المتعددة والزوايا المتماوجة، فإنها حتما تعيد إلى الذهن ثورة إيف سان لوران، وتحديدا عندما قدم للمرأة التوكسيدو بعد أن أنثه لها، ليصبح من القطع الأساسية لهذا الموسم، رغم أنه وُلد في الستينات من القرن الماضي. فالأحجام، والزوايا الحادة، أو عدم وجود أي زوايا، بحيث يستحضر أسلوب المعمارية زها حديد، كلها أشكال تجعلك تتساءل ما إذا كانت للاستعمال اليومي أم للعرض في المتاحف. لكن معظم مبدعيها يدافعون بالقول إن المجوهرات أصبحت جزءا من الموضة، مما يحتم طرح تصاميم تُستعمل في كل المناسبات، لا سيما بعد أن تغيرت الخارطة الشرائية، وأصبحت للمرأة الإمكانيات لشراء كل ما يروق له ويتماشى مع أسلوب حياتها، عوض أن تنتظر مناسبة مهمة تتلقى فيها هدية تقليدية مرصعة بالأحجار الثمينة، لا يمكنها أن ترتديها سوى في المناسبات الكبيرة جدا. فهذه المرأة ترغب في التعبير عن شخصيتها واستقلاليتها وثقتها بنفسها من خلال تصاميم لافتة لكل المناسبات، وهذا ما قدمه لها الجيل الجديد من المصممين، فأغلبهم يتمتعون بعمق ثقافي وتاريخي وبفنية عالية، كما تأثروا بالفن المعماري، إن لم يتخصصوا فيها بالأساس. فنحن لا نتحدث هنا عن المعماريين الذين تعاونوا مع بيوت مجوهرات عالمية في مجموعات محددة مثل «فرانك غيري» و«تيفاني» أو «زها حديد» و«كاسبيتا»، وغيرهم، بل عن معماريين أصبحت لهم ماركات خاصة ومسجلة، أثبتوا أن لهم القدرة على الإبداع بأسلوب لا يقدر عليه غيرهم. فالنظرة إلى الأحجام والقدرة على خلق توازن بينها من خلال عمليات حسابية دقيقة، من اختصاصهم. أكبر مثال على هذا المصمم والمعماري السويسري المقيم بدبي أندريه ماييرهانز، مؤسس ماركة «ماريو أوبولدي جويلري آرت». فهو يصوغ أشكالا هندسية لافتة بالذهب، تحاكي التحف الفنية في خطوطها، مستوحيا الكثير من الخطوط من فن العمارة الإسلامي، بما في ذلك المشربيات.
يقول أندريه إن تحول أي مهندس معماري إلى تصميم المجوهرات ليس بالعملية السهلة «فرغم أن مبادئ التصميم واحدة، مما يعطي الانطباع بأنه من السهل تطبيقها في قطعة مجوهرات صغيرة، فإن التقنيات والمواد المستعملة تحتاج إلى خبرات مختلفة، وتعامل جديد بالكامل. وربما هذا ما يجعل بعض المعماريين يتعاونون مع بيوت أزياء عالمية من خلال مجموعات محدودة عوض التفرغ للمجوهرات، خصوصا أن المردودية تكون بطيئة».
نظرة إلى أعماله تؤكد أنه يعمل بعقلية المعماري، فهي منحوتة بشكل دقيق تحاول، إلى حد ما، أن تلعب على مساحة أو فضاء ما. كما أنها بخطوط هندسية واضحة ومريحة للعين، سواء كانت من الذهب أو الفضة. تفاصيلها أيضا محددة يتلاقى فيها الشاعري بالمحسوب، حسبما يشرح أندريه، مضيفا أن «الشكل الذي استلهم منه يكون أحيانا تصورا تجريديا يحافظ على الأساسيات، لكنه يفتح مجالا للخيال، وهذه سمة ترتبط بالفن المعماري عموما».
بيد أنه ورغم الصعوبات التي تعترض طريق المعماريين الشباب الذي دخلوا مجال المجوهرات، فإن إغراءها أكبر من أن يحبطهم أو يجعلهم يعزفون عنها. فهم من جيل يعرف أنها أصبحت جزءا لا يتجزأ من الموضة، وجزءا من الحياة اليومية، بغض النظر عن الأشكال والأحجام. مقابل هؤلاء، نجد أيضا عددا من المصممين الذي دخلوا المجال، بعد أن عاينوا إقبال المرأة على إكسسوارات من بيوت أزياء كبيرة تقدر بالآلاف، رغم أنها ليست من الذهب ولا حتى من الفضة. إلى جانب دار «برادا» التي تطرح قلادات تبدأ من 995 جنيها إسترلينيا و«شانيل» التي تقدم أساور تقدر بـ1120 جنيها إسترلينيا، هناك آخرون لا يتوقفون عن صياغة قطع إكسسوارات بأسعار المجوهرات، رغم أنها من خامات غير كريمة أو ثمينة. التحدي أمام الجيل الجديد من المصممين المعماريين أن يتميزوا، حتى يتمكنوا من جذب الشرائح المدمنة على الأسماء العالمية والتصاميم المضمونة إليهم. وبالفعل نجحوا في استقطاب شريحة مثقفة من النساء، أكثر ثقة بالنفس وتفهما لخبايا الموضة. شريحة لم تعد تقبل بالمضمون والسهل، وتطلب تصاميم تتضمن عمقا ثقافيا وفكريا، تشد العين ودائما وراءها قصة مثيرة.
تقول المعمارية دينا كمال، التي أطلقت منذ بضع سنوات، خط مجوهرات بدأ بمجموعة خواتم من الذهب بخطوط بسيطة، أن المسألة بالنسبة للمعماري ما هي إلا «وجه من وجوه التصميم المتعددة، سواء كانت تصميم بناية أو ملعقة أو كرسي أو خاتم». وتتابع: «بالفعل أصبح تحول المعماريين إلى تصميم المجوهرات شبه موضة أو ظاهرة، وبرأيي فإن الخبرة المعمارية تعطينا دعما قويا مقارنة بالمصممين التقليديين، لأن التعامل مع الخامات يأخذ منحى مختلفا وجديدا». وتنكر دينا كمال أن يكون السبب ماديا، لأن مردودية المجوهرات ضعيفة في البداية على الأقل، مما يجعل الاعتماد على الأعمال المعمارية مهمة لدعم جانب المجوهرات الذي تعشقه وتجد فيه فضاء واسعا لإخراج الكثير من الطاقات الإبداعية الدفينة بداخلها. أما الذين يحققون الربح، برأيها، فهم الصاغة الذين يستعملون الأحجار الكريمة، لأنها أغلى وتبقى استثمارا، ومع ذلك توضح أن الاعتماد على الأحجار الكبيرة الحجم تؤثر على التصميم، وتجعله يتوارى إلى المرتبة الثانية. في المقابل، فإن المعماري يعتمد على التصميم أولا، الأمر الذي يعني أن القطعة غير المرصعة تتطلب جهدا أكبر لتأتي بشكل مرغوب ومختلف، يمكن أن ينافس الأحجار الكريمة.
ربما يكون هذا الرأي صحيحا فيما يتعلق بالبيوت العريقة والكلاسيكية التي تتقيد بإرثها، ولا تريد الخروج عنه لأنه بات وصفة ناجحة، لكنه لا ينطبق عن بعض الصاغة المتمردين على كل ما هو تقليدي.
