جاويش أوغلو: قوات أميركية ـ تركية لتنسيق الانسحاب من سوريا

TT

جاويش أوغلو: قوات أميركية ـ تركية لتنسيق الانسحاب من سوريا

قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إنه سيتم تشكيل قوة مهام مشتركة بين تركيا والولايات المتحدة لتنسيق الانسحاب الأميركي من سوريا.
وأضاف جاويش أوغلو: «كنت قد عرضت على نظيري الأميركي مايك بومبيو، فكرة تأسيس قوة مهام مشتركة لتنسيق الانسحاب الأميركي من سوريا، ووافق على المقترح، وهذه القوة ستكون معنية فقط بموضوع الانسحاب».
واعتبر جاويش أوغلو في تصريحات على هامش اجتماعات وزراء خارجية دول التحالف الدولي للحرب على «داعش»، نقلتها وسائل الإعلام التركية أمس، أن مصدر المشكلات التي تعانيها منطقة الشرق الأوسط هو انسحاب الولايات المتحدة من العراق دون تنسيق أو خطة محكمة، قائلاً إن ذلك الانسحاب كان «خطأً حقيقياً».
وتابع: «عندما انسحبت واشنطن من العراق تم تسليم البلاد إلى (رئيس الوزراء الأسبق) نوري المالكي، الذي قام بتهميش شريحة كبيرة في العراق، لذا دخل العراق في حالة فوضى، واستفادت عناصر (داعش) من هذه الفوضى وتمكنت خلال فترة قصيرة من السيطرة على 40% من الأراضي العراقية».
وأكد جاويش أوغلو ضرورة عدم تكرار الخطأ ذاته في أثناء الانسحاب الأميركي من الأراضي السورية، وعدم السماح للإرهابيين أو حلفاء النظام السوري بالاستفادة من الفراغ الذي سيحصل بعد الانسحاب الأميركي.
وقال جاويش أوغلو: «يجب تطهير فلول تنظيم داعش الإرهابي في سوريا، وأن تنسحب الولايات المتحدة من هذا البلد بطريقة منظمة ومنسقة، والابتعاد عن منح الإرهابيين فراغاً في السلطة يمكن أن يستفيدوا منه لتهديد وحدة أراضي سوريا وتقويض الأمن القومي لجيرانها».
وأشار الوزير التركي إلى أنه التقى خلال وجوده في واشنطن رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي جيمس ريش، وعدداً من الأعضاء الآخرين، لبحث آخر التطورات في شمال سوريا.
وأكد جاويش أوغلو رفض بلاده إقامة منطقة آمنة في سوريا توفر الحماية لـ«الإرهابيين»، في إشارة إلى المطالبات الأميركية بضمان حماية المقاتلين الأكراد من وحدات حماية الشعب الكردية الذين تحالفوا مع واشنطن خلال الحرب على «داعش».
وقال إن تركيا ستدعم المنطقة الآمنة التي ستسهم في تغييب المخاوف الأمنية التركية، مشيراً إلى أن فكرة إقامة المنطقة الآمنة صدرت للمرة الأولى عن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
واقترح ترمب مؤخراً إقامة منطقة آمنة بعمق 20 ميلاً (32 كم) في شمال سوريا تضمن منع أي تهديد لتركيا من داخل سوريا، لكن واشنطن طالبت في الوقت نفسه بضمانات لعدم التعرض للمقاتلين الأكراد الحلفاء لها. وقال إردوغان، قبل أيام، إن بلاده لم تتلقّ أي عروض مُرضية بشأن هذه المنطقة، وأكد أن تركيا ترغب في إقامتها وحدها.
وعن خريطة الطريق في منبج الموقَّعة مع الجانب الأميركي في 4 يونيو (حزيران) الماضي، قال جاويش أوغلو إنه «على الرغم من الأحوال الجوية السيئة، هناك تقدم ملحوظ في تطبيق الخريطة، والولايات المتحدة إمّا سهواً وإما عمداً، ما زالت تضع الأكراد ووحدات حماية الشعب الكردية في كفة واحدة»، مشيراً إلى أن مقاتلي الوحدات ما زالوا في منبج.
ولوّح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مجدداً، الثلاثاء الماضي، إلى أن تركيا قد تتدخل عسكرياً في منبج. فيما أعلن المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، التوصل إلى تفاهم مع روسيا بشأن خريطة الطريق المتعلقة بمنبج، معتبراً أنه يجب أن تكون المنطقة الآمنة تحت سيطرة تركيا لتتمكن من تطبيق نموذج جرابلس والباب وعفرين على منبج وشرق الفرات.
على صعيد آخر، أرسلت الأمم المتحدة 30 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية إلى محافظة إدلب شمال سوريا.
ودخلت المساعدات الأممية إلى الأراضي السورية، ليل أول من أمس، من معبر «جليفا جوزو» الحدودي في منطقة «ريحانلي» بولاية هطاي التركية. وسيتم توزيع المساعدات الإنسانية التي تحملها القافلة على المحتاجين في إدلب وريفها.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.