حملات جوية وبرية للحد من قوة «طالبان»

ألمانيا ستُبقي على حجم قواتها في أفغانستان رغم الانسحاب الأميركي المحتمل

شرطي أفغاني يجلس على بقايا دبابة روسية في إقليم بانشير شمال كابل بعد 30 عاماً من انسحاب القوات السوفياتية من البلاد (أ.ف.ب)
شرطي أفغاني يجلس على بقايا دبابة روسية في إقليم بانشير شمال كابل بعد 30 عاماً من انسحاب القوات السوفياتية من البلاد (أ.ف.ب)
TT

حملات جوية وبرية للحد من قوة «طالبان»

شرطي أفغاني يجلس على بقايا دبابة روسية في إقليم بانشير شمال كابل بعد 30 عاماً من انسحاب القوات السوفياتية من البلاد (أ.ف.ب)
شرطي أفغاني يجلس على بقايا دبابة روسية في إقليم بانشير شمال كابل بعد 30 عاماً من انسحاب القوات السوفياتية من البلاد (أ.ف.ب)

مع بدء التمهيد للجولة الجديدة من محادثات المبعوث الأميركي لأفغانستان زلماي خليل زاد، مع وفد «طالبان» بعد أقل من أسبوعين في الدوحة، بدأت القوات الحكومية وقوات حلف الأطلسي حملات واسعة النطاق جوية وبرية للحد من قوة «طالبان» وإجبارها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة الأفغانية. وأعلنت الاستخبارات الأفغانية اعتقالها شخصين اتهمتهما بأنهما عضوان في تنظيم «جيش محمد» في ولاية ننجرهار شرق أفغانستان. وحسب بيان صادر عن الاستخبارات نقلته وكالة «خاما برس» المقربة من الجيش، فإن المعتقلَين كانا قد أُرسلا إلى ولاية ننجرهار شرق أفغانستان للقيام بعمليات منسقة وأخرى انتحارية، وأنهما ينحدران من باكستان. وأضاف البيان أنه تم تجنيدهما في كلٍّ من كراتشي ولاهور وتم تدريبهما في معسكر للجيش الباكستاني في بالاكوت قرب مدينة مانسهرة، وتم اعتقالهما قبل القيام بأي تفجيرات.
وكان الجيش الأفغاني قد أعلن مقتل أحد أعضاء القوات الخاصة في «طالبان» (الكتيبة الحمراء) في معارك ومواجهات في ولاية بادغيس، كما قُتل عدد من قوات «طالبان» في ولاية أروزجان وسط أفغانستان. وحسب بيان الجيش فإن عشرة من مقاتلي «طالبان» قُتلوا وجُرح سبعة عشر آخرون في اشتباكات مع الجيش الأفغاني في ولاية بادغيس شمال غرب أفغانستان. فيما قُتل عنصر من الكتيبة الحمراء في «طالبان» مع اثني عشر آخرين في غارات جوية متعددة على مواقع الحركة في مدينة ترينكوت مركز ولاية أروزجان وسط أفغانستان.
واعترف مسؤولون في الجيش الأفغاني في أروزجان بوجود مستمر لقوات «طالبان» في الولاية إلا أنهم قالوا إن القوات الصديقة (حلف الأطلسي) تواصل عملياتها في المنطقة مما يخفف من اندفاع «طالبان» وإمكانية سيطرتهم على مناطق جديدة. ومن المتوقع أن يلتقي وزراء دفاع حلف الأطلسي في اجتماعات يركزون فيها على الوضع في أفغانستان والعراق وعدد من المناطق. وكان الرئيس الأفغاني أشرف غني، قد عيّن نائب مدير الاستخبارات السابق الجنرال مسعود أندرابي وزيراً للداخلية بالوكالة بعد استقالة وزير الداخلية أمر الله صالح الذي عُين في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لينضم إلى حملة الرئيس أشرف غني، نائباً له في الانتخابات المقرر إجراؤها في يوليو (تموز) القادم.
من جانبها دعت حركة «طالبان» إلى إطلاق سراح أنس حقاني نجل الشيخ جلال الدين حقاني وشقيق سراج الدين حقاني، من المعتقل في أفغانستان كبادرة حسن نيات قبل جولة المفاوضات مع المبعوث الأميركي لأفغانستان زلماي خليل زاد. ووضعت قيادة «طالبان» اسم أنس حقاني ضمن وفدها المفاوض في الدوحة. وكان أنس حقاني الذي لم تكن له علاقة بالعمل العسكري لشبكة «حقاني» أو حركة «طالبان» قد اعتُقل عام 2014 واتُّهم بجمع الأموال لصالح «طالبان» وشبكة «حقاني». ورد نائب الناطق باسم القصر الرئاسي على طلب الحركة بالقول إن مهمة الحكومة الأفغانية تطبيق القوانين خصوصاً ضد الذين يقومون بأعمال تضر بالمواطنين الأفغان، ومن حق الشعب الأفغاني أن يتمتع بالعدل.
من جانبه أعلن المبعوث الروسي الخاص لأفغانستان زمير كابلوف، استعداد بلاده للإسهام في رفع العقوبات الدولية عن «طالبان»، خصوصاً أن المحادثات الأميركية مع «طالبان» وصلت إلى آفاق متأزمة قد لا تفضي إلى اتفاق قريب. وقال كابلوف الذي يرأس قسم آسيا في الخارجية الروسية ويعمل مبعوثاً خاصاً للرئيس بوتين إلى أفغانستان: «نحن مستعدون من حيث المبدأ للمساعدة، لكن هذه مسألة توافق... هناك 15 عضواً في مجلس الأمن الدولي والأساسيون منهم الخمسة دائمو العضوية... إذا اتفقنا فنعم... يبدو أنه حان أوان ذلك... لأننا بتقييد التحركات الدبلوماسية لممثلي (طالبان) لا نخدم تقدم المصالحة الوطنية». ولفت الدبلوماسي الروسي إلى أن «الممثل الخاص لوزارة الخارجية الأميركية زلماي خليل زاد، يبذل جهداً هائلاً للاتفاق على انسحاب أميركي من هذه الحرب الطويلة، ولديه بعض الإنجازات، ولكن برأيي، لا يزال من السابق لأوانه الاحتفال بذلك».
وأوضح كابلوف: «سيكون من الجيد، وسنكون سعداء في حال حدوث ذلك (مفاوضات بين واشنطن وطالبان)، لكنه يرتبط بتحقيق عدد من الشروط التي تطرحها حركة طالبان للمحادثات مع الأميركيين». وتشهد أفغانستان منذ سنين صراعاً بين حركة «طالبان»، والقوات الحكومية والدولية بقيادة الولايات المتحدة؛ ما تسبب في سقوط آلاف الضحايا المدنيين.
القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي باتريك شاناهان، الذي زار أفغانستان، قال إنه «من المهم إشراك الحكومة الأفغانية في المحادثات الرامية إلى إنهاء الحرب الدائرة منذ 17 عاماً، وهو أمر ترفضه حركة طالبان حتى الآن». والتقى شاناهان، الذي يقوم بأول زيارة لأفغانستان منذ توليه منصبه، مع قوات أميركية ومع الرئيس الأفغاني أشرف غني. وقال إنه لم يتلقَّ حتى الآن تعليمات بتقليص حجم القوات الأميركية التي تضم نحو 14 ألف جندي في أفغانستان. وأضاف أن «الولايات المتحدة لها مصالح أمنية قوية في المنطقة».
في غضون ذلك، نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصادر مطلعة، أن حجم العمليات العسكرية الألمانية في أفغانستان سيظل كما هو حتى رغم الانسحاب الأميركي المحتمل». وحسب معلومات وكالة الأنباء الألمانية فإن نص التفويض الذي ستحصل عليه القوات العسكرية الألمانية في أفغانستان من البرلمان بعد الحادي والثلاثين من مارس (آذار) المقبل، لن يتضمن تغييراً في الحد الأقصى من الجنود الألمان الذين يسمح البرلمان بمشاركتهم في العمليات، والذي يمكن أن يصل إلى 1300 جندي.
يشار إلى أن ألمانيا تشارك منذ 2015 بقوات عسكرية في عملية «الدعم الحازم» لدعم القوات الأفغانية وتدريبها. وسيناقش مجلس الوزراء الألماني تمديد هذا التفويض خلال اجتماعه اليوم.



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.