«الخضراوات» تدفع التضخم المصري للصعود مجدداً في يناير

3 تحالفات عالمية تسعى إلى اقتناص صفقة الميناء الجاف غرب العاصمة

عاد التضخم للصعود في مصر مجددا مدفوعا بارتفاع أسعار الخضروات (رويترز)
عاد التضخم للصعود في مصر مجددا مدفوعا بارتفاع أسعار الخضروات (رويترز)
TT

«الخضراوات» تدفع التضخم المصري للصعود مجدداً في يناير

عاد التضخم للصعود في مصر مجددا مدفوعا بارتفاع أسعار الخضروات (رويترز)
عاد التضخم للصعود في مصر مجددا مدفوعا بارتفاع أسعار الخضروات (رويترز)

ارتفع معدل التضخم السنوي مجددا في مصر خلال شهر يناير (كانون الثاني)، بعد أن شهدت الضغوط التضخمية تراجعا قويا في نهاية العام الماضي، وجاء صعود التضخم مدفوعا بأسعار الخضراوات.
وقال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أمس إن معدل التضخم السنوي ارتفع خلال يناير الماضي إلى 12.2 في المائة، مقابل 11.1 في المائة في الشهر السابق عليه. فيما قال البنك المركزي المصري أمس إن التضخم الأساسي ارتفع إلى 8.6 في المائة على أساس سنوي في يناير، من مستوى 8.3 في المائة في ديسمبر (كانون الأول).
ولا يتضمن التضخم الأساسي سلعا مثل الفاكهة والخضراوات بسبب التقلبات الحادة في أسعارها. وكان التضخم السنوي بلغ 15.6 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني)، قبل أن يتراجع في ديسمبر (كانون الأول) بفضل انخفاض ملموس في أسعار الخضراوات.
وعانت مصر من أزمات في أسعار الخضراوات خلال العام الماضي، وفي يناير زادت أسعار هذه السلع بـ3.9 في المائة، مع زيادة أسعار الطماطم والخيار بأكثر من 16 في المائة، بينما ارتفعت أسعار الحبوب بـ1.8 في المائة، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وقالت رضوى السويفي، رئيسة قسم البحوث في بنك الاستثمار المصري فاروس، لوكالة رويترز إن «الأغذية والمشروبات هما السبب الرئيسي في ارتفاع التضخم... ما يحدث هو ضبط أسعار من المصنعين مع بداية العام الجديد لضبط هوامش الربحية».
وأضافت: «لا تنس أن هوامش الربحية للمصنعين تراجعت من أول يوليو (تموز) الماضي مع خفض الدعم (على الطاقة)، وبعضهم لم يرفع الأسعار حينها خوفا من تراجع حجم المبيعات». وشهدت مصر صدمة تضخمية قوية بعد تحرير أسعار الصرف في نوفمبر عام 2016. مما قاد المؤشر في وقت لاحق لأعلى مستوياته منذ الثمانينات. وتزامن «تعويم الجنيه» (تحرير سعر الصرف) مع تطبيق حزمة من إجراءات تقليص دعم الطاقة مع التوسع في ضريبة القيمة المضافة، مما سرع من وتيرة ارتفاع الأسعار.
وانحسرت الضغوط التضخمية لاحقا مع استقرار سعر صرف العملة المحلية، لكن الإجراءات الإصلاحية لتحرير أسعار بنود الطاقة ظلت عاملا مستمرا للضغط على مؤشر التضخم.
وأعلنت مصر الشهر الماضي عن قرار رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، ربط سعر بيع «بنزين 95 أوكتين» في السوق المحلية بالأسعار العالمية بشكل ربع سنوي بداية من شهر أبريل (نيسان) المقبل.
وبينما سجل التضخم الشهري في مصر خلال ديسمبر (كانون الأول) معدلا سلبيا بنسبة 4.1 في المائة، فقد ارتفع في يناير بنسبة 0.8 في المائة.
وقالت السويفي إن «الارتفاع الشهري أعلى من التوقعات، وهذا قد يكون مؤشرا على تثبيت الفائدة في اجتماع المركزي هذا الأسبوع (الخميس المقبل) انتظارا لمؤشرات التضخم الشهر المقبل».
ويعد التضخم المرتفع عائقا أمام البنك المركزي للاستمرار في اتجاهه للنزول بأسعار الفائدة من المستويات المرتفعة التي وصلت إليها خلال الموجة التضخمية التي تلت تعويم الجنيه.
وفي آخر اجتماعات لجنة السياسات النقدية في البنك المركزي بمصر، في 27 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تم تثبيت أسعار الفائدة بحيث يكون عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة عند 16.75 و17.75 في المائة على التوالي.
وقال آلين سانديب، مدير الأبحاث في نعيم للسمسرة، لـ«رويترز»: «تستمر التكهنات بخصوص خفض الفائدة يوم الخميس».
وفي سياق منفصل، قالت وزارة المالية المصرية إن ثلاثة تحالفات لشركات عالمية تنافس على إنشاء ميناء جاف في مدينة السادس من أكتوبر (تشرين الأول) (غربي العاصمة القاهرة) بتكلفة 100 مليون دولار. والمشروع شراكة بين القطاعين الخاص والعام، ممثلا في هيئة الموانئ البرية والجافة والتحالف الفائز، وسيقام على مساحة 100 فدان. وقالت الوزارة في بيان إنه «سيقام كميناء للتخليص الجمركي للحاويات المتداولة عبر ميناءي الإسكندرية والدخيلة وهو ما يسهم في تخفيف تكدس الحاويات». وأضافت أن من المتوقع تقديم العطاءات الفنية والمالية خلال مايو (أيار) المقبل، ثم التقييم والترسية والإعلان عن صاحب العطاء الفائز.
وتقود التحالف الأول شركة «كونكور» الهندية مع مجموعة «حسن علام» المصرية و«بي.إس.إيه» السنغافورية. والتحالف الثاني بقيادة «موانئ دبي العالمية» بالتعاون مع «الشركة القابضة للنقل البري والبحري». وتقود التحالف الثالث مجموعة «السويدي إلكتريك» ويضم «شنكر مصر» و«ثري إيه إنترناشونال».
ومن جهة أخرى، قال المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية المصري، أمس، إنه يتم تنفيذ برنامج طموح لزيادة موارد مصر من البترول والغاز الطبيعي؛ للاستمرار في تأمين احتياجات البلاد من الطاقة، من خلال طرح المزايدات وعقد المزيد من الاتفاقيات البترولية مع الشركات العالمية للبحث عن البترول والغاز برياً وبحرياً. وأضاف الملا في بيان أنه يجري تنفيذ برامج تستهدف سرعة وضع الاكتشافات البترولية على خريطة الإنتاج، وتطبيق تقنيات حديثة لتحسين معدلات الإنتاج من الحقول القائمة، والتي تأتي كأحد برامج مشروع تطوير وتحديث قطاع البترول الذي يتم تنفيذه حالياً.


