خوسيه أندرياس بويرتا مهندس «مطبخ العالم المركزي»

أراد تغيير علاقة أميركا بالطعام وإطعام مشردي الكوارث الطبيعية

الشيف خوسيه أندريا بويرتا
الشيف خوسيه أندريا بويرتا
TT

خوسيه أندرياس بويرتا مهندس «مطبخ العالم المركزي»

الشيف خوسيه أندريا بويرتا
الشيف خوسيه أندريا بويرتا


مطبخ العالم المركزي ظاهرة جديدة وحديثة تجمع بين عالم الإغاثة والطعام، وتحاول الحد من نتائج الكوارث الطبيعية على الناس، عبر تقديم وجبات الطعام محلياً بأسرع وقت ممكن، متخطية بذلك المؤسسات الدولية المعروفة، والبيروقراطيات التي تعمل من خلالها.
وراء مطبخ العالم المركزي الطباخ الإسباني - الأميركي خوسيه أندرياس بويرتا الذي يقال إنه جاء بمفهوم التاباس (المازة الإسبانية) إلى الولايات المتحدة. وقد درس بوريتا الطبخ في مدينة برشلونة، على يد الطباخ الكاتالوني فيران أدريا الذي يعد واحداً من أهم الطباخين في العالم.
وكان هذا الطباخ الشهير يدرس فيزياء الطهي في جامعة هارفرد، وعين عميداً للدراسات الإسبانية في مركز الطبخ الدولي، حيث طوّر هو وكومان أندرو منهجاً في المطبخ الإسباني التقليدي والحديث، وكان ينوي قبل فترة العودة إلى تدريس دور الطعام في تشكيل الحضارات في جامعة جورج واشنطن.
ويملك بويرتا منذ عام 1993 ما لا يقل عن 8 مطاعم في الولايات المتحدة الأميركية، خصوصاً في واشنطن دي سي ولوس أنجليس وسان فرانسيسكو وفلوريدا ولاس فيغاس، وفي دورادو في بورتو ريكو. ويخطط لافتتاح مطاعم جديدة في مكسيكو سيتي والعاصمة الفرنسية باريس.
وتشير الموسوعة الحرة إلى أن بوريتا يرأس حالياً المجلس الاستشاري لما يعرف بـ«مطبخ إل آي»، وهو عبارة عن مؤسسة اجتماعية تنشط في لوس أنجليس في ولاية كاليفورنيا لتقليل أو الحد من نفايات الطعام، و«توفير التدريب المهني، وزيادة إمكانية وصول الناس إلى الطعام المغذي... وقد حصل على الميدالية الوطنية للعلوم الإنسانية عام 2015، في احتفال أقيم في البيت الأبيض عام 2016». وبكلام آخر، فإن هذا الطباخ الذي وصل إلى الولايات المتحدة قبل 20 عاماً تقريباً يريد أن يغير الطريقة التي يأكل بها الأميركيون، والطريقة التي يتعامل بها الأميركيون مع الطعام.
وكان بوريتا من المساهمين الرئيسيين في مركز «دي سي سنترال كيتشين» (DC Central Kitchen) الذي يقدم الوجبات للفقراء والمشردين والمتسكعين والمدمنين على المخدرات. وعادة ما يقدم المركز الوجبات لأكثر من 4 آلاف شخص يومياً.
وأسلوبه في الطبخ يجمع بين العلم، أو الكيمياء، والمتعة، ولذا يحاول أن يقدم للزبائن في مطاعمه خبرات ومذاقات وتجارب جديدة مع الطعام، أو ما يشبه السحر أو السيرك، كما يقول بعض المعجبين به. وبكلام آخر، أراد بوريتا عندما وصل إلى الولايات المتحدة إعادة تفكيك الطعام، أي أخذ أجزاء من الطعام، والفصل بينها، وإعادة تجميعها بطرق مثيرة للاهتمام.
على الطباخ أن يكون عالي الصوت عندما يتعلق الأمر بالطريقة التي نطعم فيها أميركا، ليس فقط في المطاعم المهمة، بل في إطعام بقية الناس التي لا تذهب إلى المطاعم المهمة، وهذا ما يجب أن تكون عليه مساهمتنا في عالم الطعام.. هذا ما يقول خوسيه بوريتا حول فلسفته المطبخية الخاصة بأميركا.
ويعد بوريتا من أكثر الشخصيات الدولية في عالم الطبخ انتقاداً للرئيس الأميركي دونالد ترمب، وقد خطط لافتتاح مطعم في فندق ترمب الدولي في واشنطن دي سي عام 2016، كخطوة أو كرد فعل على الهجمات العنيفة التي قام بها ترمب على المكسيكيين عام 2015، إلا أن الفكرة لم تتم، وانسحب بوريتا من العقد مع شركة ترمب، وراحت القضية إلى المحاكم، قبل أن تتم التسوية بين الطرفين العام الماضي.
وبعد الزلزال العنيف الذي هز هايتي عام 2010، جاء بوريتا بفكرة تشكيل مؤسسة «مطبخ العالم المركزي» (World Central Kitchen) غير الربحية التي تهدف إلى توفير الغذاء الصحي للعائلات والأفراد الذين تأثروا بالكارثة بشكل مباشر. وأهم ما في الموضوع هو تقديم طعام ذي نوعية ممتازة، كما يحصل في المطاعم الممتازة. ويمكن القول في هذا المضمار إن المؤسسة تهدف إلى تقديم حلول ذكية للجوع والفقر باستخدام قوة الغذاء أو الطعام لتمكين المجتمعات وتقوية الاقتصادات المحلية.
وقد نشطت المؤسسة في جنوب كاليفورنيا خلال حرائق الغابات في ديسمبر (كانون الأول) 2017 لمساعدة رجال الإطفاء، وتوفير الطعام للأسر المتضررة من تلك الحرائق.
وبعد أن ضرب إعصار ماريا بورتو ريكو في منتصف سبتمبر (أيلول) عام 2017، برز بوريتا كزعيم لجهود الإغاثة هناك، إذ إن الكارثة كانت واحدة من أسوأ الكوارث في الذاكرة الحديثة، فقد قتل الإعصار ما لا يقل عن 3 آلاف شخص، ووصل حجم الأضرار في بورتو ريكو إلى أكثر من 90 مليار دولار. وقد أراد بوريتا تخطى العوائق الحكومية والبيروقراطية في عمليات الإغاثة، ومساعدة الناس المتضررين، فقام بتنظيم حركة شعبية من الطهاة والمتطوعين لإقامة الاتصالات والمواد الغذائية والموارد الأخرى، وبدأت في تقديم وجبات الطعام للناس. ووصل عدد الوجبات التي قدمها بعد الإعصار إلى 4 ملايين وجبة طعام تقريباً.
كما انتشرت مطابخ بوريتا في غرب أفريقيا وكيب فيردي، خصوصاً بالمناطق التي ضربها إعصار فلورانس في سبتمبر، وقدمت ما لا يقل عن 300 ألف وجبة طعام للمحتاجين.
وبعد إعصار مايكل، وهو أشد إعصار استوائي يضرب الولايات المتحدة منذ إعصار أندرو عام 1992 (اعتبره الخبراء ثالث أقوى إعصار من حيث الشدة في تاريخ الولايات المتحدة)، قدم فريق خوسيه بوريتا في أكتوبر (تشرين الأول) هذا العام ما لا يقل عن 100 ألف وجبة طعام للمتضررين من الإعصار.
كما نشط مطبخ العالم المركزي في إندونيسيا بعد التسونامي الذي ضرب جزيرة سولاويسي، وقدم ما لا يقل عن 125 ألف وجبة طعام للمتضررين في 35 مركزاً للطبيخ.
ويقول خوسيه بوريتا إن على الطعام أن يكون مناسبة اجتماعية، حيث يمكن للفرد التمتع بوقته والاسترخاء... ما نحاول فعله هذه الأيام هو إطعام الناس بأفضل ما يكون من المذاق، بأقل كمية من الطعام.
وفي إحدى مقابلاته الشيقة مع محطة «سي إن إن»، قال بوريتا للمذيع أندرسون كوبر: «أنا لا أكذب عليك، فعندما أطبخ، أنا وفريقي، نريد إرضاء أنفسنا، فنحن نرى أنفسنا فيما نحضر من الطعام. وإذا لم أرضِ نفسي، سيصعب عليّ إرضائك أنت... المستقبل هو الفاكهة والخضراوات لأنها أكثر جاذبية من الدجاج، حيث لا يمكن مقارنة صدر الدجاج الأبيض بفاكهة الأناناس».


