المغرب: النيابة العامة تدعو القضاة لمحاربة ظاهرة «أطفال الشوارع»

TT

المغرب: النيابة العامة تدعو القضاة لمحاربة ظاهرة «أطفال الشوارع»

دعا محمد عبد النباوي الوكيل العام رئيس النيابة العامة في المغرب، المحامي العام الأول والمحامين العامين لدى محكمة النقض والوكلاء العامين (النواب العامين) للملك لدى محاكم الاستئناف ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائي وقضاة النيابة العامة في جميع محاكم المملكة إلى «الاهتمام بقضايا (أطفال الشوارع)، وتفعيل المقتضيات القانونية التي يتيحها القانون، ولا سيما المقتضيات المتعلقة بالأطفال في وضعية صعبة، والأطفال المتخلى عنهم، من أجل القضاء على هذه الظاهرة، وتوفير ملاذات آمنة لهم، سواء داخل أسرهم أم عن طريق تطبيق تدابير الحماية أو التهذيب أو تدابير الحراسة المؤقتة».
وأشار عبد النباوي، في مستهل مذكرته «حول الأطفال في وضعية الشارع»، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منها، إلى «الاهتمام البالغ» الذي يوليه العاهل المغربي الملك محمد السادس، لقضايا الطفولة في المغرب، وحرصه على «النهوض بأوضاع الطفل وتنشئته التنشئة السليمة»، مبرزاً أنّ «الاهتمام بالطفولة يعتبر مقتضى دستورياً نص عليه الفصل 32 من دستور المملكة بتأكيد التزام الدّولة بتوفير الحماية القانونية والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال بكيفية متساوية». ولذلك، يضيف عبد النباوي، فـ«إن اهتمام النيابة العامة بحماية الطفل في مختلف أوضاعه، يعد محوراً أساسياً من محاور السياسة الجنائية الوطنية».
وأشار عبد النباوي إلى إعطاء الانطلاقة الرسمية للحملة الأفريقية «من أجل مدن من دون أطفال في وضعية الشارع» تحت رعاية العاهل المغربي، والرئاسة الفعلية للأميرة لالة مريم، المعلن عنها في مراكش يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي؛ وبدء تنزيل هذه المبادرة عبر المشروع النموذجي «الرباط مدينة من دون أطفال في وضعية الشارع» في أفق تعميمها على باقي مدن المملكة، وانخراط رئاسة النيابة العامة في تنفيذ السياسات العمومية للدولة، في تقاطعها مع السياسة الجنائية، والصلاحيات القانونية الأخرى المخولة للنيابة العامة، في مجال حماية حقوق الطفل في جميع الوضعيات المنصوص عليها في مختلف القوانين الوطنية، ومن بينها مدونة الأسرة التي نصت في المادة 54 على مختلف حقوق الأطفال على أبويهم، ولا سيما حماية حياتهم وصحتهم منذ الحمل إلى حين بلوغ سن الرشد، والعمل على تثبيت هويتهم والحفاظ عليها واتخاذ كل التدابير الممكنة لنموهم الطبيعي بالحفاظ على سلامتهم الجسدية والنفسية، والعناية بصحتهم وقاية وعلاجاً، بالإضافة إلى اعتبار الدولة مسؤولة على اتخاذ التدابير اللازمة لحماية هذه الحقوق وضمانها؛ واعتبار النيابة العامة مسؤولة عن مراقبة تنفيذ هذه الأحكام؛ مع الإشارة، كذلك، إلى ما يوفره قانون المسطرة الجنائية من حماية الأطفال، سواء أكانوا في نزاع مع القانون، أم ضحايا أم في وضعيات صَعْبة.
وأهاب عبد النباوي، في مذكرته بالمحامي العام الأول والمحامين العامين لدى محكمة النقض والوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائي وقضاة النيابة العامة بجميع محاكم المملكة، إلى «الحرص على تحري المصلحة الفضلى للطفل» عند معالجة الوضعيات المعروضة عليهم، مع «مراعاة خصوصية كل حالة على حدة»، و«الأخذ بعين الاعتبار رأي الطفل المعني بالأمر عند الاقتضاء من أجل تقييم احتياجاته واختيار الحلول المناسبة له»؛ والاستعانة بالمساعدين الاجتماعيين وبضباط الشرطة القضائية المكلفين بالأحداث لإجراء أبحاث اجتماعية تساعد على تحديد الوضعية القانونية الأنسب لهؤلاء الأطفال، وتسخير دورهم عند الاقتضاء لرأب الصدع ولإعادة بناء الروابط الأسرية ما أمكن. وأوصى بتوجيه نوابهم وضباط الشرطة القضائية المكلفين بقضايا الأحداث بدائرة نفوذهم «للتعامل مع هذه الفئة من الأطفال بما يلزم من العناية والرعاية»؛ و«الحرص على تثبيت هوية هؤلاء الأطفال»، من خلال تفعيل صلاحياتهم في إطار التسجيل بسجلات الحالة المدنية؛ وتفعيل صلاحياتهم القانونية في تشخيص الوضعية الصعبة للأطفال.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».