إسبانيا تحتفل بالذكرى المائتين لافتتاح متحفها الشهير إل برادو

استضاف ما لا يقل عن 27 ألف عمل فني حتى الآن

TT

إسبانيا تحتفل بالذكرى المائتين لافتتاح متحفها الشهير إل برادو

لقد بدأت الاحتفالات بالفعل. ولسوف تكون واحدة من أكبر الاحتفاليات الثقافية التي تشهدها إسبانيا خلال العام الحالي. فلقد استكمل متحف إل برادو الوطني الإسباني الشهير قرنين من العمل المستمر من دون توقف، متحولاً بذلك إلى إحدى أبرز وأشهر الأيقونات الثقافية الكبيرة في القارة الأوروبية. ويتخذ المتحف مقره في العاصمة الإسبانية مدريد، وهو انعكاس أكيد للتاريخ الإسباني العتيد. ولقد كان في بادئ أمره متحفاً للنظام الملكي الإسباني معبراً عن اهتمام الزمرة الملكية في البلاد بالفنون خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين.
والمجموعة الملكية في المتحف تحمل صيتاً دولياً كبيراً وتعد بمثابة كنز للتراث العالمي. وتعد لوحة «لاس مينيناس» أو «الوصيفات»، وهي من أعمال الرسام الإسباني «دييغو فيلاسكيز» لعام 1656. من أبرز مقتنيات المتحف واختيرت كأيقونة عالمية، ولهذا السبب كانت واحدة من أكثر الأعمال الفنية التي خضعت للدراسة والبحث في التاريخ، رغم أن الخبراء والمؤرخين لا يزالون مختلفين حول أهميتها حتى اليوم.
وتحمل لوحة «الوصيفات» جمالاً أخاذاً، وقوة آسرة، وعلاقة أكيدة بالواقع. وتضم اللوحة ما لا يقل عن 10 أشخاص بالإضافة إلى شخصية الفنان صاحب العمل فيلاسكيز. وكانت اللوحة معروفة في أول الأمر باسم لوحة «عائلة فيليب الرابع»، غير أن الملك فيليب غير ظاهر في اللوحة على الإطلاق، بل يبدو طيفه منعكساً في المرآة. والشخصية الرئيسية الظاهرة في اللوحة هي الأميرة «مارغريتا» كريمة الملك.
وخلال القرنين الماضيين كان متحف إل برادو الوطني موئلاً لأشهر الفنانين والرسامين الإسبان. ولقد استضاف المتحف بين جنباته وأروقته ما لا يقل عن 27 ألف عمل فني حتى الآن. وعلى الأرجح، يعلم عدد قليل للغاية من الناس أن الفنان الرائع ذائع الصيت «بابلو بيكاسو» كان أحد مديري ذلك المتحف في فترة من الفترات.
وفي مقابلة أجرتها صحيفة «الشرق الأوسط» مع خافيير بورتوس، رئيس قسم المحافظة على اللوحات الإسبانية في متحف إل برادو الوطني الإسباني، أخبرنا خلالها بالمزيد عن المجموعات الفنية التي يقتنيها المتحف الكبير.
> ما الذي يعنيه متحف إل برادو بالنسبة للتاريخ وللهوية الوطنية الإسبانية؟
- إن مجموعة المقتنيات الفنية في المتحف تجعله واحداً من المستودعات الرئيسية للذاكرة التاريخية في البلاد. ولقد اتسق تاريخ المتحف الذاتي متوازياً مع مسار التاريخ والمستقبل الإسباني عبر القرنين المنصرمين من الزمان. وتحول المتحف وتاريخه العتيق إلى ما يشبه سمة أو رمز الكرامة والفخار الجماعي للشعب الإسباني الكبير. كما أنه صار موضعاً يمكن من خلاله التعبير عن هويتنا الوطنية في كثير من الأحيان.
> كيف كان تطور المتحف خلال القرنين الماضيين وحتى الآن؟ أفهم أنه لم يكن دخول الجمهور مسموحاً إلى أروقة المتحف لعدة سنوات ماضية؟
- صُمم المتحف منذ البداية كمكان مفتوح لزيارة الجميع، رغم وجود جداول عمل وقواعد تضبط مواعيد الدخول جرى تطويرها بمرور الوقت.
