«سفر لغات» شعار مشاركة إسبانيا... «ضيف شرف» معرض الكتاب بالدار البيضاء

همـزة وصـل بين ضفتي المتوسط ومناسـبة أخرى لتبادل التأثير والتأثر بيـن الثقافتين

TT

«سفر لغات» شعار مشاركة إسبانيا... «ضيف شرف» معرض الكتاب بالدار البيضاء

تتميز دورة هذه السنة من فعاليات الدورة الـ25 من معرض الدار البيضاء الدولي للنشر والكتاب، التي تتواصل إلى غاية 17 فبراير (شباط) الجاري، باسـتضافة إسبانيا كـ«ضيف شرف»، وذلك، كما قال محمد الأعرج وزير الثقافة والاتصال المغربي، «في سـياق يؤكد على رسوخ العلاقات التاريخية والثّقافية بين المغرب وجارته الشمالية، بما يجمعهما من إرث حضاري مشترك ضارب في أعماق التاريخ، ورهانات مسـتقبلية مرتبطـة بجوار جغرافي، يمثل فيه البلدان معاً همـزة وصـل بين ضفتي المتوسط. الـشيء الذي يجعل من هذه الاسـتضافة مناسـبة أخرى لتبادل التأثير والتأثر بيـن الثّقافتين المغربية والإسـبانية، من خلال مساهمة مجموعة من الأسماء الفكرية والإبداعية الإسبانية».
ويقول المسؤولون المغاربة، عن ثاني احتفاء بإسبانيا، بعد استضافتها في 2005 ضمن فعاليات الدورة الـ11. إنّ «ما بين المغرب والجارة إسبانيا ليس مجرد مسافة بحرية شكلت على امتداد التاريخ، قلب حضارة الإنسان القديم، بل إنّ الأمر تجاوز هذا الجوار الجغرافي لتتداخل فيه المصالح الاقتصادية والمصائر الإنسانية وتتصاهر فيه القرابات الحضارية والثّقافية والتاريخية، إلى حد بات يصعب تصور توقّف صبيب التأثير والتأثر بين الصديقين والجارين الكبيرين». لذلك، وبهذه الخلفية التاريخية والجغرافية والحضارية، «تحلّ إسبانيا الثّقافية ضيفاً لهذه الدّورة، وبهذه الصّفة دائماً يستقبل كتاب المغرب ومبدعوه وفنانوه زملاؤهم في الضفة الشمالية، ضمن احتفالية ثقافية كبيرة، تتجدد معها أواصر الصداقة ويتمتن فيها حسن الجوار».
وحضر الاحتفاء المغربي في إسبانيا في أكثر تفاصيل التظاهرة، بما في ذلك القاعات والفضاءات المحتضنة للفعاليات، عبر إعطائها عناوين تنقل لمشترك تاريخي وحضاري وثقافي جمع الجانبين ماضيا وفي العصر الحديث، حيث يكون الزائر مع «قاعة ابن رشد» و«قاعة ابن ميمون» و«قاعة خوان غويتيسولو»، علاوة على «فضاء المتوسط».
واختارت إسبانيا «سفر اللغات» عنوانا وشعارا لبرنامج مشاركتها في التظاهرة الثقافية المغربية، التي تهدف من خلالها إلى «تقديم نظرة عامة وشاملة عن الأدب والفن الرّاهن»، في الجارة الشمالية للمغرب، من منطلق أن اللغة، كما يقول المشرفون على برنامج المشاركة الإسبانية، هي «عنصر حي يتجاوز الحدود، وتتخطاها بشكل لافت وسريع»، و«كأنها تشبه المياه، عنصر تسكنه الحياة، يتطور وينمو»، وبالتالي فالأمر يتعلّق بـ«رحلة سفر نشارك فيها معا»، الشيء الذي «ينبع من رغبة للفت الانتباه إلى أهمية اللغات، وتكريم المترجمين اعترافا وعرفانا بالأدوار المهمة والمهام الجليلة التي يضطلعون بها لخلق جسور التفاهم».
ورأى سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، في اختيار إسبانيا «ضيف شرف» لدورة هذه السنة من معرض الدار البيضاء، دليلاً على «انفتاح المغرب على الثّقافات الأوسع انتشارا في العالم»، و«مناسبة لتعزيز التبادل الثقافي مع البلدان الناطقة بالإسبانية».
واعتبر الأعرج أنّ معرض الدّار البيضاء «يشكّل حدثا ثقافياً كبيراً للمغرب، نظراً للرصيد الوثائقي للكتب المعروضة خلال دورة هذه السنة»، التي قال عنها إنّها «تحل في موعدها السنوي لترسخ ما راكمه المعـرض على مدار الدورات السابقة من إشعاع دولي، وارتقاء بمكانة الكتاب باعتباره حاملاً للمعرفة وجـسراً بين الثّقافات والشّـعوب، وكذا لتكرس جهود وزارة الثّقافـة والاتصال في مجال الكتاب والقراءة العمومية، جنباً إلى جنب مـع شركائها المهنيين والمؤسساتيين والثقافييـن والإعلاميين والجمعويين».
وتشهد الدورة مشاركة نحو 700 عارض مباشر وغير مباشر، من 40 دولة، مع برمجة مشاركات لأكثر من 350 من المفكرين والأدباء والشّعراء وشـخصيات من عـوالم السياسـة والاقتصاد والفن والقانون، على مدى 10 أيام، بمعدل 14 نشاطاً في اليوم. كما تتضمن عتبات البرنامج 14 فقرة ثقافية، تشمل «برنامـج ضيـف الشـرف» و«الندوات» و«آثار الصحراء» و«تجارب في الكتابة» و«ليالي الشّعر» و«ساعة مع كاتب» و«ذاكرة» و«أسماء فوق البوديوم» و«جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة» و«أمسية الأركانة» و«أصوات جديدة في الكتابة» و«الكاتب ومترجمه» و«جائزة القراءة» و«في حضرة كتاب». فيما يقترح البرنامج المخصص للطفل أربعة فضاءات، تشمل «فضاء ابتكار وفنون» و«فضاء كتابي» و«فضاء موروث بلادي» و«فضاء الخشبة».


