مدينة العلمين الجديدة تستعد لاستقبال الزوار الصيف المقبل

المشروعات الجارية بها توفر 80 ألف فرصة عمل

عمليات إنشاء أبراج مدينة العلمين تجري على قدم وساق (الشرق الأوسط)
عمليات إنشاء أبراج مدينة العلمين تجري على قدم وساق (الشرق الأوسط)
TT

مدينة العلمين الجديدة تستعد لاستقبال الزوار الصيف المقبل

عمليات إنشاء أبراج مدينة العلمين تجري على قدم وساق (الشرق الأوسط)
عمليات إنشاء أبراج مدينة العلمين تجري على قدم وساق (الشرق الأوسط)

تسابق وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المصرية، الزمن، لتطوير منطقة الساحل الشمالي المصري، وتحويلها إلى مركز سياحة إقليمية على شاطئ البحر المتوسط، وفي هذا الإطار أعلنت الوزارة عن مدينة العلمين الجديدة، التي يجري العمل على إنشائها حالياً على الساحل الشمالي.
وستبدأ العلمين في استقبال زوراها مع بداية الصيف المقبل، حيث يجري العمل على قدم وساق للانتهاء من المنطقة الترفيهية والكورنيش، إضافة إلى رفع كفاءة منطقة مارينا العلمين المجاورة للمدينة الجديدة.
وتعد مدينة العلمين الجديدة أول مدينة مليونية مصرية، حيث يجري إنشاؤها على مساحة 48 ألف فدان، وتقع ضمن النطاق الإداري لمحافظة مطروح غرب مصر، وتنقسم إلى 3 قطاعات رئيسية: السياحة والحضارة والآثار، وتصل طاقتها الاستيعابية إلى 3 ملايين نسمة، وتتكون المرحلة الأولى منها من 8 آلاف فدان، لخدمة نحو 400 ألف مواطن، وتتضمن المدينة عدة مشروعات من بينها منطقة الأبراج الشاطئية، والمنطقة الترفيهية، و«الداون تاون»، والجامعة الأهلية، وفرع للأكاديمية البحرية للعلوم والتكنولوجيا، والمدينة التراثية، والحي اللاتيني، الذي يقام على غرار الحي اللاتيني القديم بمدينة الإسكندرية، والمنطقة الصناعية.
ووصف هاني يونس، المستشار الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء، والمتحدث باسم وزارة الإسكان، مدينة العلمين الجديدة بأنها «مدينة السحر والجمال»، وقال يونس لـ«الشرق الأوسط»: «يجري حالياً العمل في 15 برجاً تطل على البحر والبحيرات، وسيبدأ العمل قريباً في 10 أخرى»، مشيراً إلى أن «هذه المدينة واحدة من 14 مدينة تعمل وزارة الإسكان على تنفيذها ضمن ما يُعرف بمدن الجيل الرابع، إضافة إلى المدن الجديدة الأخرى وعددها 24 مدينة، مثل القاهرة الجديدة والعبور وأكتوبر وغيرها».
وعلى صعيد الاستعدادات الجارية لتشغيل المدينة الصيف المقبل، يجري العمل حالياً لتجهيز المنطقة الترفيهية وافتتاحها للزوار بدءاً من موسم الصيف المقبل، كما بدأ التشغيل التجريبي لمحطة تحلية مياه البحر، التي ستكون مسؤولة عن تغذية كلٍّ من العلمين، والعلمين الجديدة، ومارينا، وتل العبس، وسيدي عبد الرحمن.
وقال المهندس أسامة عبد الغني، رئيس جهاز مدينة العلمين الجديدة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المدينة ستستقبل زوارها في الصيف المقبل، حيث سيتم افتتاح المنطقة الترفيهية والشاطئ والكورنيش أمام المصطافين»، مشيراً إلى «الانتهاء من أعمال توسعة محطة كهرباء الحمراء لإمداد كورنيش المدينة بـ85 ميغاواط».
