اعتقال متشددين متعددي الجنسيات قرب تمبكتو شمال مالي

من بينهم مقرب من أحد أبرز قادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي

اعتقال متشددين متعددي الجنسيات قرب تمبكتو شمال مالي
TT

اعتقال متشددين متعددي الجنسيات قرب تمبكتو شمال مالي

اعتقال متشددين متعددي الجنسيات قرب تمبكتو شمال مالي

ألقت القوات الفرنسية المنتشرة شمال مالي، القبض على ثلاثة عناصر من "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" المتطرف، الذي ينشط في المنطقة.
وجرى اعتقال العناصر قرب مدينة تمبكتو التاريخية، وذلك خلال "عملية عسكرية نوعية" بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر أمني مالي؛ متحدثا عن مشاركة مروحيات، وعن "عمل استخباراتي فعال جدا".
وأكد المتحدث باسم الجيش الفرنسي المقدم ميشيل ساباتييه هذه المعلومات اليوم (الأربعاء)، قائلا إنه جرى أسرهم خلال عملية للقوات الخاصة الأحد الماضي.
وأضاف ساباتييه أن المعتقلين يخضعون للاستجواب، قائلا "إذا تأكدت شكوكنا، سينقلون إلى السلطات في مالي".
وأكدت بعثة الأمم المتحدة في مالي (مينوسما)، أن خلية تابعة للتنظيم يعتقد أنها توجد غرب تمبكتو. ويعتقد أن الجماعة تضم متشددين غير ماليين، من الصومال وتشاد وتونس بالإضافة إلى رجل يحمل الجنسيتين المغربية والإسبانية.
من جهة أخرى، أشاد مصدر عسكري قريب من بعثة الامم المتحدة في مالي بالعملية واصفا إياها، بأنها "فعالة، وأتاحت وضع اليد على إرهابيين بالقرب من تومبكتو".
ومن بين المعتقلين شخص مقرب من الجزائري يحيى ابو همام، أحد أبرز قادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، ورجله الميداني في منطقة الساحل.
ويعتقد أن الجماعة مسؤولة عن هجوم بقذيفة صاروخية على مطار تمبكتو في 13 يوليو (تموز)، ويشتبه كذلك في مسؤوليتها عن قتل اثنين من أعضاء "مجلس اللاجئين النرويجي"، وهي منظمة غير ربحية قرب تمبكتو في مايو (آيار) الماضي.
وتنفذ القوات العسكرية الفرنسية عمليات من حين لآخر، بحثا عن متطرفين إسلاميين في شمال مالي منذ أواخر العام الماضي.
ويبلغ قوام القوات الفرنسية 2300 جندي.
وأعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند خلال زيارته مؤخرا لتشاد والنيجر إطلاق عملية جديدة تحت اسم "برخان" بالتعاون مع دول في المنطقة، بدل عملية "سيرفال" التي انطلقت بداية العام الماضي لإنهاء سيطرة تنظيم القاعدة وحلفائه على منطقة "أزواد" شمال مالي، بعد أن استغلت هروب القوات، إثر دخول حركات تمرد الطوارق والعرب، واستطاعت التنظيمات المتطرفة أن تنتزع السيطرة على المنطقة.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.