مقالات ذات صلة

انكماش القطاع الخاص في مصر خلال ديسمبر بسبب ضعف الجنيه

الاقتصاد مبانٍ تحت الإنشاء بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

انكماش القطاع الخاص في مصر خلال ديسمبر بسبب ضعف الجنيه

واصل القطاع الخاص غير النفطي بمصر انكماشه خلال ديسمبر في الوقت الذي تدهورت فيه ظروف التشغيل مع انخفاض الإنتاج والطلبيات الجديدة بأسرع معدل بثمانية أشهر

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مدبولي مترئساً اجتماعاً لمتابعة إجراءات طرح شركتَي «صافي» و«وطنية» (رئاسة الحكومة)

مدبولي: الحكومة المصرية ستتابع إجراءات طرح 10 شركات خلال 2025

أعلن رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن الحكومة ستتابع إجراءات طرح 10 شركات خلال عام 2025، وتحديد البرنامج الزمني للطرح.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وسط القاهرة من بناية مرتفعة بوسط البلد (تصوير: عبد الفتاح فرج)

معدل نمو الاقتصاد المصري يرتفع إلى 3.5% في 3 أشهر

سجل الناتج المحلي الإجمالي في مصر نمواً 3.5 % في الربع الأول من السنة المالية 2024-2025، بارتفاع 0.8%، مقابل 2.7% في نفس الربع المقارن من العام السابق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أرشيفية لمواطن داخل أحد محلات الصرافة في القاهرة يستبدل الجنيه بالدولار (رويترز)

 «صندوق النقد» يتوصل لاتفاق مع مصر بشأن المراجعة الرابعة

توصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعة الرابعة بموجب اتفاق تسهيل ممدد مع مصر، وهو ما قد يتيح صرف 1.2 مليار دولار بموجب البرنامج.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد حصَّادة تحصد القمح في حقل زراعي (رويترز)

روسيا تسعى لخفض التكاليف المتعلقة بمدفوعات القمح لمصر

قال رئيس اتحاد منتجي ومصدري الحبوب في روسيا إدوارد زرنين، إن مصدّري الحبوب الروس سيقترحون سبلاً لخفض تكاليف المعاملات المتعلقة بسداد أسعار تصدير القمح لمصر.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
TT

الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)

بعد النمو الاقتصادي العالمي في العام الماضي، يبذل صناع السياسات في الهند جهوداً حثيثة لتجنّب تباطؤ حاد مع تفاقم الظروف العالمية وتراجع الثقة المحلية؛ مما أدى إلى محو ارتفاع سوق الأسهم مؤخراً.

ويوم الثلاثاء، توقّع ثالث أكبر اقتصاد في آسيا نمواً سنوياً بنسبة 6.4 في المائة في السنة المالية المنتهية في مارس (آذار)، وهو الأبطأ في أربع سنوات وأقل من التوقعات الأولية للحكومة، مثقلاً بضعف الاستثمار والتصنيع، وفق «رويترز».

ويأتي خفض التصنيف بعد مؤشرات اقتصادية مخيّبة للآمال وتباطؤ في أرباح الشركات في النصف الثاني من عام 2024؛ مما أجبر المستثمرين على إعادة التفكير في الأداء المتفوّق للبلاد في وقت سابق، وألقى الشكوك حول الأهداف الاقتصادية الطموحة لرئيس الوزراء ناريندرا مودي.

وتعمل المخاوف الجديدة على تكثيف الدعوات للسلطات إلى رفع المعنويات من خلال تخفيف الإعدادات النقدية وإبطاء وتيرة التشديد المالي، خصوصاً أن رئاسة دونالد ترمب الثانية الوشيكة تلقي مزيداً من عدم اليقين بشأن آفاق التجارة العالمية.

وقالت كبيرة خبراء الاقتصاد في شركة «إمكاي غلوبال فاينانشيال سيرفيسز»، مادهافي أرورا: «عليك إحياء روح الثقة والتفاؤل، وعليك أيضاً التأكد من انتعاش الاستهلاك. الأمر ليس بهذه السهولة»، مضيفة أن الهند يمكنها توسيع موازنتها المالية أو خفض أسعار الفائدة.

وتأتي مثل هذه الدعوات وسط سلسلة من الاجتماعات التي عقدها صنّاع السياسات الهنود مع الشركات التي تشعر بقلق متزايد بشأن تعثر الطلب. وعقدت وزيرة المالية، نيرمالا سيتارامان، سلسلة من الاجتماعات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مع الصناعة والاقتصاديين، وهو أمر معتاد قبل الموازنة السنوية للهند التي من المقرر أن تصدر في الأول من فبراير (شباط) المقبل.

وتشمل بعض التدابير المقترحة في تلك المحادثات لتعزيز النمو وضع مزيد من الأموال في أيدي المستهلكين وخفض الضرائب والتعريفات الجمركية، وفقاً لمطالب الجمعيات التجارية والصناعية.

مخاوف متزايدة

تسبّبت المخاوف بشأن اقتصاد الهند في انخفاض مؤشر «نيفتي 50» القياسي بنسبة 12 في المائة من أواخر سبتمبر (أيلول) إلى نوفمبر (تشرين الثاني). وقد استعاد السهم تلك الخسائر لينهي عام 2024 مرتفعاً بنسبة 8.7 في المائة، وهي مكاسب جيدة؛ لكنها بعيدة عن مكاسب العام السابق البالغة 20 في المائة.

ومع تراجع الثقة، يبدو أن الجهود السياسية الرامية إلى تحفيز النمو تتسع. وذكر التقرير الاقتصادي الشهري للهند الذي نُشر الشهر الماضي، أن السياسة النقدية المتشددة للبنك المركزي كانت مسؤولة جزئياً عن الضربة التي تلقاها الطلب.

وأجرى مودي بعض التغييرات البارزة مؤخراً التي من المتوقع أن ترفع النمو الاقتصادي بصفته أولوية على استقرار الأسعار.

في خطوة مفاجئة في ديسمبر، عيّن مودي سانغاي مالهوترا محافظاً جديداً للبنك المركزي، ليحل محل شاكتيكانتا داس، البيروقراطي الموثوق به الذي كان من المتوقع على نطاق واسع أن يحصل على فترة ولاية أخرى لمدة عام إلى عامين رئيساً، بعد أن أكمل ست سنوات على رأس البنك.

وجاء تعيين مالهوترا الذي قال مؤخراً إن البنك المركزي سيسعى جاهداً لدعم مسار نمو أعلى، فوراً بعد أن أظهرت البيانات تباطؤ نمو الربع الثالث من سبتمبر أكثر بكثير من المتوقع إلى 5.4 في المائة.

مواجهة الأزمات

خلال الوباء، سعى مودي إلى الحفاظ على نمو الاقتصاد من خلال زيادة الإنفاق على البنية التحتية والحد من الإنفاق الباهظ للحفاظ على المالية العامة للحكومة في حالة جيدة. وقد أدى ذلك إلى رفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الرئيسي، لكنه لم يدعم الأجور أو يساعد الاستهلاك في الحفاظ على التوسع السنوي بأكثر من 7 في المائة على مدى السنوات الثلاث الماضية.

وقال الزميل الزائر في مركز التقدم الاجتماعي والاقتصادي، سانجاي كاثوريا، إنه في حين أن اقتصاد الهند قد لا يزال يتفوّق على الاقتصاد العالمي، فإن السؤال هو ما إذا كان بإمكانه الحفاظ على نمو يتراوح بين 6.5 في المائة و7.5 في المائة، أو التباطؤ إلى 5 في المائة و6 في المائة.

وقالت أرورا إن البلاد تعيش حالياً «حالة من الغموض»؛ حيث لا ينفق الأفراد. وتتوقع أن يستمر هذا إذا لم يتحسّن التوظيف، وظل نمو الأجور ضعيفاً.

التخفيضات الجمركية وخطة لمواجهة حروب ترمب

أفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن الحكومة تخطّط لخفض الضرائب على بعض الأفراد، وتستعد لتقديم تخفيضات جمركية على بعض السلع الزراعية وغيرها من السلع المستوردة بشكل رئيسي من الولايات المتحدة، لإبرام صفقة مع ترمب.

ويقول خبراء الاقتصاد إن الحكومة ستضطر إلى إبطاء بعض تشديدها المالي لدعم النمو مع نجاح مثل هذه التدابير التي تعتمد على مدى التخفيضات.

وحول التجارة، يقول المحللون إن الهند بحاجة إلى خطة موثوقة لمحاربة حروب ترمب الجمركية. وقال خبراء اقتصاديون إنه إذا ظلّت الصين الهدف الرئيسي لرسوم ترمب الجمركية، فقد يمثّل ذلك فرصة للهند لتعزيز مكانتها التجارية، رغم أنها ستحتاج أيضاً إلى السماح للروبية بالهبوط أكثر لجعل صادراتها أكثر قدرة على المنافسة.

ووصلت الروبية إلى مستويات منخفضة متعددة في الأسابيع القليلة الماضية، وكان 2024 هو عامها السابع على التوالي من الانخفاض، ويرجع ذلك في الغالب إلى ارتفاع قيمة الدولار. ويوم الأربعاء، وصلت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق.

وقال كاثوريا، وهو أيضاً أستاذ مساعد في جامعة «جورج تاون»، إن الهند بحاجة إلى «تنفيذ ترشيد التعريفات الجمركية بجدية، للمساعدة في دمج نفسها بشكل أعمق في سلاسل القيمة العالمية».

وقد يشمل هذا تخفيضات التعريفات الجمركية، بهدف تجنّب الرسوم العقابية من البيت الأبيض في عهد ترمب بشكل استباقي.

وقال رئيس نظام الأبحاث والمعلومات للدول النامية ومقره نيودلهي، ساشين تشاتورفيدي: «يجب على الهند أن تعلن بعض التدابير الاستباقية للولايات المتحدة، لتقديم تنازلات لها، بدلاً من انتظار الإدارة الجديدة لإعلان خطواتها».