خبير الأحجار الكريمة تيتو بيدريني، واحد منهم، حيث أخذ على عاتقه تقطيع الأحجار بأشكال مكعبة أحيانا، لكي يعطي للقطعة بعدا ثلاثيا لم يكن يتصوره أحد من قبله. فالتقطيع يصبح هنا حالة فنية، وربما هذه المجادلة هي التي أنعشت الموجة الجديدة، وإن كان البعض يشير إلى أن الفضل في انتعاشها يعود إلى الموضة وتوجهاتها العصرية، بدليل أنها عانقت، وبقوة، في المواسم الأخيرة التصاميم الهندسية ذات الخطوط المحددة أو الانسيابية، ولمست وترا حساسا بداخل امرأة تريد أن تنعتق من الأشكال التقليدية والكلاسيكية وتعبر عن جوانب دفينة من شخصيتها. بيد أن الملاحظ أنه إذا كانت هذه الفنية سهلة فيما يتعلق بالأزياء، بحكم أن الأقمشة أكثر مرونة، فإنها معقدة بالنسبة للمجوهرات، لما تتطلبه من دقة في التعامل مع مواد صلبة، إضافة إلى تلخيص تصورات كبيرة في أحجام صغيرة يمكن أن تزين المعصم أو الإصبع. بعض هذه التصورات تكون طموحة ولا يمكن تنفيذها من الناحية التقنية، لكن عندما تتحقق فإن النتيجة تكون أشكالا لافتة يمكن أن تغني عن كثير من القطع الأخرى.
تقول المصممة جوليا موغنبورغ، صاحبة ماركة «بلماكس» التي يوجد محلها مقابل فندق «كلاريدجز»، وتجمع دائما الفني الذي يعبر عن ثقافة ما، بأنها تستلهم كثيرا من المعمار، سواء القديم أو الحديث. تشرح بأن «الخواتم مهمة بالنسبة لي، ويجب أن تكون مثالية من حيث معانقتها بالأصابع إلى حد تبدو فيه وكأنها تحميها، لهذا أركز على الأحجار وعلى المساحات المسطحة لكي أخلق أشكالا مثيرة. فكل خاتم بالنسبة لصاحبه بمثابة تعويذته التي يتفاءل بها ويرتاح إليها».
وتضيف جوليا أنه لا حدود لفن العمارة، فكل ثقافة وحضارة تفننت فيه، ببناء بيوت أو عمارات تعبر عن طموحاتها والصورة التي تريد أن تعكسها للغير.. «وفي الغالب تكون هذه البنايات مثيرة وساحرة من وجهات نظر فلسفية وجمالية تلهم المجوهرات. فهذه الأخيرة يجب أن تخضع لنفس المعايير، وتعبر عن هذه الطموحات بشكل أو بآخر، لأن التصميم الجميل وحده لا يكفي، وليس خيارا، بالنسبة لي، فالتحدي هو أن أعبر عن مفاهيم كبيرة في أحجام صغيرة يكون تأثيرها قويا في تحسين مزاج صاحبها».
لا تختلف ليلى غابرييلا، البرازيلية الأصل، عن جوليا موغنبورغ كثيرا؛ فهي مصممة أخرى تبنت الأشكال المنحوتة وكأنها مشاريع معمارية مصغرة. أهم ما يشدك إليها أنها معاصرة ومثيرة في الوقت ذاته، لن تروق فقط لامرأة شابة، بل أيضا لامرأة ناضجة تميل إلى الاستثمار، فالخواتم مثلا تتلوى وتدور حول نفسها بشكل حلزوني ينساب بنعومة لتعانق الأصابع بشكل مريح رغم حجمها الكبير. ويذكر أن ليلي ولدت في وسط بورجوازي محاطة باللوحات الفنية والفنانين والمصممين الذين كانوا أصدقاء العائلة، من هيبار جيفنشي إلى ألبير إلبيز، لهذا تعرف جيدا أهمية الموضة وتأثيراتها، كما تفهم قيمة الفن واستمراريته وضرورة أن يتكلم لغة العصر. ولا تنكر اهتمامها بالهندسة المعمارية وإعجابها بأعمال كل من فرانك غيري وزها حديد. وربما هذا ما يجعل تأثير هذه الأخيرة على أعمالها واضحا في انسيابيتها وانعدام الزوايا فيها.



هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)
الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)
TT

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)
الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن الأوضاع لن تكون جيدة في عام 2025. فالركود الاقتصادي مستمر، وسيزيد من سوئه الاضطرابات السياسية وتضارب القوى العالمية.

حتى سوق الترف التي ظلت بمنأى عن هذه الأزمات في السنوات الأخيرة، لن تنجو من تبعات الأزمة الاقتصادية والمناوشات السياسية، وبالتالي فإن الزبون الثري الذي كانت تعوّل عليه هو الآخر بدأ يُغير من سلوكياته الشرائية. مجموعات ضخمة مثل «إل في إم آش» و«كيرينغ» و«ريشمون» مثلاً، وبالرغم من كل ما يملكونه من قوة وأسماء براقة، أعلنوا تراجعاً في مبيعاتهم.

أنا وينتور لدى حضورها عرض «بيربري» في شهر سبتمبر الماضي (رويترز)

لكن ربما تكون بيوت بريطانية عريقة مثل «مالبوري» و«بيربري» هي الأكثر معاناة مع قلق كبير على مصير هذه الأخيرة بالذات في ظل شائعات كثيرة بسبب الخسارات الفادحة التي تتكبدها منذ فترة. محاولاتها المستميتة للبقاء والخروج من الأزمة، بتغيير مصممها الفني ورئيسها التنفيذي، لم تُقنع المستهلك بإعادة النظر في أسعارها التي ارتفعت بشكل كبير لم يتقبله. استراتيجيتها كانت أن ترتقي باسمها لمصاف باقي بيوت الأزياء العالمية. وكانت النتيجة عكسية. أثبتت أنها لم تقرأ نبض الشارع جيداً ولا عقلية زبونها أو إمكاناته. وهكذا عِوض أن تحقق المراد، أبعدت شريحة مهمة من زبائن الطبقات الوسطى التي كانت هي أكثر ما يُقبل على تصاميمها وأكسسواراتها، إضافة إلى شريحة كبيرة من المتطلعين لدخول نادي الموضة.

المغنية البريطانية جايد ثيروال لدى حضورها عرض «بيربري» في شهر سبتمبر الماضي (رويترز)

هذا الزبون، من الطبقة الوسطى، هو من أكثر المتضررين بالأزمة الاقتصادية العالمية، وبالتالي فإن إمكاناته لم تعد تسمح له بمجاراة أسعار بيوت الأزياء التي لم تتوقف عن الارتفاع لسبب أو لآخر. بينما يمكن لدار «شانيل» أن ترفع أسعار حقائبها الأيقونية لأنها تضمن أن مبيعاتها من العطور ومستحضرات التجميل والماكياج وباقي الأكسسوارات يمكن أن تعوض أي خسارة؛ فإن قوة «بيربري» تكمن في منتجاتها الجلدية التي كانت حتى عهد قريب بأسعار مقبولة.

المعطف الممطر والأكسسوارات هي نقطة جذب الدار (بيربري)

«مالبوري» التي طبّقت الاستراتيجية ذاتها منذ سنوات، اعترفت بأن رفع أسعارها كان سبباً في تراجع مبيعاتها، وبالتالي أعلنت مؤخراً أنها ستعيد النظر في «تسعير» معظم حقائبها بحيث لا تتعدى الـ1.100 جنيه إسترليني. وصرح أندريا بالدو رئيسها التنفيذي الجديد لـ«بلومبرغ»: «لقد توقعنا الكثير من زبوننا، لكي نتقدم ونستمر علينا أن نقدم له منتجات بجودة عالية وأسعار تعكس أحوال السوق».

الممثل الآيرلندي باري كيغن في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

«بيربري» هي الأخرى بدأت بمراجعة حساباتها؛ إذ عيّنت مؤخراً جاشوا شولمان، رئيساً تنفيذياً لها. توسّمت فيه خيراً بعد نجاحه في شركة «كوتش» الأميركية التي يمكن أن تكون الأقرب إلى ثقافة «بيربري». تعليق شولمان كان أيضاً أن الدار تسرّعت في رفع أسعارها بشكل لا يتماشى مع أحوال السوق، لا سيما فيما يتعلق بمنتجاتها الجلدية. عملية الإنقاذ بدأت منذ فترة، وتتمثل حالياً في حملات إعلانية مبتكرة بمناسبة الأعياد، كل ما فيها يثير الرغبة فيها.