وأضاف أنه «يجري العمل على الانتهاء من خزانات المياه الخاصة بالشرب والحرائق والري لتوفير المياه المطلوبة، وشبكة صرف مياه الأمطار، وشبكة الصرف الصحي للمنطقة الترفيهية، استعداداً للتشغيل بموسم الصيف المقبل».
وأشار عبد الغني إلى أنه «تم التعاقد مع شركة متخصصة في أعمال النظافة والحراسة والأمن، للحفاظ على ما تم إنجازه من أعمال في الفترة السابقة، والاتفاق على توريد المعدات والأجهزة والعمالة اللازمة للتشغيل، وجلي الرخام والاهتمام بمنطقة الكورنيش، والإسكان المتميز، والشاطئ، إضافة إلى توريد أعمدة إنارة الطريق الساحلي الحالي في المنطقة أمام مدينة العلمين، وتجميل وزراعة الجزيرة الوسطى للمنطقة المواجهة لمركز مارينا العلمين السياحي، بدايةً من الكيلو 110 حتى الكيلو 128 من طريق (الإسكندرية – مطروح) أمام مدينة العلمين الجديدة، استعداداً لاستقبال الزوار».
بدوره، أوضح المهندس عبد المطلب ممدوح، نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، في تصريحات صحافية، أن «نسبة تنفيذ الهيكل الخرساني بمباني المدينة التراثية، والمُقامة على مساحة 260 فداناً، بلغت نحو 40%، ومن المقرر تشغيلها بشكل كامل في صيف عام 2020، ويبلغ إجمالي عدد المنشآت بالمدينة نحو 70 منشأة، وتشمل البحيرة الرئيسية، والحديقة المركزية، والمسجد، والكنيسة، والأوبرا، والمباني التجارية والفندقية في الحي القديم، ومجمع السينمات، والتي من المقرر البدء في تشغيلها في صيف 2019، إضافةً إلى المعارض، وحديقة الأطفال، ومركز تنمية المهارات، ومبنى رئاسة المدينة، والحي الاستثماري».
من جانبه أكد تامر ممتاز، خبير الاقتصاد العقاري، لـ«الشرق الأوسط»، أن «أهم مقومات السياحة في مصر هي الآثار والشواطئ، ويعد الساحل الشمالي من أجمل الشواطئ في العالم وفقاً لتصريحات السياح، حيث تعد بديلاً لإسبانيا». موضحاً أن «مدينة العلمين الجديدة تتمتع بمقومات سياحة شاطئية وأثرية أيضاً، مما يؤهلها لتكون قبلة السياحة في المستقبل، خصوصاً للقادمين من الغرب».
وأضاف ممتاز أن «الإقبال على شراء الوحدات السكنية في المدينة ونفادها بهذا الشكل دليل على قيمة المدينة، حتى رغم ارتفاع سعرها، حيث يصل سعر المتر إلى 35 ألف جنيه، لكنها تستهدف أصحاب الدخل المرتفع، والمستثمرين الأجانب»، مشيراً إلى أن «الأسعار في العلمين تعد منخفضة إذا ما قورنت بمناطق شبيهة على سواحل إسبانيا وفرنسا».
وتفقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، بداية الأسبوع الجاري، الأعمال الجارية بمدينة العلمين الجديدة. ورغبة في تسريع وتيرة العمل أمر رئيس الوزراء بمضاعفة عدد العمال في منطقة الداون تاون، والأوبرا، وقال مدبولي محفزاً شركات المقاولات الخاصة التي تعمل على تنفيذ المشروع: «هناك الكثير من العمل، والشركات الجادة ستحصل على مشروعات وفرص أكبر».
وأضاف رئيس الوزراء المصري، في تصريحات صحافية خلال الجولة، إن «المصريين يسطرون تاريخاً جديداً في المدن الـ14 الجديدة، التي تحقق التنمية في مختلف ربوع مصر»، مشيراً إلى أنه «يجري حالياً تنفيذ أكثر من مدينة ساحلية مستدامة، من بينها العلمين الجديدة، والمنصورة الجديدة، وشرق بورسعيد، وقريباً رشيد الجديدة».
وتسعى مصر لتغيير مفهوم المدن الساحلية، حيث لا تكون مدناً مهجورة معظم شهور السنة، وتعمل فقط في فصل الصيف، ولذلك يجري تزويد المدن الجديدة بمناطق صناعية، وجامعات وخدمات تؤهّلها للعمل حتى في شهور الشتاء.
وقال مدبولي: «يوجد في العلمين الجديدة أنشطة مختلفة تؤهل المدينة للعمل طوال العام، حيث يجري إنشاء جامعة أهلية، وفرع للأكاديمية البحرية، ومنطقة صناعية، يجري العمل حالياً في 4 ملايين متر مربع منها، عبر توصيل المرافق المختلفة، ليبدأ المطورون الصناعيون عملهم، إضافة إلى إنشاء وحدات سكنية تناسب الشرائح المختلفة من المجتمع».
وأكد ممتاز أنه «لا بد من توفير الخدمات الحكومية، والمساكن والجامعات والمدارس حتى تعمل المدينة طوال العام، ولا تكون مدينة سياحية شاطئية تعمل خلال شهور الصيف فقط، على غرار مارينا العلمين المجاورة لها».
وأوضح المهندس خالد عباس، نائب وزير الإسكان للمشروعات القومية، في تصريحات صحافية على هامش جولة رئيس الوزراء، أنه «سيتم تشغيل 3 كليات بجامعة العلمين الأهلية، وهي كليات القانون الدولي، والدراسات العليا، والسياحة والفنادق، في المرحلة الأولى للعام الدراسي المقبل»، مشيراً إلى أن «الجامعة تضم 13 كلية، و4 مبانٍ سكنية، ومبنى إدارياً، ومكتبة».
من جانبه أكد عبد الغني أنه «يجري حالياً تنفيذ 15 برجاً بارتفاع يصل إلى 41 طابقاً، إضافةً إلى بدء العمل في تجهيز الأرض لبناء 10 أبراج أخرى، وبدء تنفيذ تجمع سكني متكامل على مساحة 98 فداناً، يضم فيلات وشاليهات وشققاً، ومن المقرر إنشاء مجتمع عمراني متكامل على مساحة 500 فدان، بجوار مركز مارينا العلمين السياحي من الجهة الغربية الشاطئية، يطل على بحيرات مدينة العلمين الجديدة المركزية».
وأوضح عبد الغني أنه «يجري حالياً تنفيذ 4096 وحدة سكنية، في 128 عمارة، بمشروع (سكن مصر)، كما يجري الانتهاء من تشطيب 15 عمارة من إجمالي 40 عمارة، تضم 1320 وحدة، بمنطقة الداون تاون، بمواصفات الإسكان فوق المتميز، بمساحات تتراوح بين 90 م2، وحتى 300 م2 لوحدات التوين هاوس بالروف، وبدء تنفيذ 12 ألف وحدة بالحي اللاتيني، وجارٍ إعادة طرح 35 عمارة بالإسكان المتميز، تم سحبها من شركتين متعثرتين في التنفيذ، لاستئناف الأعمال المتوقفة فيها»، مشيراً إلى أنه «تم حجز 536 وحدة، أي نحو 23 عمارة، بالإسكان المتميز، وهناك إقبال كبير على الحجز».
وقال عبد الغني إن «المشروعات الجاري تنفيذها بالمدينة توفر نحو 80 ألف فرصة عمل، ويدفع جهاز المدينة شهرياً نحو 2٫5 مليار جنيه، لشركات المقاولات نظير الأعمال التي يقومون بها»، مشيراً إلى أن «المدينة ستُحدث تنمية وطفرة في منطقة الساحل الشمالي».



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»