مقالات ذات صلة

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)

جولة على أطباق تراثية تعود إلى الضوء

الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)
الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)
TT

جولة على أطباق تراثية تعود إلى الضوء

الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)
الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)

يزخر مطبخ البحر المتوسط بأطباق طعام منوعة وغنية، بينها ما يعود إلى بلاد الشام وأخرى إلى بلاد الأناضول. فكل بلد يحضّرها على طريقته وبأسلوب ربّات المنازل. فكل سيدة تصنعها كما تشتهيها، وتحاول تعديلها بما يلائم رؤيتها في الطبخ.

مؤخراً، شهد المطبخ اللبناني عودة ملحوظة للأطباق التراثية. وبعض مؤلفي كتب الطهي وغيرهم من الطهاة المعروفين يبحثون عنها، فيجوبون القرى والبلدات كي يعثروا على أصولها الحقيقية.

«الشرق الأوسط» اختارت 3 أطباق تراثية من المطبخ اللبناني، بينها ما يعود أصولها إلى القرى والضيع، وأخرى تم استقدامها من بلد آخر لما شهد لبنان من حضارات مختلفة.

رشتة المعكرونة والعدس (الشرق الاوسط)

«الزنكل بالعدس» طبق شتوي بامتياز

قلّة من اللبنانيين يعرفون هذا الطبق أو سبق وتذوقوه من قبل. في انتمائه إلى الصنف التراثي القديم، يشتهر هذا الطبق في قرى البقاع وجبل لبنان والشوف.

يتألف هذا الطبق من ثلاثة مكونات أساسية، ألا وهي العدس وحبيبات الزنكل والبصل المقلي. يعتبر من أشهى وأطيب الأطباق الشتوية. سريع التحضير ويحبّه أفراد العائلة أجمعين.

من أجل إطعام أسرة مؤلفة من خمسة أشخاص، يكفي إعداد كمية 800 غرام من البرغل الناعم ووضعه في وعاء معدني ونقعه، يتم غمره بكمية من المياه ويترك لمدة ربع ساعة. ومن ثم يتم عصره لاستخراج المياه منه. ومع نصف كيلو غرام من طحين القمح يتمّ خلط الكميتين بواسطة اليدين. وعندما تصبح كعجينة متماسكة نقسّمها قطعاً صغيرة، ومن ثم ندوّرها لتأخذ حجم حبة الكرز تقريباً، وذلك تمهيداً لغليها مع «القليّة». وهي كناية عن مرقة مكوّنة من البصل والزيت، يضاف إليها مقدار كوب من العدس. وعندما ينضج العدس تصبّ جميع مكونات الطبق في وعاء واحد كي يغلي، فيوضع على نار هادئة فترةً تمتد بين 20 و30 دقيقة. ويقدّم هذا الطبق وجبة ساخنة بعد أن يضاف إليها الملح وبهارات الفلفل كلّ بحسب ذوقه.

"الزنكل بالعدس" طبق شتوي بامتياز (الشرق الاوسط)

تعدّ «الرشتة بالمعكرونة» من الأطباق السريعة التحضير، وتدخل على لائحة أشهر أنواع الحساء الشعبي في لبنان. وتشتهر هذه الطبخة في قرى جبل لبنان والمتن، وتتألف من ثلاث مكونات رئيسية ألا وهي المعكرونة والعدس والبصل.

يشبه تحضير هذا الطبق سابقه. وبعد أن يتم غلي العدس كي ينضج، يضاف إليه البصل المقطّع شرحات والمقلي بالزيت مع الكزبرة والثوم المهروس. في هذا الوقت يتم سلق 500 غرام من المعكرونة. وبعد تصفيتها يتم غمر جميع المكونات بالمياه، وتترك لنحو 10 دقائق على نار متوسطة، ويقدّم مع مخلل اللفت الأبيض.

«الباشا وعساكره» يفتح الشهية من سوريا إلى لبنان

البعض يعدّ هذا الطبق من أصول تركية، فيما أهل الشام يؤكدون أنه من ابتكارهم. ويشتهر به في لبنان أهالي قرى الشمال. وينتمي هذا الطبق إلى تلك التي تحضّر مع روب اللبن. ويتألف من قطع عجين محشوة بالبصل واللحم وقطع الكبة اللبنانية الفارغة. فيجمع بذلك طبقين معروفين في لبنان الـ«كبّة باللبن» و«الشيش برك».

يمكن تحضير الكبّة كما قطع الـ«شيش برك» في المنزل أو شراءها جاهزة.

ويتم تحضير روب اللبن بحيث يوضع نحو كيلوغرام منه في وعاء يضاف إليه ربع كميته من المياه. ويضاف إلى هذا المزيج ملعقتان من طحين الذرة. ويتم خلط المكونات الثلاثة بالمضرب إلى حين تأليفها مزيجاً متماسكاً. يترك هذا الخليط جانباً، في حين يتم قلي كمية من الثوم المهروس بزيت الزيتون أو الزبدة. ويمكن حسب الرغبة إضافة الكزبرة الخضراء إليه. فيما البعض يفضل أن النعناع اليابس والجاف عند الانتهاء من عملية الطهي. بعد أن نحصل على الثوم المحمّر نبقي الوعاء على النار ونضيف إليه المزيج المحضّر سابقاً. ويتألّف من اللبن والمياه وطحين الذرة. نأخذ بتحريك اللبن من دون توقف إلى حين وصول المزيج إلى درجة الغليان. بعدها وعلى نار هادئة نضيف إلى الخليط قطع الكبّة و«الشيش برك». وبعد نحو 10 دقائق يمكن تقديمه على المائدة مع كمية من الأرز المسلوق أو من دونه. ويمكن تزيينه بحبوب الصنوبر المحمّرة بالزبدة.