> خصص متحف إل برادو معرضاً خاصاً للاحتفال بمرور مائتي عام على إنشائه، فما الذي يمكننا العثور عليه في أعمال الفنانين أمثال «رامبرانت»، و«فيرمير»، و» فيلاسكيز»، وما الخصوصية التي تحملها تلك الأعمال؟
- سوف يبدأ عرض أعمال هؤلاء الفنانين الكبار اعتباراً من فصل الربيع المقبل. ولسوف يضم أيضاً أعمالاً فنية هولندية (وهي المدرسة الفنية التي قلما تجد لها أعمالاً ممثلة في المتحف الإسباني)، حتى يتمكن الزائر من الوقوف على روابط الاتحاد وفوارق المدرستين الفنيتين وما تعبران عنه من شخصية فنية مستقلة خلال القرن السابع عشر الميلادي.
> يحمل المعرض الحالي عنوان «برادو موضع الذاكرة»، فما المقصود من وراء ذلك؟
- أطلقنا هذا الاسم لأن المتحف يتجاوز مكانته كمجرد موضع يحفظ الأعمال الفنية من مختلف المدارس والتوجهات، وهو موضع مفعم بالأعمال الفنية، والأفكار الجماعية عبر قرنين من التاريخ، كما تحول المتحف إلى مكان تنعكس على جدرانه مختلف القضايا ذات الصلة بالهويات.
> يضم متحف إل برادو مجموعة مهمة من أعمال الرسامين فيلاسكيز وغويا. فما الأعمال التي يضمها المتحف، وكيف يمكن لها تفسير أهمية هؤلاء العباقرة بالنسبة لسياقات الثقافة والتاريخ والرسم على مستوى العالم؟
- يضم المتحف ما يقرب من 50 عملاً فنياً من أعمال دييغو فيلاسكيز، وأكثر من 125 لوحة فنية و50 رسماً من أعمال غويا، فضلاً عن جزء كبير من الأعمال الفنية الأخرى. ولقد ساهم كل منهما بأسلوبه وبطريقة لا تجابه الواقع فحسب وإنما تنعكس أعماله عليه من خلال التعبير الفني عن حالة التفكير هذه.
> في حالة فيلاسكيز، لماذا تحمل أعماله هذه الأهمية الكبرى بالنسبة إلى إسبانيا؟ ولماذا تعد لوحاته في متحف إل برادو مميزة للغاية؟
- يعد فيلاسكيز من النقاط المرجعية التي «شُيد» مفهوم الرسم الإسباني حولها، ولعدة قرون كانت أعماله الفنية تعكس ماضينا الجمعي. وما يقرب من 40 في المائة من أعماله الفنية (بما في ذلك العديد من روائعه) ما تزال محفوظة في المتحف، وهو المؤسسة الوحيدة الضرورية والمعنية بمعرفة أعماله وطبيعتها. وخلال القرن التاسع عشر، أصبح فيلاسكيز اكتشافاً حقيقياً لدى العديد من الرسامين الإسبان والأوروبيين، ولقد منح ذلك المتحف شخصية فريدة من نوعها من حيث السياق مقارنة بالمتاحف الكبرى الأخرى.
> ما التفاصيل التي يمكنكم الإفصاح عنها بشأن الفترة التي شغلها الفنان بابلو بيكاسو مديراً للمتحف؟
- كان العنصر الرئيسي في ذلك هو الطابع الرمزي لذلك القرار الإداري، والذي اتخذ في خضم الحرب الأهلية الإسبانية في ذلك الوقت. وفي واقع الأمر، لم يدخل إلى مبنى المتحف مديراً له قط.
> من المعروف أن الأمر يستغرق عدة أيام حتى تكتمل زيارة المتحف بأسره، ولكن ما الأعمال الفنية التي لا ينبغي تفويتها عند الزيارة؟
- يمتاز متحف إل برادو الوطني باحتوائه على مجموعات فنية بالغة الأهمية للعديد من الفنانين الكبار في تاريخ الفن الأوروبي. وهذا هو السبب في أنني أفضل تسمية بعض من هؤلاء الفنانين بدلاً من ذكر بعض الأعمال الفنية المفردة: فاد دير فايدن، وإل بوسكو، وتيزيانو، ورافائيل، وإل غريكو، وروبينز، وفيلازكيز، وريبيرا، وغويا.



سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
TT

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

عندما سافر علماء بيئة بريطانيون إلى سلوفينيا هذا الصيف على أمل التقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» المغرِّدة لإعادة إدخال هذا النوع إلى غابة «نيو فورست» في بريطانيا، كانت تلك الحشرات صعبة المنال تطير بسرعة كبيرة على ارتفاع بين الأشجار. لكنَّ فتاة تبلغ 12 عاماً قدَّمت عرضاً لا يُفوَّت.

وذكرت «الغارديان» أنّ كريستينا كيندا، ابنة الموظّف في شركة «إير بي إن بي»؛ الموقع الذي يتيح للأشخاص تأجير واستئجار أماكن السكن، والذي وفَّر الإقامة لمدير مشروع «صندوق استعادة الأنواع» دوم برايس، ومسؤول الحفاظ على البيئة هولي ستانوورث، هذا الصيف؛ اقترحت أن تضع شِباكاً لالتقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» لإعادتها إلى بريطانيا.

قالت: «سعيدة للمساعدة في هذا المشروع. أحبّ الطبيعة والحيوانات البرّية. الصراصير جزء من الصيف في سلوفينيا، وسيكون جيّداً أن أساعد في جَعْلها جزءاً من الصيف في إنجلترا أيضاً».

كان صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي هو النوع الوحيد من الصراصير الذي وُجِد في بريطانيا. في الصيف، يصدح الذكور بأغنية عالية النغمات لجذب الإناث التي تضع بيضها في الأشجار. وعندما يفقس الصغار، تسقط إلى أرض الغابة وتحفر في التربة، حيث تنمو ببطء تحت الأرض لمدّة 6 إلى 8 سنوات قبل ظهورها على شكل كائنات بالغة.

صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي (صندوق استعادة الأنواع)

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست»، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

نصَّت الخطة على جمع 5 ذكور و5 إناث من متنزه «إيدريا جيوبارك» في سلوفينيا بتصريح رسمي، وإدخالها في حضانة صراصير «الزيز» التي تضمّ نباتات محاطة في أوعية أنشأها موظّفو حديقة الحيوانات في متنزه «بولتون بارك» القريب من الغابة.

ورغم عدم تمكُّن برايس وستانوورث من التقاط صراصير «الزيز» البالغة، فقد عثرا على مئات أكوام الطين الصغيرة التي صنعها صغار «الزيز» وهي تخرج من الأرض بالقرب من مكان إقامتهما، وتوصّلا إلى أنه إذا كانا يستطيعان نصب خيمة شبكية على المنطقة قبل ظهور صراصير «الزيز» في العام المقبل، فيمكنهما إذن التقاط ما يكفي منها لإعادتها إلى بريطانيا. لكنهما أخفقا في ترك الشِّباك طوال فصل الشتاء؛ إذ كانت عرضة للتلف، كما أنهما لم يتمكنا من تحمُّل تكلفة رحلة إضافية إلى سلوفينيا.

لذلك، عرضت كريستينا، ابنة مضيفيهما كاتارينا وميتشا، تولّي مهمّة نصب الشِّباك في الربيع والتأكد من تأمينها. كما وافقت على مراقبة المنطقة خلال الشتاء لرصد أي علامات على النشاط.

قال برايس: «ممتنون لها ولعائلتها. قد يكون المشروع مستحيلاً لولا دعمهم الكبير. إذا نجحت هذه الطريقة، فيمكننا إعادة أحد الأنواع الخاصة في بريطانيا، وهو الصرصار الوحيد لدينا وأيقونة غابة (نيو فورست) التي يمكن للسكان والزوار الاستمتاع بها إلى الأبد».

يأمل الفريق جمع شحنته الثمينة من الصراصير الحية. الخطة هي أن تضع تلك البالغة بيضها على النباتات في الأوعية، بحيث يحفر الصغار في تربتها، ثم تُزرع النباتات والتربة في مواقع سرّية في غابة «نيو فورست»، وتُراقب، على أمل أن يظهر عدد كافٍ من النسل لإعادة إحياء هذا النوع من الحشرات.

سيستغرق الأمر 6 سنوات لمعرفة ما إذا كانت الصغار تعيش تحت الأرض لتصبح أول جيل جديد من صراصير «نيو فورست» في بريطانيا.