النحل يمكنه تعلم فنون الحساب خصوصاً الجمع والطرح

نتائج الدراسة دلت على أن الفهم الرقمي متقدم لدى الحيوانات في الآونة الأخيرة (أ.ف.ب)
نتائج الدراسة دلت على أن الفهم الرقمي متقدم لدى الحيوانات في الآونة الأخيرة (أ.ف.ب)
TT

النحل يمكنه تعلم فنون الحساب خصوصاً الجمع والطرح

نتائج الدراسة دلت على أن الفهم الرقمي متقدم لدى الحيوانات في الآونة الأخيرة (أ.ف.ب)
نتائج الدراسة دلت على أن الفهم الرقمي متقدم لدى الحيوانات في الآونة الأخيرة (أ.ف.ب)

قال باحثون من فرنسا وأستراليا إن نحل العسل قادر على تعلم الحساب، على الأقل الجمع والطرح.
وقال كبير الباحثين في بيان عن جامعة ملبورن الأسترالية بشأن الدراسة التي نشرت في العدد الحالي لمجلة «ساينس أدفانس» العلمية: «تدل نتائج دراستنا على أن الفهم الرقمي المتقدم لدى الحيوانات مميز أكثر مما كان يفترض حتى الآن».
وتشبه التجربة التي أثبت بها الباحثون الفنون الحسابية لـ14 نحلة أحد المسارات التي أوضح بها النحل نتائجه الحسابية من خلال الطيران في ثقوب مختلفة.
وللتوضيح فإن الأمر يسير كالتالي: «في البداية ترى نحلة مربعين أو 3 مربعات. فإذا كانت هذه المربعات صفراء فإن ذلك يعني: طرح مربع، وإذا كانت زرقاء فإن على النحلة أن تضيف مربعاً. أي أن اللون الأزرق يعني الإضافة، والأصفر يعني الطرح، الخصم».
وتستطيع النحلة اختيار الحل الصحيح من خلال الطيران في الثقب الموجود في الحائط، الذي يحتوي على العدد الصحيح من المربعات.
فإذا أصابت النحلة فإنها تحصل على محلول سكري مكافأة لها، أما إذا أخطأت فإنها تحصل على محلول مُر، بدلاً من السكري.
كان تأثير التعلم واضحاً على النحل خلال الدراسة، حيث تبين للباحثين أنه وبعد المشاركة في 100 محاولة، فإن النحل أصبح يصيب هدفه ويتوصل إلى الاختيار الصحيح بواقع الضعف في المتوسط، مقارنة بنسبة الإصابة في بداية الدراسة، عندما كانت الاختيارات تتم بشكل عفوي.
وأوضح الباحثون أن النحل لم يصبح بعد التدريب قادراً على إدراك عدد العناصر فحسب، بل على القيام بعمليتي الطرح والإضافة المعقدتين بالنسبة لمخ النحل.
ويأمل الباحثون أن تكون لمعرفة حقيقة أن الأمخاخ الصغيرة نفسها قادرة على القيام بمثل هذه الواجبات، تأثيرات في تطوير الذكاء الاصطناعي.
يشار إلى أن الباحثين يدرسون منذ وقت طويل قدرة الحيوانات على الحساب، وأن هذه الدراسة لم تقتصر فقط على النحل، بل شملت حيوانات أخرى مثل الطيور والأسود وقردة الشمبانزي، بل والعناكب.
ويعتقد بعض الباحثين أن بعض الحيوانات تمتلك حاسة جماعية للأعداد، وأنها تحتاج هذه الحاسة للبقاء على قيد الحياة، وذلك على سبيل المثال لمعرفة ما إذا كان الأعداء الذين تسعى لالتهامهم أكبر منها عدداً، أو أقل.



من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
TT

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

في الدورة الرابعة من مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، تنافست أعمال استثنائية نقلت قصصاً إنسانية مؤثّرة عن واقع المرأة في إيران وأفغانستان. وسط أجواء الاحتفاء بالفنّ السينمائي بوصفه وسيلةً للتعبير والتغيير، قدَّم فيلما «السادسة صباحاً» للإيراني مهران مديري، و«أغنية سيما» للأفغانية رؤيا سادات، شهادتين بارزتين على تحدّيات النساء في بيئاتهن الاجتماعية والسياسية.

«السادسة صباحاً»... دراما الصراع مع السلطة

يروي الفيلم قصة «سارة»، الشابة الإيرانية التي تتأهّب لمغادرة طهران لإكمال دراستها في كندا. تتحوّل ليلة وداعها مواجهةً مفاجئةً مع «شرطة الأخلاق»؛ إذ يقتحم أفرادها حفلاً صغيراً في منزل صديقتها. يكشف العمل، بأسلوب مشوّق، الضغط الذي تعيشه النساء الإيرانيات في ظلّ نظام تحكمه الرقابة الصارمة على الحرّيات الفردية، ويبرز الخوف الذي يطاردهن حتى في أكثر اللحظات بساطة.