مقالات ذات صلة

انطلاق «معرض جازان للكتاب» فبراير المقبل

يوميات الشرق المعرض يتضمّن برنامجاً ثقافياً متنوعاً يهدف إلى تشجيع القراءة والإبداع (واس)

انطلاق «معرض جازان للكتاب» فبراير المقبل

يسعى «معرض جازان للكتاب» خلال الفترة بين 11 و17 فبراير 2025 إلى إبراز الإرث الثقافي الغني للمنطقة.

«الشرق الأوسط» (جيزان)
يوميات الشرق الأمير فيصل بن سلمان يستقبل الأمير خالد بن طلال والدكتور يزيد الحميدان بحضور أعضاء مجلس الأمناء (واس)

الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية

قرَّر مجلس أمناء مكتبة الملك فهد الوطنية تعيين الدكتور يزيد الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية خلفاً للأمير خالد بن طلال بن بدر الذي انتهى تكليفه.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
ثقافة وفنون قراءات المثقفين المصريين في عام 2024

قراءات المثقفين المصريين في عام 2024

مرَّت الثقافة العربية بعام قاسٍ وكابوسي، تسارعت فيه وتيرة التحولات بشكل دراماتيكي مباغت، على شتى الصعد، وبلغت ذروتها في حرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل على غزة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

صانع محتوى شاب يحتل بروايته الجديدة قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في فرنسا، الخبر شغل مساحات واسعة من وسائل الإعلام

أنيسة مخالدي (باريس)
كتب «حكايات من العراق القديم» و«ملوك الوركاء الثلاثة»

«حكايات من العراق القديم» و«ملوك الوركاء الثلاثة»

صدر عن دار «السرد» ببغداد كتابان مترجمان عن الإنجليزية للباحثة والحكواتية الإنجليزية فران هزلتون.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».