«حرب شوارع» في بلدة الباغوز بين «قوات سوريا الديمقراطية» و«داعش»

«الشرق الأوسط» تتابع المعركة الحاسمة شرق الفرات

عربة عسكرية لحلفاء واشنطن خلال المعارك ضد «داعش» شرق سوريا (الشرق الاوسط)
عربة عسكرية لحلفاء واشنطن خلال المعارك ضد «داعش» شرق سوريا (الشرق الاوسط)
TT

«حرب شوارع» في بلدة الباغوز بين «قوات سوريا الديمقراطية» و«داعش»

عربة عسكرية لحلفاء واشنطن خلال المعارك ضد «داعش» شرق سوريا (الشرق الاوسط)
عربة عسكرية لحلفاء واشنطن خلال المعارك ضد «داعش» شرق سوريا (الشرق الاوسط)

في بلدة الباغوز الفوقاني شرق نهر الفرات في ريف دير الزور الشمالي، التابعة لناحية السوسة قرب الحدود العراقية، يقاتل عناصر تنظيم داعش المتشدد بشراسة عن آخر معقل يسيطرون عليه.
على بعد 500 متر يلاحظ وجود مقاتلي التنظيم، بالإمكان مشاهدتهم وهم يتنقلون من مكان إلى آخر، فالمعركة تجري داخل الأحياء الشرقية بالبلدة، ويعزو قيادة «قوات سوريا الديمقراطية» تأخر حسم المعركة إلى وجود مدنيين في الخطوط الأمامية للقتال.
وبحسب مصطفى بالي مسؤول المكتب الإعلامي لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، لا يزال هناك ما بين 500 و600 مقاتل فيها إلى جانب مئات المدنيين داخل الأحياء المحاصرة، فعناصر التنظيم محاصرون من الجهات الأربع. وقال: «معظم الذين سلموا أنفسهم في الباغوز خلال الشهرين الماضيين أو تم اعتقالهم كانوا من جنسيات أجنبية، يرجح أن يكون هؤلاء المقاتلون المتبقون من الجنسيات الأجنبية أيضاً».
وداخل الباغوز بدت آثار الدمار وحدها طاغية على شوارع البلدة التي أصبحت مكسوة بالحطام، ودارت معارك عنيفة بين الطرفين إلا أن الجرافات شقّت طريقها وسط تلك الأزقة، في حين لا توجد أي علامات لوجود مدنيين أو حياة داخل البلدة، لكن بعض المقاتلين العسكريين من «قوات سوريا الديمقراطية»، كانوا يتجولون متناوبين على حراستها، أما الأصوات الوحيدة التي كانت تُسمَع فهي للطيران الحربي التابع للتحالف الدولي، وأصوات انفجار العبوات التي تفككها فرق إزالة الألغام.

وباتت الباغوز خالية من سكانها، وفي الأحياء الواقعة في أطراف البلدة انهار سقف كثير من المنازل أو خلعت أبوابها والشبابيك من شدة الانفجارات، أما المتاجر والمحال التجارية فقد تعرضت للدمار والبعض منها سوي بالأرض، لم يتبق منها سوى الأطلال. لكن المشهد يبدو صادماً أكثر في مركز البلدة، وتحديداً في ساحتها حيث جرت معركة محتدمة جداً للسيطرة على أبنية استراتيجية والتي ستطرد عناصر «داعش» من آخر جيب يسيطر عليه شرق الفرات، وبات من الصعب التفريق بين منزل ومتجر، بعد أن تحول معظمها إلى أكوام من الأنقاض، وتناثرت أنابيب المياه وأسلاك الكهرباء، ولم تعد صالحة لتشغيلها مرة ثانية.
وخلال آخر أسبوعين أوقفت «قوات سوريا الديمقراطية»، عملياتها العسكرية ضد التنظيم، تفادياً لسقوط ضحايا مدنيين، وتتهم التنظيم باستخدام المدنيين كدروع بشرية بما فيها أسر المقاتلين أنفسهم.
وأشار مصطفى بالي إلى أن القوات تعاملت خلال الأيام العشرة الأخيرة مع المعركة بصبر، وقال: «تم إجلاء أكثر من 20 ألفاً من المدنيين من الجيب المحاصر»، ووصف المعركة بأنها الأخيرة والحاسمة، مضيفاً: «ستكون مهمتها القضاء على آخر فلول التنظيم الإرهابي».
وكشف مصدر مطلع، أنّ التنظيم عرض هدنة على «قوات سوريا الديمقراطية»، تقضي بفتح ممرات آمنة لإجلاء مصابين وجرحى بين صفوفه، وإمدادهم بالطعام والدواء، مقابل الإفراج عن مجموعة من عناصر القوت سقطوا أسرى خلال المعارك الأخيرة، إلا أن قيادة القوات قررت المضي في المعركة دون التوصل إلى اتفاق.
وتمكنت «قوات سوريا الديمقراطية»، تحالف بين فصائل كردية وعربية، المدعومة من تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة وتشارك فيها 79 دولة غربية وعربية من بينها السعودية والإمارات المتحدة والأردن، من طرد مسلحي تنظيم داعش من قطاعات واسعة من الأراضي في شمال وشرق سوريا في السنوات الأربع الأخيرة.
وبعد طرد عناصر «داعش» من معقله الأبرز في سوريا مدينة الرقة بشهر أكتوبر (تشرين الأول) 2017. توجه «قوات سوريا الديمقراطية»، جنوباً نحو الريف الشمالي لمدينة دير الزور، وشنت هجوماً واسعاً منذ سبتمبر (أيلول) العام الفائت في المنطقة الواقعة على الضفة الشرقية لنهر الفرات، لكن عناصر «داعش» يبسطون السيطرة على جيب صحراوي إلى الغرب من نهر الفرات، تحيط به القوات النظامية الموالية للأسد، وميليشيات إيرانية والحشد الشعبي من الجهة العراقية.
وبحسب التحالف الدولي الداعم للهجوم ضد الجيب الأخير للتنظيم في شرق سوريا، تمكنت «قوات سوريا الديمقراطية»، من تحرير نحو 99 في المائة من الأراضي الخاضعة لسيطرة «داعش» في سوريا، وبات مقاتلو التنظيم محاصرين ضمن أربعة كيلومترات مربعة قرب الحدود العراقية.
عمد تنظيم داعش إلى بثّ الشعور بالرعب من خلال نشر صور وأفلام مروعة، مثل مشاهد حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة حياً بشهر فبراير (شباط) 2015. وتعليق رؤوس جثث عشرات الجنود السوريين - أشباه عراة - الذين أُسِروا في مطار الطبقة العسكري في يوليو (تموز) 2014. وتصفية عشرات المواطنين الأجانب من صحافيين وعاملين في منظمات إغاثة.
ويقترب الأمر من أن يكون غير قابل للتصديق، وبينما تعلو أصوات المدافع الثقيلة وقصف طائرات التحالف والأباتشي الأميركية آخر معاقل التنظيم، لا يزال مقاتلوه يدافعون عن آخر موطئ قدم لهم بشراسة، فهذه البقعة الصحراوية باتت نهاية التنظيم شرقي الفرات أصبحت وشيكة.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.