الفيلم، الذي أخرجه مهران مديري، المعروف بسخريته اللاذعة، يجمع بين التوتّر النفسي والإسقاطات الاجتماعية. وتُشارك في بطولته سميرة حسنبور ومهران مديري نفسه الذي يظهر بدور مفاوض شرطة يضيف أبعاداً مرعبة ومعقَّدة إلى المشهد، فيقدّم دراما تشويقية.

لقطة من فيلم «أغنية سيما» المُقدَّر (غيتي)

«أغنية سيما»... شهادة على شجاعة الأفغانيات

أما فيلم «أغنية سيما»، فهو رحلة ملحمية في زمن مضطرب من تاريخ أفغانستان. تدور الأحداث في سبعينات القرن الماضي، حين واجهت البلاد صراعات سياسية وآيديولوجية بين الشيوعيين والإسلاميين. يتبع العمل حياة «ثريا»، الشابة الشيوعية التي تناضل من أجل حقوق المرأة، وصديقتها «سيما»، الموسيقية الحالمة التي تبتعد عن السياسة.

الفيلم، الذي أخرجته رؤيا سادات، يستعرض العلاقة المعقَّدة بين الصديقتين في ظلّ انقسام آيديولوجي حاد، ويُظهر كيف حاولت النساء الأفغانيات الحفاظ على شجاعتهن وكرامتهن وسط دوامة الحرب والاضطهاد. بأداء باهر من موزداح جمال زاده ونيلوفر كوخاني، تتراءى تعقيدات الهوية الأنثوية في مواجهة المتغيّرات الاجتماعية والسياسية.

من خلال هذين الفيلمين، يقدّم مهرجان «البحر الأحمر» فرصة فريدة لفهم قضايا المرأة في المجتمعات المحافظة والمضطربة سياسياً. فـ«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة، مع الإضاءة على دور الفنّ الحاسم في رفع الصوت ضدّ الظلم.

في هذا السياق، يقول الناقد السينمائي الدكتور محمد البشير لـ«الشرق الأوسط»، إنّ فيلم «السادسة صباحاً» ينساب ضمن وحدة زمانية ومكانية لنقد التسلُّط الديني لا السلطة الدينية، واقتحام النيات والمنازل، وممارسة النفوذ بمحاكمة الناس، وما تُسبّبه تلك الممارسات من ضياع مستقبل الشباب، مثل «سارة»، أو تعريض أخيها للانتحار. فهذه المآلات القاسية، مرَّرها المخرج بذكاء، وبأداء رائع من البطلة سميرة حسنبور، علماً بأنّ معظم الأحداث تدور في مكان واحد، وإنما تواليها يُشعر المُشاهد بأنه في فضاء رحب يحاكي اتّساع الكون، واستنساخ المكان وإسقاطه على آخر يمكن أن يعاني أبناؤه التسلّط الذي تعيشه البطلة ومَن يشاركها ظروفها.

على الصعيد الفنّي، يقول البشير: «أجاد المخرج بتأثيث المكان، واختيار لوحات لها رمزيتها، مثل لوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي للهولندي يوهانس فيرمير، ورسومات مايكل أنجلو على سقف كنيسة سيستينا في الفاتيكان، وغيرها من الرموز والاختيارات المونتاجية، التي تبطئ اللقطات في زمن عابر، أو زمن محدود، واللقطات الواسعة والضيقة».

يأتي ذلك تأكيداً على انفتاح مهرجان «البحر الأحمر السينمائي»، ومراهنته على مكانته المرتقبة في قائمة المهرجانات العالمية، وترحيبه دائماً بكل القضايا المشروعة.

ونَيل «أغنية سيما» و«السادسة صباحاً» وغيرهما من أفلام هذه الدورة، التقدير، وتتويج «الذراري الحمر» للتونسي لطفي عاشور بجائزة «اليُسر الذهبية»، لتقديمه حادثة واقعية عن تصفية خلايا إرهابية شخصاً بريئاً... كلها دليل على أهمية صوت السينما التي أصبحت أهم وسيلة عصرية لمناصرة القضايا العادلة متى قدّمها مُنصفون.

وأظهر المهرجان الذي حمل شعار «للسينما بيت جديد» التزامه بدعم الأفلام التي تحمل قضايا إنسانية عميقة، مما يعزّز مكانته بوصفه منصةً حيويةً للأصوات المبدعة والمهمَّشة من مختلف أنحاء العالم.