مشروع إصلاح الأراضي في جنوب أفريقيا يقلق المستثمرين

المواطنون البيض يمثلون 8 % من السكان ويملكون 3 أرباع الأراضي الزراعية

أنصار الرئيس رامابوزا يستعدون للاستماع إلى خطابه في ديربان الشهر الماضي (أ.ف.ب)
أنصار الرئيس رامابوزا يستعدون للاستماع إلى خطابه في ديربان الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

مشروع إصلاح الأراضي في جنوب أفريقيا يقلق المستثمرين

أنصار الرئيس رامابوزا يستعدون للاستماع إلى خطابه في ديربان الشهر الماضي (أ.ف.ب)
أنصار الرئيس رامابوزا يستعدون للاستماع إلى خطابه في ديربان الشهر الماضي (أ.ف.ب)

يثير مشروع إصلاح الأراضي الذي يدعمه رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوزا، الكثير من الجدل بين قلق المزارعين البيض من جهة، ومخاوف كبار الملاك ومجموعات المناجم من ثمن عملية إعادة توزيع تبدو واسعة وغير منضبطة إلى حد كبير.
وكانت مناجم جنوب أفريقيا التي شكلت لفترة طويلة عماد اقتصاد هذا البلد، بدأت تشهد منذ سنوات تراجعا بطيئا نتيجة انخفاض أسعار المواد الأولية وزيادة نفقات الإنتاج، وفق تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية. وفي هذه الأجواء، أثارت رغبة الحكومة في إعادة توزيع الأراضي لمصلحة الغالبية السوداء في البلاد لتصحيح «اللامساواة الموروثة من نظام الفصل العنصري»، صدمة في كل القطاع. ويثير مشروع السماح بعمليات استملاك من دون دفع تعويضات مخاوف كبيرة.
وقبل ثلاثة أشهر، حدد رئيس مجلس إدارة مجموعة «أنغلو أميركيان» المنجمية، مارك كوتيفاني، معالم النقاش. وقال إنه إذا لم يتم ضمان ملكية أراضي المناجم، فإن «المستثمرين سيهربون»، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف: «علينا أن نجد حلولا دائمة وشاملة»، مؤكدا أن «رغبة جنوب أفريقيا في تحفيز الاستثمارات الأجنبية على أرضها لن تتحقق، ما لم تعرض الحكومة بالتفصيل مشروعها المتعلق بالأراضي».
وتشعر وكالة التصنيف الائتماني «موديز» التي وضعت جنوب أفريقيا تحت مراقبة صارمة، بالقلق نفسه.
وقد حذرت في يونيو (حزيران) من أن «الغموض السائد يواصل الحد من الاستثمارات في الأمد القصير». وأضافت: «إذا تبين أن الإصلاح مكلف جدا للشركات، فإن انخفاض الاستثمارات سيكون أقوى».
وتلقى رامابوزا المصمم على إشراك الشركات الأجنبية في إنعاش الاقتصاد، رسالة قوية وواضحة. لذلك، انتهز فرصة خطابه السنوي في الكاب ليحاول طمأنة قطاع المناجم. وقال إن «المستثمرين يجب ألا يخافوا، لأننا لن نأخذ ممتلكاتهم».
وأكّد مجددا خلال الأسبوع الحالي أن الإصلاح العقاري يهدف إلى «إصلاح (...) خطأ ارتكب ضد السود في جنوب أفريقيا خلال الاستعمار والفصل العنصري». وبعد ربع قرن على سقوط النظام العنصري، ما زال ثلاثة أرباع الأراضي الزراعية بأيدي البيض الذين لا يشكلون أكثر من ثمانية في المائة من السكان البالغ عددهم 55 مليون نسمة.
وفيما لا يزال البرلمان يناقش مشروع مصادرة الأراضي بلا تعويضات، إلا أن آثاره بدأت تظهر. فعلى الأرض، أدّى إلى تصاعد معركة السكان المحليين ضد شركات المناجم للاعتراض على توسيع نشاطاتها أو من أجل استعادة أراضيهم أو الحصول على الأقل على حصة (صغيرة) من أرباح هذه الشركات.
وقال ميليسنت شونغوبي، الناطق باسم مجموعة من السكان الأصليين «إيمالاهليني» في شمال البلاد، تخوض نزاعا مع مجموعة «غيلنكور» المنجمية إن «المنجم يؤثر على حياتنا، لأننا لم نعد نملك أراضي».
وأضاف: «حاولنا دفعهم إلى الرحيل، لكن من دون جدوى»، موضحا: «نريد الاستفادة من ذلك. إنهم يحققون أرباحا بالمليارات، لكننا لا نرى شيئا».
وفرض القضاء على وزير المناجم غويدي مانتاش، العام الماضي، مشاورة مجموعة أخرى هي الخولوبي (جنوب شرق) قبل أن يمنح تصريحا بالعمل للشركة الأسترالية «ترانس وورلد إينرجي آند مينيرال ريسورسز»، في انتصار نادر للسكان. لكن الخبراء في القطاع لا يتوقعون الكثير من القرارات التي تؤثر على صناعة المناجم.
وقال أماكا أنكو، من مركز «أوراسيا» للدراسات: «لن تكون هناك عمليات مصادرة» لمناجم أو أراض زراعية. وأضاف: «كل هذا مرتبط بالسياسة قبل كل شيء».
وبما أن الانتخابات التشريعية ستجرى في مايو (أيار) المقبل، لم تغب نيات رئيس الدولة عن أذهان منافسيه. وبين هؤلاء خصوصا اليساري الراديكالي يوليوس ماليما، الذي ضاعف أنصاره المعروفون باسم «القبعات الحمر» العمليات «الوحشية» لاحتلال أراض في السنوات الأخيرة. وقال ماليما الخميس، إن سيريل رامابوزا «يسرق برنامجنا». وشدد المحلل أماكا أنكو على أنه «اقتصاديا، لن يكون أي معنى (بالنسبة للرئيس) لمهاجمة أراض منتجة». وخلال خطابه عن حال الأمة الخميس، أوضح الرئيس بحذر أن عمليات إعادة التوزيع الأولى يمكن أن تستهدف «أراضي تملكها الدولة»، خصوصا في مناطق المدن.
وقال سانيشا باكيريساماي المحلل في مكتب «مومنتوم» إنها «تصريحات قوية». وأضاف: «بات هناك وضوح أكبر في قطاع المناجم، لكن مسألة الأرض يمكن أن تردع بعض المستثمرين». وتبدو الشركات مستعدة للدخول في هذه اللعبة، إذا تمت حماية التوازن بين العدالة والتنمية. وصرّحت الناطقة باسم غرفة مناجم جنوب أفريقيا، شارمان راسل، أن «الصناعة تعترف بضرورة التقدم في مسألة الأرض». وأضافت: «نأمل أن يتم ذلك بشكل لا يضر بمصالح المستثمرين».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».