«بترفلاي»... جهاز مطور صغير للأشعة فوق الصوتية

يوظف تطبيقات هاتفية لالتقاط الصور الطبية وتخزينها

«بترفلاي»... جهاز مطور صغير للأشعة فوق الصوتية
TT

«بترفلاي»... جهاز مطور صغير للأشعة فوق الصوتية

«بترفلاي»... جهاز مطور صغير للأشعة فوق الصوتية

كان إجراء الأشعة بالموجات فوق الصوتية حتى وقت قريب يتطلب التوجه إلى المستشفى أو إلى مركز متخصص يحتوي على معدات باهظة التكلفة. لكن هذا الحال تغير بفضل جهاز تصوير جديد متصل بهاتف طراز «بترفلاي آي كيو Butterfly iQ » يباع بسعر 2000 دولار أميركي بإمكانه إرسال الأشعة إلى الطبيب المختص مباشرة.

تطبيقات أشعة هاتفية
وبعد اعتماده من قبل «إدارة الغذاء والدواء» الأميركية في أكتوبر (تشرين الأول) 2017 لاستخدامه في 13 تطبيقاً واستخداماً طبياً (منها الأشعة المتعلقة بالولادة، والرئة، والقلب). ويعود الفضل في تطوير تكنولوجيا الأشعة فوق الصوتية اعتماداً على شريحة هاتف محمول جديدة للدكتور جوناثان روتبرغ الذي تمكن من عمل أول تسلسل لجينوم بشري واخترع أول أداة لعمل تسلسل للحامض النووي «دي إن إيه» (الذي حصلت عليه شركة لايف تكنولوجيز مقابل 725 مليون دولار أميركي عام 2010).
قضى روتبرغ قرابة خمس سنوات في تطوير ماسح «بترفلاي» الضوئي إلى أن بدأت عمليات تصديره إلى مختلف دول العالم في الخريف الماضي، وكانت تلك هي الطريقة التي بدأت بها فكرة الماسح الضوئي المحمول التي غيرت مفهوم الرعاية الصحية.

شريحة إلكترونية
إن أجهزة الأشعة فوق الصوتية التقليدية سهلة الكسر وتستخدم كريستال (بلورة) انضغاطي باهظ التكلفة لتوليد موجات فوق صوتية قادرة على اختراق الجسم. لكن جهاز «بترفلاي أي كيو» استبدل تلك الكريستالات بشريحة سليكون واحدة، مما قلل من تكلفة الجهاز بدرجة هائلة، وألغى الحاجة إلى أي جهاز آخر غير الهاتف الذكي. تبلغ كلفة الجهاز الجديد 2000 دولار أميركي مقارنة بمبلغ 10 آلاف دولار للجهاز التقليدي، مما يجعل الجهاز في متناول المراكز الطبية الأصغر حجما والعيادات الطبية، ناهيك عن أعفاء المرضى من زيارة المستشفى.
ويسمح تطبيق «بترفلاي إي كيو» (المتوفر حالياً على نظام تشغيل أي أو إس) للمستخدمين بتخزين وتبادل صور المسح الضوئي عن طريق الهواتف بخاصية «واي فاي»، مما يعني أن الخبراء بإمكانهم الاطلاع على الصور عن بعد وكذلك توجيه المستخدم بشأن طريقة المسح الضوئي الصحيحة، ومساعدة المراكز الطبية عن بعد من دون إرسال فرق متخصصة.
ويسمح ببيع الجهاز حالياً في الولايات المتحدة بعد أن سمح باستخدامه في تدريب الفنيين في دول مثل تنزانيا، وأوغندا وكينيا. يسعى جهاز «بترفلاي» للحصول على اعتماد على المستوي العالمي والوصول إلى نحو ثلثي دول العالم الذي لا يزال محروماً من مزايا التصوير الطبي.

تصوير مبسط
من الصعب التقاط صور الأشعة فوق الصوتية التقليدية، ومن ضمن الأسباب أن الأطباء يريدون استخدام مسابر مختلفة (ذات موجات فوق صوتية متباينة) مع أجزاء الجسم المختلفة. أن التكنولوجيا شبه الموصلة بإمكانها مضاهاة أنماط الموجات الثلاث في مسبار واحد، والتطبيق به تجهيزات مسبقة تتوافق مع حجم كل جزء من أجزاء الجسم مثل القلب أو المثانة. ويستخدم التطبيق أيضاً خواص تتحقق من جودة نوعية الصور، مما يجعل من الجهاز أداة سهلة الاستخدام وواسعة الانتشار مثل سماعة الطبيب.
إن ضبط الجهاز مقدماً يدل المستخدم على الطريقة التي يستطيع من خلالها الحصول على صورة كاملة، ويسمح الاتصال عبر الهاتف الذكي للمستخدم بتبادل الصور من خلال تطبيق بترفلاي آي كيو HIPAA» » المعتمد.
- «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا»



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً