عانى نجم المنتخب الإنجليزي ونادي مانشستر يونايتد السابق ريو فيرديناند من خسائر فادحة خلال السنوات الأخيرة. ففي عام 2015 توفيت زوجته وأم أطفاله الثلاثة، ريبيكا إليسون، بعد إصابتها بالسرطان عن عمر يناهز 34 عاماً. وفي عام 2017، توفيت والدته، جانيس سانت فورت، بعد إصابتها بالسرطان أيضاً وعمرها 58 عاماً. والآن، يقول فيرديناند إنه يفعل أي شيء يمكنه القيام به حتى لا يفقد هو وأولاده شخصاً عزيزاً عليه قبل الأوان مرة أخرى.
لذلك، فربما لم يكن من الغريب أن تجد اللاعب الدولي السابق يروج لأجهزة يقول إنها تفحص الحمض النووي للشخص وتحدد التمرينات الرياضية والتغذية اللازمة لكي يعيش الشخص حياة أطول. يبلغ فيرديناند من العمر 40 عاما الآن، ويبدو أقوى مما كان عليه عندما كان واحداً من أفضل المدافعين في العالم في فترة شهدت تألقه في 81 مباراة دولية مع المنتخب الإنجليزي وحصوله على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز 6 مرات مع نادي مانشستر يونايتد. لكن وزنه الآن زاد 16 كيلوغراما عما كان عليه عندما كان لاعبا، لكنه ما زال ممشوق القوام وفي حالة بدنية رائعة.
ربما كان فيرديناند يمتلك بنية جسدية تناسب تماما لاعب كرة القدم، لكن الآن يقول إنه خلال مسيرته الكروية كان نحيفاً إلى حد كبير وكان يشعر بالضعف في كثير من الأحيان، ويضيف: «كان بوسعك رؤية الألياف في جسدي عندما كنت أسير أو عندما كنت ألعب، لأنني كنت نحيفا للغاية». وقد كان أول شيء يرغب فيرديناند في القيام به بعد اعتزاله كرة القدم هو بناء جسد قوي، وكان ذلك في الغالب بسبب رغبته في أن يصبح ملاكماً محترفاً. لكنه فشل في الحصول على رخصة لممارسة اللعبة الموسم الماضي، وبالتالي تخلى عن هذا الطموح.
وقد جرب فيرديناند الكثير من الأشياء منذ اعتزاله كرة القدم، فقد أنتج فيلما وثائقيا مؤثرا عن حياته بعد وفاة زوجته ريبيكا وعن تحوله إلى أم وأب في آن واحد لأولاده، كما ألف كتابا عن زوجته أيضا بالاشتراك مع الصحافية ديكا آيتكينهيد، وعمل في مجال تحليل المباريات، واشترك في حملة مناهضة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وحملة أخرى لمكافحة جرائم الطعن بالسكين، كما زار عددا من المدارس والسجون.
وعندما ذهبت لإجراء هذا الحوار مع فيرديناند كان محاطا بعدد من أعضاء فريق الإدارة الرياضية التابع له وملصق دعائي يمثل شركة «دي إن إيه فيت»، وهي شركة تعمل في مجال علم الوراثة والأغذية وتروج لاختبار بسيط للعاب الشخص وتقول إنه سيغير حياة المرء من خلال دراسة التفاعلات بين الجينات والتغذية، على أمل الوقاية من الأمراض. وأكد فيرديناند على الفوائد الهائلة التي جنيها منذ خضوعه لاختبار الحمض النووي في هذه الشركة. فعندما كان يحاول أن يبني جسده بشكل قوي من أجل احتراف الملاكمة، سرعان ما وصل إلى سقف معين ولم يعد جسده يستجيب للمزيد، لكنه يقول إنه عندما خضع لاختبار الحمض النووي أدرك أنه كان يفعل كل شيء بصورة خاطئة.
ويضيف: «كنت أتناول كمية كبيرة من الكربوهيدرات وكمية غير كافية من البروتين، لكنني الآن أتبع نظاما غذائيا أكثر توازنا. لقد وصل وزني الآن إلى 101 كيلوغرام، لكنني أشعر بالراحة. عندما كنت ألعب كرة القدم كان وزني 85 كيلوغراما». أنا لست خبيراً في هذا الأمر، لكنك بالتأكيد لا تحتاج إلى اختبار الحمض النووي لكي تعلم أن تناول كمية أكبر من البروتين ورفع الأوزان في صالة الألعاب الرياضية هو وسيلة فعالة لاكتساب الوزن وبناء كتلة عضلية.
ويعتقد الكثير من العلماء أننا ببساطة لا نعرف ما يكفي من المعلومات عن العلاقة بين الجينات والتغذية، بالشكل الذي تروج له شركة «دي إن إيه فيت». ويقول إيران سيغال، وهو عالم أحياء في معهد وايزمان للعلوم في إسرائيل ومتخصص في مجال التغذية: «رغم أن هناك بحثا قويا في هذا المجال، فمن غير الواضح ما إذا كان هذا العلم موجودا بالفعل أم لا، وحتى الآن لا يوجد هناك دليل على أن هذه الأمور صحيحة من الناحية العلمية». لكن فيرديناند مقتنع تماما بأنه لو كانت لديه هذه المعلومات عندما كان يلعب فإن مسيرته الكروية كانت ستصبح أفضل مما كانت عليه، ويقول: «ثق بي، كنت سأستطيع اللعب لفترة أطول، وكنت سأشارك في 100 مباراة دولية».
وعندما أخبرت فيرديناند بأنني لا أؤمن كثيرا باختبار الحمض النووي وربط ذلك بالأغذية التي يتناولها الشخص، رد قائلا إنه كان يفكر بالطريقة نفسها لكنه غير طريقة تفكيره بعد وفاة زوجته ووالدته بمرض السرطان، وأضاف: «لدي عائلة صغيرة عانت من صدمات لم يعان منها شخص آخر طيلة حياته، وأريد أن أكون في أفضل وضع ممكن يساعدني على منع حدوث مثل هذه الأشياء قدر استطاعتي. إنني أريد أن أحصل على كل المعلومات التي يمكن الحصول عليها من اختبار الحمض النووي، حتى لا يعاني أطفالي من أي صدمات أخرى».
وبدأت شركة «دي إن إيه فيت» وفيرديناند حملة الشركة في منطقة بيكهام الفقيرة في جنوب شرقي العاصمة البريطانية لندن، وهي المنطقة التي نشأ بها فيرديناند. يقول اللاعب الدولي السابق: «ذهبنا إلى عدد من المدارس، وقال جميع الأطفال إنهم يحبون أن يخضع آباؤهم لهذا الاختبار (يجب أن يكون الشخص قد بلغ 18 عاما أو أكثر للقيام بهذا الاختبار). وقدمني فيرديناند إلى رجل أعمال يسمى أفروم لاسارو، وهو يبلغ من العمر 43 عاما كان قد انتقل من جنوب أفريقيا إلى المملكة المتحدة وبدأ العمل هناك في سلسلة من الشركات متعددة الجنسيات. وفي أبريل (نيسان) الماضي، استحوذت شركة «برينيتكس» التي تتخذ من هونغ كونغ مقرا لها على شركة «دي إن إيه فيت» مقابل 10 ملايين دولار، وعينت لاسارو كمدير تنفيذي لشركة «برينيتكس إنترناشيونال».
وعندما سألت فيرديناند عن سعر الخضوع لاختبار الحمض النووي، رد لاسارو بالنيابة عنه قائلا: «كم تنفق كل شهر في صالة الألعاب الرياضية؟ قد تذهب إلى صالة الألعاب الرياضية وتدفع الرسوم لمدة ستة أشهر ولا تحصل على النتائج المرجوة لأنك لا تفعل الأشياء بالطريقة الصحيحة. بالطبع، هناك ثمن يجب أن تدفعه لأن هذا علم، وهناك أيضا جانب تجاري في الأمر. إنه ثمن صغير يصل إلى 99 جنيها إسترلينيا».
ولا يزال يُنظر إلى فيرديناند على أنه بطل في منطقة بيكهام، التي استمتع بها بفترة طفولة رائعة. وبالإضافة إلى تفوقه في مجال كرة القدم، كان فيرديناند يلعب الجمباز والباليه، وقد التحق بالمدرسة المركزية للباليه لمدة أربع سنوات. يقول فيرديناند عن ذلك: «لقد ذهبت إلى هناك في يوم من الأيام على سبيل المغامرة وتجربة شيء جديد، لكنني واصلت الذهاب بعد ذلك لمدة أربع سنوات - يومين في الأسبوع، ثم ثلاثة أيام».
وعندما سُئل فيرديناند عما إذا كان بإمكانه أن يصبح راقص باليه محترفا، رد قائلا: «لا، لقد قالوا لي في النهاية إن أوتار الركبة ليست طويلة بما فيه الكفاية. لكن المشاركة في هذه اللعبة قد ساعدتني كثيرا في كرة القدم، لأنها جعلتني أتحلى بقدر أكبر من التوازن والمرونة، وهذا أمر مؤكد بنسبة 100 في المائة».
وقد ذهب فيرديناند إلى «بلاكهيث بلوكوت»، وهي المدرسة الثانوية التي كان يذهب إليها ستيفن لورانس، الذي قُتل في هجوم عنصري وهو في سن الثامنة عشرة من عمره. وقد كان فيرديناند أصغر من لورانس بأربع سنوات، لكن نظرا لأن فيرديناند كان يتحلى ببنية جسدية قوية ويتمتع بثقة كبيرة في النفس في ذلك الوقت فقد كان يلعب كرة القدم مع لورانس ومع صديقه دوين بروكس، الذي تعرض أيضاً لهجوم في تلك الليلة بمنطقة إلثام.
يقول فيرديناند: «لقد كان ما حدث شكلا من أشكال الجنون. وعندما حدث ذلك، كان الأمر أشبه بتوقف حياتك تماما. لقد كنت دائماً أرى السكاكين أو الناس يطلقون النار أو أي أشياء من هذا القبيل، لكن أن يتعرض صبي صغير في مدرسة للطعن حتى الموت فهذا أمر مروع.
وهل أدى مقتل لورانس إلى شعور فيرديناند بأن الحياة محفوفة بالمخاطر؟ يقول لاعب مانشستر يونايتد السابق: «لقد جعلني ذلك أدرك أنه إذا واجهتك مشكلة، فقد تكون مشكلة كبيرة للغاية في حقيقة الأمر. لكنني كنت أعلم بالفعل أن الحياة مليئة بالمخاطر والمشاكل، وقد اعتدت على رؤية العنف». وربما أدى ذلك إلى مشاركة فيرديناند في حملة لمكافحة جرائم الطعن بالسكين، وإلى مشاركته بقوة في حملة مناهضة العنصرية في مجال كرة القدم. (بعدما وجه جون تيري كلمات عنصرية لشقيقه أنطون فيرديناند على أرض الملعب، توقف ريو فيرديناند عن التحدث إلى تيري، رغم أنهما كان يلعبان جنبا إلى جنب في خط دفاع المنتخب الإنجليزي. وقد تعرض تيري للإيقاف أربع مباريات وفرضت عليه غرامة من قبل الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم).
ويقول فيرديناند إن الفضل يعود لوالديه فيما يتعلق بدفاعه عن قيمه ومبادئه واستعداده للتعبير عن آرائه من دون خوف أو تردد. ويضيف: «لم يكن والدي ووالدتي يتحدثان إلي كثيرا عن ضرورة أن أكون جزءا من نسيج المجتمع، وأن أعرب عن اعتراضي على الأشياء التي أرى أنها غير جيدة، لكنهما كانا يعلماني ذلك بشكل عملي وقد رأيتهما يفعلان ذلك، وهذا هو السبب الذي جعلني أتحلى بهذه الشخصية الآن».
وعلاوة على ذلك، شارك فيرديناند في حملة تطالب بإبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي. وعندما سألته عن رأيه في الخروج من الاتحاد الأوروبي الآن، قال: «لا أعرف، ورئيسة الوزراء تيريزا ماي بحاجة إلى صفقة جديدة الآن». وعندما سُئل عما إذا كان سيفكر في الدخول إلى عالم السياسة يوما ما، قال فيرديناند: «لا، إنه عالم غامض بالنسبة لي. إنني لا أثق في السياسيين على الإطلاق، وبالتالي فمن الصعب أن أكون واحدا منهم». وعما إذا كان هناك سياسي يثق به، قال فيرديناند: «أنا أحب رئيس وزراء بريطانيا السابق جوردون براون. لقد قابلته عدة مرات، وكنت أشعر بأنه صادق، وأنا حقا أحبه».
وكان فيرديناند لاعبا بالمنتخب الإنجليزي الذي كان يشار إليه بأنه «الجيل الذهبي» لكرة القدم الإنجليزية، حيث كان يضم كوكبة من اللاعبين الرائعين لكنهم لم يحققوا النجاح المتوقع منهم كفريق. لكن ماذا كان شعور فيرديناند عندما رأى جيلا جديدا للمنتخب الإنجليزي يصل إلى الدور نصف النهائي لكأس العالم الأخيرة بروسيا، رغم أن إمكانيات لاعبي هذا الجيل أقل كثيرا من إمكانيات الجيل الذي كان يلعب معه فيرديناند؟
يقول اللاعب الدولي السابق: «أنا لا أحقد على هذا الجيل، إذا كان هذا هو ما تود أن تشير إليه. الأمر لا يعتمد على مدى قوتك، فقد كان المنتخب الإنجليزي في وقتي يضم أفضل خط وسط في العالم في ذلك الوقت، فقد كان يضم سكولز وجيرارد ولامبارد وبيكهام وهارغريفز، وكاريك وغيرهم، لكن لم يكن لدينا المدير الفني الذي يستطيع الوصول إلى الطريقة التي يستغل بها كل هذه القدرات والإمكانيات في فريق واحد وأن يساعد كل لاعب على تقديم أفضل ما لديه».
وأضاف: «لقد لعبنا بطريقة 4 - 4 - 2 أو 4 - 4 - 1 - 1 بشكل لم يكن به أي قدر من الإبداع في فترة ما بعد رحيل غلين هودل. ثم تعرضنا للخسارة أمام منتخبات لم تكن تضم لاعبين على نفس مستوى لاعبينا، وخاصة في البطولات الكبرى. وبالتالي، يجب أن يكون هناك مدير فني يدرب اللاعبين بشكل صحيح، ويجب على اللاعبين أن يقتنعوا بما يتدربون عليه، وهذا هو الأمر الذي يحدث مع المنتخب الإنجليزي في الوقت الحالي».
أما لاسارو فعاد للحديث مرة أخرى عن تحليل الحمض النووي وعلاقة ذلك بالتغذية، وقال بكل فخر: «لقد ساعدنا المنتخب المصري على الوصول إلى كأس العالم للمرة الأولى منذ 28 عاماً. أنا لا أقول إن علم الوراثة هو كل شيء، فهو ليس كذلك بالتأكيد». لكن لاسارو نسي أن المنتخب المصري قد خسر جميع مبارياته الثلاثة في نهائيات كأس العالم 2018 بروسيا!
فيرديناند: المنتخب الإنجليزي في وقتي كان الأفضل والأكثر موهبة
دافع عن جيله الذي فشل في التأهل لنصف نهائي كأس العالم وحصد أي بطولات
فيرديناند: المنتخب الإنجليزي في وقتي كان الأفضل والأكثر موهبة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة